25 ديسمبر، 2024 4:54 م

أزمات وباء “كورونا” نموذجًا .. تهديد المعنى في حياة الإيرانيين !

أزمات وباء “كورونا” نموذجًا .. تهديد المعنى في حياة الإيرانيين !

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

يسّعى البشر في مختلف الفترات لإضفاء معنى على وجودهم والعالم المحيط؛ اعتمادًا على عدة مصادر رئيسة مثل: “الثقافة، والدين، والعلم”. من ثم تبلورت آليات إضفاء المعنى لجعل حياة البشر هادفة.

وهذه الآليات تناغم بين معنويات البشر؛ (جودة الحياة، والأسلوب الأخلاقي والجمالي وحالة الحياة)، مع رؤيتهم للعالم؛ (واقع الأداء والنظام الموجود في الأشياء والظواهر)؛ بحسّب ما اسّتهل تقرير “علي ميرزامحمدي”، المنشور بصحيفة (اعتماد) الإيرانية.

لكن في حال بلغت التغييّرات الاجتماعية؛ مرحلة عدم تطابق محتوى رؤية معظم أفراد المجتمع للعالم، مع معنوياتهم، حينها نواجه ظاهرة اجتماعية باسم: “تهديد المعنى”.

وفي هذا التقرير؛ المسّتمد من تحليل “كليفورد غيرتز”؛ عالم الإنثروبولوجي الأميركي، حول العوامل المهددة للمعاني في الحياة، ودور الدين باعتباره نظام ثقافي في التغلب على هذه التهديدات، سوف نناقش الأسباب التي سّاهمت خلال العقود الأخيرة في تقوية؛ (ظاهرة تهديد المعنى)، في حياة الإيرانيين.

ويمكن باختصار تقسّيم هذه الأسباب إلى أربعة أقسام على النحو التالي:

01 – بروز ظواهر غير عادية في الحياة..

والمثال المادي على ذلك انتشار وباء (كوفيد) المسّتجد. تلك الظاهرة غير العادية التي لم تؤثر على حياة الإيرانيين فقط؛ وإنما شعوب العالم أجمع.

لقد هدد وباء وباء (كورونا) آليات إضفاء المعنى على الحياة، التي فشلت في تقديم إجابات مناسبة على تلك التجربة المحيّرة.

وقد ازدادت التحديات حين سّيقت أسس آليات إضفاء المعنى؛ (الدينية، والعلمية، وشبه العلمية)، للمنافسة التي انتهت بتجربة الشريحة المحيرة مع هذا الوباء. هذه المنافسة والتصريحات العجيبة والغربية حول نشأة المرض أو السّيطرة عليه وعلاجه، لم تفشل فقط في الخلاص من الحيرة وإنما أُضيفت إلى التجارب المربكة والمحيرة.

02 – تجربة الألم الناجمة عن تراجع جودة حياة غالبية الإيرانيين..

ويمكن توضيح العلاقة بين آلام الشر وتهديد المعنى من خلال الحديث الذي يقول: “إذا دخل الفقر من باب، خرج الإيمان من الباب الآخر”.

مع هذا سّعى بعض الخطاب والمتحدثيّن إلى تبسّيط هذا النوع من الآلام للعاملة من خلال إضفاء معنى ديني ووطني، لكنهم لم يحققوا نجاحًا يُذكر في هذا الصدد.

ولا يتسّع المقال للبحث في أسباب عدم التوفيق، لكن واجه عامة الشعب تحديًا مع تحمل المعاناة نتيجة تشيبه المتحدثين “التاريخي-الديني” بأوضاع الدولة.

03 – تجربة انعدام العدالة والمسّاواة..

في آليات إضفاء المعنى الديني باعتباره الأسلوب الرائج في تبرير الأحداث، الادعاء أن انعدام العدالة في هذا العالم سوف يقابله تفشي العدل في العالم الآخر. مع هذا تُحفز معظم آليات إضفاء المعنى، أفراد المجتمع على تجفيف مصادر انعدام العدالة والمسّاواة.

وتزداد المشكلة قوة حين يتحول القائمون على آليات إضفاء المعنى أنفسهم إلى عوامل انعدام العدالة والمسّاواة في المجتمع، والعمل بالمخالفة لما يدعون، ولا يعمل دعاة الآخرين بتلك التوصيات والتعاليم التي يدعون إليها.

وظاهرة أبناء السّادة من أبرز النماذج العينية على التناقض في قول وعمل القائمون على آليات إضفاء المعنى؛ بما يُفاقم من أزمة تهديد المعنى في حياة الإيرانيين.

علاوة على ذلك؛ يواجه الجيل الحالي فجوة بين التفاسّير المختلفة لظواهر عدم المسّاواة الاجتماعية الأخرى مثل التمييّز الجنسي، والقومي، واللغوي، والديني، وبين توضيحات آليات إضفاء المعنى الرسمية.

04 – فهم الإيرانيين لمعنى المستقبل..

فحين يكون المستقبل غامضًا، ويكون من الصعب بل من المستحيل حصول معظم الأفراد على القيم المادية والمعنوية المجتمعية، تزداد التجربة المربكة قوة ولا يترتب عن تهديد المعنى سوى الأضرار الاجتماعية وحالة من العدمية واسعة النطاق.

ولن يكون من الممكن ترميم تداعيات أسباب تهديد المعنى في حياة الإيرانيين بالاعتماد على التوصيات الأخلاقية، لكن قد يتحقق ذلك أولًا: بإجراء تغييرات اجتماعية وسياسية واقتصادية في إطار الحد من انعدام المسّاواة الاجتماعية وزيادة الإحساس بالعدالة الاجتماعية وتحسّين جودة الحياة الفردية والاجتماعية.

ثانيًا: التفكير في آلية تجعل من الصعب على المسؤولون عن آليات إضفاء المعنى نقض المعاني التي يدعون إليها لأن تداعيات هذا التناقض الاجتماعية مهلكة للغاية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة