13 أبريل، 2024 8:22 ص
Search
Close this search box.

أسعد اللامي.. روائي حاذق يقود القارئ إلى نهاية الرواية

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد – سماح عادل

“أسعد اللامي” كاتب عراقي، مواليد ميسان يحمل شهادة بكالوريوس تخصص زراعة من جامعة بغداد، وهو عضو اتحاد الأدباء وعضو اتحاد الصحفيين نشر قصته الأولى سنة 1984 في مجلة ” الطليعة الأدبية، ثم اصدر مجموعته القصصية الأولى “بقايا حلم” وتدور اغلب قصصها في فلك الحرب وتداعياتها الحرب العراقية- الإيرانية 1980-1988. وروايته “نهايات الخريف.. بدايات الشتاء” كانت تصويرا تسجيليا لمعايشة حقيقية لحرب الثمان سنوات .أما روايته الثانية “اونسام كامبل” فكانت خوضا في الحرب كذلك.

أونسام كاميل..

في مقالة بعنوان: “أسعد اللامي في رواية أونسام كاميل كيف تغزو الثقافة نفسها” يقول “عبد الغفار العطوي”: ” صدرت للروائي العراقي أسعد اللامي روايته أونسام كاميل عام 2011 التي يمكننا اعتبارها من روايات ما بعد الكولونيالية بصدق، التي جاد بها الروائيون العراقيون بعد دخول العراق في دائرة الاحتلال الأمريكي الذي أعاد للأذهان ثقافة الاستعمار القديم العسكري في القرن لتاسع عشر حتى بداية القرن العشرين، وردود أفعال مثقفي العالم الذي خضع للاستعمار، معتمدين على تراث المقاومة التي رسبتها ثقافة المجتمعات التي تعرضت لذلك الاستعمار، فكان ما يلفت الأنظار بالنسبة لروائيي هذه الحركة ما بعد الاحتلال الأمريكي أن انغمسوا في ثقافة الصراعات المتأججة بين ما طرحه المحتل من فضاء حر خارج قمع المحليات الثقافية، وما بين الردات الاهتزازية لتلك المحليات الثقافية التي عاودت ضغوطها على الإنسان حالما رتبت أولياتها، وبدا أن الرواية العراقية ما بعد الاحتلال قد نظرت باتجاهين متناقضين جراء تأثرها بهذه الصراعات إلى خطاب المحتل الثقافي، الأول انه قد أتاح الفرصة المريحة لنقد بعض أعمدة المحليات دون الإحساس بالقمع والمطاردة والتصفية، والثانية على أنها هدم للخصوصية التي يمكنها إعادة إنتاجها ثقافياً وتأجيج نيران النحل العراقية التي طمرها الغزو العروبي وأزاحها عن المركز إلى الهامش، ورواية أونسام كاميل للروائي أسعد اللامي من النوع الثاني من الاتجاهات الطاردة للمركز في مجمل القضايا التي يطرحها الفكر الثقافي التقليدي السائد، والجالبة لكل ما هو هامشي ومهمل ومسكوت عنه، وعملية التبادل بين قطبي المركز والهامش في هذه الرواية هو البؤرة المأزمة لحركة السرد وتأطير ملامح الشخصيات الرئيسية لبيان توجهها الثقافي والعقائدي المرسل نحو القول بأن صراع الثقافات كان ناعماُ طوال تاريخ العراق المحتشد بالملل والنحل والأهواء مشكلاً معالم الثقافة الأم التي تغذي ومازالت ثقافات الهوامش، وترسخ مفهوم ثقافة الخلاص الإنساني وانتظار البشرية للمنقذ وثقافة المخلص وطرائق الانعتاق العالمي من ربقة عبودية واستقطاب المراكز التي تنظر إلى الغلبة وقوة ذات الشوكة وسلطة الأكثرية بوصفها حقيقة تاريخانية يجب الإقرار بمسؤوليتها في عالم اليوم”.

ويضيف: “رواية أونسام كاميل هي رواية توصيف التزييف الهوياتي لتاريخ العراق منذ الغزو العربي الإسلامي والإدعاء بعروبيته مطلقاً، والدوس على بقية الأثنيات والأعراق وطي ثقافاتها بمرور الزمن، بمعنى تسيد الثقافة العروبية لهوية العراق وطمس وإزاحة كل ما عداها، وزرع عالم أبوي فحولي رعوي في قلب المركز، من هنا الرواية تؤشر ذلك التمركز الطاغي للعروبية التي تتصف بالبداوة والقسوة والفقر والحرب وإهانة المرأة وغلمانية الرجل والإغتصاب الذكوري الفاحش للأطفال والانقضاض على الهوامش وسرقة هوياتها الخ في مقابل بروز هوامش تعتاش على محيط المركز، منها ما هي ذات علاقة تابع بمتبوع، تدور حول ثقافته لا تؤثر فيه، لكنها تتأثر به، وتشكل مجموعة شبه معزولة تغلب على ثقافتها الإقصاء والعبودية وفقدان الهوية، وتمثل حالة متأخرة قياساً لحالة المركز من ناحية نمط الحياة الأمومي المهيمن على العلاقات الاقتصادية والوظيفية والاجتماعية، هامش المعدان هو ذلك القوة البشرية التي كانت تصم دوماً بالإزاحة، والمعدان جماعة بشرية فاقدة للهوية ومشكوك بانتمائها التاريخي للمركز العروبي، وهي تجمع أمومي ومكون اقتصادي فطري فضل أن يكون متضايفاً مع المركز بعلاقة التعايش بطريقة الأخذ والرد، وهناك هوامش نائمة أو مضمحلة تتوهج في عقول وخيالات معتنقيها، كانت في غابر الأزمان تمثل أحد المراكز المستقطبة لسواها من الهوامش، والآن كادت تندثر معالمها وتطوى صفحتها للأبد لولا دفء الذاكرة الجمعية التي تأبى محوها، ومن هذه الهوامش التي طفت على سطح الرواية كتحصيل حاصل لهزة الهويات الثقافية التي نفضت عن تاريخنا الراقد تراكمات العشوائيات العروبية التي كدستها العقلية الإزاحية العربية، اليهودية التي كانت بمثابة مركز استقطاب مؤثر في الفضاء العراقي، لأن اليهودية العراقية ضاربة في القدم منذ نبوخذ نصر والسبي البابلي لهم قبل الميلاد يلون التاريخ العراقي بألوان الثقافة الدينية الشعبية، وظلت فاعلية اليهودية كإحدى روافد الثقافة العراقية المعاصرة تشتغل في البنية العميقة، وخرجت أو ستخرج إلى السطح جراء تمزق شرنقة العذراء العراقية في صخب العولمة وبروز تحديات الهوية، وفي رواية أونسام كاميل يتبدى الصراع بين المركز العروبي وبين هامشي المعدان واليهودية، أو بين الفحولة العروبية والأمومة العرقية، وهذا يعكس الاختلاف الثقافي والسياسي والاجتماعي”.

أحلام العبوة الرابعة..

في مقالة أخرى بعنوان (تداعيات الألم في.. أحلام العبوة الرابعة) يقول  الكاتب “يوسف عبود جويعد”: ” نجد في رواية (أحلام العبوة الرابعة) للروائي أسعد اللامي، أن الرؤية الفنية لسياق هذا النص يسير في اتجاهين مختلفين، ضمن فن صناعة الرواية، الأول هو أن القريب من حياة الروائي والمتابع له في التفاصيل التي عاشها إثر إصابته بهذا المرض الخبيث، ومعاناته والخطورة التي دخل خضم غمارها بسببه، والتفاصيل التي كان ينشرها عبر صفحات التواصل الاجتماعي عن مراحل تطور هذا المرض، سيجد هذا المتلقي القريب منه أن هذا النص ينتمي إلى أدب السيرة، رغم انضواء الروائي خلف بطل هذا النص (كريم فيصل)، لأننا سوف نكتشف أن الأحداث هي حياة الروائي عبر رحلة الألم والتداعيات التي خلفتها الذكريات، بينما يجد من هو خارج هذه الدائرة وليس على إطلاع بحياة الروائي أن هذا النص السردي، أحداث تنتمي إلى الواقعية النقدية، و لا وجود لصفة ومسحة وبصمة وإسقاطات الروائي في متن النص، الأمر الآخر أن هذا النص يعد من أغرب ما كتب من نصوص سردية في العصر الحديث على كل المستويات العالمية والعربية والمحلية، كون الروائي يواجه هذا الطاغوت الرهيب وهو مهدد بالموت، وأن ما تبقى له من حياة بين عشرة أشهر إلى سنة، هذا ما أخبره به طبيبه أثناء رحلة علاجه في الهند، لينبري بكل إرادة وقوة ورباطة جأش وهو يقاوم الأوجاع والجرعات المتتالية فيكتب عن هذه الحالة بتلك التفاصيل الدقيقة، أي حالة مرضه الخطير، كما إننا سوف نكتشف أن الشخوص الرئيسيين هما شخصان فقط، كريم فيصل ويسار، إلا أن الأحداث التي ضُمت بهذا النص تنقلنا إلى أزمنة وأماكن كبيرة وواسعة… رواية (أحلام العبوة الرابعة) للروائي أسعد اللامي، عمل نادر لا يمكن أن يتكرر،لأننا سوف نعيش معه في رحلته الصعبة وصراعه ومقاومته وصبره وألمه وعلاجه مع هذا المرض الخبيث الذي فتك بالكثير من الناس دون أن يصل الطب الحديث إلى علاج نهائي له”.

قيود الصورة السردية..

وفي مقالة ثالثة بعنوان (أسعد اللامي بين فجوة الدليل وقيود الصورة السردية) يقول الكاتب “حيدر عبد الرضا”: “تخوض رواية (أونسام كاميل) للقاص الصديق أسعد اللامي، في مستويات تشخيصية محفزة بحيثيات صوت السارد حيث الانفتاح المباشر على مكونات عوالم سردية متخيلة وواقعية من أبعاد رسم الحقيقة الذاكراتية، المتأتية من مساحات من الإيحاء والأبعاد السياقية الراسخة في تدوين سردية انطباع المعنى الروائي المكرس بموجب لغة راحت تبث الأشياء والصور والحالات، انطلاقا من هيئة الزمان الذاكراتي والمكان المخيالي والحدث و الحوار المباشر، وضمن محاور نصية مقيدة بعضوية الذاتية الفاعلة والاستثنائية الغرائبية في بنية فضاء التنصيص النصي. من هنا نقرأ رواية (أونسام كاميل) وبحدود متن قرائي، سوف يعمل على نمطية آليات الوظائف والفواعل والصياغات المنظورية والتطبيقية الموجزة”.

شباك أمينة..

احتفى نادي السرد باتحاد الأدباء والكتاب في العراق في العام 2014  برواية (شباك أمينة) وبكاتبها “أسعد اللامي” قال عنها الكاتب “حميد الربيعي”: “يحتفي نادي السرد اليوم برواية (شباك أمينة) للروائي أسعد اللام.. الراوية التي اتسعت برؤاها المحلية، وهنا أخذت الرواية العراقية انتشارا واسعا من النطاق المحلي إلى العربي بجهود كتابها والجهود الفردية التي استطاعت نشر الرواية العراقية ووصلها إلى مراكز أولى بالجوائز ومنها جائزة البوكر وغيرها وهناك أسباب التأخر للرواية العراقية من الانتشار ومنها سبب المطابع وأمور تتعلق بدور النشر وسوء التسويق.. واليوم نحتفل برواية (شباك أمينة) الرواية المهمة بعوالمها وشخوصها وأساليبها السردية، والروائي العراقي الأستاذ أسعد اللامي  يعد واحدا من الأسماء اللامعة في جيل الروائيين العراقيين الجدد وكتاباته تمتاز بالسعي الدائم إلى التجديد، وخلق أجواء متميزة تتماهى مع ما تطرحه الرواية الحديثة ورشحت الرواية من دار ليندا للبوكر العربية”.

وقال الناقد “علوان السلمان”: “الرواية.. مغامرة فكرية في خضم الصراع الإنساني.. ونسق من العلاقات التي تستحضر بوعي الوجود لخلق بنية إبداعية تكشف عن كينونة الإنسان وسره الخفي.. والروائي اسعد اللامي في روايته (شباك أمينة) تعتمد التوصيف أعلاه بدقة لماهية الاشتغال السردي الذي سعى إليه عبر نسيج عوالم روايته التي جمعت شتات رصيف الذاكرة المكتظة بالصراعات وتحقيق ذات الكاتب في هذه المغامرة الإبداعية  الخلاقة عبر أجزائها الورقية الست وعنواناتها الرقمية الدالة باستدعاء المتلقي ليسهم في البناء السردي..والتي تبئر طبيعة الحدث وشكل الرؤية المعتمدة فيها باستحضار الشخوص التي تشكل قوام القوى الاجتماعية الفاعلة.. كونها تعد مؤشرا دلاليا على طبيعة الأصوات الساردة التي يكشف عنها أسلوب الراوي في بناء سرده الذي اعتمد أسلوب التناوب كي يحقق نوعا من الحيوية في متابعة الأحداث وتنشيط الذاكرة.. فضلا عن حضور الراوي بوصفه شخصية فاعلة في النص يروي أحداثه ويستخدم تقنيات السرد (التقاطع والتداخل بين عنصري الزمان والمكان/ الحوار/الاسترجاع)، فضلا عن اهتمامه بالمكان الذي لا يخلو من الفعل والحركة والذي يكشف عن الواقع الاجتماعي والإنساني..بصفته بؤرة ثقافية رمزية وفكرية وذاكرة فاعلة وهوية تحتضن قيما”..

وقال الروائي “خضير فليح الزيدي”: “بوصفي روائي عراقي وليس كخطاب نقدي..أسعد اللامي في روايته تخلص من خصوصيته في النمو السردي والاستهلال في الرواية.. السارد كان حاذقا بحيث لا يستطيع القارئ الإفلات منها فأسعد اللامي اقتاد القارئ إلى نهاية الرواية”.

وفاته..

توفى الكاتب “أسعد اللامي” يوم الخميس 17 أكتوبر 2019 بعد صراع مع مرض السرطان.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب