“أحمد خلف”.. الكتابة لديه طريقة لعشق الحياة

“أحمد خلف”.. الكتابة لديه طريقة لعشق الحياة

خاص: إعداد- سماح عادل

“أحمد خلف” قاص وروائي عراقي شهير. ينتمي إلى الجيل القصصي الستيني، وقصة «وثيقة الصمت» أول قصة نشرت له في ملحق الجمهورية، عام 1966.

التعريف به..

من مواليد ناحية الشنافية، قضاء الشامية بجنوب العراق في 1943. تعرف على الشاعر “مظفر النواب” في 1961، وجهه نحو الكتابة والأدب، وتحدث ” أحمد خلف” عن ذلك يقول: «في مرحلة الدراسة المتوسطة كان أستاذ اللغة العربية حينها الشاعر مظفر النواب وفي أحد الأيام طلب منا أن نكتب موضوعا إنشائيا، وبعد الكتابة وتسليمه الأوراق قام بعزل ورقتي ثم سأل من هو أحمد خلف فقلت له أنا، فسألني هل قرأت كتباً فأجبته بالنفي، فسألني هل في عائلتك كاتبا أو شاعرا فقلت لا فاستغرب وأهداني روايتان وطلب مني  قراءتهما، وفعلا قرأت الروايتين وأعدتهما له في اليوم التالي استغرب فطلب مني أن أحكي له أحداث الروايتين فسردت له كل تفاصيلهما، فقال لي استمر في القراءة وسيكون لك شأن الأدب، ومن يومها وأنا أعيش الأدب بكل تفاصيله قراءة وكتابة».

محرر ثقافي..

عمل في مجلة الأقلام عام 1985، وأصبح محررا ثقافيا بدرجة سكرتير تحرير. في عام 2010 أصبح رئيس تحرير مجلة الأديب العراقي الناطقة باسم الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق. وانتخب رئيسا لنادي القصة في الاتحاد العام للأدباء والكتاب، وفي العام نفسه عقد ملتقى القصة القصيرة في العراق برئاسته. حضر وساهم في ملتقى القاهرة الخامس للإبداع الروائي العربي 2010. تقاعد سنة 2006، وتفرغ للكتابة.

نشر قصته القصيرة «خوذة لرجل نصف ميت» سنة 1969، والتي وصفت بـ «نبوءة بولادة كاتب قصصي من طراز خاص على المستوى العربي» وأشاد بها الكتّاب أمثال محمد دكروب وسامي خشبة وحسين مروة وغسان كنفاني. أصدرت كلية اليرموك الجامعة قرارًا بتدريس كتابه «تيمور الحزين» في صفوفها كنموذج في القصة القصيرة سنة 2002 “أعترافا من الكلية بأهمية أدب هذا الكاتب وإخلاصه وتألقه في مسيرة الأدب العراقي الحديث”.

تحولات السرد العراقي..

في حوار معه أجراه “حسن جوان” لجريدة “الصباح” يقول “أحمد خلف” عن: ” عن التحولات في السرد العراقي، ودرجة تمثيلها  للواقع العراقي: “السرد العراقي ولاسيما في الرواية والقصة، انطوى على مجموعة مراحل مهمة وأساسية، فمن ناحية تاريخية يمكن المرور بها، لكن دعنا نتناول بعض الاتهامات السابقة، التي يأتي ضمنها أن السرد العراقي لا يواكب التحولات، رغم أننا نعلم أن الثقافة عموماً هي نتاج ظروفها ومجتمعها، فضلاً عن المؤثرات الخارجية الأخرى.

السرد العراقي لم يشهد أبدا واقعا مستقرا، أو فترات ممتدة السلم، لينتج رواية شبيهة بالرواية المصرية التي تستند إلى واقع أكثر استقرارا، والفرق في ذلك أن الرواية تلك قد أتمت شروطها الثقافية والسياسية والمجتمعية، بينما نحن ما زلنا نعاني من تسلطات وآراء تحجم كثيرا أداء الكاتب، وتسيء إلى العملية الإبداعية بصورة عامة.

وعن مرحلة الستينات يواصل: “مرحلة الستينيات مرحلة شائكة لا استطيع أن اختصرها، لأنها أبرزت عددا كبيرا من الكتاب والفنانين، ولكن لابأس من القول أن الظرف الستيني لم يكن ظرفا عراقيا خالصا، أي أن مجموعة عوامل عالمية تضافرت بسبب من الانفتاح الكبير على التجارب الأوربية والعالمية دون تحفظ. وكان الكاتب العراقي الذي انطلق من الضواحي الفقيرة في الغالب، يعد نفسه بوعي  قارئا للواقع ومنتقداً له. عملية النقد هذه تعكس وعي الكاتب وتؤكد أنه لا يكتب حكايات، إنما يشكل موقفا، وهذا الموقف مطالب به كل من يحترم الساعة التي يجلس فيها إلى الكتابة، نحن لسنا قصخونية، نحن كتاب نلتزم بمواقف سياسية وثقافية، وننتسب إلى العصر الحقيقي للسياسة العراقية التي هي في الهامش غالبا، ولا اقصد بها السياسة الرسمية، إنما أقصد هذا الامتزاج الروحي بين الشعر والقصة وبين متطلبات أبناء شعبنا”.

الكاتب والقارئ..

ويجيب عن سؤال هل تسعى أثناء الكتابة إلى إيجاد منطقة تفاهم بينك وبين القارئ، وأن تكتسبه إلى جانبك: “من ناحيتي، لا أفكر بقصديّة أثناء الكتابة بالآخر، لكنني أكتب النص حتى أصل إلى درجة الاعتقاد، أن هذا النص هو جيد جدا، ويخامرني الكثير من الاعتقاد، أنني سأكسب المزيد من القُراء في هذا النص الجديد، وقد أدركت بعض النتائج الممتازة في تجربتي تلك.

الجملة الأولي..

في حوار ثان مع “العين الإخبارية” يقول “أحمد خلف” عن هل يشغل باله بالجملة الأولي: “”يعتقد الكثير من المبدعين أن المفتتح له دور في تزكية النص، وهذا صحيح ولكن بماذا ينفع المفتتح إذا لم تكن لدى المبدع فكرة كاملة، بل ينبغي على الكاتب ألا يعتمد كليا على الاستهلال فقط، الأصح أن تعمل كل الأدوات مجتمعة لإنتاج النص، ويعتقد البعض أن التلقائية كافية وأنه حالما يستلم إشارة البداية تنطلق لديه سيول الكلمات، يمكن أن يستفيد الكاتب من العبارة الأولى عندما تكون لديه خطة واضحة المرمى”.

وعن المشهد الثقافي العراقي حاليا يقول: “يمكن إعطاء فكرة موضوعية عن حالة الثقافة العراقية، وهي بقدر تبدلها وعدم استقرارها على مرسى واحد إلا أنها تبدو في أحيان كثير سائرة إلى التحسن والتطور وظهور إيماءة جديدة في القصة والقصيدة والرواية والنقد، ناهيك عن دخول الثقافة العراقية في مناطق كانت من الممنوعات ومن المسكوت عنها، أنا أعتقد أن تخلص هذه الثقافة مما دخل عليها من لهجات ولغات تتسم بالأعجمية والرطانة الأدبية ونكران الهوية الوطنية، سوف تسترد الثقافة العراقية عافيتها.

ويضيف عن العراق: “أدعوك إلى أن تعطيني أنت صورة ولو شبحية للعراق، ثمة كثير من الأمور غيرت العراق والعراقيين، لعل مرد ذلك هو الاحتلال وما حمله لنا من خراب وفوضى جعل من أبسط الأمور على العراقيين الهجرة إلى الخارج، حتى بات من لا يستطيع الهجرة يدفع الثمن من حياته التي ستصبح على حافة الموت أو النسيان. بالطبع لا يمكن تلخيص تجربة وحياة شعب يعاني من حكامه ومما تركه المحتل من أمراض.. فلا يمكن تلخيص ذلك ببضعة سطور أبدا”.

ويجيب عن سؤال في الحياة خسارات كثيرة.. هل تعوضنا الكتابة بعض خسائرنا: “كلا.. الحياة وحدها قائمة بذاتها لا بديل لها، لكن الكتابة لها قوانينها الواضحة والصريحة في أنها تجعل من الحياة العسيرة ممكنة العيش، والكثير من الكتاب يتناغمون مع حياتهم لأن الكتابة مهدت الطريق أمامهم لكي يصبحوا عشاقا لحياتهم، ورغم المعاناة إلا أنهم يدركون أنها حياة واحدة يعوضها أي بديل آخر”.

مؤلفاته..

  • الخراب الجميل: رواية، دار الرشيد، بغداد 1981.
  • صراخ في علبة: رواية و7 قصص قصيرة، دائرة الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1991.
  • خريف البلدة، دائرة الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1995.
  • القادم البعيد، دائرة الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1988.
  • الحد الفاصل: مجموعة قصص، دائرة الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1986.
  • منزل العرائس: قصص قصيرة، وزارة الثقافة والفنون، بغداد، 1978.
  • في ظلال المشكينو: قصص، أزمنة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 1997.
  • اقتفاء الأثر، 2003.
  • نزهة في شوارع مهجورة: قصص قصيرة، 1974.
  • مطر في آخر الليل: قصص، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2002.
  • الذئاب على الأبواب، النخبة للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 2018.
  • حامل الهوى، دار المدى للثقافة والنشر، 2005.
  • تيمور الحزين: قصص، دائرة الشئون الثقافية العامة، بغداد، 2000.
  • عن الأولين والآخرين، 2011 – 2013: رواية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2018.
  • حوارات مع طارق البشري: سيرة معرفية بين الذات والأمة، مركز الحضارة للدراسات والبحوث، القاهرة، 2020.
  • عصا الجنون: قصص، دار ميزوبوتاميا للطباعة والنشر والتوزيع، بغداد، 2015.
  • الحلم العظيم، المدى، 2009.
  • الرواق الطويل في السيرة الثقافية، دار المدى للثقافة والنشر، 2012.
  • بوابة بغداد: رواية، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 2001.
  • تسارع الخطى: رواية، المدى للإعلام والثقافة والفنون، 2014.
  • محنة فينوس: رواية، دار الينابيع، 2010.
  • النبي صلى الله عليه وسلم، دار بدر، 2018.
  • دراسات في القصة القصيرة والرواية: 1985-1980، دار الشؤون الثقافية العامة، 1986.
  • موت الأب، دار النخبة، بيروت، 2020.
  • نحو نار أفضل : رواية، دار ميريت، القاهرة، 2015.

وفاته..

توفي “أحمد خلف” يوم 6 يناير 2024 عن عمر 81 .

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة