7 أبريل، 2024 4:53 م
Search
Close this search box.

محمود المسعدي.. ركز أدبه على الإرادة البشرية وتفجيرها الطاقات الكامنة في الإنسان

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“محمود المسعدي” كاتب وسياسي تونسي. له عدة كتب هامة منها مسرحية “السد”، ورواية “حدث أبو هريرة قال” الذي اختير كتاسع أفضل 100 رواية عربية ضمن قائمة اتحاد الكتاب العرب.

حياته..

ولد في مدينة تازركة بولاية نابل بتونس، تعلم في كتّاب القرية وحفظ القرآن الكريم قبل مرحلة التعليم الابتدائي، درس الثانوية في المعهد الصادقي في 1933ثم التحق بكلية الآداب بجامعة السوربون ليدرس اللغة العربية وآدابها. وتخرج في 1936، وكانت رسالته الأولى بعنوان “مدرسة أبي نواس الشعرية”، ورسالته الثانية حول “الإيقاع في السجع العربي”، لكن قيام الحرب العالمية الثانية  حال دون إتمامهما. ونشرت الرسالة الثانية، فيما بعد باللغة العربية والفرنسية. وقام بعد ذلك بالتدريس الجامعي في كل من تونس وفرنسا.

عمل “محمود المسعدي” في السياسة، فقد تولى شؤون التعليم في حركة الاستقلال الوطني التي التحق بها مناضلا ضد الاستعمار الفرنسي، كما لعب دورا قياديا في العمل النقابي للمعلمين. وبعد الاستقلال في 1956، تولى وزارة التربية القومية، وأسس الجامعة التونسية. وكان قبلها قد تمكن من إقرار مجانية التعليم لكل طفل تونسي. وفي 1976، تولى “المسعدي” وزارة الشؤون الثقافية. ثم أصبح رئيس مجلس النواب وكان له نشاط ملحوظ في منظمتي اليونسكو والأليكسو ومجمع اللغة العربية في الأردن. وكان مشرفا على مجلة “المباحث” في 1944، ثم على مجلة “الحياة الثقافية” في1975.

الكتابة..

كتب “محمود المسعدي “كتبه الهامة في الفترة بين 1939 و1947. وكان التأثير القرآني على تكوينه الفكري والعقائدي وعلى أسلوبه واضحا فيها. كما تكشف أعماله استيعابه لأعمال المفكرين المسلمين في مختلف العصور، واحتفائه بالأدب العربي القديم التي بدأ اهتمامه بها منذ مرحلة دراسته الثانوية، واطلاعه الواسع العميق على الآداب الفرنسية خاصة والغربية عامة.

وتكريما له أصدرت وزارة الثقافة التونسية في إطار سلسلة «أمهات الكتب» الأعمال الكاملة له، وهي أعمال تم جمعها في أربعة مجلدات ضخمة وردت في شكل بسيط وأنيق في نفس الوقت، مع العلم أن مؤلفات المسعدي قد بلغت الألفي صفحة، وقد كتب عنه ما يفوق الثلاثين من الكتب. تضمن المجلد الأول تقديما بقلم “محمود طرشونة” يحمل عنوان «ظاهرة المسعدي»  يقول فيه: “إن المسعدي قد ركز أدبه على بعض قضايا الإنسان كالحياة والموت والإرادة والحرية والمسؤولية والخلق والحس والإيمان والزمان وغيرها من المشاكل التي تحير وجود الإنسان. إن مؤلفات المسعدي تمحورت بالخصوص حول الإرادة البشرية وتفجيرها الطاقات الكامنة في الإنسان، ذلك أن الإرادة هي التي تحرك الأبطال في أدب المسعدي وتدفعهم إلى الخلق والتجاوز والتحدي”.

ويضيف: ” ولأنه من الطبيعي أن يصطدم أبطال المسعدي بالعراقيل والصعوبات فهم ينتحرون ويفشلون، إلا أن ذلك الفشل الذي توقف عنده عديد من النقاد، فحكموا عليه بأنه أدب انهزامي ومتشائم وهو أدب العزيمة والفعل والنضال المتجدد”.

وقد شمل المجلد الأول أعمال «السد» و«حدث أبو هريرة قال» و«مولد النسيان» و«المسافر» و«السندباد والطمارة» ومن «ايام عمران» وتأملات المسعدي في عديد القضايا. وفي المجلد الثاني مقالات ومحاضرات كتبت حول الأدب والفلسفة والثقافة إضافة إلى افتتاحياته في مجلة المباحث الشهيرة، وأهم ما في المجلد الثاني هي دراسته حول الإيقاع في السجع العربي، حيث تناول فيها الإيقاع التعددي والقافية والبنية الداخلية لفقرات السجع وطرق البناء النحوي. وهي دراسة وردت في كتاب مستقل تمت ترجمته إلى اللغة الفرنسية. ولأول مرة ينشر محمود المسعدي قصة بحثه حول الإيقاع في السجع العربي، حيث نجد في المجلد الثاني سردا مطولا لقصة ذلك البحث».

أهم مؤلفاته:

  • حدث أبو هريرة قال (1939، وطبع العمل كاملا عام 1973)، الترجمة الألمانية صدرت في 11 / 2009.
  • السد (1940، وطبع العمل كاملا عام 1955)، الترجمة الألمانية نشرت في أكتوبر 2007.
  • مولد النسيان التي نشرت للمرة الأولى عام 1945، وترجمت إلى الفرنسية (1993) والهولندية (1995). الترجمة الألمانية صدرت في مارس 2008.
  • تأصيلا لكيان الذي جمع فيه شتات كتاباته الأدبية والفكرية طوال حياته.
  • من أيام عمران نشرت بالألمانية مع “المسافر” و “السندباد والطّهارة” في أكتوبر 2012.

كتاب السد..

علق “محمود المسعدي” على نقد “طه حسين” لكتاب «السد» يقول:”وعلى أن الدكتور طه حسين قد أصاب الجوهر من «السد» فهو لا يتحرج أن يكتب: «ولست أدري أفهمت القصة أم لم أفهمها» فيلقي بذلك على أهل الزهو ـ وما أكثر ما يكونون من أهل الأدب ـ درسا قيما في هذا الضرب من التواضع الذي لا يكون إلا من قبل الفضل الذي لا يطمع فيه.

وبعد فهل معنى هذا كله أني مرتاح كل الارتياح إلى كل ما كتبه الدكتور طه حسين عن «السد»؟

الحقيقة لا. والحقيقة أني وإن كنت أقر الكاتب على فهمه للقصة كما فهمها لأنه من حقه المطلق أن يلقاها بحسب شعوره وفكره ومن حقه المطلق أن تظهر له بحسب ما هي بالفعل في وجودها «الموضوعي» فإني لا أرى مندوحة عن الوقوف معه على بعض نقاط من كلامه، لأعلق عليها بما أملته من خواطر أو ملاحظات.

وأول نقطة استرعت نظري هي تلك المتعلقة بتأثري بالأدب الفرنسي وخاصة بأدب ألبير كامو. صحيح أني تأثرت في تكوني الأدبي بالثقافة الفرنسية تأثرا لا يقل عن تأثري بالثقافة العربية الإسلامية، صحيح أيضا أني أعرف أدب كامو ولكني لا أظن أني قرأت لأديب فرنسي أقل مما قرأت لكامو لا لأني لا أقدر هذا الكاتب بل لسبب لا أدريه ولعله «حجاب المعاصرة». فإن مؤلفات كامو الأولى يرجع عهدها تقريبا إلى الزمن الذي ألفت فيه «السد» أو قبله بقليل. ولعل العيون التي وردتها من الأدب الفرنسي قبل تأليف قصتي فيما بين 1933 و1939 خاصة هي نفس العيون التي استقى منها كامو والذي تأثرت به نفس ما تأثر به من نوعية وجهود ظهرت في الأدب الفرنسي وبدأت تلونه بلونها الخاص في ذلك العهد.

والذي أذكر ممن انكببت على مطالعتهم في عهد التكون الأدبي هم أمثال بودلير وبول فاليري واندري جيد وسانت اكسوبري وجان بول سارتر وجان جيردو ومن في طبقتهم من الكتاب الفرنسيين. ذلك إلى جانب كتاب أوروبيين آخرين أمثال شكسبير الأنجليزي ودستوسفيكي الروسي وإنسان النرويجي ودي أونامونو الأسباني، إلى جانب كل ما غذى ثقافتي من أفذاذ الأدب العربي الإسلامي مثل أبي العلاء المعري وأبي حيان التوحيدي وأبي حامد الغزالي وعمر الخيام. فالذي لا شك فيه إذن هو أن المؤثرات الأدبية التي كان لها أثر في تكوني تنسب حقا إلى هذه الوجودية التي أشار إليها الدكتور طه حسين، لكن لا في معناها الفلسفي الضيق بل في أوسع معانيها الإنسانية. وأحب أن أتوقف لحظة عند هذه اللفظة وما يثير مفهومها من مسائل إن الذين يتتبعون تطور الآداب العالمية يعلمون أن أخص ما امتاز به الأدب والتفكير الفلسفي في عصرها الحاضر ميزتان هما «الالتزام» من ناحية و«الوجودية» من ناحية ثانية”.

ويضيف: “إن قصة «السد» وجودية وأن الدكتور طه حسين قد أصاب كل الإصابة في نسبتها إلى الأدب الوجودي، ولكن أريد أن أميط اللثام عن ناحية من شخصية غيلان يبدوا لي أنها لم تظهر ظهورا كافيا للقراء. ذلك أنه قد يتبادر كما تبادر إلى الدكتور طه حسين أن يشبه فشل جهود غيلان المتجددة وإخفاق محاولاته المتكررة بفشل جهود «سيزيف» يدفع صخرته من الحضيض إلى قمة الجبل ثم تنحط إلى الحضيض من جديد فيضطر إلى أن يعود فيدفعها إلى قمة الجبل مرة أخرى وآلاف المرات الأخرى إلى ما لا نهاية له من الأبد، ولكن الذي يميز شأن سيزيف عن شأن غيلان تميزا بينا هو أن الأول رمز إلى بطلان الوجود أو (عبثيته) وخلوه من كل غاية معروفة يمكن الوصول إليها وكل حكمة قريبة يمكن استكشافها كما يقول الدكتور طه حسين أما غيلان فلا أراني رمزت به جهود سيزيف عبث محض وقساوة من الأقدار خالصة وأن جهاد غيلان مليء خصب بالمعاني والغابات وإن كتب له الإخفاق آخر الأمر”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب