16 نوفمبر، 2024 9:27 م
Search
Close this search box.

“أصوات الموز” تنذر .. الشرق الأوسط منطقة مفخخة !

“أصوات الموز” تنذر .. الشرق الأوسط منطقة مفخخة !

خاص : قراءة – سماح عادل :

رواية (أصوات الموز)؛ للكاتبة التركية “اجه تمل قوران”، ترجمة “عبدالقادر عبداللي”، إصدار دار الجمل.. تتناول فكرة هامة، وهي الصراعات الدموية في منطقة الشرق الأوسط، ووقوف الدول العظمى وراء ذلك، ولكن في قالب تختلط فيه الرومانسية بالأسى.

الشخصيات..

“فيليبينا”: البطلة الأولى.. هي فتاة من الفلبين تعمل خادمة لدى إحدى السيدات العجائز في بيروت، تبحث عن ماضيها الذي نشأ في بيروت وتقع في الغرام.

“دنيز”: بطلة الرواية الثانية.. فتاة تركية تدرس في جامعة “أكسفورد”، تسخط على حياتها بعد أن تضطر إلى فقدان طفلها، أبوها وأمها كانا ينتميان للمعارضين اليساريين في تركيا وتم سجنهما، وهي مهمومة بقضايا الشرق الأوسط، حتى أنها تحضر رسالة جامعية في الحركات الإسلامية والعنف المصاحب لها في الشرق الأوسط.

“مروان”: حارس سوري لإحدى العمارات في بيروت.. والتي تدور فيها نصف أحداث الرواية، يقع في حب “فليبينا”.

“السيدة زينب”: سيدة لبنانية عجوز.. تعمل لديها “فيليبينا”، تتصدق على الفقراء بالخبز، لكنها تضعه على إحدى الأشجار المواجهة لبيتها لأنها لا تريد أن تتعامل مع الفقراء، لأنهم على حد قولها مستكينون ويرضون بالظلم وعدم المساواة بينهم وبين الأغنياء.

“السيد هادي”: زوج السيدة زينب.. يعيش بعقله في أجواء الحرب الأهلية اللبنانية، التي دارت في الثمانينيات، والتي فقد فيها ابنه الشاب، يتنقل في الشوارع ويذهب إلى المتحف مفتشاً عن آثار الحرب وطلقات الرصاص على الجدران.

“جان”: شاب لبناني يعيش في نفس العمارة.. يتبادل العداء بينه وبين “مروان”، له ميول جنسية مثلية، هو أيضاً عاصر الحرب الأهلية اللبنانية وحطمت فيه داخله أشياء كثيرة.

“زياد”: شاب لبناني، كاتب رواية.. تقابله “دنيز” في باريس في إحدى الفعاليات الحقوقية، تقع في حبه وتقرر السفر معه إلى لبنان، وهو يكتب رواية عن العمارة التي يسكن فيها وسكانها، والتي يدور فيها جزء من أحداث الرواية.

“وسام”: شاب فلسطيني يعيش في لبنان.. يعمل مهرجاً يرفه عن الفلسطينيين في المخيم، ويعيش مع سيدة أرمينية تدعى “سنياك”، تعمل معه في نفس المجال، ويعيش الإثنان في نفس العمارة.

“ناصر”: سائق يعيش في نفس العمارة.. أثرت عليه الحرب الأهلية وجعلته محبطاً ويأساً، وزوجته اسمها “عائشة”، تضطر إلى إرتداء الحجاب، لأنها تريد أن تختفي عن أنظار الناس، كانت في بداية حياتها ناشطة سياسية، لكنها إنهزمت وعرفت أن العيش في الظل هو الحل والمصير.

الراوي..

الراوي عليم.. يتنقل في الحكي بين عدة أماكن وينقل دواخل الشخصيات، كما يستعين بتقنيات أخرى للسرد يحكي بها عن زمن ماضي.

السرد..

تنقسم الرواية إلى ثلاثة أقسام، “الغبار – نحن – أنتم”، وتقع في حوالي 300 صفحة من القطع المتوسط، تنتقل ما بين جامعة “أكسفورد” في لندن وبين عمارة على التل الجتاوي في حي “الأشرفية” شرق بيروت، وبين باريس.. تبدأ بالحكي عن البطلتين الرئيستين، “فيليبينا” و”دنيز”، الأولى في بيروت والثانية في لندن، وتستخدم الكاتبة تقنية الرسائل لتحكي عن “مخيم شاتيلا” أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، التي إندلعت في منتصف السبعينيات، حيث يرسل أبو “فلبينيا”، الدكتور “حمزة”، لها رسائل ليحكي لها عنه وعن أمها.

الحرب وما تفعله بالناس..

تتناول الكاتبة بشاعة الحرب الأهلية اللبنانية في الثمانينيات، وكيف أثرت على الناس وحفرت داخلهم يأساً عميقاً، من خلال حكيها عن سكان العمارة في بيروت، ومن خلال رسائل الدكتور “حمزة”، ذلك الطبيب الفلسطيني الذي يداوي الناس في “مخيم شاتيلا”، والذي التقى بالمصادفة بخادمة فليبنية تدعى “ميشيلا”، هربت من مخدومتها وعملت معه ممرضة، ثم تزوجا وأنجب منها طفلة، وماتت من جراء القصف الإسرائيلي للبنان وتفتت جثتها، وقرر هو إرسال ابنته إلى أهلها في الفلبين، لأنه كان يتوقع أن نهايته قريبة، وكتب كل تلك الرسائل لابنته ليعرفها بأمها وأبيها، أحتفظت “فلبينيا” بهذه الرسائل، رغم أنها لا تجيد العربية، وذهبت إلى بيروت لتعمل بها، وحين تقرب إليها “مروان”، أعطته الرسائل ليقرأها لها لتعرف أصلها.

الكاتبة تتناول، ليس فقط حرب لبنان، وإنما الصراعات الطويلة في منطقة الشرق الأوسط، التي أمتدت لسنوات عديدة، تدين فيها أهل الشرق الأوسط الذي يقتلون بعضهم بعضاً، وتدين التيار الديني المتشدد الذي تضخم وتوحش في العقود الأخيرة من القرن العشرين، وإن كانت لا تنفي مسؤولية البلدان الرأسمالية الكبرى عن ما يدور في منطقة الشرق الأوسط من خراب.

كما تدين تركيا نفسها وترفض، على لسان “دنيز”، أن تنسب نفسها للقومية التركية، وإنما تقول أنها تنتمي إلى تركيا وفقط، وتنتقد تركيا والدور الذي تقوم به في ذلك الصراع المرير، وتعتبر أن بيروت هي باريس الشرق، تعيش فيها كل الأطياف والأعراق، لذا تبرر تناولها لهذه المدينة العريقة في روايتها أثناء الحكي. كما تدين إسرائيل ووحشيتها تجاه الفلسطينيين، وتجعل “دنيز” تقف في تظاهرات مناهضة للإسرائيليين في جامعة “أكسفورد”، وتصور الإسرائيليين على أنهم ليسوا فقط سارقو أرض؛ وإنما سارقو تراث أيضاً، حيث يحتفلون بإقامة دولتهم بالحمص ومظاهر الإحتفال العربي الفلسطيني نفسها.

كما تناقش الرواية التناقض الذي يقع فيه بعض الشرق أوسطيين، حين يتنكرون لأصولهم عندما يهاجرون للخارج، يتعالون على أصولهم الشرق أوسطية ويدعون في نفس الوقت أنهم يتعاطفون مع قومهم، وبينت ذلك من خلال مناقشة السيدة الليبية التي تشرف على رسالة “دنيز” التي تتناول فيها الحركات الإسلامية في الشرق الأوسط، لتصرح لها أنها تتناول الموضوع من الخارج دون التورط فيه، وتطلب منها أن تذهب لبيروت لكي تتعرف عن قرب على مشاكل الشرق الأوسط وقضاياه، وبالفعل تسعى “دنيز” في آخر الرواية إلى الذهاب إلى بيروت.

الحب ملجأ..

أصبح مألوفاً أن يتجه كتاب الرواية إلى الحب والعلاقات الرومانسية الحميمة كخلاص من خراب الحرب، أو هكذا أعتقد، تلجأ الكاتبة إلى نسج علاقات حب بين الشخصيات.. “ميشيلا” تحب “حمزة”، أثناء إحتدام الصراعات والحروب، ويموتان هما الإثنين في “مخيم شاتيلا”.. “فليبينيا” تحب “مروان”، وتستعين بقوة هذا الحب لتتخلص من مخدومتها.. “دنيز” تحب “زياد”، حين تذهب إلى باريس في إحدى الفعاليات الحقوقية للترفيه عن نفسها وللخروج من لحظة إحباط خانقة، وحين تقع في حب “زياد” تتخلص من كل إحباطها ويأسها وتقرر السفر معه إلى بيروت.. لكن الرواية تعود مرة أخرى للحرب فتنتهي بها، فالرواية تحكي عن الحرب الأهلية في لبنان في الثمانينيات وتنتهي بهجوم إسرائيل على لبنان في 2006، وكأن الحرب أمر ثابت لن يتغير.

الرواية..

(أصوات الموز)، هو الكتاب الثاني عشر، والرواية الأولى، للكاتبة التركية “اجه تمل قوران”.. الرواية نشرت في تركيا في 2010. وأحتلت المرتبة الثالثة من بين أعلى الكتب مبيعاً في السوق التركية. وقد أعتبرها ملحق الكتب لصحيفة (راديكال)، وهي أهم مجلة تركية متخصصة في مراجعة الكتب، بأنها رواية “لا بد من قراءتها”.

الكاتبة..

ولدت الكاتبة “اجه تمل قوران”، في مدينة “أزمير” عام 1973، تخرجت عام 1995 من “جامعة أنقرة” من قسم الحقوق، بدأت تعمل في حقل الصحافة عام 1993 في صحيفة (الجمهورية). ومنذ عام 2000 أصبحت تكتب كمحللة سياسية في الصحف التركية.

لقد طرحت “تمل قوران” موضوعات مثيرة للجدل في تركيا، حيث كتبت العديد من الكتب عن قضايا الكردية والأرمنية، الحركات النسائية، والسجناء السياسيين في تركيا.

كما حصلت على العديد من الجوائز، بما في ذلك جائزة “القلم” للسلام، وجائزة أفضل صحافية تركية في عام 1996 من ألمانيا. كما أنها كانت “زميل زائر” في “جامعة أكسفورد” في معهد “رويترز” لدراسة الصحافة.

نشرت حوالي إثني عشر كتاباً، وترجمت كتابها (الجبل العميق: عبر الفجوة التركية الأرمنية)؛ وكتابها (كتاب القمة) إلى اللغة الإنكليزية. كما ترجمت مقالاتها السياسية في موقع (نوات) التونسية، وفي مجلة (نيو لفت رفيو)، و(لوموند ديبلوماتيك)، و(غلوب ورلد ادفوكوسي)، وصحيفة (الغارديان) البريطانية. وحالياً تكتب كمحللة سياسية في صحيفة (الأخبار) اللبنانية في نسختها الإنكليزية، منذ شهر شباط/فبراير 2012، بعدما منعت من الكتابة في الصحف التركية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة