5 نوفمبر، 2024 6:24 م
Search
Close this search box.

الكبار والهموم الكبيرة

الكبار والهموم الكبيرة

-1-
تتفاوت هموم الناس طبقا لتفاوتهم في المواهب والطاقات والاتجاهات والمسؤوليات المناطة بهم …

فهموم (العالِم) لا تُقاس بهموم (الجاهل) …

وهموم (الحاكِم) المخلص تختلف عن هموم (المواطن) …

وهموم الفقير المملق ليست كهموم المليء …

وهكذا …

-2-

وقد لخّص الصاحب بن عبّاد (ت 385 هجرية) بِبيْتيْن من الشعر نظريتَهُ في هذا الباب فقال :

وقائلةٍ لِمْ عَرَتْكَ الهمومُ

وأمركَ مُمتَثَلٌ في الأُممْ

فقلتُ دعيني على حَيْرِتي

فانّ الهموم بِقَدْر الهِممْ

انّ أصحاب الهمم العالية هم أكبر الناس هموماً …،

والهموم الكبيرة لا يحملها الا الأكابر من الرجال، الذين يحطمّون حواجز

الذات والمصالح الشخصية وكل الحسابات الضيّقة .

انهم مشاريع انسانية تتحرك على الارض بفاعليةٍ واخلاص، لا لتبني مجداً شخصيا، أو تنميّ إرثا عائليا، بل لتروي ظمأ الانسانية الى العدل والخير والحياة الكريمة والوصول الى مرافئ الاستقرار والازدهار .

-3-

انّ الامام الحسين (ع) لم يكن هَمَّهُ الخلاص شخصياً من قبضة السلطة الأموية الغاشمة .

وانما كان همُّه انقاذَ الأمة كلّها من براثن الطغيان الاموي، ومن نيران الاستبداد والانحراف، وانقاذ الرسالة من التحريف والتزييف .

ومَنْ يحمل مثل هذا الهّم المقدس الكبير لن يتوقف عن العطاء

وهكذا كان .

فلقد وظّف الامام الحسين (ع) آخر قطرة من دمه الشريف، ودماء الصفوة الطاهرة من اهل بيته واصحابه، من أجل همومه الكبرى، فكان أنْ امتلك ناصية الخلود ، وعاشته الأجيال مناراً، ورفعه الأحرار رايةً عبر المخاضات الصعبة في مواجهة القوى الداكنة، من يوم عاشوراء حتى يوم الناس هذا .

-4-

ان الدموع التي تنساب حارةً من عيوننا اليوم، ليست تعبيراً عن ضعف وانكسار، بل هي تعبير عن رفض صريح للظلم والظالمين …

وانها تشحن النفس بمقومات الصمود عبر المنازلة الراهنة لأعداء الله

والانسانية من التكفيريين المجرمين ..

وهذه الدموع فيها معنى الرقة والانسانية،ولذلك فهي من أكبر العوامل المحفزة على التعاطف والتفاعل مع آلام البائسين والمستضعفين، فضلاً عن أنّ هذي الدموع هي دليل الفجيعة الكبرى بما ارتكب يوم الطف من مجازر لم يشهد لها التاريخ مثيلاً …

فهي اذن مواساة للرسول (ص) وللزهراء البتول (ع) ولأئمة الهدى من اهل البيت بالمصيبة العظمى .

-5-

ان السلطويين في العراق الجديد وللاسف الشديد – لم يتجاوزا في همومهم حدود الحفاظ على مكاسبهم وامتيازاتهم …

ولقد أوصلوا البلاد الى حافة الهاوية …

واذا كنا قد شهدنا توبة (الحُرّ الرياحي) الذي جعجع بالحسين ثم تاب وأصرّ على ان يكون أول المستشهدين بين يديه، فاننا لم نجد حتى الآن واحداً من اولئك السلطويين يبادر الى التوبة ويُعيد بعضا مما اختلسه من المال العام ..!!

فضلا عن ان يعيد جميع ما نهب،

ولن يخطر على باله أبداً أن يقاتل مع الأبطال من الحشد الشعبي وقوات الجيش والشرطة وأبناء العشائر الكريمة ساعة واحدة .

ان بعضهم ذهب لالتقاط الصور ليضيف الى مسلسل الخداع والتضليل مفردة جديدة .

-6-

هنيئا للشهداء الذين ضرجوا بدم الشهادة وهم يقارعون الاوغاد من

داعش ، واننا لنفخر بهم باعتبارهم أنصار الحسين المعاصرين .

 

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات