9 أبريل، 2024 6:33 ص
Search
Close this search box.

الولايات المتحدة والمشرق العربي

المؤلف د. أحمد عبد الرحيم مصطفى
الناشر سلسلة عالم المعرفة
الإصدار مايو 1978
تختلف منطقة الشرق الأوسط عن كل من أمريكا اللاتينية وأوروبا والشرق الأقصى من حيث أن الولايات المتحدة لم تعرها أهمية كبيرة من وجهتي النظر السياسية والتجارية طيلة القرن التاسع عشر وفي أوائل القرن العشرين. حقيقة أنها أبدت نشاطا عسكريا بحريا في منطقة المغرب العربي في أعقاب استقلالها عن بريطانيا، وذلك نتيجة لأعمال القرصنة التي كان يقوم بها »قراصنة « الجزائر وتونس وطرابلس الغرب-إلا أن ذلك لم يتضمن اهتمام الولايات المتحدة بهذه البقعة من العالم إلى ما هو أبعد من حماية المصالح الأمريكية. ولهذا فان المبشرالأمريكي -الذي كان يعتبر الشرق الأدنى أرض الإنجيل- هو الذي حدد أسلوب العلاقات الأمريكية-العربية طيلة القرن التاسع عشر. فمنذ عام ١٨٣٣ بدأت جماعات صغيرة من المبشرين الأمريكان تضع أسس ما تحول في أواخر القرن التاسع عشر إلى شبكة من المدارس والمستشفيات والكليات في الشام و الأناضول وفارس ومصر. وإزاء فشل المبشرين الأمريكان في نشر مذهبهم (البرسبتيري) نظرا لمقاومة الطوائف الإسلامية والمسيحية المحلية، فانهم حولوا معظم نشاطهم إلى مجالات التعليم والطب دون أن يتخلوا عن هدفهم الأساسي. وهكذا أخذت مطابعهم توسع أعمالها , فقامت بطبع عدد كبير من الكتب العربية.

وكانت درة أعمالهم في الحقل التعليمي تأسيس الكلية السورية البروتستانتية (التي أصبحت فيما بعد الجامعة الأميركية) في بيروت في عام ١٨٦٦ وافتتاح الجامعة الأمريكية في القاهرة في عام 1920 وما انتهى القرن التاسع عشر حتى كانت شبكة المؤسسات التعليميةالأمريكية قد غطت الشرق الأدنى وكان خريجوها يحتلون مكانة بارزة فيالحياة العامة , وكان لهم دورهم في إدخال الثقافة الغربية ومساندة مختلف المجموعات اللغوية الساخطة في داخل الإمبراطورية العثمانية المتداعية.

وخلال المراحل الأخيرة من الحرب العالمية الأولى أعلن الرئيس الأمريكي وودرو ولسون مبادئه الأربعة عشر التي نص المبدأ الثاني عشر منها على أن تتمتع القوميات الخاضعة للحكم العثماني بالأمن على حياتها وان يفسح لها المجال للتطور نحو الحكم الذاتي. وفي مؤتمر الصلح الذي انعقد في فرساي بعد هزيمة ألمانيا وحلفائها (ومنهم الدولة العثمانية) تبنى ولسون إقامة مؤسسة عالمية مهمتها حل المشاكل الدولية وزكى وضع أملاك ألمانيا والدولة العثمانية تحت الانتداب الغربي بشرط أن يخضع هذا الانتداب لإشراف المؤسسة الجديدة، عصبة الأمم. و حين اتضح اتجاه كل من بريطانيا وفرنسا إلى تقسيم الأملاك العثمانية في الشام ومابين النهرين اشترط إرسال لجنة مشتركة للتحقق من رغبات السكان. وإزاء تلكؤ بريطانيا وفرنسا في الاشتراك في اللجنة المقترحة قرر ولسون إجراء تحقيق أمريكي منفرد وعين كلا من هنري تشرشل كنج وتشارلز كرين للاضطلاع بهذه المهمة.

وفي يونية-يولية ١٩١٩ توجهت اللجنة الأمريكية إلى فلسطين وسوريا ولبنان حيث قابلت عددا كبيرا من الوفود وتلقت عددا كبيرا من العرائض. وفي ١٠ يولية أرسلت تقريرها المبدئى إلى ولسون , وهو التقرير الذي عارض قيام دولة صهيونية في فلسطين على أساس أن حوالي ٩٠ % من سكانها عبروا عن رفضهم لهذا المشروع , وحذر من سيطرة فرنسا على سوريا التي اتضح أن سكانها يفضلون الاستقلال , واعترف بوضع لبنان الخاص وكان أميل إلى انتداب بريطانيا على كل من فلسطين والعراق. ولكن الدولتين الأوروبيتين الغربيتين لم تهتمابرغبات سكان الشرق الأدنى-وفي مؤتمر سان ريمو (أبريل ١٩٢٠ ) تقرر توزيع الانتداب على كل من بريطانيا وفرنسا فوضعت سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي وفلسطين والعراق تحت الانتداب البريطاني وأضيفت عبارة فحواها أن على الدولة المنتدبة على فلسطين أن تنفد وعد بلفور.

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

Download

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب