خاص: إعداد- سماح عادل
“أحمد مطلوب أحمد الناصري التكريتي” أستاذ البلاغة والنقد، ورئيس المجمع العلمي العراقي، ووزير الثقافة والإرشاد في الجمهورية العراقية عام 1967..
حياته..
ولد “أحمد مطلوب” 1936 في تكريت بالعراق، ودرس الابتدائية والمتوسطة في تكريت، ثم درس الثانوية في كربلاء وأتمها في الكرخ ببغداد. وحصل على البكالوريوس في اللغة العربية من كلية الآداب والعلوم ببغداد (قسم اللغة العربية) بدرجة امتياز عام 1956، وكان الأول على جميع أقسام الكلية. ثم حصل على الماجستير في علم البلاغة والنقد بدرجة جيد جدا من جامعة القاهرة عام 1961، ثم الدكتوراه في البلاغة والنقد بمرتبة الشرف الأولى من جامعة القاهرة سنة 1963.
عمل مدرس في ثانوية كركوك عام 1957، وانتقل إلى العمل كمدرس في إعدادية التجارة ببغداد 57- 1958، وعمل في كلية الآداب بجامعة بغداد منذ عام 1958، معيدا فمدرسا فأستاذا مساعدا فأستاذا مشاركا ثم أستاذ. أصبح مديرا عاما للصحافة والإرشاد في وزارة الثقافة والإرشاد عام 1964، وعمل مديرا عاما للثقافة بنفس الوزارة عام 1964، عمل رئيسا لقسم الإعلام بجامعة بغداد منذ سنة 1966-1969. في عام 1967 أصبح الدكتور “أحمد مطلوب” وزيرا للثقافة والإرشاد في الجمهورية العراقية. ثم التحق بجامعة الكويت أستاذا منتدبا أعوام 1971 – 1978، وعمل أستاذا زائرا في معهد البحوث والدراسات العربية في القاهرة وجامعة “مارتن لوثر” في ألمانية الديمقراطية وجامعة وهران في الجزائر.
أصبح “أحمد مطلوب” عميدا لكلية الآداب بجامعة بغداد منذ عام 1984 إلى 1986، وأصبح أمينا عاما للهيئة العليا للعناية باللغة العربية في العراق من عام 1986 وحتى عام 2003، شغل ومنذ عام 2007 منصب رئيس المجمع العلمي العراقي والذي يعتبر أعلى هيئة علمية في العراق، وكان عضو في مجمع اللغة العربية الأردني وأيضا عضو في المجمع العلمي الأردني
الجوائز..
نال “أحمد مطلوب” جائزة الملك فيصل العالمية في فرع اللغة العربية والأدب، مناصفة مع البروفيسور “محمد رشاد محمد الصالح حمزاوي” أستاذ اللغة العربية ورئيس قسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة السلطان قابوس سابقا.
كتبه..
أصدر “أحمد مطلوب” 37 كتابا مؤلفا في البلاغة والنقد والأدب والمعاجم والتعريب. و15 كتابا محققا من كتب التراث في الشعر وبلاغة القرآن الكريم. وقد تم نشر أكثر من 60 بحثا علميا في البلاغة والنقد واللغة وعلوم القرآن والتفسير والحديث وتعريب العلوم والمصطلحات العلمية.
مقاطعة الصحافة..
في حوار مع “أحمد مطلوب” أجراه معه “د. هادي حسن حمودي” يقول عن علاقته بالإعلام: “صلتي بالإعلام قديمة، بدأت من علاقتي مع الصحف منذ أن كنت طالبا في المرحلة الثانوية من الدراسة. ومارست النشر الصحفي منذ سنة 1952 وتواصل نشري للمقالات الصحفية حتى عام 2002. حين قاطعت الصحافة والإذاعة والتلفاز، بعد أن يئست من الإصلاح حين بدت علامات الانهيار الفكري والسياسي والاجتماعي، ولكني بقيت مستشارا في كثير من المجلات العربية وآخرها مجلة (المصباح).. كنت أميل إلى الصحافة منذ الصغر، حيث كنت أرى الجرائد والمجلات في بيوت إخوتي الكبار وعرفت مجلة التمدن الإسلامي السورية، والأديب اللبنانية، والهلال والرسالة المصريتين.. في مطلع عام 1964 كنت في القاهرة وحين عدت إلى بغداد وجدت قرارا بتعييني مدير الإرشاد العامّ. وحين عُدّل قانون وزارة الإرشاد، وسميت وزارة الثقافة والإرشاد استحدثت فيها مديريات عامة، فأسندت إليّ مديرية الثقافة العامة، ومديرية الصحافة العامة. وهما أساس الوزارة. وقد عملت والحمد لله بإخلاص، وحاولت إظهار وجه الثقافة بنشر بعض الكتب، وإصدار مجلة الأقلام. وآزرت نقابة الصحفيين، وإن لم أتدخل في شؤونها. وقد قطعت علاقتي بالمديريتين لحادث حمّله بعضهم ما لا يتحمل من معان. فقد جاءني يوما طه الفياض ومعه بعض الصحفيين يطلبون تأجيل انتخابات النقابة. وقلت لهم: هذا الموضوع ليس من صلاحياتي، وإنما من صلاحيات الحاكم العسكري العام, وكان يومذاك العميد رشيد مصلح. فذهبوا إليه وأصدر أمر تأجيل الانتخابات. وظن الوزير أنني طلبت ذلك. رفضت ظنه وجابهته بما وصف فيما بعد بأنه من عنفوان الشباب. وتركت الوزارة عائدا إلى كلية الآداب كما كنت بها من قبل”.
ويواصل: “وجدت معظم العاملين في حقل الصحافة، يومذاك، غير مؤهلين، فاقترحت على عميد كلية الآداب الأستاذ ناجي معروف، فتح دورة للصحفيين، ففعل – رحمه الله – مستعينا بأستاذ من قسم الصحافة بكلية الآداب، جامعة القاهرة. كانت تلك الدورة بداية فتح قسم الصحافة سنة 1964، وتوليت رئاسته بدءا منذ سنة 1966 حتى عام 1970. وفي تلك الفترة أصدر القسم جريدة بعنوان (الصحافة) لتدريب الطلبة. وحين كنت عميد كلية الآداب في الثمانينيات اشتريت مطبعة صغيرة لطبع الجريدة وبعض شؤون القسم. لم أنْسَ قسم الصحافة وأنا وزير الثقافة والإرشاد سنة 1967، إذ سعيت لإيجاد عمل لخريجي القسم، في الوقت الذي كان المسئولون يتبرؤون من موظفيهم، وكان الأساتذة يتنكرون لطلابهم”.
حرية الإعلام..
وعن حرية الإعلام يضيف: “كنت ولا أزال أؤمن بالحرية، وأرى أن الإعلام العراقي قبل عام 1968 كان يتمتع بأفق واسع من الحرية، ولكن، بعد ذلك أصبح في خدمة السلطة وحدها. وأما اليوم فقد صار أغلبه في خدمة التكتلات والجماعات المتنفذة، وللأسف فأغلب ما ينشر يؤدي إلى زرع الفتنة والخصومة بين أبناء الوطن.. ذلك لأني لم يؤثر أحد في سلوكي العلمي والإداري، وكنت أتصرف بما يريده الله، سبحانه، وما يرسمه القانون ومنفعة الناس. الإعلام اليوم، كما قلت، مسيس، ولكن لا يخلو من اتجاهات رشيدة تنفع الناس. والأمل عظيم في جيل يعي مصير أمته، فيعود إلى نفسه وقيم أمته، وينزع عنه ثوب التبعية والضلال، وليس ذلك ببعيد، إن شاء الله، تعالى”.
التراث..
وعن إحياء التراث العربي، ومنه علم البلاغة يقول “أحمد مطلوب”: ” لا أزال على ما قلته قبل سنوات، وهو لا بدّ من تغيير وسائل تدريس البلاغة لا إلغاء تدريسها بحجة شيوع الأسلوبية، والبنيوية، والتفكيكية، ونحوها مما طُرح على الساحة الأدبية والنقدية في العقود الأخيرة، كما طرحت البرناسية والدادية من قبل.. في اجتماعات الدورة الثالثة والثمانين لمجمع القاهرة المنعقد في شهر نيسان 2017، قدّم الدكتور محمد عبد الحليم أحد الأساتذة في إنكلترة بحثا عن تدريس البلاغة العربية في إنكلترة، بعنوان: (البلاغة في الدراسات العربية في الغرب – تجربة من بريطانية) وفيها إن إهمال (علم المعاني) خاصة ترتب عليه قصور في تفسير بلاغة القرآن الكريم وفي ترجمته. وفصّل القول في الخبر والإنشاء والسياق، وخروج الكلام عن مقتضى الظاهر، ورأى وجوب إدخال علم البلاغة في مقررات الدراسات العربية في الجامعات الغربية، وأن يتجه الغربيون إلى البحث في علم البلاغة، وخصوصا علم المعاني. وكذلك يجب تهذيب مجال البلاغة وتوسيعه في البحث، وفي مقررات علم البلاغة في المدارس والجامعات العربية.. هذا ما قلته منذ عقود، ولا سيما في كتابي (البلاغة عند السكاكي) الذي نلت به درجة الماجستير من جامعة القاهرة في شباط 1961. وهو ما أقوله الآن: البلاغة أساس فهم القرآن وتفسيره وترجمته إلى اللغات الأجنبية. ومن ينظر بعلمية دقيقة إلى البلاغة العربية يجد أن ما طُرح من اتجاهات تنطلق منها كالأسلوبية، والبنيوية والتفكيكية، إذ هي نظر في تركيب لغة الأدب، ومثلها التداولية، التي هي استعمال اللغة للتعبير عن المقاصد والأغراض، أو كما قال القدماء: مطابقة الكلام لمقتضى الحال، و: لكل مقام مقال.. فالبلاغة ليست علما تجاوزته الدراسات الحديثة، وإنما هي أساس البناء اللغويّ، ولا سيّما علم المعاني الذي يُعنَى بالتراكيب اللغوية، أي: توخّي معاني النحو، كما قال عبد القاهر الجرجاني. ومثله علم البيان الذي يُظهر جمال الأدب بصوره التشبيهية، والاستعارية والكنائية، والرمزية. وبهذا العلم تتضح قدرة الأديب، شاعرا كان أم ناثرا، على التعبير الجميل، والتصوير البديع، والتجديد الرفيع”.
وعن المجمع العلمي العراقي يوضح ” أحمد مطلوب”: “المجمع العلمي العراقي ليس مؤسسة دعاية أو شركة مساهمة، وإنما هو مجلس بحث واستشارات لغوية وقانونية وعلمية، ووضع المصطلحات العلمية والألفاظ الحضارية. وهو المرجع الوحيد إليها، كما نصت المادة التاسعة من قانون (الحفاظ على سلامة اللغة العربية) لسنة 1977. وهو النافذ الآن وواجب التطبيق. لقد أدى المجمع العلمي العراقي دوره منذ إنشائه سنة 1947. وهو الآن يقوم بما تهيّء له الظروف. وكل الأمل أن يُعاد تشكيل هيئته العلمية بعد صدور قانونه الجديد سنة 2015، لأن الهيئة الأخيرة وهي أكثر من ثلاثين عضوا عاملا اختفى أعضاؤها. وبذلك تعطلت الاجتماعات والقيام بمهمات المجمع. ولا أعرف أين هم الآن، وبقيت وحدي أوجّه دفة سفينة المجمع ليبقى صرحه أمينا بعيدا عن المزايدات. والله الموفق لما فيه خير الوطن الحبيب”.
وفاته..
توفي الدكتور”أحمد مطلوب” في 21 تموز (يوليو) 2018عن عمر يناهز 82.