25 ديسمبر، 2024 7:34 ص

مع (كتابات) .. الروائية المصرية صفاء عبد المنعم : نادراً ما تحصل مبدعة على جائزة !

مع (كتابات) .. الروائية المصرية صفاء عبد المنعم : نادراً ما تحصل مبدعة على جائزة !

حاورتها – سماح عادل :

الكاتبات في مصر، في ظل الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الحالي ربما لا يجدن الإنصاف والدعم.. مثل الكُتاب لكن قد يكون تأزم الوضع مضاعف بالنسبة لهن.. حصلت مؤخراً الكاتبة المصرية “صفاء عبد المنعم” على جائزة اتحاد الكتاب عن روايتها “امرأة الريح”.. وتحاورت معها (كتابات) في محاولة للتعرف على حال الكاتبات في مصر..

(كتابات): هل تشعرين أنك ككاتبة تم أنصافك خصوصاً عندما حصلت روايتك الأخيرة (امرأة الريح) على جائزة إتحاد الكتاب مؤخراً ؟

  • لقد سعدت بهذه الجائزة كثيراً جداً.. خصوصاً أنها جاءت بعد أن تقدمت أكثر من مرة لجوائز عديدة مثل (جائزة الدولة التشجيعية، ساويرس، نجيب محفوظ وغيرها).. ولكن لأول مرة أتقدم لجائزة “يوسف أبو رية”, وهى إحدى الجوائز التابعة لاتحاد الكتاب.. ولكن فكرة الإنصاف مازالت غائبة إلى الآن، ويمكن أن يكون هناك مبررات أخرى غير جودة الإبداع مثل (العلاقات، الذائقة للمحكمين وغيرها).. ولكن الحمد لله على كل حال.

    صفاء عبد المنعم

(كتابات): عندما كتبتِ رواية “من حلاوة الروح” بالعامية هل كان ذلك تعبيراً عن موقف ؟

  • رواية “من حلاوة الروح” كتبت باللغة العامية التي تفهمها وتتحدث بها شخصيات العمل.. لأن ثقافتهم نابعة من ثقافة العامة، فهم مجموعة من الهامشيين يعيشون في بيت كبير عبارة عن حجرات متراصة إلى جوار بعضها، وكان يعيش في هذا البيت العديد من الأسر الفقيرة والنازحة من القرى والنجوع سعياً وراء الرزق، فكان لابد أن تكتب الرواية باللغة التي يتحدثون بها.. وكنت دائماً أحلم بأن أكتب رواية مثل مصطفى مشرفة “قنطرة الذي كفر” وكنت من أشد المعجبين بها.. وعندي المادة الخام لصناعة عمل مماثل.

(كتابات): ما حكاية شغفك بالفلسفة وظهورها في نصوصك خاصة في رواية (امرأة الريح) ؟

  • كان حلمي أن أدرس الفلسفة في كلية الآداب.. ولكن للأسف درست في كلية التربية جامعة عين شمس.. ولكن هذا لم يثنينِ عن عشقي للفلسفة، وواظبت على القراءة المنظمة فيها منذ زمن بعيد، وكنت أحضر جلسات الفلسفة مع بعض الأصدقاء، وأنا شغوفة أيضاً بقراءة التاريخ، لأن من وجهة نظري المبدع الذي يكون له منهجاً فلسفياً ويبدع شعر أو قصة، يكون مختلفاً وعميقاً وله نظرة أكثر بعداً وعمقاً لقراءة الواقع.. مثلاً هناك بعداً فلسفياً واضحاً عند الكاتب العالمي “نجيب محفوظ” وخصوصاً في رواية “قلب الليل” وغيرها.

(كتابات): هل الكاتبات في مصر يجدن صعوبات في طريق إبداعهن ؟

  • ربما في بداية الطريق.. يكون هناك بعض الصعاب وخصوصاً فيما يتعلق بالنشر في المؤسسات الحكومية، ولكن مع انتشار دور النشر الخاصة، أصبحت المسألة أكثر سهولة.. وكذلك في الجوائز أيضاً نادراً ما تحصل مبدعة على جائزة بسهولة إلا القليلات، والاحتفاء بالكتاب عموماً أصبح نادر في جميع الحقول.

(كتابات): ما رأيك في حال النقد العربي عموماً والمصري خصوصاً، وهل يستطيع متابعة الإبداع المتجدد للكتاب ؟

  • من وجهة نظري الآن لا يوجد نقد حقيقي ينظر ويواكب كم النشر والمستحدثات والمستجدات مثلما كان يحدث في الماضي.. ولا توجد نظرية جديدة تخرج باحثة عن أدب مختلف ومغاير، بالعكس من وجهة نظري الإبداع الآن أصبح سباقاً وغزيراً ومتنوعاً ومختلفاً، ولا يستطيع أي ناقد مهما اجتهد أن يلم بكل ما هو جديد حتى ولو كان للمبدع واحد، إلا إذا أصر المبدع، وهذه حالات فردية من قبل المبدع، على عمل حفلات توقيع وندوات لأعماله.. وبهذه الطريقة يصبح المبدع هو المنوط به (الكتابة، والنشر على نفقته، وعمل حفلات توقيع ..الخ).. وهناك بعض الكتاب يقومون بعمل النقد.

(كتابات): ما رأيك فيما يعرف بالنقد النسوي.. واعتبار أن الكتابة النسائية نوع مغاير لها خصائصها المتميزة ؟

  • في مصر لا يوجد ما يعرف بالنقد النسوي بالمفهوم الغربي.. أو بالشكل المتعارف عليه وتطوره.. ولكن هناك بعض الاجتهادات من بعض الكاتبات المهتمات لمحاولة قراءة النصوص الأدبية، ولا توجد مدرسة محددة أو منهجاً مثلما حدث في الغرب وخاصة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.

(كتابات): ما هي التأثيرات التي شكلت وعيك ككاتبة ؟

  • البيئة الشعبية التي تربيت فيها.. كان لها تأثيراً كبيراً من حيث ثراء وغنى الشخصيات المحيطة بي، وهذا ظهر في رواية (من حلاوة الروح)، فأنا مغرمة بالشخصيات التي أراها ولها تأثير واضح أو ملمح مختلف عمن حولها وحدث أيضاً في رواية (التي رأت).. والحروب التي حدثت (حرب 67، وحرب الاستنزاف، وحرب 73) في طفولتي شكل وعياً مختلفاً.. وعى بالهزيمة ووعى بالانتصار، وضرب مصنع أبى زعبل ومدرسة بحر البقر والرعب الذي حدث في طفولتنا له أثر كبير، وشخصية الزعيم “جمال عبد الناصر” وحب الشعب له وتأثيره في الروح الوطنية، كل هذا شكل عندي وعياً مختلفاً خصوصاً في البداية في فترة الستينيات وهى فترة خصبة وثرية في تاريخ مصر بما حققته من إنجازات وهزيمة، وضرب المشروع الناصري بعد ذلك.. ثم الحكايات الشعبية التي كانت تحكيها لنا جدتي قبل النوم (حدوتة قبل النوم) شكلت عندي معنى البطل الفرد وحب الحكايات والمغامرات وصناعة البطل (الشاطر حسن).. كل هذا جعل لدى مخزوناً كبير من الخيال والحلم والرؤية.

(كتابات): ما رأيك في الجوائز العربية في الوقت الحالي ؟

  • فكرة الجوائز في حد ذاتها فكرة جيدة.. وتعدد الجوائز يعطى فرصة كبيرة للمبدع بالحلم ومناخ طيب، وأتمنى أن يكون عندنا جائزة كبرى مثل (جائزة نوبل) يجتمع ويشترك فيها عديد من الدول المحبة والمشجعة للثقافة والإبداع.. ولكن الجوائز أحياناً تكون لعبة توازنات وليست لجودة الأعمال، خصوصاً لو كان المبدع المتقدم يعرف أعضاء لجنة التحكيم أو تربطه بهم علاقات أخرى.

(كتابات): هل تحاولين أن تكوني مصدر تأثير وملهمة للأطفال الذين تحرصين على عمل جلسات حكي لهم ؟

  • نعم أحرص على تفتيح ذهنية الطفل من خلال الحكي ومن خلال طرح الأسئلة في نهاية الحكاية.. وأحياناً اترك للأطفال حرية أن يضعوا النهاية المناسبة للحكاية من وجهة نظرهم، فتكون المفاجأة مدهشة، يضعون نهايات جديدة ومختلفة عن الأصل.. أحياناً تكون مفاجأة وفي اتجاه مختلف وهذا ينمي لديهم الخيال والوعي وتكوين الصور الذهنية الجديدة للحكايات القديمة.

(كتابات): هل حال الكاتب العربي يختلف كثيراً عن الكاتب الغربي.. وهل يمكن اعتبار الكتابة مهنة في عالمنا العربي ؟

  • نعم الحال مختلف اختلاف جذري.. الكاتب العربي لابد أن يعمل عملاً غير الإبداع حتى يستطيع العيش، لأن الإبداع لا يدر دخلاً، بل بالعكس الكاتب يصرف على الكتاب من نشر وحفل توقيع وشراء نسخ للأصدقاء.. الكتابة ليست مهنة ولا يستطيع أي كاتب أن يحمل هوية (شاعر أو قاص أو روائي ..الخ) على العكس تماماً في الغرب هناك (الوكيل) الذي يقوم بكل شئ (طباعة وبيع وحفلات توقيع ونقد وأفلام ومسلسلات ومسرح) يشترى العمل ويسوقه ويدر دخلاً للكاتب.. ويمكن أن يتفرغ للإبداع من دخل كتاب أو كتابين، ويصبح لديه الكثير من الأموال.

(كتابات): حدثينا عن مشروعك القادم تجميع أغاني الأفراح الشعبية لدى النساء ؟

  • لدى مشاريع كثيرة خاصة فيما يتعلق بجمع التراث الشعبي وقد صدر لي كتاب (أغاني وألعاب شعبية للأطفال) وهناك كتاب (داية وماشطة) قيد النشر، وهو تجميع لعمل (الدايات من بعض الأقاليم في مصر).. وكنت قد قمت بتجميع أغاني الأفراح ولكن المخطوطة ضاعت، وأقوم بإعادة الجمع ثانية من محافظات الوجه البحري.. وكذلك كتاب (صورة المرأة في المثل الشعبي) قراءة في الأمثال الشعبية.

(كتابات): في رأيك من هن أبرز الكاتبات المصريات في العصر الحديث.. وهل تم إهمال إبداعهن لصالح الكتاب الذكور ؟

  • الكاتبات المصريات في البداية كن قلة.. لأسباب الواقع المجتمعي والتعليمي، ولكن مع ظهور الجامعة المصرية أصبح هناك إرهاصات قليلة وأنا من عشاق (سهير القلماوي، ولطيفة الزيات، ورضوى عاشور وغيرهن).. وكان هناك مشروع مهم كان يصدر عن الهيئة العامة للكتاب ضمن مشروع مكتبة الأسرة (الأدب النسوي).. حيث تعرفنا من خلاله على بعض الكاتبات المجهولات بالنسبة لنا، نعم يتم تهميش وإهمال الكثير من الكاتبات وربما يسقطن من ذاكرة الكتابة بعد رحيلهن.. فأتمنى عودة هذا المشروع ثانية حتى ولو بشكل جديد ويتم فيه طباعة الأدب النسوي منذ عصر مصر القديمة وحتى الآن ويكون هذا مشروع دولة أو مؤسسة.

 

  • جدير بالذكر أن الكاتبة “صفاء عبد المنعم” مواليد القاهرة 1960، تعمل مدير مدرسة بالقاهرة، وصدر لها: “من حلاوة الروح، ريح السًموم، في الليل لما خلى، التي رأت، قال لها يا أنانا، ميريت أصفر، مثل ساحرة، بيت فنانة، حافة الروح، ستي تفاحة، نفخ القرب، حكايات جدتي، تلك القاهرة، بنات في بنات، أنثى الخيال، بشكل أو بآخر، الليالي، الألعاب الخطرة”.

وللأطفال كتبت: “سفينة الحلوى، حكايات من حلايب، حكايات بسملة، العمة توتة، ضيعة القطط البيضاء، حمزة صائد الوحوش، القطة كوكا”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة