26 ديسمبر، 2024 10:51 م

السياسة العامة : دراسة نظرية

السياسة العامة : دراسة نظرية

اعداد : عدنان عبد الامير مهدي الزبيدي – باحث دراسات عليا دكتوراه
المبحث الاول : الإطار المفاهيمي
يعد تحديد المفاهيم الخاصـة لأي بحث علمي أساسا مهمـا في تحـديـد ما يريـد الباحث الوصول من اهـداف محددة لبحثـه , ولإزالة الالتباس في ماهيتـة تلك المفاهيـم , إذ تتشابك أغلب المفاهيـم مع بعضها البعض في كثير من الاحيان , وعليه وجب تحـديـد أهم مفاهيم البحث مـن خلال ما يأتي :

المطلب الاول: ماهيـة السياسة العامـة والتقويم

أولاً. مفهـوم السياسة العامـة :

يشير مفهـوم السياسة إلى تلك الانشطـة المـؤثرة أو المسيطرة علـى الحكـومـة بهـدف صياغـة وتـوجيـه السياسة العامـة , وقد عرفه أثنان من علماء السياسة , الأول هو ديفيد أيستون ويعرف السياسة بأنها ((التخصص السلطوي للقيـم)) أمـا الثاني فهو هارولد لاسويل إذ عرف السياسة (( من يحصل على ماذا ؟ ومتـى؟ وكيف؟)) ويتضح مـن هذيـن التعريفيـن أنـه يجب أن تكـون هنـاك سلطـة (( مسؤولين حكوميون )) بمقدورها تقريـر تلـك التفضيلات ( القيم) التـي سيتم اختيارهـا دون غيرها ([1]).

وعرف الاستاذ الدكتور عامر حسن فياض السياسة بأنها (( نشاط وتأمل في مصدر السلطة وشرعيتها وطبيعة العلاقة بين مؤسساتها …)) ([2]).

أما مفهوم السياسة العامـة كتعريف واسع فأنها (( العـلاقـة بين الوحـدة الحكوميـة وبيئتها )) وهي (( تقريـر أو أختبار حكومي للفعل أو عدم الفعل )) ([3]), وهي أيضا (( مجموعـة من قرارات يتخذها فاعلون معروفون بهــدف تحقيق غـرض عـام ))([4]), وبالتالي فأنـه ينظر للسياسة العامـة , كنتيجة متحصلـة في حياة أي مجتمع من منطلق تفاعلها الصحيح مع البيئة الشاملـة , التي تشكل فيها المؤسسات والمرتكزات والسلوكيات والعلاقات , أصولا للظاهرة السياسية التي يتعامل معها النظام السياسي , فالسياسة العامـة لدى استون (( توزيع القيـم (الحاجات المادية والمعنوية ) في المجتمع بطريقة سلطوية آمرة من خلال القرارات والأنشطة الإلزامية الموزعـة لتلك القيم , في إطار عمليـة تفاعليـه بين المدخلات – Inputs, والمخرجـات – Outputs, والتغـذيـة العكسيـة – Feedback([5]).

ثانيـا. مفهـوم التقويــم :

أن فحوى التقويم يمكن فهمـه على أنـه عمليـة تحليـل عـدد من السياسات أو البرامـج أو المشروعات والبحث عـن مزايـاها وعيوبهـا المقارنـة , ووضـع نتائج هـذه التحليلات في أطـار منطقـي , فالتقويـم ليس مجرد وصف للبدائل المتاحــة , فقـد تصف بـديـلا دون الإشارة إلى غيـرة , لكـن التقويم فحص لمزايـا وعيـوب البديـل في علاقاتـه بمسار أو أكثـر للحـركـة , بما في ذلك للافعل , ولا يطبق التقويم على البدائل المستبعدة لبعضها البعض وإنما أيضا على البدائل المستقلة والمترابطة ([6]),ويعد التقويـم المرحلة الأخيرة من عمليات السياسة والتي تتضمن نشاطات متسلسلة , وتقويم السياسة العامـة كنشاط وظيفي يمكـن بـل ويجب أن يتحقق مـن خلال عمليات الرسم والصنع والصياغة والتطبيق , وليس كنشاط لاحق وكمرحلـة أخيرة , فالتقويم قـد يـؤدي إلى أعـادة الدورة التي تبـدأ بالمشكلـة ثم بالبحث عن البدائل ثم المفاضلـة لتقرير أو تعديل أو أنها صالحـة للبقاء والاستمرار ([7]), وبالتالي فأن تقويم السياسة العامـة يعنـي أتبـاع أساليب علميـة هـدفها الحكــم علـى مـا أذا كانت سياسات الحكومـة وبرامجها التنفيذيـة تحقق الأهداف المطلوبــة بالقـدر المرغوب فيـه من الفعاليـة والاقتصاد ([8]).

ثالثا. الفـرق بين التقــويــم والتقييـــم:

أن الكثيـر من الباحثيـن يخلط أو يـدمج بين مصطلحـي التقويـم والتقييـم , إذ يعتقـد البعض منهـم أن المفهوميـن يعطيان المعنـى ذاتـه , خاصـة إذا كانت أطروحاتهم تتعلـق بتقـويم البرامـج أو المشروعات الاجتماعيـة , وعلى الرغم مـن ان المصطلحين يفيـدان في بيـان قيمـة الشـيء, فأن كلمــة التقـويـم الاكثـر انتشارا في الاستعمـال , كمـا أنهـا تعني بالإضافـة إلى بيـان قيمـة الشـيء , تعـديل أو تصحيح مـا أعـوج منــه , إمـا كلمـة (( التقييـم )) فتـدل علـى أعطـاء قيمـة للشـيء فقـط , ومـن هنـا فـأن كلمـة تقـويـم أعــم وأشمــل مـن كلمــة تقييــم , إذ لا يقف التقـويـم عنــد حــد بيــان قيمــة الشـيء , بـل لابــد كـذلك مـن محـاولــة اصلاحـه وتعـديلــة بعـد الحكــم عليــه , والواقــع هــو إن التقييــم منشــق مـن القيمــة والتقويم مـن القوم , ومعنـى الأول التقـديـر والتثميــن , والثانــي التعــديــل ([9]).

المطلب الثانــي : معـاييـــر االتقـويـم وأنــواعـــــــه :

اولا. معاييــــر التقـويـم :

قـد تختلف معايير التقـويـم بيـن محـللي السياسات العامـة , فمنهـم مثـلا يـركن على كفـاءة الأداء في البرامـج أو الخطط مـوضوع البحث أو يـربط كفـاءة الأداء بالفعاليــة فـي تحقيــق الأهـداف المحـددة ,أو بتقليـل التكـاليف أو تعظيــم الأربــاح أو حتــى مــدى استجابــة هــذه البـرامــج أو المشـروعــات الحكــوميـة لاحتيـاجات المواطنيـن المستفيـدين منهـا , ومــدى رضـائهم عــن أدائهـا ([10]) , ومـن أبـرز معاييـر التقــويــم التي حـددهـا بعض الباحثيـن هــي :

المـــلأمــة : وتعنـي مـدى أتساق الأهـداف مـع الاحتيـاجات والأولويات , كمـا تستبـع الملأمــة تقييم أتسـاق المشروع فـي تحقيـق أهـدافـه.
الفعاليـة : وتعنـي مـدى تحقـق أهــداف السياسـة مـع مـراعـاة أهميتـها النسبيــة .
الكفــاءة : مقيــــاس لمــدى تحـويـــل المــــوارد إلــى نتـــائـــــــج ([11] ).
وعمـومــا نجــد أن معـاييــر تقــويـم السياسات العامــــة تتجـسد فـي الفاعليــة والكفـاءة … ويقصـد بالفاعليـة الدرجـة التــي تحقق السياسة العامـة أهـدافهـا, أي حجـم مـا أنجـزه الجهـاز التنفيـذي المكلف بتنفيـذ السياسـة أو البرنامـج أو المشروع مـن الأهـداف التـي خططت لهـا خلال فتـرة زمنيـة معينــة , وعليـه فأن فـاعليــة الجهـاز التنفيـذي تتـوقف علــى تـوفـر صفتيــن أساسيتيـن همــا :

القــدرة علـى التكيف مـع البيئـة .
الاستخدام العقـلانـي للمـوارد المتـاحــة.
ويرتبـط معيـار الفاعليــة بمـدى الكفــاءة في تقـويـم الأداء الـذي يعنـي نسبـة مخـرجـات الطاقـة لأي نظـام إلـى مـدخلاتهـا منهـا وبعبـارة أخـرى

الفاعليـــة تعنـي تحقيـق السياسـة لأهــدافهـا .

الكفـــاءة تعنـي الاستخدام الأمثـل للمـوارد المتـاحـة ضمـن جملـة مـن المحددات الداخلية والخارجيـة.

وهنـاك مـن طـرح مفهـوم ( العــدالــة ) كمعيـار لتقييـم السياسات العامــة باعتبار أن مناقشـة مفهـوم العـدالـة كمـرادف لمفهـوم المساواة هـو في مضمونــه مناقشـة مـن يحصل علـى مـاذا أو لمـاذا ؟ ويمكــن تعريفــة فـي هـذا الإطار بالمـدى الذي تنتشر فيــه المنافـع والنفقات بيـن أولئك الذيـن يتأثرون بالسياسات العامــة وذلك بطريقــه لا تجعـل فـرد أو جماعـة يتلقـى أقــل مـن مستـوى الحـد الأدنـى للمنفقـة أو الحـد الأقصى للمنفعـة , وهنــاك مـن ربـط معيــار الكفاءة ومفهومه بمفهوم العمليـة الرقابيـة بمعنى أن جوهــر تقـويــم كفـاءة الأداء الفعلي بالأداء المستهـدف لمعرفـة الانحرافات ومعالجتها قبـل أن تستفحل , وبالتالي لابـد أن تتصـف عمليــة التقـويــم بالاستمراريـة وغالبـا مـا تكــون المقارنـــة بيــن ما هـو تحقـق فعـــلا ومـــا هــو مستهـدف فـي نهايـــة فتــرة زمنيـــة معينـــة ([12]).

ثانـيــــا. أنـــواع التقــويــم :

قسـم بعض الباحثيـن التقـويم إلى منها بحسب الشموليـة إلى نـوعيـن همــا مـا يأتـي :

1. التقـويـم الكلـي : ويقصـد بـه ذلـك التقـويـم الذي يتنـاول مخرجــات النظام كـكل , وعلاقتـه بأهـداف السياسة العامـة للنظام .

2. التقويـم الجزئي : ويعني الحالـة التـي تجـري فيهـا التقويم دون ضبطها بأطار كلـي , مثلمـا يجـري مـن تقـويم بجـزء مـن ألبرنامج أو التقويـم الموجـه لجهـة معينـة دون غيرهـا ([13] )، وتتعد اتجاهات ونوعيات التقويم في السياسة العامـة , وفي ضوء اختلاف الأهـداف بالنسبـة للعمليـة التقويميـة , وتبعـا لدرجـة التركيـز في عملياتها وفي أنشطتها , إذ يمكـن إن تركن عملية التقويم علـى أهداف البرنامج أو على تكاليفه ,أو علـى نتائجـه , كمـا يمكـن إن تركن عمليـة التقويم أيضـا علـى الطابـع الإداري ومستوياتـه , وكـذلك على العمليـة التقويميـة ذاتهـا , وفيمـا يأتـي نوضـح لأهـم أنواع التقويـم في السياسة العامـة , وكمـا يأتـي :

التقويم المتقـدم أو تقويم السياسة العامــة : وهـذا النوع هـو الذي يعنـي بدراسة الجدوي قبـل اتخاذ القرار , ويمثـل منطلقا اوليـا في سبيـل إعطـاء الضوء الأخضر للمباشرة ببـدأ العمل بالبرنامـج الجـديـد.
التقويم الإستراتيجي :وهو النوع الأدنى من سابقـه في عمليـة التقويـم , والذي يمكن إعتماده في سبيل تحـديـد فاعليـة التنفيـذ ,ومساعـدة مدراء البرنامج لإدخال التعديلات والتحسينات الضروريـة لتنفيـذ البرنامج , وإجراء التقويمات الشاملـة للبرنامج في ضوء مؤثرات الكفاءة والفاعليـة ([14]).
تقويم عمليات تنفيذ البرامج : وهو النوع الذي يمكـن أن يتـم بصورة مستقلـة أو مشتركـة مـع غيـرة مـن أنواع التقـويم الأخرى , ويتـركـز علـى تحليـل العمليات التنفيذيـة للبرامـج مـن حيث الإستراتيجية وعمليات التشغيـل والتكاليف , وفي حال اشتراك هـذا النـوع مـن أنواع التقويـم الأخرى وبالأخص التقويم المتعلـق بالكفـاءة والفاعليـة , فأنـه سيعمـد إلـى تحقيـق هـدفيـن مهميـن همــا : أ- لمساعـدة المقـوم فـي تحـديـد خطـة لتصميـم التقويـم للفاعليـة والكفاءة . ب- لمساعـدة المقـوم في توضيـح النتائج التـي توصـل اليهـا تقـويـم الفاعليـة والكفـاءة , وأن هـذا النوع مـن التقـويم يهتـم كثيـرا بتقـديم المدخلات الماديـة والبشريــة التي يحتاج اليهـا البرنامج التنفيـذي.
تقـويـم الفاعليــة : وهـذا النـوع يتضمـن التقـويم في سبيل معرفـة قـدرة البرنامج على تحقيقه لأهدافـه الأساسية التي أقيـم مـن أجلها , إذ يمـكن تحـديـد فاعليـة برنامج السياسة العامـة , من خلال الأهداف المتحققـة وما يترتب عنها من المنافع والفوائـد .
تقـويـم الكفـاءة : وهـو النـوع الذي يعنـى بتقويم الدرجـة التي تحافظ فيها أيـة سياسة عامـة أو برنامج , على أقل نفقـة ممكنـة كمـؤشر اقتصادي يتفق ومنطـق تقـديـم الخـدمات العامـة التي تضطلع بهـا برامـج السياسات العامـة الحكوميـة في الوسط الاجتمـاعي .
تقـويـم النتائـج : وهـو النـوع الذي يعنـى بقيـاس النتائـج وأثـار البرنامـج السلبيـة أم الأيجابيـة , على مجمـوعـة الناس المستفيـدين مـن ذلك البرنامـج , وكشف المـؤثرات والمسببات المباشرة وغيـر المباشر المرتبطـة بتلك الأثار والنتائج الناجمـة عن البرنامـج ([15]) .
المبحث الثاني : الجهات المتخصصـة في تقـويـم السياسة العامـة

على نطـاق الحكومــة القوميــة يتــم تقــويــم السياسات بطرق مختلفــة ومـن جهـات مختلفـة ومتعــددة , وأحيانـا يكـون التقـويـم دوريـا ونظميـا , بينمـا يكـون في أحيانا أخرى طارئـا ومفـاجئـا , قـد يكــون التقـويـم مـؤسسيـا ولــه أجهـزة متخصصـة , بينمــا يظـل غيــر رسمـي وليس لــه أطـار مـؤسسـي ([16]), وهنـاك عـدة مستـويات لعمليــة التقـويـم منهــا :- التقـويـم علـى مستـوى الاثـار التـي تركتهـا السياسـة العامــة وتتـولى السلطـة التنفيـذيـة عمليــة التقـويـم باعتبارها المسؤولـة عـن التنفيـذ دون أن يعنـي ذلـك استبعـاد دور السلطـة في ممارسـة دورهـا في تقـويـم السياسة العامــة , فضلا عـن جماعات أخرى خارج الحدود الرسميـة للدولـة مثـل الأحزاب السياسية وجماعات الضغط والمصالح , وبالتالي يمكـن أن يتولى التقـويم أجهزة علـى عـدة مستويـات , داخـل الجهاز الحكومـي وخارجـه , وأن اشراك هـذه الأجهزة الحكوميـة وغيـر الحكوميــة في تقـويـم العمـل الحكومـي لا يعنـي أنها جميعـا تتبـع أسلوبـا واحـدا للتقـويم بل تتفـاوت الاساليب المتبعـة ([17]) , إذ أن السياسة العامـة تتخـذ أسلوبـا ترابطيا في عملياتها وأنشطتها , وتتفاعـل فيها المعطيات تفاعـلا دائريا , ممـا يدفـع إلى التأكيـد مجـــددا :

أن السياسـة العامـة قـد تصنـع كمـا تـدار وتـدار كمـا تصنـع .
أن السياسة العامـة تتطلب ربطا لجميـع عملياتها أثناء التحليل .
أن التقويـم للسياسـة العامـة ينبغـي أن يكـون تقويمـا مستوعبـا لهـا في أطار شمـولي كميـا ونـوعيـا , ومتلازمـا فيها ضمـن جميـع مراحلها وعملياتها وأنشطتها ,وعليـه أن هناك قناعـة جازمـة ازاء وحـدة العلاقـة والمهمـة والمسؤوليـة التي تجمع بيـن صانعي السياسة العامـة ومنفـذيها , وكذلك مقوميها ([18]), إذ تأخـذ هـذه الجهات مسؤوليتها في تقـويـم السياسة العامـة , وكما سيبين مـن خلال المطالب التاليـة :
المطلب الأول : التقـويـم من قبل صانعـي السياسة العامـة

أن عمليـة صنـع السياسة العامـة عمليـة معقـدة تتسـم بتنـوع مكوناتهـا , التـي يكـون لكـل منهـا اسهامـه المختلف , فهـي تقـرر الخطـوط الأساسية للفعل وتتسـم بتوجهها نحـو المستقبـل وسعيها إلى تحقيق الصالح العام وذلك بأفضل الوسائل الممكنـة , فالمفروض أن يتم التقـويم أثنـاء صنـع السياسة أو البرنامـج , فيـوفر معلـومات عـن أثار المقترحات علـى كـل أعضاء المجتمع ويساعـد في عمليـة الاختيار , وقـد يقلل مـن تحيـز صناع السياسة , ويزودهـم بالمعلومات ألضرورية وقـد يقررون أعـادة صنـع السياسة , ولا يعنـي التقـويـم الرسمـي هنـا اتخاذ قـرار ألاختيار فهـو يساعـد بتـوفيـر الأساس الوقائعـي لموضوعـات القـرار لكـل المشاركيـن فيـه , وتظل نـوعيـة الدليـل ومصداقيتـه , وفي الغالب تفسيـره مثـار جـدل , ويظـل التقـويـم في هـذه المرحلـة ( تعٌـلم ) , فعنـدمـا يتوافـر دليـل علـى مزايـا وعيـوب بديـل معيـن , تتولـد رؤيـا جـديـدة تقـود إلى خلق بدائـل أفضـل فتصبـح عمليـة صنـع السياسة العامـة دائـريـة الشكـل ([19]) , وتتباين الجهات التي تتـولى عمليـة التقـويـم للسياسات العامـة بتبايـن النظـم السياسيـة , فنظـم الحكم النيابيـة والبرلمانيـة تميـل إلى الأخـذ بمبـدأ الفصل بين السلطات الثـلاثة , وإلى خلـق حالـة توازن بينهـا حتـى لا تطغـى أحـداها علـى الأخـرى , ولـذا تتمتـع السلطـة التشريعيـة في هـذه الأنظمـة بحـق الرقـابـة والتقـويـم علـى تصرفـات السلطـة التنفيـذيـة لضمـان دستوريتها وشرعيتها والتزامها نص وروح التشريـع , فتقـوم السلطة التشريعية بتقويم مشروعات رسم السياسة العامـة وتمويلها وتعديلها مـن حين لأخــر ([20]) , إذ يتولى صانعي السياسة العامـة ومـن خلال أشغالهم لمواقعهم الرسميـة في الحكومـة بتقويـم السياسة العامـة أرضاء لناخبيهم كمـا في الأنظمـة السياسية الديمقراطيـة , فيتوقعون انسياب التغذيـة العكسية أليهم مـن مجموعـات الدوائـر الانتخابيـة , ويتعرفـون علـى أرائهم ازاء برامـج السياسة العامـة القائمـة , وفي مثـل هـذه الحالـة فأن شكـل التقـويم يكـون مـن خـلال مـراقبـة صانعـي السياسـة العامـة لمواقف الدوائـر الانتخابيـة تجـاه البرامـج بحيث يصبـح المعيـار أو المقيـاس في تقـويـم أي برنـامج هـو شيـوعـه أو عـدم شيـوعـه بيـن جمـاعـات الناخبيـن علـى أساس القبول أو الرفض , فضـلا عـن التغـذيـة العكسيـة مـن جهـة الناخبيـن باتجاه صانعي السياسة فأن التقويـم يتبلـور أيضـا مـن خلال ما تنشره الصحف والأجهزة الاذاعيـة والمرئيـة وشكاوى المواطنين والموظفين وحتـى الاشاعـات , وكذلك نتائـج البحوث الاجتماعيـة , وجميعها تمثـل تغـذيـة عكسيـة غير منتظمـة , تسهم في جعـل صانعي السياسة العامـة يكتسبـون انطباعات أوليـة وتقويمـات غيـر رسميــة حول نجاح أو فشـل البرامـج الحكوميـة , بالشكل الذي يـدفع هـؤلاء الصناع نحـو التصرف اللازم في نهايـة الأمـر , استجابـة لمجمل المعاييـر والمقاييس السياسية التـي يقتضيها الفعـل المطلـوب ([21]) , بمعنى أن النشاط التقييمي سوف يكـون لـه مردود على تطويـر صنـع السياسة واختيار البدائـل , أي أن النشاط التقييمي ينطلق مـن كـونه في عمليـة صنع السياسات التي تشمـل ما يأتي : الاستجابـة , العدالـة , المساواة , تخفيف ضغـط المطالب المساندة , التوازن بيـن القـوى , المعلـومـات أو البعـد المعلومـاتي لمـدخـل في عمليـة صنـع السياسات العامـة , على اعتبـار أن كم ونوعيـة ومصداقيـة المعلومـات المتوفرة تـؤثـر على فعاليـة السياسات ([22]).

المطلب الثانـي : التقـويم من قبل منفذي السياسة العامـــة

تمارس السلطـة التنفيـذيـة التقويم بنمـط متتابـع من النشاط يسهم في تقويم السياسة العامـة ويكمـل حلقـة الصنع والمضمون والأثـار,وعمليـة التقويم تنصب علـى اجراءات التنفيـذ أو قبل التنفيـذ , إذ أن عمليـة الصنـع لها مخرجات ونواتـج ينبغـي تقـويمها قبـل تنفيـذها سيمـا وأن المخرجـات مـرت بعمليـة تحـديـد وتقـويـم للبدائـل , كمـا إن عمليـة التقـويـم قـد تنصب علـى أداء الجهاز الإداري نفسه مـن قبل جهات أخرى للحكم على مدى التزام الجهاز التنفيذي بأتباع الخطط والبرامج والإجراءات المرسومـة , والتحقق من الجـدوى وفعاليـة سياسات وبرنامج العمـل الحكومـي ومـدى النجاح في حل المشكلـة العامـة وأسباب القصور في تحقيـق الأهداف فضلا عن قيـاس أثار تنفيـذ السياسة العامـة على الجماعات المختلفـة وكـذلك علـى البيئة الأجتماعيـة كـكـل ([23]) , ويتولى أيضا منفـذو السياسة العامـة التقـويم مـن منطلق أن سمعتهم أو مستقبلهم مـرتبط بنجاح البرامج التي يقومـون على أدارتها , والحرص على كسب التأييد لهم مـن قبـل صانعـي السياسة ودعمهم للبرامج التنفيـذيـة , وهـذا الاسلوب في التقويـم هـو الأخر يعمـل علـى تقـويـة صانعي السياسة من جهـة , وعلى تقـويـة منفـذيها من جهـة أخرى , ويمثـل في النهايـة توجها سياسيا , إذ يقوم منفذو السياسة العامـة بمحاولة ضبط أو تشكيل المعلومات التي سيتلقاها صانعو السياسة العامـة , حول البرامج التنفيذيـة عبر الوسائل الآتية :

ارسال المعلومات الانتقائيـة التي تسلط الضوء الأكثر تفضلا حول أرائهم .
تفعيل برامج الذين يؤيـدون العمـل في ضوء ادعاءات صانعـي السياسة.
استخدام موارد البرنـامج في سبيـل توسيع قاعـدة المجموعات المستفيـدة , وكذلك الجماعات الاخـرى العامـة في سبيل تحريكهم للحصول علـى دعـم أو تأييـد أضافـي لبرامـج أخرى جـديـدة ([24]).
كمـا تمارس السلطة التنفيذية تقويم نشاطها وأعمالها علـى ثلاثة مستويات وكمـا يأتي :-

مستوى رئاسـة السلطة التنفيذيـة التي تمارس التقويم علـى كل الأجهزة التابعة لها , كما تمارس السلطة التنفيذية رقابـة وتقيما لتنفيـذ سياساتها العامـة بصورة دوريـة أو روتينية .
مستوى بعض وحدات الجهاز التنفيذي التي تتمتع بسلطة رقابـة ومتابعـة وتقويم مركزي على بعض جوانب العمـل في وحدات الجهاز الحكومي الأداري , وبالتالي تقييم السياسات التي تنفـذها .
مستوى الجهاز التنفيذي الموكل اليـه تحقيق أهـداف سياسة عامـة معينـة , وعليـه فالتنفيـذ هـو أحد الحلقات المتتابعة في عمليـة رسم السياسات , وتقويـم التنفيـذ نمط متتابع من النشاط يسهم في تقويم السياسات العامـة ويطلق عليه مـن قبـل دارسي الادارة العامـة تقويم المتابعـة فينصب على الاداء والغايات والأهداف , وبإيجاز على مخرجات السياسة العامـة , وتركـز بحوث تقويـم التنفيـذ على مـا يأتي :
هـل تم توجيـه السياسة العامـة أو البرنامج نحو الهدف المحدد .
مـدى تأثير الممارسات المختلفة والجهود والتداخلات على تصميم السياسة ذاتها أو البرنامج ذاتــه والمبادئ التي تم اعلانها.
وعمـومـا هناك محاور اربعـة اساسيـة لتقـويم التنفيـذ هـي :

محور العلاقات الانسانيـة والتي تهتـم بسـلوك الفاعليـن خلال منظمـة .
ب. محـور سياسي يركـز على المنظمـة ذاتها كمجمـوعـة من القـواعـد السلوكيـة المنظمـة ج. محـور هيكلـي يركــز علـى المنظمـة ذاتها لمجمـوعـة من القـواعـد السلوكيــة ليست منظمـة .

د. النظم التي تربط بين المنظمات وبعضها , وبينها وبين البيئة والنظام ([25]).

هـذا وممـا يلاحظ علـى الجهتيـن (الصانعين والمنفذين) للسياسة العامـة في التقويـم أن كيليهما مهتمـان بصيانـة وتقـويــة مـراكــزهم وسلطاتهم وبرامجهم , وأنهما يميـلان نحـو التمسك بوجهـة نظـر دفاعيـة , تجاه عمليـة التقويم , ويتبنون استراتيجيات مصممـة لغرض تجنيبهم التوجهات النافـذة لأدائهم وانجازاتهم([26]).

المبحث الثالث : تقـويــم أثـــار السياســة العامـة

إن معرفـة مـدى تأثيـر القـرار وقـدرتـه علـى تحقيـق الهدف الذي أتخـذ مـن أجلــه حيث تؤثـر نـوعيـة ردود أفعـال البيئية الخارجيـة علـى درجـة نجـاح أو فشـل القـرار كليـا أو جـزئيـا الأمـر الذي يـدفـع صنـاع القـرار إلى تقييـم ردود الأفعـال الخارجيـة علـى قراراتهم عبـر مقـارنـة نتائجها الفعليـة مـع النتائج المتوقعـة , ولا تقتصـر هـذه المرحلـة على تصحيح الانحراف في القرارات عبر متابعتها بـل تحاول منـع الانحرافات عبـر تداخـل عمليـة التقـويم والمتابعـة مـع عمليـة أتخاذ القرار وتنفيـذه ([27]), ولأجهزة الاعلام والاتصال دورا مركبا في التقويم لأثار السياسة في نقل ما يظهر من سلبيات القرار واخطاء التطبيق والانتقادات الموجهـة له ,مع ضرورة التاكيـد على الدقــة والموضوعيـة أما الدور الأخر لها فهـو مواجهـة أي أحتمالات تشويـه وانتقاص مـن وسائل الاعلام الاجنبيـة للقرار المتخـذ وجمـع أكبـر قدر من المعلومات حول القرار من خلال جمع المعلومات المتعلقـة بردود الفعل الخارجيـة على القرار وكذلك في معرفـة أستجابـة البيئة الخارجية له , ليتسنى لمتخـذ القرار تقويمـه ومـن ثم أعادة النظر في الوسائل التي أستخدمت لتنفيذه في ضوء المعلومات الجديدة أو اعادة النظر بالقرار المتخـذ كـكل في حالـة اذا ما ثبت عجـزه وعدم كفاءته بصورة جزئية أو تامة ([28]).

المطلب الاول : تقـويـم مخرجات السياسة العامـة

أن تقـويـم مخـرجـات السياسة العامـة يتـم بعـد فتـرة مـن التنفيــذ كافـة لأن تحـدث مخرجات السياسة العامـة أثارهـا علـى المجتمـع , وهنـا يطلـق عليـه أسم ( تقويـم الأثار ) ويتم تقويم الأثار في مراحـل مختلفـة طالمـا أن السياسة لم تعـط نتائجها النهائيـة , وقـد يتـم معـه تقويم الفاعليـة , أي فاعليـة السياسة العامـة أو البرنامج أو بعد تحقيق النتائج النهائية لتقديـر امكانية الاستمرار في السياسة العامـة أو البرنامج لتقدير أمكانية الاستمرار في السياسة أو البرنامج أو بعد تحقيق النتائج النهائيـة لتقديـر أمكانية الاستمرار في السياسة أو توقفها وهنا ينبغي تحليل نتائج السياسة إلى مخرجـات النظام , والمخرجـات هي ما تفعلـه الحكومـة أو ما يفعلـه النظام هي الأثار والمضاعفات المقصودة وغير المقصودة للمخرجات أي لما تفعلـه الحكومـة , وتخضع المخرجات لتقويم المتابعـة , والنواتج لتقويـم الأثار ونسميهما معا ( بتقويم الاداء) وهي عملية تهدف قياس اداء وحـدة الجهاز التنفيذي فترة سابقة , بهدف التصرف على مستوى ادائـه ومقارنتـه بمعايير موضوعة مقدما على أسس علميـة , ويتم القياس بواسطة مؤسسات محددة وكلا المعايير والمؤشرات معبرة عن أهداف الجهاز التنفيذي ([29] ).

تقويم السياسات أذن يهتم بالاثار الفعليـة التي تنجم عـن فعل السياسة قي الظروف الواقعيـة لحياة المجتمع , فمصطلح ( محاولة تحديد ) يستعمـل بسبب صعوبـة تقريـر أو فرز الآثار والنتائج المتحققـة من السياسات في الحياة العمليـة , ولقياس الانجاز نحتاج إلى تحديـد التغيير الحاصل حقا في الظروف المحيطة كأن نقرر مستوى الانخفاض في معدلات البطالة الذي تحقق , إضافة إلى معرفـة ما كان ينبغـي أن تحققـه السياسة موضوع البحث لوحدها في هذا المجال , وليس العوامل الاخرى كالقرارات الاقتصادية الخاصة ([30]), وأن اغلب عمليات التقويم ترى أن أغلب السياسات العامـة لا تحقق الأغراض التي خطط لها , وليس لها التاثير المطلوب والمرجـو حيال المشكلات العامـة وبحسب وجهـة النظر التقويميـة , فإن أسباب ذلك ترجـع إلى عوامـل عـديدة تتسبب في إعاقـة تحقيق السياسة العامـة لأهدافها وهـــي :

1.عـدم كفايــة الموارد المخصصـة للتعامـل مـع القضية المطلوب حلها.

2. أن السياسات العامـة , قـد تدار بطريقـة سطحيـة تقلل من آثارهـا , بحيث حالات التجاهـل وعدم الاهتمام والمتابعـة , وعدم الدعم المالي , كلها أسباب تدلل على جعل البرامج محدود التأثير والعطاء.

3. أن أسباب المشكلات والقضايا العامـة كثيرة ومتنوعـة , وأن بعض السياسات العامـة تنصب وتقوم لغرض معالجة سبب أو بعـد واحـد للأسباب , وتغفل الاسباب وأبعادها الأخرى .

4. عدم قدرة المنظمات على الحـد من احتماليـة وقـوع الكوارث والأزمات التي من شانها عرقلـة برامجها واختلاط الأوراق إزاء مستقبلها وموقفها من عمليـة تقويم السياسة العامة ([31])

المطلب الثانـي : مشاكـل تقويـم السياسة العامـة

أن عـدم التأكد من اهداف السياسات العامـة عندما تكـون أهداف السياسة غير واضحة أو مشوشة أو متشعبـة كمـا هو الحال في الغالب , فأن تقدير الحـد الذي حققتـه مما هو مقرر لها سيكون صعبا وعملا مخيبا أو محبطا , وهذه الحالـة هي في الاغلب نتاج عملية اقرار السياسات وتشريعها , فلأن الاغلبية مطلوبة في التصويت على السياسة فأنه غالبا ما تتم مراعاة وترضية العديد من الاطراف أفرادا أو جماعات ممـن لهم مصالح في السياسة , وذلك على الرغم من تباين مواقفهم ومنطلقاتهم , ومن المشاكل التي تواجـه تقويم السياسة هو تشتيت أثار السياسة , فقـد تشمل السياسة أفراد وشرائح غير الذين توجـه اليهم هذه السياسة , ويظل الاحتمال قائما بعدم وجود أهداف محددة للسياسات أو أن بعض الاهداف لا تعلـن رسميا , والمشاكل الاخرى تتمثل بصعوبة الحصول على المعلومات , فالنقص بالمعلومات والبيانات الاحصائية قد تعيق محلل السياسة العامة ومقومها , وكذلك المقاومة الرسمية من بعض المنظمات وبعض موظيفها , وربما تفشل عمليات التقويم أو تحجب أعطاء المعلومات أو تمتنع عن التعاون مع الجهـة المقـومـة , أو تحـول دون اكمـاله , حيث أن الملاحظ بان المنظمات تميــل لمقاومـة التغيير وهي تعلـم بأن التقويم يتضمن التغيير , وهكذا قد تصبح المقاومة الكامنة أو الضمنيـة معرقلة للتقويم لترمي بثقلها إلى حالة المقاومـة المعلنـة أو الظاهرة ومن المشاكل التي تواجـه التقديم , بأنه يكون غير مؤثر بسبب عدم دقتـه أو شموليتـه وعندما تهمل نتائجه وقد يكون خاطئا ([32]) , ويمكن تصنيف أهم المشكلات التي تواجـه تقويم السياسة العامـة وكمـا يلي :

المشكلات المنهجية المندرجة في التقويم الفني والتخصصي : وهذه تتمثل بالصعوبات التي تحول دون قيام المقومين بأجراء التقويم الموضوعي , وهي صعوبة تحديد أهداف البرنامج مـن قبـل صانعي السياسة , مما يجعله عرضه لتفسيرات المقوميـن ولاختلاف وجهات النظر لاحقا وقـد يؤدي ذلك إلى تعقيـد مهمـة المقوميـن والوقوف مـوقف الشك والحيرة أزاء ما يريده صناع السياسة العامـة , من حيث صعوبـة وصف أنشطة البرامج بلغـة الاهداف على اعتبار أن البرنامج يمثـل جهـدا مركـزا ومنظما يكرس في الاساس لتحقيق أهداف معينـة , وعدم ملائمـة البرنامج المعـد لتحقيق الاهداف وتبديـد الاموال والموارد من قبل البرنامج بين الاهداف دون فائدة , وصعوبـة جمع المعلومـات وتوفـر المستلزمات ومصادر التحكم بها إذ تسود النظـرة إلى اعتبار التقويـم أو المقوميـن , على أنهم جهات خارجيـة عن الوسط الطبيعي للبرنامج , مما يدفـع بالمنفـذين إلى اخفـاء المعلومـات والسجلات والدعـم المـالي والاستفادة من الوقت وتوظيف نتائج الحاسوب .
المشكلات التقويميـة المندرجـة ضمـن محيـط البرنامج محـل التقويـم :- وتتمثـل هذه المشكلات بما يلـي :
يواجـه الفرد الذي يريـد إن يقـوم البرنامـج العام مشكلـة في تحـديـد أو معرفـة الاهـداف المرجـوة مـن ذلك البرنامـج .
العـديـد من البرامـج والسياسات العامـة لها قيـم رمـزيـة بشكـل اساسـي وهـي لا تـؤدي إلى احـلال تغيرات ملمـوسـة في حياة واحـوال المجموعـات المتعاملـة معها , بقـدر ما تترك فيها شعورا وهـو أن الحكومـة مهتمـة بقضايا تلك المجموعات.
ج- ان الادارات الحكومية لديها اهتمام قوي لإثبات أن برامجها تتمتـع بالايجابيـة في التأثير , ويسعـى الاداريين على وفق هذه النظرة إلى تقـديم البرامج بالشكل الذي يؤكـد ذلك الأثر الايجابـي ببرامجها .

د- تتطلب عمليـة تقويـم البرامج أموالا وتسهيـلات ووقتــا وأشخاصا يعملون بانتظام وتفرغ ضمن العمليـة التقويميـة ([33]).

المشكلات التقويميـة المندرجـة في طبيعة السياسة العامـة : وهـذه تتمثــل بما ياتي : أ. صعوبـة تفسير علاقات السبب بالنتيجـة , ازاء التغيير الذي تحـدثـه السياسات العامـة خاصة ضمن مجالات القضايا الاجتماعية والأوضاع الاقتصاديـة المعقدة .
صعوبة الحصول على المعلومات اليقينيـة والمؤكـدة , ضمن مجال العلوم الاجتماعيـة والسياسية , كما يحصل في العلوم الطبيعيـة , مما يؤدي إلى عدم التوصل إلى حقائق تفسير السلوك عند التعامـل مع السياسة العامـة وآثارهـا .
المشكلات المتعلقـة بنتائج التقويـم : وهي تتمثـل بالمشكلات الاتيــة :
المحدوديـة في صدق نتائج التقويم , نظرا لتداخـل كثير من الصعوبات السابقـة في نطاق مهمـة التقويم .
أتسام عمليـة التقويم بمحدوديـة المعطيات والمنفعـة .
تواجــه في الغالب نتائج التقويم معارضــة , بسبب عـدم توافقها مع المعتقـدات الاداريـة والسياسية .
المشكلات المتعلقـة بالبيئة والمحيط الخارجي : وهذه تتمثل فيما يأتي :
حصول التداخل بين أكثر من منظمتين اداريتين تعنيان ببرنامج تنفيـذ السياسة العامـة , نظرا لتماثل بعض جوانب الاهداف لديهما .
عـدم توفر أو وجود الظروف البيئية والاستقرار والأمان بشكل يتيح للمنظمات الاداريـة معرفة احوالها وواقعها جيـدا ([34]).
ورغم هذه المشكلات التي تواجه التقويم يبقـى احدى أهم خطوات رسم سياسة عامـة عقلانية ورشيدة تستطيع أن تواجـه التطور الهائل في عالم مذهل من الناحيـة العلمية والتكنولوجية .

الخاتمــة:

مما تقدم يتضح أن نجاح أي سياسة عامـة لأي دولة لابد أن يكون هناك عمليـة تقويـم علميـة تتسم بالاستمرارية في كل مراحل رسم السياسات العامـة, إذ تمارس سلطات الدولة بأجهزتها الرسمية وغير الرسميـة هذه العمليـة للوصول إلى سياسـة عامـة رشيـدة وعقلانيـة تعالج المشكلات العامـة وتصنع الحلـول المناسبـة لها مستنـدة إلى أجهـزة ونظم من المعلومات الدقيقـة داخليـة وخارجيـة ووسائـل أعلام واتصالات متطورة تواكب التطور العالمـي المـذهل في نقـل المعلومـة وتفسيرها , وعليـه نستنتج من خلال البحث التوصل إلى نتائـج مهمـة لعـل ابرزها أن التقويـم للسياسات العامـة أمـر جوهـري وهـام لأي حكــومـة تريـد أن تكون سياستها العامـة ناجحـة وتحقق أهــدافها بصورة حقيقة , إذ أن التقــويم هـو المستنـد إلى أرضـية علميـة ومعلومات دقيقـه وحديثــه عن أي برنامـج حكـومي وفي كل مراحلـه من تحـديـد المشكلـة لغايــة التنفيـذ العملي للبرنامج ,كان امرا في غايـة الاهميـة لأي دولــة تريـد أن تواكب عصر الثورة العلميـة والتقنيـة الهائلـة وفي كل المجالات.

المصادر :

اولا. الكتب:

جيمس اندرسون , صنع السياسات العامـة , ترجمة عامر الكبيسي , دار الميسره للنشر ,الطبعة الاولى 1999.
خيري عبد القوي , دراسة السياسة العامـة , ذات السلاسل للطباعة والنشر والتوزيع الكويت , الطبعة الاولى 1988.
فهمي خليفة الفهداوي , السياسة العامـة منظور كلي في البنيـة والتحليل , دار الميسرة للنشر , الطبعة الاولى , 2001.
وصال نجيب العزاوي , السياسة العامـة دراسة في حقل معرفي جديد , الطبعة الاولى , 2001.
ثانيـا. رسائل الماجستير :

أسامة مرتضى السعيدي , تكنولوجيا الاعلام وعملية اتخاذ القرار السياسي الخارجي , رسالة ماجستير , جامعة النهرين سياسة دولية , 2002.
صدام عبد الستار رشيد , الادارة والسياسة العامة , رسالة ماجستير , جامعة النهرين ,قسم النظم السياسية والسياسات العامة , 2009 .
ثالثا. الشبكة الدولية ( الانترنيت) :

الميشابي , السياسة العامة , الرابط kenanIineIusers/…1 536771/
مسعد محمد زياد , القياس والتقويم على الرابط http:// www. Drmosad. Com. InderIoo
[1]– لأري الوتيز , نظام الحكم في الولايات المتحدة الامريكية , ترجمة جابر سعيد عوض , الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافـة العالمية , الطبعة العربية الاولى , القاهرة , 1996, ص 10.

[2]– عامر حسن فياض , محاضرة القيت على طلبة الماجستير جامعة النهرين – كلية العلوم السياسية –قسم النظم السياسية والسياسات العامة للعام 2014-2015.

[3] – جيمس اندرسون , صنع السياسات العامة , ترجمة عامر الكبيسي , دار المسرة للنشر والتوزيع والطباعة , عمان , ص 14.

[4] – وصال العزاوي , السياسة العامة دراسة نظرية في حقل معرفي جديد , مركز الدراسات الدولية– جامعة بغداد, 2001, ص 16.

[5]. فهمي خليفة الفهداوي , السياسة العامة منظور كلي في البنية والتحليل , دار الميسرة للنشر والتوزيع والطباعة , 2001, ص33.

[6]. وصال العزاوي , السياسة العامة دراسة نظرية في حقل معرفي جديد , مصدر سابق , ص 117.

[7]. فهمي خليفة الفهداوي , السياسة العامة منظور كلي في البنية والتحليل , مصدر سابق , ص 309.

[8]. خيري عبد القوي , دراسة السياسة العامة , ذات السلاسل للطباعة والنشروالتوزيع , الكويت , الطبعة الاولى , 1989, ص229.

[9] – أحمد ابراهيم خضر , الفرق بين مصطلحي التقويم والتقيم , الشبكة الدولية , الرابط http: www. aIukan. Net/ webIkhdr/ o/ 50989/

[10] – الشبكة الدوليـة , دليل التقييم , المنهجية والعمليات , على الرابط www.ifadiorg/ evg/ evaIuation/ process. Methodoiogyi/ docImova. Pdf.

[11] – الشبكة الدولية , كيف يمكن تحليل وصياغـة السياسات العامـة , على الرابط http:// afaegyptorg/ RduIwp – comtent/ upIoads/ 2013. 2/ chc/ pDf

1- وصال العزاوي , السياسة العامة , مصدر سابق , ص 131-132.

[13] – الشبكة الدولية , انواع التقويم بحسب الشمولية , على الرابط

[14] – فهمي خليفة الفهداوي , مصدر سابق , ص 318

[15] – فهمي خليفة الفهداوي , مصدر سابق , ص 319.

[16] – جيمس أندرسون , صنع السياسات العامة , مصدر سابق , ص 203.

[17] – صدام عبد الستار رشيـد , الادارة والسياسة العامة , رسالة ماجستير , جامعة النهرين , ص 91-92.

[18] – فهمي خليفة الفهداوي , مصدر سابق , ص 315.

[19] – وصال نجيب العزاوي , مصدر سابق , ص 120.

[20] – خيري عبد القوي , مصدر سابق , ص 251- 252.

[21] – فهمي خليفة الفهداوي , مصدر سابق , ص 215-216.

[22] – وصال نجيب العزاوي , مصدر سابق , ص 120-121.

[23] – صدام عبد الستار رشيد , الادارة والسياسة العامة ,مصدر سابق , ص 93.

[24] – فهمـي خليفـة الفهداوي , مصدر سابق , ص 317.

[25] . وصال العزاوي , مصدر سابق , ص 121-122.

[26]. فهمي خليفة الفهداوي , مصدر سابق , ص 316.

[27] – سعد السعيدي , دور المعلومات في عملية صنع القرار السياسي الخارجي , ص124, الشبكة الدولية , على الربط http;// www. Iasj. netIiasj?funsfuIItext&aIds 60833

[28] – اسامـة مرتضى السعيدي , تكنولوجيا الاعلام وعملية اتخاذ القرار السياسي الخارجي , رسالة ماجستير , ص 121.

[29] – صدام عبد الستار رشيد , مصدر سابق , ص 93.

[30] – جيمس اندرسون , مصدر سابق , ص 193-194.

[31] – فهمي خليقة الفهداوي , مصدر سابق , ص 330-331.

[32] – جيمس اندرسون , مصدر سابق , ص 198 _ 202.

[33] – فهمي خليفة الفهداوي , مصدر سابق , ص 328 -329

[34] – فهمي خليفة الفهداوي , مصدر سابق , ص 329-330.
المصدر:المركز الديمقراطى العربى

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة