15 أبريل، 2024 2:17 ص
Search
Close this search box.

“أسرار النوم” .. تكشفها الدراسات العلمية والإختبارات عن طريق إشارات المخ !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : عرض – سماح عادل :

“النوم”.. من الأمور الغامضة بالنسبة للإنسان، ظل زمناً طويلاً لا يجد تفسيراً له.. ومع تطور العلم أصبح “النوم” أحد الأمور التي يهتم بها العلماء لبحثها بطرق أكثر دقة، وجرت أبحاث كثيرة لدراسة النوم وخصائصه.

المراحل اﻟﻤﺨتلفة من النوم..

سحر اكتشاف “نوم الحركات السريعة للعينين” الباحثين والعلماء، حتى أصبحت هذه المرحلة بؤرة أو محوراً تنصب عليه معظم تجارب النوم، بينما أطلق على حالة النوم الأخرى، والتي كانت معروفة منذ فترة زمنية أطول اسم “نوم إنعدام الحركات السريعة”، وهكذا نجد أن الدورة الكاملة من النوم تتألف من تسلسل فترة نوم “إنعدام الحركات السريعة للعينين”، وفترة من نوم “الحركات السريعة للعينين”، وفي المعتاد تمتد دورة إنعدام الحركات ونوم الحركات حوالي تسعين دقيقة.

إن هذا التسلسل الدوري للمراحل خاصية رئيسة يتميز بها النوم، ولا تقتصر على النوم عند الإنسان فقط؛ بل لدى الحيوانات أيضاً، فالنوم ينقسم إلى مراحل خمسة:

المراحل من الأولى إلى الرابعة؛ والتي تنعدم فيها الحركات السريعة للعينين، فإن الواحدة منها تتبع الأخرى من غير حدود فاصلة مميزة تقع فيما بينها، حتى إن تقسيمات المراحل هذه تمثل تقسيمات تعسفية إلى حد كبير، ويتعرف العلماء على هذه المراحل عن طريق القيام بتحليل طيفي لكل السجل الكهربي للمخ الناتج عن نوم ليلة بأكملها، وهو إجراء يبين كذلك أن التغيرات قد تقع في داخل مرحلة واحدة من مراحل النوم عند الفرد، فالسجل الكهربي للمخ يعكس بأكبر درجة من الوضوح ما يطرأ من التغيرات على حالة النوم.

التغيرات الجسدية الأخرى..

تقع بعض التغيرات في التوتر العضلي وحركات العينين، كما أن كثير من العمليات في الجسم، تتخذ لها مكاناً خلفياً إذا حل النوم، تهبط درجة حرارة الجسم عدة أعشار من الدرجة، وتتناقص معدلات التنفس والنبض وينخفض ضغط الدم، كأن عمليات القياس التي تنصب على “هورمون الشدائد والأزمات” أو الكورتيزول، الذي تنتجه القشرة الخارجية من الغدد الأدرينالية، تكشف عن مستويات أدنى أثناء النوم منها في حالات اليقظة السابقة، بينما نجد أن الموقف عكس ذلك بالنسبة لهورمون النمو الذي يصل إلى مستويات مرتفعة جداً أثناء المرحلة الأولى من النوم العميق. ولعله من الممكن أن هذه التغيرات الهورمونية التي تعقب بداية النوم تسبب تنشيطاً لعمليات البناء في الأيض أو التمثيل الغذائي.

وعلى خلاف نوم “إنعدام الحركات السريعة للعينين”، نجد أن نوم “الحركات السريعة للعينين” يصحبه إزدياد النشاط في وظائف الجسم، وعندما تبدأ فترة نوم “الحركات السريعة للعينين” يصبح التنفس غير منتظم، كما تظهر فترات قصيرة من التذبذب وعدم الإنتظام في النبض وضغط الدم، وقبل أن نستيقظ بفترة غير قصيرة توجد إشارات معينة تنبئ بإقتراب النوم من نهايته، فتبدأ درجة حرارة الجسم ومستوى الكورتيزول في الإرتفاع، ويكثر النائم من تغيير أوضاع جسمه، ويبدو الأمر وكأن الكائن العضوي يعد نفسه خلال الجزء الأخير من النوم لإستقبال فترة زمنية من الإستيقاظ.

خصائص الأحلام..

في الأحلام؛ يجد الحالم نفسه في ظروف كثيراً ما تتغير تغيراً مفاجئاً، ولو أنه يحدث في بعض الأحيان أن يتغير المشهد بصورة تدريجية، كذلك تظهر في الأحلام مشاهد وأناس من الماضي البعيد أو القريب، فمن الواضح أن قوانين المكان والزمان تصبح معلقة عاطلة عن العمل في الأحلام، وسمة أخرى هامة من سمات الأحلام أنها ذات طبيعة جذابة أو آسرة تغلبك على أمرك، ومعنى هذا أننا في الأحلام نجد أن إنتباهنا قد أسرته أو إجتذبته بعض الوقائع أو الأشياء المعينة ثم لا نستطيع أن نتخلص من أسر هذه الأمور، أي إننا لا ”نملك أن نوجه أفكارنا إلى أمور أخرى. يقول الباحث الأمريكي في النوم “آلان ركتشافن” عبارة تنطوي على مفارقة ولكنها صحيحة مفادها أن الأحلام تفتقر إلى الخيال. فنحن حين نحلم، لا نجد عقلنا يتجول هنا وهناك كما يفعل أثناء اليقظة.. وإنما نجد رؤى الحلم وخيالاته تملأ علينا الدنيا تماما بحيث لا يصبح هناك مجال لخيالات أخرى. وهذا “الاتجاه الواحد” في الحلم هو الذي يفسر لنا كيف أن الأحلام تجري في عالم خاص مغلق على نفسه. صحيح أننا نرى في الأحلام بعض الناس الآخرين، ولكننا نشعر أساسا بالوحدة ولا نستطيع أن نوصل خبراتنا أو نشارك فيها أحدا غيرنا. أي أننا نكون بصفة تامة أسرى لهذه الخبرة غير قادرين على أن نتأملها أو أن نتفحصها أو نقدرها. ولذلك فإننا نتقبل أكثر الظروف غرابة في الأحلام من غير أن ندهش ومن غير أن نصرخ أو نحتج .

وبصفة عامة عالم الأحلام يختفي ويزول عند الاستيقاظ، بعد أن يخلف ذكرى باهتة على أكثر تقدير. وكثيرا ما ندرك في الصباح أننا قد تعرضنا للأحلام، من غير أن نتمكن من تذكر مضمونها وما كانت تدور حوله. ولو أننا تذكرنا أن ساعة أو ساعتين من كل ليلة تنقضي في ذلك النوع من النوم المصحوب بالحركات السريعة للعينين، الذي تقع فيه الأحلام كثيراً، لأدركنا عندئذ الحد إلى أي حد هائل تختفي ذكريات الأحلام التي نراها. كما أننا عندما نستيقظ عقب أن نحلم بشيء ما مباشرة نجد أن صور هذا الحلم لا تزال ماثلة بوضوح في أذهاننا، ونجد صعوبة في وصف هذه الصور وقليلا ما تكون محاولاتنا في هذا اﻟﻤﺠال مرضية. وحتى لو نجحنا في تقديم  وصف دقيق لما حدث في الحلم، لوجدنا من المتعذر علينا عادة أن نستعيد إلى الذهن ذلك الجو الغريب الذي ساد في الحلم أو أن ننقله إلى شخص آخر.

الأحلام النادرة..

الدراسات الواسعة التي أجراها الباحثون الأمريكيون هول، وفان دي كاسل وسنايدر تدعم ذلك، فقد أجرى “هول” تحليلا لتقارير ألف من الناس عن الأحلام التي رأوها وهم نيام في بيوتهم، ودرس “سنايدر” تقارير ستمائة وخمسين شخصا أثناء نوم “الحركات السريعة للعينين” في اﻟﻤﺨتبر، ثم درست هذه الكمية الهائلة من المعلومات المتصلة بالأحلام فتبين أن نسبة مئوية صغيرة منها تتضمن تلك العناصر الغريبة والأخاذة التي ترتبط في أذهاننا عادة بالأحلام، وإنه لمن الواضح أن أمثال هذه الأحلام النادرة هي التي تلتصق أو تدوم في الذاكرة، بينما تمضي سائر الأحلام العادية الأخرى إلى النسيان، كذلك أثمرت نفس الدراسات نتائج أخرى طريفة. فقد ثبت أنه ما من حلم على التقريب إلا ويظهر فيه شخص آخر غير صاحب الحلم من الأشخاص المألوفين. وفي ثلث الأحلام تقريباً يكون هؤلاء الأشخاص أو صاحب الحلم نفسه نشطاً على نحو أو آخر، فهو إما أن يتحدث إلى غيره أو يستمع إليه أو ينظر إليه. وفي ثلث آخر من الأحلام تجد الناس في الأحلام وهي تتحرك إما بالمشي أو وهي تركب مركبة من نوع ما.

والنشاط البدني لا يبدو في الأحلام من بين الأعمال الشاقة كما هو الحال في عالم اليقظة، وإنما نراه يتم في يسر وبدون مجهود. ولكننا نجد من ناحية أخرى أن الأنشطة والأعمال الروتينية من قبيل شغل البيت وشغل المكاتب (من قبيل الكتابة على الآلة الكاتبة مثلا) يندر أن تقع في الأحلام. ومضمون الأحلام نجده أقرب إلى السلبية منه إلى الإيجابية، بمعنى أن الشقاء والهزيمة والفشل أكثر وقوعا وانتشارا في الأحلام من الرضى والنجاح، كما أن اللقاءات العدوانية الكريهة أوسع شيوعا من لقاءات الود والمحبة. ولكننا نجد أن الأحلام، وإن كانت تتضمن وقائع مثيرة جدا، إلا أن المشاعر المصاحبة لها تخفت وتضعف إلى حد مذهل كما أن شدة هذه المشاعر لا تتناسب على الإطلاق مع درامية الموقف وحدته. ومع ذلك نجد أن أكثر من ثلث الأحلام كما يرويها أصحابها تتضمن مشاعر الخوف والقلق، وأن الانفعالات السارة السعيدة أقل من ذلك شيوعا.

نوم الأطفال..

الأطفال يفيقون المرة بعد المرة من الكوابيس ثم يتعذر عليهم من بعد ذلك استئناف النوم. وهم يقضون وقتا أكثر من الوقت الذي يقضيه الراشدون الكبار في نوم الحركات السريعة للعينين. فما الذي يحلم به الأطفال أو ما الذي يرونه في المنام ? قام “دافيد فولكس” الأمريكي المتخصص في أبحاث النوم والأحلام بدراسة هذه المشكلة الطريفة والمعقدة، وذلك بأن أخذ يجمع ويدرس أحلام الأطفال في مجموعات مختلفة من الأعمار. ولعله من الصعب حقا أن نصل إلى روايات يعتمد عليها أو يعتد بها عن الأحلام من صغار الأطفال. ومن المشكلات المتصلة بذلك أن الذي يقوم بمقابلة الأطفال لا تكون له دائما القدرة على أن يتبين إن كان الطفل يعرف كيف يفصل بين الأحلام من ناحية وبين خبرات اليقظة من ناحية أخرى. أضف إلى ذلك أن الصعوبة العامة التي يواجهها الفرد عند التعبير عن الحكم بالكلمات تزداد وتتفاقم بسبب المحصول اللغوي المحدود عند الأطفال. والنتيجة العامة التي يمكن استخلاصها من هذه الأبحاث هي أن أغلب أحلام الأطفال، على نقيض الافتراضات الشائعة، ليس من النوع المزعج أو اﻟﻤﺨيف.. وأنه كلما تدرج الأطفال في النمو من الرضاعة إلى المراهقة، أخذت التغيرات التي تطرأ على أحلامهم تعكس مراحل النمو المعرفي وتستند إلى خلفية من مواقف الحياة الفعلية: البيئة الأسرية، المدرسة و ”الأمور الذاتية أو الهوية الشخصية والجنسية للطفل.

طول الحلم زمنيا..

وقد أراد “دمنت” وزملاؤه، بعد الكشف عن نوم الحركات السريعة للعينين بسنوات قلائل، أن يدرسوا الطول الحقيقي للفترة الزمنية التي يستغرقها الحلم. كان أحيانا يوقظ المفحوصين مباشرة بعد ابتداء نوم الحركات السريعة للعينين، وفي أحيان أخرى كان لا يوقظهم إلا بعد انقضاء فترة أطول من نوم الحركات السريعة للعينين. وقد أظهرت النتائج أن الأحلام التي كان المفحوصون يسردونها كان طولها يتناسب مع طول فترة نوم الحركات السريعة للعينين. كان الناس الذين يتم إيقاظهم مبكرا يسردون أحلاماً قصيرة، بينما يسرد الناس الذين سمح لهم بفترة أطول من نوم الحركات السريعة للعينين أحلاما أطول. وكان المفحوصون إذا أتيحت لهم فترة طويلة جدا من نوم الحركات السريعة للعينين (من ثلاثيين إلى خمسين دقيقة) يشعرون أنهم ظلوا يحلمون فترة غير عادية من الطول والامتداد، ولكن الروايات التي كانوا يقدمونها عن أحلامهم لم تكن أطول من تلك الروايات التي كانوا ليقدموها لو أنه تم إيقاظهم بعد خمس عشرة دقيقة فقط من نوم الحركات السريعة للعينين..

من الواضح أن الأحلام تبدأ في الزوال من الذاكرة حتى أثناء امتداد فترة طويلة من نوم الحركات السريعة للعينين. وفي تجارب أخرى قام اﻟﻤﺠربان “دمنت” و”ولبرت” برش المفحوصين النائمين بالماء، حتى يضع علامة عند نقطة معينة من مجرى فترة الحلم. فكان إن وجدا نسبة من المفحوصين يدخلون بالفعل هذا التنبيه الحسي في أحلامهم. وقد قام اﻟﻤﺠربان بالمقارنة بين طول الزمن الذي انقضى فيما بين التنبيه واستيقاظ المفحوصين وبين طول ما يروونه من أحلام. ومرة أخرى بينت النتائج أن وقائع الحلم تكامل أو توافق بالتقريب الطول الفعلي للزمن المنقضي..

هل يمكن قياس الحلم..

ومن الأسئلة الأخرى التي أثيرت: هل تنعكس عملية الحلم ذاتها في صورة وظائف يمكن قياسها من وظائف الجسم ? فهل هناك صلة بين الحركات السريعة للعينين في نوم الحركات السريعة للعينين وبين محتوى الحلم ومضمونه? كانت النتائج الأولى التي توصل إليها “دمنت” تؤيد فيما يبدو هذه النظرية. فقد وصف “دمنت” تجربة تم فيها أيقاظ المفحوص بعد فترة طويلة من حركات العينين التي كانت تتألف من الانتقال المنتظم ذهابا وإيابا من اتجاه إلى اتجاه آخر. وقد قرر النائم هنا أنه كان يرى في منامه أنه يشهد جزءا متصلا من مباراة في (البنج بونج أو تنس الطاولة)، ولكن التجارب الأخرى لم تكشف عن مثل هذا الارتباط بين حركات العينين ومحتوى الحلم. ولذلك فإنه يبدو الآن من غير المحتمل وجود ارتباط مباشر بين هاتين الظاهرتين و كننا أن نقول أن الأحلام في هاتين المرحلتين من مراحل النوم تنزع إلى أن تكون مختلفة متفاوتة: إذ أن ما يسرد من أحلام في نوم الحركات السريعة للعينين يكون بصفة عامة أكثر حيوية وأكثر تعقيداً وغرابة وأكثر حظا من الانفعالية من تلك الأحلام الخاصة بنوم انعدام الحركات السريعة للعينين التي تنتشر وتسود فيها العناصر العقلانية الواقعية المشابهة لأفكارنا في اليقظة.

وقد تمكن الباحثون من التمييز فيما بين أحلام نوم الحركات السريعة للعينين وأحلام نوم انعدام الحركات السريعة للعينين على أساس من محتوى الأحلام أو مضمونها. ولكننا مع ذلك نجد أن “جون آنتروبوس” الباحث الأمريكي في النوم والأحلام يرى أن الفرق الأساسي بين الأحلام في المرحلتين إنما يكمن في طول الأحلام لا في محتواها. وفي رأيه أن الأحلام الأطول التي يتميز بها نوم الحركات السريعة للعينين تتيح فرصة أكبر للعناصر المبهجة المثيرة من الأحلام القصيرة التي تتخلل نوم انعدام الحركات السريعة للعينين. وهذه الفروق بين الأحلام في الطول يمكن أن تنشا من الحقيقة المعروفة وهي أن التذكر بعد الاستيقاظ من نوم الحركات السريعة للعينين يكون أفضل من القدرة على التذكر بعد أن يستيقظ من نوم لم تكن تتخلله حركات سريعة للعينين.

* المصدر:

كتاب ” أسرار النوم” تأليف: الكسندر بوربلي، ترجمة: د. أحمد عبد العزيز سلامة

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب