29 ديسمبر، 2024 8:14 م

كمال سليم.. وضع فيلمه بين أهم 100 فيلم عالمي

كمال سليم.. وضع فيلمه بين أهم 100 فيلم عالمي

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“كمال سليم”  مخرج سينمائي معروف باتجاهه إلى الواقعية ومشهور بفيلمه العزيمة.

حياته..

ولد في حي الظاهر، في 19 نوفمبر 1913، وكان والده يملك متجرًا لبيع الحرير، فلما توفي أصبح كمال هو المسئول عن العائلة باعتباره الأخ الأكبر، ولكن بدلا من أن يتولى إدارة المتجر سافر إلى فرنسا لدراسة السينما. امتدت دراسته بعد ذلك إلى الفلسفة، والأدب، والاقتصاد، والتصوير السينمائي، وأيضًا الموسيقى، وعزف البيانو، وتلقى كذلك دروسًا في الرسم، إلى أن بدأت مسيرته الفنية.

وبعد أيام من وصوله إلى فرنسا قام مجهولون باغتيال الرئيس الفرنسي، فتم ترحيله إلى مصر وبعد عودته قرر دراسة السينما بشكل مستقل، كما قام بتمثيل دور الرجل المحبط في فيلم «ابتسامة الشيطان»، ثم نجح في الحصول على فرصة لإخراج فيلم «وراء الستار» بتمويل من صاحب شركة أوديون للأسطوانات.

ورغم أن الفيلم من بطولة 2 من عمالقة الغناء آنذاك، وهما “رجاء عبده” و”عبد الغنى السيد”، فإن الفيلم فشل، ولم تشتهر منه سوى أغانيه، ورغم هذا الفشل استدعته شركة “أستوديو مصر” للعمل بها كاتبا للسيناريو بعد كتابته فيلم “الدكتور” إنتاج شركة أستوديو مصر وأقنع المسئولين في الشركة بإخراج فيلم آخر من تأليفه ووافق الأستوديو على إنتاج الفيلم الذي يحمل اسم “في الحارة”، والذي تغير اسمه إلى “العزيمة”، فحقق نجاحًا كبيرًا.

وقام “كمال سليم” بإخراج أفلام أخرى لكنها لم تكن في مستوى فيلم “العزيمة”، إلى أن توفي فجأة في 2 إبريل 1945 عن 32 عامًا، عندما كان يعمل في إخراج فيلم “ليلى بنت الفقراء”.

 

يقول الناقد “عبد الغني داود”: ” إن “سليم” بدأ مسيرته بتعيينه في أستوديو مصر وبدأ بكتابة سيناريو فيلم “الدكتور” وأخرجه “نيازي مصطفي” في 1939وأن أول فيلم أخرجه سليم “وراء الستار” كان كوميديا وبه أخطاء التجربة الأولى وأن الأفلام التي أخرجها مأخوذة عن أعمال عالمية سينمائية أو أدبية وقبل كونه سينمائيا فهو فنان تشكيلي.. خلال مسيرته الفنية القصيرة أخرج عشرة أفلام وتوفي قبل أن يتم الثانية والثلاثين، وهو العمر الذي يكاد يبدأ به المخرجون المصريون مسيرتهم منذ التسعينيات وقد أنجز هذه الأفلام معتمدا على الذات والموهبة الفردية في ظروف صعبة لا تسعفه فيها الإمكانات ومع رصيده الإخراجي كتب سيناريوهين لمخرجين آخرين”.

هو أول من قدم الأفلام الواقعية في تاريخ السينما المصرية، ويُعتبر أحد أهم رواد الإخراج، وكتابة السيناريو والحوار، وهو صاحب أول فيلم في قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية وهو فيلم “العزيمة”.

ويحكي الفيلم عن قصة الحب التي تجمع “محمد”، الذي لعب دوره الفنان حسين صدقي، و”فاطمة”، التي أدت شخصيتها الفنانة “فاطمة رشدي”، فيتعاهدان على الزواج، في حين أن “محمد” حديث التخرج، ويعاني من ظروف مالية غير ميسرة، ويتشارك مع “نزيه باشا”، والد صديقه “عدلي” في شركة تجارية بمجهوده، ويتزوج “محمد” ب”فاطمة”، في حين يطمع فيها “الجزار العتر”، وعندما يتم تلفيق تهمة ل”محمد”، ويُطرد بها من الشركة، يكيد الجزار بينه وزوجته، التي تطلب منه الطلاق، ويتقدم هو للزواج منها، يحدث أن يكتشف “نزيه باشا” براءة “محمد” من التهمة التي نسبت إليه، وتعلم “فاطمة” بالحقيقة، فتعود إليه، قبل إتمام زواجها من الجزار.

وأخرج “سليم” في مسيرته، ١١ فيلمًا، وهي (المظاهر، وقصة غرام، وليلة الجمعة، وحنان، وشهداء الغرام، والبؤساء، وقضية اليوم، وأحلام الشباب، وإلى الأبد، والعزيمة، ووراء الستار).

في حين ألف سليم ١٤ فيلمًا، أبرزها (ليلى بنت الفقراء، ومحطة الأنس، وإلى الأبد، والدكتور، والعزيمة)، فيما شارك في مونتاج فيلمين، هما (العزيمة، ووراء الستار).

يقول المؤرخ والناقد السينمائي الفرنسي “جورج سادول” في موسوعته الضخمة “تاريخ السينما في العالم” عن فيلم “العزيمة” ومخرجه: “إن فيلم العزيمة يعرض مضموناً فكرياً يشغل قطاعاً هاماً من قطاعات المجتمع، ويعتبر أحد الأفلام الرائدة في تاريخ السينما العالمية، الذي يشير لظهور المذهب الذي عرف بعد ذلك في إيطاليا باسم “الواقعية الجديدة”٬ لقد وقفت السينما المصرية بهذا الفيلم على أرض صلبة ودخلت به مجال التعبير الواقعي في مجال الفن والفكر”.

كتاب عنه..

صدر ضمن سلسلة مطبوعات مهرجان القاهرة السينمائي2015، كتاب بعنوان “كمال سليم: بين أصالة الواقعية وزيف المظاهر” للمؤلف والناقد “وليد سيف”.

يحتوي الكتاب على 11 فصلاً، وجاءت عناوينها على النحو التالي: (سيرة حياة، مسيرة فنية، قبل العزيمة، سر العزيمة، واقعية المظاهر، كمال سليم والرواية العالمية، من المسرح إلى السينما، سيناريوهات لآخرين، شذرات كمال سليم، وواقعية كمال سليم، ليس ختاماً).

ثم تلتها فيلموجرافيا للأفلام التي أخرجها أو شارك في كتابتها “كمال سليم”، ومن بينها “العزيمة” عام 1939، “أحلام الشباب” عام 1942، “البؤساء” عام 1943، و”قصة غرام” عام 1945.

وصدر الكتاب في نحو 180 صفحة من القطع الكبير، وبالرغم من القيمة الكبيرة ل “كمال سليم”، إلا إنه لم يسبق من قبل أن صدر أي كتاب مُستقل يتناول بالبحث والتحليل سيرة ومسيرة وإبداعه.

لم يهتم الفصل الأول كثيراً برصد أدق تفاصيل السيرة الذاتية لكمال سليم، خاصة في مراحل طفولته وصباه وشبابه المبكر، فمن المعروف أن كمال سليم يعد من الفنانين العصاميين، والمؤكد أنه لم يكمل تعليمه التقليدي، وهي مسألة لم تكن غريبة أو نادرة بالنسبة للكثيرين من أبناء جيله من الفنانين.

لكنه كان حريصاً على توسيع مجال ثقافته، بل وسعى بالفعل للحصول على منحة دراسية بالخارج، وسافر فعلاً إلى فرنسا من أجل تحقيق هدفه بدارسة السينما، لكن الظروف حالت بينه وبين البقاء والاستمرار هناك، ليعود وازداد إصراره على تعلم هذا الفن، وممارسته أيضاً.

واهتم الفصل الثاني، “المسيرة الفنية”، مفصلاً بتتبع السيرة الفنية للمخرج والتعرف على كواليس إبداعه الفني وأسراره المهنية، وما تعرض له من مشكلات التي تعكس الحياة الفنية في مصر خلال مرحلة شهدت تنافساً وصراعاً بين المصريين والأجانب.

أما الفصل الثالث، “قبل العزيمة”، يتوقف بناء المؤلف ليضعنا في السياق التاريخي الذي سبق وتواكب مع ظهور فيلم “العزيمة”، أحد أشهر أفلام السينما المصرية.

ويدخل الفصل الرابع، “سر العزيمة”، في مناقشة كواليس الفيلم، ويسرد كل المعلومات المثيرة التي تعلقت بالأبطال وأجورهم والعلاقات فيما بينهم، واتهام الفيلم بأنه فيلم تجاري. بعد القراءة التفصيلية لفيلم “العزيمة”، نتحول مع الفصل الخامس، “الواقعية والمظاهر”، لقراءة فيلم آخر من أفلام كمال سليم هو “المظاهر” (1945).

وآثر المؤلف أن يفرد فصلاً بعينه لهذا الفيلم، الذي جاء متأخراً في مسيرة المخرج، لأنه يبين الكثير من الجوانب التي أراد المؤلف أن يؤكد على رصدها في واقعية كمال سليم، وكيف أنه يكاد يستكمل من خلاله الكثير مما بدأه في فيلم “العزيمة”. وإلى أي مدى يحتوي فيلم “المظاهر” على الكثير من المواقف والأفكار، التي باتت من فرط تكرارها واستنساخها شبه أيقونة في السينما المصرية.

يعتبر “كمال سليم” من أول فناني السينما الذين انتبهوا لأهمية الالتفات لروائع الروايات والمسرحيات العالمية، ويعيد الفصلان السادس والسابع، “كمال سليم والرواية العالمية” و”من المسرح إلى السينما”، قراءة الأعمال المنسية أو التي لم يتوقف الكثيرون أمامها، مثل فيلم “البؤساء” المأخوذ عن رواية للأديب الفرنسي “فيكتور هيج”و، وفيلم “شهداء الغرام” المأخوذ عن مسرحية “روميو وجولييت”.

ويتناول الفصل الثامن، “سيناريوهات الآخرين”، ما كتبه المخرج من سيناريوهات لغيره من المخرجين، مثل فيلم “الدكتور”، و”محطة الأنس”، و”ليلى بنت الفقراء”. ويحلل المؤلف في هذا الفصل القدرات الإبداعية لكمال سليم ككاتب سيناريو بارع، كما يتوقف عند المثالب التي شابت بعض أعماله، مثل التحولات المفاجئة لبعض الشخصيات أو الانقلابات الدرامية المباغتة دون تبريرات كافية، وغيرها من الأمور التي تؤخذ عليه في هذا المجال.

وتلك وغيرها من الهنات أو التراجعات التي أُخِذَت على كمال سليم حتى كمخرج، يناقشها باستفاضة الفصل التاسع، “شذرات كمال سليم”.

أما الفصل العاشر، “واقعية كمال سليم”، فيعيد التأكيد على أن “كمال سليم”، ورغم مرور كل تلك السنوات، لا يزال هو رائد الواقعية في السينما المصرية، وكيف أن دوره الكبير في إرساء مفهوم الواقعية في الفيلم المصري لا يزال ملموساً.

أما الفصل الحادي عشر، “ليس ختاماً”، فيحاول “وليد سيف” أن يجيب عن بعض الأسئلة المحيرة المتعلقة ب”كمال سليم”، الذي لم يدرس السينما قط ولا أكمل تعليمه، ومع ذلك أخرج أول أفلامه وهو في الرابعة والعشرين، وسر ذلك التمرد، والجرأة في الطرح، ورقي المستوى الفني والفكري الرائد، لدرجة جعلت الناقد والمُنظر الفرنسي الشهير جورج سادول يضع فيلمه “العزيمة” بين أهم 100 فيلم سينمائي عالمي، ويقارن أفلامه بمثيلاتها في السينما الفرنسية والأوروبية.

https://www.youtube.com/watch?v=v5KmM1eJoy0

https://www.youtube.com/watch?v=lf8fdnO-ouc

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة