14 نوفمبر، 2024 11:13 ص
Search
Close this search box.

“أحمد الجابري”.. كتب بمعظم اللهجات اليمنية بثقافة ووعي

“أحمد الجابري”.. كتب بمعظم اللهجات اليمنية بثقافة ووعي

خاص: إعداد- سماح عادل

“أحمد غالب محمد الجابري” شاعر يمني، يُعد من شعراء العامية البارزين.

التعريف به..

ولد في عام 1936 في عدن، وتلقى دراسته فيها. ثم سافر 1953 إلى القاهرة. وأكمل هناك دراسته الثانوية. والتحق بجامعة القاهرة كلية التجارة قسم إدارة أعمال. وتخرج 1966. انتقل إلى تعز 1972 وعمل بالتجارة. وعين مستشاراً لصحيفة “14 أكتوبر” عام 1993.

الأغنية اليمنية..

في مقالة بعنوان (رحيل الشاعر أحمد الجابري يطفئ “قناديل” الأغنية اليمنية) كتب “توفيق الشنواح”: “تنوعت أعمال أحمد الجابري ما بين الموشح والغنائي والوطني “طائر الأشجان… ما يشجيك في تيك الربى، من لوعك؟”، بهذا التساؤل المرير يغادر الشاعر الغنائي اليمني أحمد الجابري (87 سنة) الحياة بلحن وداعي محزون وكلمات تعبر عن النهاية التراجيدية للمبدع في آخر أيامه التي كثيراً ما سقى أجملها بقصائده التي تشبه “الطير الأخضر” المسافر إلى ما وراء الحدود.

وكان الفقيد صاحب أشهر روائعه “لمن كل هذي القناديل؟” قد نقل في أغسطس (آب) الماضي إلى القاهرة للعلاج على نفقة حكومة البلاد بعد تدهور وضعه الصحي ومناشدات أطلقها اليمنيون عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.

ويضيف: “يعد الجابري أحد أهم أركان الشعر الغنائي على مدى عقود من الزمن في البلاد. وبدأ الشاعر الذي أثرى المكتبة الفنية في اليمن تعليمه الأولي في عدن، ومن هناك خط أول أقدار شعره. وكانت تلك الحقبة تعيش أوج فترتها الذهبية، وهي التي ترافقت بأعمال إبداعية متنوعة، إذ كتب أكثر من 200 قصيدة وعمل إبداعي، منها قصائد تغنى بها عديد من الفنانين اليمنيين والعرب، مثل أيوب طارش ومحمد مرشد ناجي ومحمد سعد عبدالله وأحمد قاسم وعبدالرب إدريس وعبدالباسط عبسي، وآخرون.

وتنوعت أعمال الراحل ما بين الموشح والغنائي والوطني، ولعل أشهرها “على مسيري” و”يا غارة الله” و”لا تخجلي” و”أخضر جهيش” و”والله ما أروح إلا قاهو ليل” و”ناقش الحنا” و”ألا يا طير يا لخضر متى بالقاك الليلة؟ خذني معك” و”يا صبايا” و”يا بوي أنا وما تفتكرنيش” و”غصب عني”، وغيرها”.

ثقافة ووعي..

يقول عنه الكاتب اليمني “محمد عبدالوهاب الشيباني”: “لم أجد في تتبعاتي الاستماعية وقراءاتي المتواضعة شاعراً غنائياً في اليمن كتب بمعظم اللهجات اليمنية بميزة وثقافة ووعي الشاعر أحمد الجابري”. وفي كتابه الذي أصدره أخيراً بعنوان “من هنا مر الغناء دافئاً”، يرى الشيباني أن الجابري “هو الوحيد الذي كسر حلقات ثنائية الشاعر والفنان التي ارتبطت في تاريخ الأغنية اليمنية بالتقاربات الوجدانية والثقافية والجغرافية بين كاتب الأغنية والفنان”.

ويواصل: “مغامرات معظم شعراء الأغنية في اليمن عموماً لم تتجاوز الحواضن الثقافية بخصوصيتها اللهجوية، التي ينتمون إليها إذا يندر أن تجد شاعراً من كتاب الأغنية كتب بخصوصيات لهجوية غير تلك التي تطبع وتربى عليها في بيئته المحلية”، ولكن “وحده الجابري حلق بعيداً في فضاءات الجغرافية اليمنية، وكتب باللهجات العدنية واللحجية والبدوية والحضرمية والصنعانية والتعزية بخصوصيتها الحجرية”.

الميه والرملة..

في حوار معه أجراه “محمد أمين الشرعبي” يقول “أحمد الجابري” عن كتابته للأغنية: “أول أغنية أعطيتها لأحمد قاسم وغناها بعنوان «الميه والرملة»، كنت في القاهرة فقد سافرت عام 1952م ورجعت 1962م. وفي هذه الفترة تعاملت مع أحمد قاسم بأغنية «أخضر جهيش» لكن كانت أول أغنية أعطيتها لأحمد قاسم «الميه والرملة» هذه أغنية عدنية خفيفة واللحن كان رائعاً جداً وهذا الذي جعلني استمر في كتابة الشعر الغنائي هذا كان في عام 57م، في القاهرة كان أحمد قاسم يدرس في المعهد العالي للموسيقى وأنا كنت أدرس في الجامعة عرفته في ذلك الوقت وقال لي: لازم تكتب أغنية يا أخي أنا ما اكتبش باللهجة العدنية أنا أكتب شعراً فصيحاً وتفعيلة هذيك الأيام فكتبت له «الميه والرملة» و”يامركب البندر”.

ويواصل عن أول تعاون مع أيوب: “أنا جئت تعز عام 72م وكان صديقي الشيخ محمد علي عثمان وأعرفه، فاتصل بي ولم يكن لي على مجيئ تعز سوى أسبوع واحد فقال لي: في واحد اسمه أيوب طارش يشتي منك أغنية وأنت معروف أنك تكتب الأغنية من 57م وأيوب يتمنى أن تكتب له لأن عنده ظرفاً معيناً، ولأن الشيخ محمد علي عثمان هو من طلب مني أن أكتب أغنية للفنان أيوب طارش فكتب له “اشكي لمن” فكانت أول أغنية يغنيها لي الفنان أيوب طارش.

وعن استمرار التعاون مع أيوب طارش يضيف: “كتبت له «ياصبايا فوق بير الماء والدنيا غبش» و«عاشق الليل» و«ضاعت الأيام» والأغاني التي غناها أيوب أنا أعتبرها أحسن أغان كتبتها. وأداء عاشق الليل كان جميلاً.

كل واحد له سماته المعنية أنا عندما كنت أكتب أعطي كل فنان اللون الذي يناسبه يعني مقدرش أنا أعطي أحمد قاسم مثلاً «أشكي لمن» لازم أعطيه اللون الذي يتناسب معه. أيوب نقلني نقلة نوعية من أغانٍ كنت أكتبها بالعدنية وللهجات مختلفة إلى الكتابة باللهجة التعزية”.

مسار الشعر..

وعن مسار الشعر لديه يقول: “اثنان ..هما من حددا لي المسار في الشعر عبدالله فاضل فارع وهذا رجل متقن للغة العربية بشكل غير عادي ومثقف وكان يدرس في الجامعة الأمريكية، ولطفي جعفر أمان كان يدرسنا الأدب الانجليزي وهذا شاعر رقيق ومثقف وعنده الجانب الموسيقي في شعره أهم مايميزه، وعنده الثقافة العربية مع الثقافة الانجليزية. وأحمد قاسم هو من أثارني في كتابة الشعر الغنائي وقد غادرت عدن وظلت في ذاكرتي لسنوات وطبعاً أنا من أبناء التواهي، والتواهي هذي عبارة عن ميناء وكتبت أثناء الغربة في القاهرة «مركب البندر» كما اشتغلت في السعودية عشر سنوات في شركات تعمل في مراجعة حسابات”.

تكريم..

أقام منتدى الشاعر باهيصمي في مديرية المنصورة بمحافظة عدن فعالية تكريميه للشاعر “أحمد الجابري” بحضور مجموعة من المثقفين والأدباء وفي مستهل الفعالية تحدث الشاعر محمد سالم باهيصمي مرحباً بضيوف المنتدى ومؤكداً بأن الشاعر “أحمد الجابري” قد عاصر عدد من كبار شعراء اليمن أمثال محمد عبده غانم ولطفي جعفر أمان وإسماعيل شيباني ومحمد سعيد جرادة ومحمد محمود الزبيري وغيرهم من الشعراء وتأسف باهيصمي للمعاناة التي يواجهها الشاعر الجابري.

بعد ذلك تحدث الأستاذ الشاعر “علي مهدي محلتي” عن الشاعر الجابري في البداية قدم نبذه مختصرة عنه قال فيها: هو أحمد غالب محمد المعروف ب أحمد الجابري من مواليد مدينة التواهي في العام 1937م تقريباً، تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة التواهي ثم أكمل الثانوية في الروزميت بمدينة كريتر، ثم سافر إلى الجمهورية العربية المتحدة للحصول على الشهادة الجامعية، من زملائه المصريين كان عاطف عبيد رئيس وزراء جمهورية مصر العربية السابق والذي كان قبله بحوالي سنة دراسية واحدة عاد إلى الوطن في العام 1966م ليلتحق بمهنة التعليم وبعد الاستقلال انتقل إلى المعهد التجاري التابع ل وفي فرعه ذي الاسم الذين كانا بإدارة التربوي الخالد فضل لقمان عميد المعهد.

وعن حياته العملية قال المحلتي: “بدأ الأستاذ أحمد الجابري حياته العملية معلماً في ثانوية خور مكسر في العام 1966م عندما عاد حاملاً الشهادة الجامعية من الجمهورية العربية المتحدة مصر ومعه همه الذي يعتصره في ظل وضع لا وجود فيه لمعنى الاستفادة من تخصص الجدوى الاقتصادية سواء للوضع العام لبلد محدودة فيه الإمكانيات المالية والاستثمارية أو لفترة اشتدت فيها حالة التوتر بسبب الكفاح المسلح والشعارات التي أسهمت في خلق الحذر لأصحاب رؤوس الأموال من خلال عدم الاستقرار الذي لا يضمنون فيه نجاح مشاريع استثماراتهم، إضافة إلى الدمج الذي حدث بين الجبهة القومية ومنظمة التحرير وما أعقبه من انفصال خلال فترة لم تتجاوز العام.

وما إن لاح فجر الاستقلال حتى هبت الصراعات الداخلية تعصف بمناضلي الصف المنتصر في الحرب الأهلية لتفرز مجدداً تيارات تتصادم ليس مع نفسها بل تعدت الخطوط الحمراء لاستحقاقات المواطنة فلا أمل في الأمان على الأرواح والممتلكات فرياح الانتفاضات الفلاحية أعقبها التأميم للشركات والبنوك وعصفت فيما بعد حتى بالمباني والسكن.

هنا وجد الأستاذ الجابري حق التمييز بين الشهادة الجامعية التي ليس لها معنى ولا قيمة عند من يقومون بخلخلة ما يلزم الرجل على بقائه في وطن يجحد حكامه فضائل مربيهم ومعلميهم وخاصة ذلك الذي تغنى بفرحة انتصاره وثورته على الإنجليزي وهو متنقل في زنازين جلاديه من الثوار الآخذين شعره أناشيد تذكي حماس الشعبويموت مربي أجيال عدن بمرض مجهول دون مواساة قبيل أن تمتد أيادي النهب والسلب عقارات وممتلكات والد الجابري المحروم حتى من مواساة والده الفاقد الثلاثة معاً، المربي والشهادة الجامعية ومال والده، فيترك الوطن المكلوم مكلوماً دونما حفلة وداع ليستقر في الوطن المشطور سياسياً. ولربما كان للتشطير فضل كي يبقى الجابري ولو بعيداً عن مراتع الصبا وجميل الذكريات العدنية، فلا أندية عدن ولا كرة حارات التواهي ولا بقايا سوى ألم فقدانه لصاحب المزهر الحزين وابتعاده عن مثوى آماله ومربيه معاً”.

وفاته..

توفي “أحمد الجابري” في القاهرة بعد معاناة مع المرض، في يوم السبت الموافق 6 يناير 2024.

 

 

 

 

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة