13 أبريل، 2024 3:50 ص
Search
Close this search box.

رواية “سيرة أنثى مملة”.. يمكن للمرأة أن تتعافي من جرح الانفصال العميق

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “سيرة أنثى مملة” للكاتبة الكندية “ماري رينيه لافوا” الصادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون، بترجمة “زينة إدريس”، تحكي عن تجاوز محنة الانفصال، وكون الانفصال الشائع يحدث في الأربعينات من العمر، وكيف تجاوزت البطلة ذلك بعدة آليات نفسية.

الشخصيات..

ديان ديلونيه: البطلة، امرأة في عمر الثامنة والأربعين، تفاجئ ودون مقدمات أن زوجها قد أحب امرأة أخرى، وأنه يريد الانفصال عنها، وتعاني تداعيات ذلك الانفصال. ثم تتجاوز تلك المحنة ببطء.

جاك: الزوج، لم تسمح له الراوية بالظهور بشكل منفصل، وإنما حكت عنه من خلال الراوية البطلة وعلاقتها به وتفاعلها معه، حتى أنها أدرجت جمل حوار قليلة جدا له، فأصبحت صورته مرهونة برؤية البطلة لزوجها الذي هجرها، لكنها رغم ذلك ظلت تراه بصورة إيجابية.

كلودين: صديقة البطلة، وعانت قبلها من نفس المشكلة، غير أن زوجها كان متعدد العلاقات، كما أن لديها طفلتان مازالتا تعيشان في المنزل ولم تكبرا بعد فهي تتحمل عبئا أكثر ثقلا من عبء البطلة، لكنها رغم ذلك تحاول بكل الطرق إنقاذ صديقتها من محنة الانفصال ووطأتها القاسية.

شالين: امرأة ثلاثينية، ارتبط بها زوج البطلة، وحاولت أن تتعرف على البطلة لكي تخفف من الشعور بالذنب نحوها، لكن البطلة عاملتها بطريقة سيئة.

وهناك شخصيات أخرى داخل الرواية كانت تقوم بأدوار مساعدة للبطلة.

الراوي..

الراوي هي البطلة نفسها، التي تحكي بضمير المتكلم، والتي تحكي كل مشاعرها وأحاسيسها بتفصيل شديد وتحكي عن باقي الشخصيات من خلال تفاعلها معهم وتأثرها بهم وتأثيرها عليهم، وقد حكت عن الانفصال منذ بداية أول جملة قالها الزوج وحتى تعافيها.

السرد..

الرواية تقع في حوالي 262 صفحة من القطع المتوسط، وهي محكمة البناء تتكون من 21 قسم أو جزء للسرد، كل جزء يبدأ بعنوان يعبر عن ما سوف يحكي، وتتوالي فيه الأحداث بشكل متصاعد، حيث بدأت الرواية بمقدمة ساخرة عن الزواج ثم انتقلت الراوية إلى حدث الانفصال ثم رد فعلها عليه وردود أفعالها وطريقتها في التعامل معه وتعامل الآخرين أيضا، ثم انتهت الرواية بالتعافي وإيجاد حل لانهيارها فكانت النهاية، لا يمكن أن نصفها بالسعيدة، ولكن ممكن وصفها بالإيجابية.

تداعيات الانفصال..

ما يثير الاستغراب هو ظاهرة الانفصال خاصة في الدول الغربية والتي ترتبط ببلوغ الزوجان أو الزوج بالأحرى سن الأربعين وما بعده أو ما يعرف دوما بأزمة منتصف العمر، أصبح الأمر أشبه بظاهرة اجتماعية تستحق الدراسة، حيث يسعى الزوج بعد أن يدخل في مرحلة الأربعين إلى الارتباط بامرأة أصغر منه في السن ومن زوجته أيضا، ربما بحثا عن الشباب الذي يوشك على أن يفقده، أو تشبثا بتلك المرحلة التي يعرف أنه سيفقدها لا محالة بعد سنوات قليلة، وربما رغبة في بداية جديدة وإنشاء حياة جديدة غير تلك التي استهلكته جسدا وروحا وأحاسيسا.

لكن يقع عبء هذه الظاهرة على المرأة التي قضت فترة شبابها في زواجها من رجل تخيلت أنه سيعيش معها للأبد وفق عهود الزواج المعروفة، لكن عندما تبلغ هي سن الأربعين تجد نفسها وحدها، وتنظر لحياتها وشبابها الذي أهدر وتعرف أنها مجبرة على عمل بداية جديدة لم تكن تريدها.

هذا ما حدث مع الراوية البطلة،  وجدت نفسها بعد أن أتمت ال 48 وحيدة، وبعد أن أنجبت وربت 3 أطفال واعتمدوا جميعهم على أنفسهم، وبدلا من أن تجن ثمار شقاءها في الزواج ورعاية الأولاد وتتهيأ للتقاعد مع شريك حياتها وجدت أنها أصبحت وحيدة في منزل كبير.

انصدمت البطلة صدمة كبيرة وكان رد فعلها عنيفا، حيث اندفعت لتدمير بعض أغراض المنزل، بدأت بالأريكة التي كانت تجلس عليها وقت أن اخبرها زوجها بخبر هجرها وأنه أحب امرأة أخرى.

ثم ظلت لأيام طويلة في حالة أشبه بالغيبوبة، ساعدها أنها لديها رصيد من الإجازات، وقد أعلنت خبر الهجر على الملأ من “فيسبوك” رغم أن زوجها كان يريد عدم إخبار أحد، حاول أبنائها التخفيف عنها بالاهتمام الزائد، ووقفت صديقتها بجوارها لأنها مرت بنفس التجربة وحاولت إخراجها سريعا من صدمتها لكنها لم تنجح. فقد تعذبت البطلة كثيرا وببطء وكان تأثير الانفصال مدمرا.

حتى أنها كرهت نفسها وتغييرات جسدها، بعد أن اكتشفت أن زوجها أحب فتاة أخرى أصغر، وأصبحت تلقى اللوم على نفسها دوما وتصف نفسها بالمملة، ولم تكره زوجها، على الأقل في الفترة الأولى من الانفصال، وإنما كانت تتأمل في صفاته الجميلة وسلوكياته الحسنة وطريقته في دعمها ومساعدتها، وحتى النهاية ظلت تتذكر له أنها كان داعما ومحبا وشريكا جيدا لذا انصب كل سخطها وألمها على نفسها وعلى شكلها.

الأمل في الرجوع..

تشبثت البطلة طوال الوقت بأمل رجوع زوجها إليها، وتراجعه عن هجرها، حتى أنها اعترفت بذلك لطبيبتها النفسية، كما كانت صديقتها “كلودين” تفعل ذلك هي أيضا، تتخيل أن زوجها ربما يعود إليها، وكانت “كلودين” أيضا تعاني من تداعيات الانفصال بالإضافة إلى متاعب طفلتين في سن المراهقة واللتين تأثرتا بالانفصال كثيرا، حد أنهما أصبحتا تعانيان من عقد نفسية، لكن رغم ذلك كان التخلص من فكرة الأمل في رجوع الشريك أمرا محفزا للصديقتين حيث سمح لهما بمواصلة حياتهما.

الإلهاء..

حاولت صديقتها إلهاءها بجعلها تفكر في أشياء ممتعة تفعلها، كأن تقبل أحدهم قبلة فرنسية، وقد ألهتها تلك الفكرة قليلا، حيث فكرت في أحد زملاء العمل الوسيمين وسعت لأن تقبله، لكنها تراجعت عندما قامت سكرتيرته بعمل شرير وأخبرت زوجته  أن هناك علاقة بين البطلة وبين هذا الزميل.

تراكم المصائب..

تعرضت البطلة وهي في أثناء محنة الانفصال لمصيبة أخرى وهي فقدانها لعملها الذي عملت به أيضا لسنوات طويلة، كما أن صديقة زوجها أصبحت حاملا مما يعني استحالة رجوعه إليها، لتتراكم المصائب عليها لكنها رغم تراكم المصائب استطاعت بإيجابية أن تجد من تلك المحن وسيلة لتغيير حياتها وتجربة طرق جديدة في العيش، فقد قررت أن تبيع المنزل التي كانت متشبثة به كثيرا، لأجل الحياة التي دارت داخله ولأجل الذكريات ولأجل أولادها، لكنها مالت نحو اختيار بداية جديدة ومكان جديد وحتى عمل جديد بعد فقدانها عملها.

تجربة إيجابية..

الجميل في الرواية أنها قدمت تجربة ايجابية، وقبل ذلك أنها تناولت بالتفاصيل الدقيقة مشاعر امرأة أربعينية هجرت بغتة بعد أن كانت تخطط أن تبقي مع زوجها إلى الأبد، وكيف كان ذلك الانفصال مؤلما وموجعا حتى أنها فقدت توازنها النفسي وكرهت نفسها وظلت تجلد ذاتها وتتعذب، وتلصق بنفسها كل الصفات السليبة. في مقابل أن تضفى على زوجها كل الصفات الإيجابية، ودمرت أغراضها التي تحمل ذكرياتها، بل شعرت بالبغض نحو تلك الذكريات التي أهدرت فيها عمرها، وكان ألمها دافعا لها لتتصرف بخبث مع صديقة زوجها ومع حماتها.

كما رصدت تجربة صديقتها أيضا وصورت كيف يمكن للمرأة أن تتعافي رغم محنة الانفصال الرهيبة، وأنها حتى وإن توالت عليها المحن إلا أنها قادرة على التعافي والوقوف مرة أخرى على قدميها لأن الحياة تستمر ولأن الإنسان قادر على تجاوز كل المحن وعمل بدايات جديدة دوما. وتركما قد مر وراءه.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب