23 نوفمبر، 2024 10:04 ص
Search
Close this search box.

عندما يرحل السياسي …

عندما يرحل السياسي …

علمتنا الديمقراطية الجديدة رغم كل مافيها من عيوب ان نختلف في الآراء علنا مهما كانت القضية التي نختلف بشأنها دون ان نخشى شيئا ولهذا حفلت مواقع التواصل الاجتماعي باراء متضادة واختلافات في الرأي تصل احيانا الى حد تبادل الشتائم ..

مؤخرا، شكلت وفاة السياسي ونائب البرلمان العراقي احمد الجلبي نقطة خلاف كبيرة بين مرتادي تلك المواقع وانسحب الامر على الكتاب والمحللين السياسيين فهناك من يرى الرجل فارسا من فرسان الديمقراطية في العراق لأنه كان وراء اقناع الامريكان بغزو العراق واستبدال النظام الدكتاتوري بنظام ديمقراطي وبالتالي فهو وراء تخليص الشعب من دكتاتور عانى منه العراقيون لعدة عقود ومن حزب واحد ودموي جثم على صدورهم طويلا ، وهناك من يرى فيه رجلا اشتهر بالاختلاس واساءة استخدام الاموال في الخارج والداخل رغم انه من عائلة ثرية لدرجة ان كشف ملفاته الاخيرة من قبل ربيبه انتفاض قنبر في قناة البغدادية دفع البعض الى اطلاق لقب ( حرامي بغداد ) عليه …والآن ، توفي الرجل .. لم يأخذ شيئا من ثراء عائلته ولامن الثروة التي اتهم بتسريبها الى الخارج من خير العراق وعرق العراقيين ، ومن جديد اختلف العديد بشأن طريقة وفاته فالبعض يقول انه مات كمدا اثر ذبحة صدرية بعد ان سلطت الاضواء بشدة على ملفات فساده ولأنه لم يحظ بأي منصب يليق بنضاله ضد الدكتاتورية ولم تهتم به كتلة المجلس الاعلى للثورة الاسلامية التي انظوى تحت لوائها لضمان الفوز بالانتخابات الاخيرة وبعض آخر يرى انه مات مسموما لترشيحه من قبل العبادي لتسلم منصب مهم في الحكومة الحالية ضمن عملية الاصلاحات التي يقودها ولم يعرف احد ماهية المنصب واذا ما كان الخبر صحيحا اصلا ؟!…

ولأن الرجل قد مات الآن ، فلاداع للشماتة او تسطيرمحاسنه دون الالتفات الى اخطائه ..مانحتاجه الآن هو تشريح دقيق لشخصيته وافعاله قبل تشريح جثته –حسب طلب اسرته –لمعرفة سبب وفاته ..يهمنا الآن ان نقارن بين افعاله التي اتخذت لدى البعض سمة الدفاع عن الشعب العراقي ضد الدكتاتورية والسعي الى بناء ديمقراطية حقيقية ومثلت لدى البعض الآخر اول قشة قصمت ظهر العراق حين سعى الى حل الجيش العراقي السابق ليتحول العديد من افراده الى مؤيدين لتنظيم القاعدة والى اجتثاث البعثيين الذي احترق به الاخضر واليابس معا ..ربما كانت نواياه حسنة لكن التطبيق كان محبطا يضاف اليه ماانكشف من ملفات استنزافه لخيرات وثروات العراق لصالحه ..

مازلنا رغم ذلك غير شامتين بل نود الاشارة الى انه كان واحدا ممن اسهموا عبر (تحرير العراق ) في دفعه الى هوة الضياع والطائفية والفقر وهاهو يرحل وحيدا في كفنه الابيض ككل العراقيين الذين فقدوا حياتهم طوال فترة الحكم ( الديمقراطي ) لكن الفرق بينهم ان العراقيين يتركون وراءهم ارثا من المعاناة والترمل واليتم بينما يترك السياسي حين يرحل ارثا من الافعال التي تظل نقطة خلاف بين من يظنه عمل لخير العراق ومن يراه مخطئا بحق العراق ..الحسنة الوحيدة في كل ذلك اننا قادرون على انتقاد الخطأ علنا لكنها لاتكفي فالديمقراطية تبقى كسيحة مادمنا قادرون على القول …والقول فقط !!

أحدث المقالات

أحدث المقالات