وكالات – كتابات :
كشفت السينمائية والمخرجة المصرية من أصل لبناني؛ “عرب لطفي”، عبر حسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي؛ (فيس بوك)، كيفية هدر ونهب الثروة السينمائية المصرية من خلال الاستيلاء على النسخ الأصلية (النيغاتيف)، لمعظم الأفلام المصرية من قبل رجال أعمال وشخصيات عربية ومصرية دون أي حقوق قد تمتلكها الدولة على تلك النسخ.
وبداية تلفت المخرجة إلى أن: “السينما المصرية انتجت منذ بدايتها؛ في عشرينيات القرن الماضي، ما يُقارب: 3100 فيلم؛ فُقّد وتُلفّ منه أكثر من ألف فيلم، ومعظم الباقي تم بيعه للسعوديين؛ وبذلك أصبح: 80% من تراث السينما المصرية لدى السعوديين، ولم يتبق إلا الفتات في أيدي المصريين”.
دور الشركات الخليجية في شراء تراث السينما المصرية..
وتكشف: “الشيخ صالح كامل؛ لديه: 2000 فيلم، منها: 1500 فيلم مصري قديم و500 فيلم جديد، أما الوليد بن طلال؛ فلديه: 1300 فيلم، منها: 850 فيلمًا اشتراها من (الشركة القابضة فنون) والبقية ما بين أفلام جديدة شاركت (روتانا) في إنتاجها وأفلام قديمة اشترتها قبل ذلك، بينما تمتلك (شركة مصر للصوت والضوء والسينما): 256 فيلمًا أنتجتها من قبل (مؤسسة السينما) في الستينيات، ويمتلك المُنتج والموزع؛ وائل عبدالله، حوالي: 400 فيلم جمعها خلال السنوات الماضية؛ ورفض بيع (النيغاتيف) الخاص بها إلى الشركات السعودية”.
موضحة: “بدأت جريمة بيع السينما المصرية؛ من التليفزيون المصري، الذي ابتكر الاحتكار وكان يدفع خمسة آلاف جنيه فقط في الفيلم الواحد وبعقد إذعان لمدة: 99 سنة، وقاضى أصحاب حقوق الأفلام؛ التليفزيون، وصُدر أكثر من حكم قضائي يلغي فترة الاحتكار، ثم أصبح الاحتكار: 49 سنة، التليفزيون أيضًا هو أول من مارس سلطة الرقابة على الأفلام والحذف والمنع؛ وظلت أفلام كثيرة ممنوعة من العرض بسبب بعض موظفين لا يعرفون قيمة السينما، وتربى جيل كامل على سينما مشوهه”.
تواطؤ مصري..
لافتة: “وعلى الجانب الأخر لم تهتم وزارة الثقافة؛ في هذا الوقت، بالأفلام، كان لديها مخزن غير مُجّهز يوضع فيه النيغاتيف مجانًا لمن رغب في ذلك، وحفظ النيغاتيف يحتاج ظروفًا فنية مُكّلفة جدًا، وهذا ما أدى إلى أن علب الحفظ كان بداخلها الأفلام والجرذان أيضًا؛ التي التهمت هذا التراث المهم، هذه المعطيات شجعت جهات أخرى لدخول اللعبة، وهي جهات كان لديها قدرة على استشراف المستقبل، في أواخر الثمانينيات أول من بدأ شراء النيغاتيف كان؛ محمد ياسين، وقتها كان يُباع الفيلم: بـ 20 ألف جنيه، وكان محمد ياسين؛ رئيسًا لمجلس إدارة شركة (سانيلاند) القبرصية، ولم يكن الشيخ صالح كامل؛ في الصورة، ونفى محمد ياسين؛ أي علاقة له بأية جهة أجنبية، مؤكدًا للجميع أنه رجل أعمال مصري ينوي الحفاظ على تراث السينما المصرية من الضياع والإهمال”.
مواصلة: “ومع ظهور (شبكة راديو وتليفزيون العرب) عام 1993، أتضح أن شركة (سانيلاند) إحدى شركات الشيخ صالح كامل، وأن الهدف هو شراء النيغاتيف واحتكار عرض الأفلام (المصرية) في الشبكة الجديدة وحرمان المصريين من حق مشاهدة أفلامهم في قنوات تليفزيونهم الرسمي، استخدم صالح كامل؛ شركتين في شراء نيغاتيف الأفلام؛ الأولى: (سانيلاند) القبرصية، وتعمد أن يستصدر ترخيصها من خارج مصر لإيقاف أي قرار سيادي باستعادة الأفلام فيما بعد، والثانية هي: (اتحاد الفنانين)؛ وترأسها محمد ياسين أيضًا، الذي استخدم الشركة المساهمة المصرية في شراء تراث السينما المصرية”.
“صالح كامل” يحتكر السينما المصرية !
تكمل المخرجة المصرية: “الغريب أن الشيخ صالح كامل؛ اهتم بشراء جميع أفلام زوجته؛ صفاء أبوالسعود، ومنعها من العرض، معتبرًا أن ملابسها في الأفلام القديمة حرام ولا يجوز عرضها، ولاحقًا في إطار الحرب بين: الوليد بن طلال وصالح كامل، اشترى الوليد بعض أفلام: صفاء أبوالسعود، وعرضتها؛ هالة سرحان، في (روتانا).. !، لم يتوقف الأمر على هذا؛ بل زيارة من: شمس البارودي؛ طلبت فيها عدم عرض أفلامها القديمة تحولت إلى قرار، وأصبحت جميع أفلام شمس البارودي محرمة على المصريين”.
“الشيخ صالح كامل؛ أصدر تعليمات داخلية بحذف جميع مشاهد المايوهات والقُبل من الأفلام عند عرضها، ومنع الأفلام التي أنتجت في مناخ به حرية مجتمعية، ومما يؤكد تناقض شخصيته أن نفس الأفلام التي منعها في الـ (art) باعها لقنوات (أوربت) وعُرضت دون حذف؛ هذا في الوقت الذي عرضت فيه (أوربت) بعض الأفلام دون حقوق، وهذا ما دفع؛ الشيخ صالح، إلى رفع دعوى قضائية ضد (أوربت) في إيطاليا يُطالبها فيها بتعويض قدره: 03 ملايين دولار، ومنعت أفلام أخرى لها علاقة بالحقبة الناصرية”.
تتابع: “الغريب أن صالح كامل؛ صمم على شراء نيغاتيف فيلم (عماشة في الأدغال)؛ لزوجته صفاء أبوالسعود؛ وفؤاد المهندس، بمبلغ وصل إلى: 50 ألف دولار، ومنعه تمامًا من العرض بسبب ملابس صفاء والمايوه الذي إرتدته في أحداث الفيلم، حتى الآن لا أحد يعلم مصير هذا الفيلم المهم، أهمية الفيلم أنه أنتج عام 1962، واستخدمته المخابرات المصرية في نقل المعدات الحربية لعملية (الحفار) الشهيرة، وهي قيمة تاريخية مهمة، المخابرات المصرية؛ استخدمته في التمويه أثناء حرب الاستنزاف؛ والشيخ صالح كامل، منعه بسبب مايوه زوجته !”.
“عام 2000؛ تأسست (الشركة القابضة فنون)؛ وترأس مجلس إدارتها؛ أحمد هيكل، الشركة ضمت العديد من الأنشطة في مجال (المالتي ميديا)؛ وأبتلع الكيان الجديد معظم الشركات الصغيرة في السوق، نجحوا في جمع: 850 فيلمًا، بالإضافة إلى مكتبة موسيقية ضخمة، وتضمن الكيان الجديد دارًا للنشر، ودفعوا ما لا يقل عن: 400 مليون جنيه في شراء نيغاتيف: الـ 850 فيلمًا، ومثلهم لشراء التراث الموسيقي، كانت أهداف (فنون) حفظ هذا التراث وترميمه وعمل قنوات فضائية تحتكر عرض هذا المضمون، إلا أن الشركة لم تستمر وبدأ المستثمرون في سحب أنفسهم واحدًا تلو الآخر وعقدوا صفقة مع (روتانا) لبيع الأفلام والنشر ومكتبة الموسيقى والـ (IT)، مقابل: 65 مليون دولار فقط، وهو رقم أقل بكثير من ثمن الشراء، وكان السبب الخلافات التي دبت في مجلس الإدارة، باقة الأفلام التي ذهبت لـ (روتانا) أقل قوة من باقة الـ (art)”.
قائلة: “وأقدمت شركة (فنون)؛ بإدارة الفنانة إسعاد يونس، على بيع: 800 فيلم للأمير الوليد بن طلال، وتعرضت للنقد اللاذع لشراء رجال أعمال سعوديين ثُلثي الإنتاج السينمائي وإدانة الحكومة المصرية لعدم شرائها هذا التراث. واعتبر الروائي؛ جمال الغيطاني، رئيس تحرير إسبوعية (أخبار الأدب)؛ أن هذه الصفقة تُشكل: (تدميرًا لدور مصر الثقافي)”.
عقود إذعان..
وتصف المخرجة المصرية اللبنانية؛ الآلية القانونية لبيع وتسريب كل ذلك التراث إلى خارج “مصر”؛ قائلة: “عقود شراء تراث السينما المصرية؛ هي تاريخ كبير من الإذعان، ومعظم بنودها غير قانونية لعدة أسباب، أهمها أنه لا يوجد دولة في العالم تبيع النيغاتيف والبيع للحقوق فقط، أما النيغاتيف فهو حق أصيل للمنتج الأصلي والملكية العامة باعتباره أثرًا، نصت العقود على ملكية النيغاتيف مدى الحياة، ثم تغيرت للهروب من بطلانها قانونيًا وأصبحت: 49 عامًا تُجدد تلقائيًا ثم بيع لمدة خمس سنوات تُجدد تلقائيا مع ملكية النيغاتيف، أحد هذه العقود ينص البند الثاني فيه على: يُقر الطرف الأول عند توقيعه هذا العقد؛ أن الفيلم موضوع هذا العقد مملوك ملكية تامة غير منقوصة وغير محل لأي نزاعات أو إدعاءات من قبل الغير، وأنه صاحب الحق في التصرف في ملكيته والتنازل عن ملكية نيغاتيفاته وملكية كافة حقوق استغلاله في جميع أنحاء العالم دون استثناء، ونص البند الثالث على: باع الطرف الأول وأسقط وتنازل بكافة الضمانات الفعلية والقانونية؛ للطرف الثاني، الذي قبل بذلك وملكية كافة حقوق استغلال وتوزيع وعرض وبث الفيلم في جميع أنحاء العالم دون استثناء لمدة تسعة وأربعين عامًا تُجدد تلقائيًا لمدد أخرى مماثلة ومتكررة وبدون الرجوع للطرف الأول القابل بذلك؛ اعتبارًا من تاريخ التوقيع علي هذا العقد، وبالتالي يُصبح الطرف الثاني هو المالك الوحيد لنيغاتيف الفيلم ولكافة حقوق استغلال الفيلم منفردًا في جميع أنحاء العالم دون استثناء”.
توضح: “نُلاحظ من هذا البند في العقد أن هناك مؤشرين خطيرين؛ الأول نقل ملكية النيغاتيف مدى الحياة، وهو أثر مثل الأهرام ولا يحق لأحد التصرف فيه، المؤشر الثاني أن جميع عقود التوزيع الخارجي للأفلام المصرية كانت تتضمن بندًا صريحًا بالتوزيع في جميع دول العالم؛ عدا إسرائيل، وفي هذا العقد كتب: (دون استثناء)”.
“كل هذا حدث ووزارة الثقافة غائبة، لم تظهر سوى في بعض القرارات الفردية؛ منها قرار؛ د. مدكور ثابت، رئيس الرقابة على المصنفات الفنية سابقًا، بعدم خروج أي نيغاتيف من مصر دون الرجوع للرقابة، وزارة الثقافة نفسها وقعت ضحية لقرار؛ عاطف عبيد، رئيس الوزراء السابق، بنقل ملكية أفلام (مؤسسة السينما) ومخزن النيغاتيف ودور عرض (مؤسسة السينما) إلى (شركة مصر للصوت والضوء والسينما)؛ التابعة للشركة القابضة للسياحة ووزارة قطاع الأعمال، القرار الذي نفذته الوزارة على مراحل، وهذا الكلام لا يُبريء وزارة الثقافة، لأن وزيرها؛ فاروق حسني، كان يمكن أن يقف أمام هذا القرار مثلما وقف أمام مشروع؛ أحمد عز، لتقنين تجارة الآثار، كان يمكن أن يقف أمام نقل النسخ الأصلية لـ (جريدة مصر السينمائية) إلي (هيئة الاستعلامات) التابعة لوزارة الإعلام، وهي الجريدة التي تؤرخ معظم الأحداث السياسية في مصر سينمائيًا، كان يمكن أن يقف بقوة أمام أكثر من واقعة سرقة للنسخ (البوزيتيف) من (المركز القومي للسينما)، كان يمكن أن يُقيم مشروعي: (الأرشيف القومي للسينما المصرية) و(السينماتيك)”.
“إن السينما المصرية تحتاج إلى من يهتم بها ويعرف قيمتها، والحلول التي اقترحها بضرورة تدخل وزارتي: الإعلام والثقافة ولجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشعب، لاستغلال بعض البنود في قانون الملكية الفكرية والذي يحول ملكية المصنف الفني بعد وفاة صانعه: بـ 50 عامًا إلى ملكية عامة، وإلغاء فكرة بيع النيغاتيف لأنها غير مٌعتّرف بها في القانون الدولي، وإلغاء عقود بيع الحقوق لمدى الحياة وتحديده بمدة معينة لا تتجاوز: 50 عامًا”.
خاتمة: “وهكذا بسبب بضعة ملايين من الجنيهات؛ باعت الدولة المصرية تراثها السينمائي العظيم للسعوديين”.