3 أكتوبر، 2024 1:29 م
Search
Close this search box.

“الفاتح جبرا”.. انتقد سلبيات المجتمع بسخرية جذابة

“الفاتح جبرا”.. انتقد سلبيات المجتمع بسخرية جذابة

خاص: إعداد- سماح عادل

“الفاتح جبرا” كاتب سوادني، محاضر في مجال (نظم معلومات) في تحليل وتصميم نظم المعلومات بعدد من الجامعات السودانية، معروف بأسلوبه الساخر والجذاب. بدأ مسيرته في الكتابة بعد سنوات من العمل في مجالات متنوعة، واستطاع أن يكوّن لنفسه مكانة بارزة في الصحافة السودانية.

بدأ الفتاح جبرا الكتابة في صحيفة “الخرطوم” من عام 1996 وحتى عام 2006. كان يقدم مقالاً أسبوعياً بعنوان “مساحة حرة”، والذي كان يُنشر في فترة صدور الصحيفة من القاهرة. وبعد أن عاودت الصحيفة صدورها من داخل السودان، بدأ الفتاح جبرا في كتابة مقال أسبوعي جديد بعنوان “شبابيك”، والذي كان يُنشر كل يوم إثنين. في عام 2005، انتقل جبرا إلى صحيفة “السوداني”، حيث استمر في الكتابة حتى عام 2007. ثم انضم لاحقاً إلى فريق كتاب صحيفة “الرأي العام”، حيث قدم العديد من المقالات الشهيرة.

يعيش في منطقة أبو روف – أم درمان، إحدى الأحياء المعروفة في العاصمة السودانية الخرطوم، يجمع بين مهنته الأكاديمية في الجامعات السودانية وكتاباته الصحفية الشهيرة، مما يجعله أحد الأسماء البارزة في مجالي التعليم والصحافة في السودان. تطور أسلوبه المميز على مدى سنوات من العمل الدؤوب، وجذب جمهوراً واسعاً من القراء بفضل مقالاته المليئة بالتحليل الدقيق والسخرية اللاذعة.

آلام الوطن..

في مقالة بعنوان (ساخر سبيل .. قضى محملا بآلامه من أجل الوطن..!) كتب “د. محمد عطا مدني”: “فجعت الأوساط الصحفية، فجر اليوم السبت، بوفاة الكاتب الصحفي بصحيفة الجريدة، الفاتح جبرا، عن عمر ناهز 69 عاما، بعد معاناة طويلة مع مرض القلب الذي فقد نبضه فجأة في الساعات المبكرة من صباح اليوم السبت ٢١ سبتمبر ٢٠٢٤م، وفق أقاربه بمصر.

ويعتبر الفقيد، الأستاذ الفاتح عبد الله يوسف الشهير بـ (الفاتح جبرا) أحد ألمع كتاب أعمدة الرأي المصادمين، الذي عرف بحسه الوطني الغيور، وتناوله القضايا الوطنية المهمة، وظل يكتب ويحقق في قضايا الفساد أبرزها قضية (خط هيثرو) التابع للخطوط الجوية السودانية والذي تم بيعه بصفقة مشبوهة، وظل يكتب عن ملابساته لسنوات، كما درج أن يختتم أعمدته بالسؤال عن ملف القضية (أخبار خط هثرو شنو؟) كثيمة ثابتة في خاتمة زاويته المعنونة بساخر سبيل على أخيرة صحيفة الجريدة”.

ويكمل: “وكان جبرا يتلقى العلاج مستشفيا من مرض القلب في إحدى مشافي العاصمة المصرية القاهرة قبل أن يغادرها للمنزل في الأيام الماضية. ويعتبر أحد الكتاب السودانيين المميزين في فنون كتابة العمود الصحفي بأسلوبه الساخر المحبب للقراء، وله آراء وكتابات جريئة، واستطاع تفجير عدد من القضايا الشائكة والمهمة خاصة طوال سنوات الإنقاذ التي فرضت قيودا رقابية قاسية على الصحفيين والكتاب والمؤسسات الإعلامية بالاعتقال والتعذيب ومصادرة الصحف بعد الطبع.

عرفت عنه مهنيته العالية وأخلاقه الحميدة، من الأقلام الصحفية الجريئة، ومن الكتاب المناضلين في طريق الحق والقضايا الوطنية، حيث عمل خلال تاريخه المهني الحافل في مجال الصحافة كاتبا في صحيفة (الخرطوم) 1996-2006م، وكان يكتب بها مقالاً أسبوعياً بعنوان (مساحة حرة) أيام صدورها في (القاهرة).

وبعد أن عاودت الصدور من الداخل (الخرطوم) كان يكتب مقالاً أسبوعياً بعنوان (شبابيك) كل يوم (اثنين). وعمل بصحيفة الرأي العام وصحيفة (السوداني 2005-2007)، ثم بعدها انتقل لجريدة الجريدة وأصبح يكتب بها عمود ساخر سبيل، ثم انتقل منها لصفحة إلكترونية مزاولا بها الكتابة إلى حين وفاته”.

الساخر..

في مقالة أخري بعنوان (وداعاً الأمدرماني الساخر الفاتح جبرا) كتبت “زهير عثمان حمد”: “الدكتور الفاتح جبرا، الذي رحل عن دنيانا تاركاً خلفه إرثاً أدبياً وصحافياً كبيراً، كان شخصية متعددة الجوانب وموهوبة في تقديم السخرية بأسلوب يجمع بين الفكاهة والوعي الاجتماعي. من خلال عموده الشهير “ساخر سبيل” في صحيفة الجريدة السودانية، استطاع جبرا أن يلامس قضايا الناس اليومية بشكل ساخر، مما جعله من أبرز كتاب الصحافة السودانية خلال العقود الأخيرة.

وراء الكاتب الساخر كان هناك رجل يعيش قصة حب فريدة من نوعها. الفاتح جبرا كان متزوجاً من السيدة وفاء كامل جرجس، وهي مسيحية قبطية، وقد جمعت بينهما علاقة قوية مبنية على الحب والتفاهم رغم اختلاف الديانة. قصة زواجهما بدأت في عام 1999 بزفاف تم في المسجد والكنيسة، ليكونا أسرة تعيش في وئام وتسامح نادر في المجتمع. وفاء كانت مثالاً للتعايش والتسامح الديني، فهي، ورغم مسيحيتها، كانت تشارك زوجها في طقوسه الإسلامية، من تحضير إفطار رمضان إلى مشاركته في العبادات اليومية”.

ويضيف: “كان جبرا يتمتع بحس فني مميز، إلى جانب موهبته في الكتابة، حيث كان يعزف على العود والمندلين، ويحب الاستماع إلى أغاني الحقيبة السودانية القديمة. هذا الجانب الفني أضفى على شخصيته عمقاً آخر، حيث كان يجد في الموسيقى متنفساً للهروب من ضغوط الحياة اليومية.

أما عن كتاباته، فقد ترك جبرا وراءه مجموعة من المؤلفات الساخرة مثل “لبس جماعي” و”واحد في المليون” و”زيادة دخل”، التي تناول فيها قضايا اجتماعية وسياسية واقتصادية بنبرة ساخرة ومباشرة. في هذه الأعمال، كان يوجه نقده للظواهر السلبية في المجتمع بأسلوب يجذب القراء ويجعلهم يعيدون التفكير في واقعهم. أهدي كتابه “لبس جماعي” لزوجته وفاء، وكتب في الإهداء: “إلى التي تقرأني ولا تقرأ لي”، في إشارة إلى علاقتها الخاصة والمميزة معه”.

الحكم..

في مقالة له بعنوان (مالكم كيف تحكمون؟) كتب “الفاتح جبرا”: “تخطئ (الحركة المتأسلمة) التي حكمت البلاد لثلاثين عاماً بالحديد والنار وقتلت من قتلت وعذبت من عذبت وشردت من شردت إن هي أرادت من هذا الشعب أن يقوم بمحو فعائلها تجاهه (بالإستيكة) واعتبارها وكأنها لم تكن وتريد منه مسامحتها (كتامي كده) دون أن تكلف نفسها فضيلة الاعتذار والندم .

العبد لله (يستغرش كثيراً) عندما يصفه أحد (المتأسلمين) بأنه يدعو إلى الفتنة والخراب لا لشيء إلا لتذكير (القوم) بجرائمهم التي ترتعد لها الفرائص والمناداة بالقصاص ممن أجرم منهم ومحاسبته على ما اقترفت يداه ومبعث (الإستغراش) هو أن القوم (حتى اللحظة) لم يبدوا أي ندم أو حسرة علي هذه الجرائم (الموثقة) من قتل وتعذيب وخلافه طوال سنوات حكمهم البغيض (عشان الناس تفتح صفحة جديدة) إن استطاعت !

نعم العفو من الفضائل لا شك في ذلك ، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «اتقِ اللهَ حيثما كنت، وأتْبعِ السيئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالِقِ الناسَ بخُلقٍ حَسنٍ» (رواه الترمذي) ومعنى الحديث أنك إذا ظُلِمتَ، أو أُسِيءَ إليك، أو أجرم في حقك فإن الإسلام يدعوك لأن تعفو وتَصفَحُ، وقد امتدَحَ الله العافِين عن الناس فقال في صفات أهل الجنةِ في سورة آل عمران : {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} وقال الله تعالى في سورة البقرة: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} وقال تعالى في سورة النور: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا}، ومن ثمرات العفو والصفح رأب الصدع في المجتمعات ومحو الضغائن عن النفوس يقول الله تعالى في سورة فصلت: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}، وعن عبد الله بن عوف رضي الله عنه: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثٌ والذي نفسي بيدِه إن كنتُ لَحالِفًا عليهِن: لا يَنقُصُ مالٌ من صدقةٍ؛ فتصدَّقوا، ولا يَعفو عبدٌ عن مَظلمةٍ، إلا زادَه اللهُ بِها عِزًّا يومَ القيامةِ، ولا يفتَحُ عبدٌ بابَ مسألةٍ، إلا فتحَ اللهُ عليهِ بابَ فقرٍ لغيره).

ومما سبق نُدرِك أهميةَ العَفْوِ، وعِظمَ مكانة من يَتَّصفُ به ولكن يبقى السؤال الذي يطرح نفسَه (في الحتة دي): هل العفْوُ محمودٌ في كل الأحوال حتى إذا استَمرَّ (الظالم) في ظلمه وأخذته العزة بالاثم ولم تظهر عليه علامات الندم على ما فعله؟ والجوابُ: لا، لأن الهدفُ من العفوِ: هو الإصلاحُ والتوبة عما اقترفه الإنسان من (مظالم) فإن لم يتحقَّقِ الإصلاحُ وإن لم يكن هنالك اعتراف بالذنب لمن وقع عليه الظلم فهنا وجبَ الأخذُ بالحقِّ، والمطالبة بعقوبة من ظلم وافترى وهنا يقول العلماء (الإصلاحُ واجب، والعفوُ مندوبٌ، فإذا كان في العفو فواتُ الإصلاحِ، فمعنى ذلك أننا قدَّمْنَا مندوبًا على واجبٍ، وهذا لا تأتي به الشريعةُ)”.

وفاته..

توفي يوم الجمعة 20 سبتمبر 2024 بسبب نوبة قلبية مفاجأة في القاهرة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة