6 أبريل، 2024 10:44 م
Search
Close this search box.

آمنة اللوه.. كانت لديها الرغبة في إعادة بناء تاريخ للنساء

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“آمنة اللوه” كاتبة وصحفية مغربية من مواليد مدينة الحسيمة. يعد نص الملكة خناثة قرينة المولى إسماعيل لآمنة اللوه حسب الباحثين كأوّل ظهور للرواية النسائية المكتوبة بالعربية في المغرب العربي.

حياتها..

هي “آمنة بنت عبد الكريم اللوه”، أديبة مغربية ولدت سنة 1926 بالحسيمة, كانت نشأتها في مدينة تطوان حيث تلقت بها تعليمها الابتدائي والثانوي بعد ذلك التحقت بكلية الأدب بجامعة مدريد فنالت بها إجازتها سنة ،1957 وبذلك تكون أول فتاة مغربية تمنح لها مثل هذه الشهادة من تلك الجامعة، وبذات الجامعة حصلت في ما بعد على دكتوراه الدولة في الآداب فنالتها بامتياز فائق سنة 1978.

من أعمالها..

  • الملكة خناثة قرينة المولى إسماعيل، نالت بها سنة 1954 جائزة المغرب للآداب.
  • كتاب عن الطفولة المغربية.
  • كتاب عن تاريخ التعليم العربي بأقاليم المغرب الشمالية.
  • كتاب عن سيرة أخوالها الخطابيين الورياغليين.

الجوائز..

  • جائزة المغرب للآداب سنة 1954.
  • حصلت قبل استقلال البلاد على الوسام المهدوي من حكومة الشمال.
  • حصلت بعد استقلال البلاد على وسام العرش من درجة فارس سنة 1988.

رائدة الأدب والصحافة..

في مقالة بعنوان (آمنة عبد الكريم اللوه، رائدة الأدب والصحافة بشمال المغرب) كتبت “فضيلة الوزاني التهامي”: “ونحن نمنح الريادة للأديبة الراحلة الدكتورة آمنة بنت عبد الكريم اللوه، لا نشك أن هذه السيدة تستحق هذه الصفة بالفعل، مطمئنين تماما عدم ركوبنا موجة منح صفات بطولية لغير أهلها. بعد صمت طويل، تردد اسم السيدة آمنة اللوه على الألسن، كان ذلك يوم السبت الثامن عشر من شهر يوليوز السنة الخامسة عشر بعد الألفين، بحاضرة تطوان خاصة، وقد نعت العائلات التطوانية خبر وفاتها بين أزقة المدينة القديمة والجديدة معا، وأعاد الخبر هذا الاسم إلى الأذهان، اسم لطالما تردد بين ردهات المدارس، وصالونات الأدب وأروقة الصحافة، وفي هذا اليوم وجنازة الراحلة تخرج من قوس باب العقلة تذكر أهل تطوان المرأة بكثير من الشجن والفخر معا.

اسم آمنة اللوه، كان بإمكانه ألا يبرز للعلن في الأصل، إذا ما نظرنا إلى تاريخ ولادة صاحبته ومكان ولادتها، ففي بدية القرن الماضي، وبالضبط بالسادس والعشرين تسع مئة وألف الموافق لخمس وعشرين ثلاث مئة وألف هجرية (1926ـ 1325 ) وشمال المغرب يئن تحت نير الاستعمار الاسباني، غير بعيد عن الحسيمة وفي قرية تيغانيمن بقبيلة بقيوة، الغارقة في التقاليد والمكبلة بالأعراف الريفية، رأت آمنة نور الحياة، ببيت والدها عبد الكريم اللوه، ولحسن حظها أن والدها وذويه كان لهم حظ من العلم غير قليل، ومشاركة في الفكر والأدب والصحافة بمدينة الحسيمة؛ فوالدها هو أحد رفاق الأمير المناضل محمد بن عبد الكريم الخطابي، اشتغل بالسلك الدبلوماسي، حيث كان مبعوثا للأمير الخطابي إلى انجلترا، وطنجة الدولية ممثلا للثورة الريفية، أما عمها العربي اللوه فهو أحد علماء الريف ذوي الشهرة هناك. وأمها السيدة رقية أحمد الخطابي هي إحدى بنات عم الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي، والتي وافتها المنية في سن متأخرة يوم الخامس من يناير ست وثمانين تسع مئة وألف (1986)”.

وتضيف: “حصلت على الشهادة الابتدائية في ثلاث سنوات، وكانت الأولى بين تلميذات دفعتها، وقد منحها هذا التفوق الحافز للالتحاق بالقسم الثانوي التكميلي، ثم ولجت بعدها مدرسة المعلمين والمعلمات، لتكون الأولى في دفعتها أيضا. وبحصولها على شهادة التخرج ستعين معلمة بمدرسة البنات الابتدائية رقم أي نفس المدرسة التي دست بها، ثم بعد سنوات من التدريس رقيت إلى منصب مديرة لنفس المدرسة.

سرعان ما انتقلت آمنة للتدريس بالقسم الثانوي، بثانوية خديجة أم المؤمنين للبنات بمدينة تطوان دائما، ثم أستاذة بمدرسة المعلمين والمعلمات ثم مديرة لها، ثم مفتشة للتعليم الثانوي بالرباط حيث انتقلت إليها للسكن في 1959.

أثناء ممارستها لمهامها العملية لم تتوقف آمنة اللوه عن التحصيل، فالتحقت بجامعة مدريد بإسبانيا وحصلت بها على الإجازة بجامعة مدريد المركزية، قسم الفلسفة والآداب، في 1957. ثم حصلت على الماستير بنفس القسم ببحث بعنوان (الطفولة المغربية)، 1965.

ثم سجلت بسلك الدكتواره في الآداب؛ قسم علوم التربية والفلسفة والآداب، وحصلت على هذه الشهادة بامتياز بأطروحة في موضوع (المدرسة العربية في شمال المغرب خلال النصف الأول من القرن العشرين) 1987.

أيضا شاركت بقسم الأداب بالجامعة الأمريكية ببيروت، فرع التربية الفنية لتحصل على شهادة بها. لم تتوقف آمنة اللوه عند مهمة التفتيش بل عملت باحثة بمعهد التعريب بالرباط، وباحثة بالمعهد الجامعي للبحث العلمي بالرباط أيضا، ثم سرعان ما سجلت حضورها بأكاديمية المملكة المغربية، بصفة خبيرة، وشاركت في عدة مؤتمرات وطنية ودولية بهذه الصفة”.

الصحافة..

وعن عملها بالصحافة تواصل: “الاشتغال بالصحافة جعل آمنة في قلب الحركة الوطنية من أجل الاستقلال والتي كانت تتخذ من الإعلام المكتوب والمسموع وسيلة لبث أفكار المقاومة من أجل الاستقلال، وكان هذا سبيلها الأول للنضال من أجل نشر العلم والوعي بين صفوف المغاربة.

كان لآمنة اللوه حظ سابق في المشاركة بالعمل الصحفي المسموع، من خلال برنامج إذاعي يبث عبر أمواج إذاعة درسة الجهوية بتطوان، حيث ألف الناس كل خميس الاستماع إلى صوت فتاة في مقتبل العمر، عبر الأثير بعنوان “حديث الخميس” أو ” فتاة تطوان تخاطبكم” تنوعت مواضيعها بين المجال الاجتماعي خاصة في الحث على تعليم الفتيات، وتوعية المرأة وتهذيبها، وكذا المجال الوطني، حيث عملت على التعبئة الوطنية للنضال ضد الاحتلال، كان ذلك 1946، بينما بدأت النشر في الإعلام المكتوب انطلاقا من السنة الموالية. وقد اختارت مقال: (نحن والتعليم) فاتحة خير لسلسة مقالات توالت بعدها بشكل مضطرد بمجلة (الأنيس) بتوقيع (فتاة الريف) والتي كانت تصدر من تطوان.

وسرعان ما سيبرز اسمها في مجلات وجرائد موازية مثل (المعتمد) و(الانوار) و(جريدة الريف) بتطوان، ثم مجلة (دعوة الحق) ومجلة (البحث العلمي) و(الثقافة المغربية) وجريدة (الصحراء المغربية) وكلها بالرباط، وجريدة(المحجة) بفاس وغيرها مما لا يحصى”.

قضايا المرأة..

ساهمت “آمنة اللوه” في نشر التعليم بين صفوف الفتيات بشمال المغرب، من خلال التدريس والإدارة والتفتيش، كما شكلت أحاديثها الإذاعية الأسبوعية ومقالاتها إلهاما حقيقيا للأسرة من أجل الإقبال على تدريس بناتها وأبنائها، كما تبنت قضية الدفاع عن المرأة وكانت عضوا في الوفد النسوي برئاسة الأميرة لالة عائشة كريمة الملك محمد الخامس في مؤتمر الاتحاد النسائي العربي المنعقد بدمشق 1959، وكان أول مؤتمر نسائي عالمي تشارك فيه المرأة المغربية خارج الوطن.

الملكة خناتة..

قال مزوار الإدريسي، في مجلة العربي الجديد 2017: “”الملكة خناتة قرينة المولى إسماعيل” رواية تاريخية تقرأ التاريخ المغربي من موقع نسوي وتعيد بناءه تخيليا في عمل إبداعي أدبي، لتعطي لوقائع التاريخ دلالة جديدة غير التي صاغتها التقاليد ذات النزوع الذكوري، والتي تعطي البطولة للرجل وتمتهن المرأة بمنحها أدوارا ثانوية ودونية . وقد حلل هذا النص الروائي بصفته أول نص نسائي البشير القمري بمجلة المناهل عدد 44 من سنة 1994، قائلا: “يكتسي هذا النص التأسيسي قيمته الوظيفية الاجتماعية والثقافية أولا لأن كاتبته تنتمي إلى جيل الأربعينات، وتنتسب إلى حقل الثقافة الوطنية المتعدد الأطراف”  وقد حازت عنها جائزة المغرب في الآداب.

لكنّ رواية “الملكة خناثة” بطولةٌ لغويةٌ أيضا، لأن الروائية أظهرت قدرةً على الصوغ الأسلوبي في مستوى “كتابة الرجال”، إنْ لم تكن تتفوَّق عليهم، حتى لكأنّها تُصرِّف خطابا مفادُه أنَّ النساء والرجال لديهم بالتلازم القيمة نفسها على مستوى الكتابة.

تحكي الرواية قصة خناثة بنت بَكّار المغافري (توفيت 1754م)، ابنةِ زعيم قبيلة صحراوية مغربية، كانت غاية في الجمال والعلم والأدب، والتي تقدَّم السلطانُ العلوي المولى إسماعيل (حكم 1672–1727) لاتخاذها زوْجة. قبلتْ خناثة الزواج من السلطان، والقدوم الى مدينة مكناس العاصمة آنذاك، بعد تردُّد واشتراطات، ونجحت في أن تصير مستشارة للسلطان، وأن تُحبط دسائسَ ومؤامراتٍ. بعد وفاة السلطان ونجاحها في تمكين ابنها عبد الله من ولاية العهد وخلافة أبيه، لاذتْ بخلوةٍ صوفية مبتعدة عن حياة البلاط.

لم يكن غريباً أنْ تهتم أمينة اللُّوه بالمرأة، وأن تُقلِّدَها دور البطولة في روايتها، وأن تُبْدِي وعيا نسوياً متقدِّما، فالروائية انتبهت مُبكِّرا إلى حالِها الخاصة، لا محالة، وما أدركتْ من مكانة ضمن مجتمعها الأدبيّ الذي كانت تنشط فيه تأليفا وترجمةً، وأفادتْ من احتكاكها بالنساء المُبدعات والباحثات في الوسط الأدبي والعلمي لمجتمع تطوان على عهد “الحماية” وللمجتمع الإسباني الذي تابعتْ فيه دراساتها العليا. كل هذا جعل من الطبيعي أن تصوغ خطابا نسويّا دالاً، يَنِمُّ عن رغبة في إعادة بناء تاريخ للنساء، صرَّفتْهُ إبداعيا عبر “الملكة خناثة”؛ بطلةِ الرواية التي طالبت عَلَنا بالتغيير الاجتماعي أي بالعدل مع النساء، وبقدرتهنّ على الاندماج في الحياة الاجتماعية والسياسية وإغنائها وتحويلها.

عاشت “آمنة” بعيدة عن الأضواء في صمت اختياري، وفي رغبة من فرقة البحث في الأدب النسائي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، وجهت الأستاذة سعاد الناصر دعوة إلى “آمنة اللوه” لتكريمها، فكان رفضها للتكريم زهدا وقالت: “ما أنا إلى تراب، لا أريد تكريما في هذه الحياة إلا من الله عز وجل”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب