17 نوفمبر، 2024 11:27 م
Search
Close this search box.

مباديء الاستعمار الغربي الجديد وشرعنة الفكر التيمي الوهابي

مباديء الاستعمار الغربي الجديد وشرعنة الفكر التيمي الوهابي

الجغرافيا العربية اليوم وغدا مهددة بالتغيير والاجتزاء أكثر من أي وقت مضى بسبب الأحداث المتسارعة المفاجئة والتجاذبات والمؤامرات المحاكة في مختبرات الغرب على نفقة الأموال الأعرابية بفضل سياسات الحكومات الرجعية المتخبطة، وبسبب تطورات مهزلة الربيع العربي في تونس ومصر واليمن وصولا إلى تحقيق هذه الأمنية الشاذة في سوريا والعراق ولبنان.
   وترافقا لهذه الخضخضات ستظهر علامات زعزعة ومحاككة وقلاقل في الخفاء الغير محسوس في الدول المحصونة من ذوات الارتباط المخلص والوطيد بالغرب المهادن للكيان الصهيوني، فتهمز أيضا وتؤشر على مدى تخبط الأنظمة الحاكمة المخضرمة فيها من زمن “قال وبلى”، وتشير إلى حجم التخبط الغربي وارباكه في عدم الامساك بمختلف اللعب الجارية على الساحة العربية.
 
  فبعد نجاح الحلف الاطلسي بالقضاء المبرم على نظام القذافي الكارتوني تسارع الغرب وبشدة بدفع من خيالات الاعراب وحقدهم التاريخي الاعمى والأسود ووسواسهم الخناس بالاندفاع إلى سوريا لاسقاط نظامها الشرعي القائم فيها لصالح بما يسمى بجبهة النصرة الإرهابية المدعومة من عدة أنظمة معروفة في المنطقة لوجستيا واعلاميا وماديا ومن عدة نواحي أخرى، حينذاك وفي حال نجاح هذه المكالبة سيتم الإعلان فورا عن حكومة العالم التوراتية الجديدة وعاصمتها في منظورهم العنصري اورشليم-أي القدس- وبمباركة دول الاستكبار العالمي التي تسمي نفسها بدول”الاجماع العالمي” أو “المجتمع الدولي” بزعامة أمريكا، وحالما يتم الإعلان عن سقوط دمشق، فستكون هذه الدولة حينئذ كواقع حال مفروض على العرب ودول المنطقة الاسلامية، وعلى اعين وانظار الحكومات العربية المتهرئة وحكومات بما يسمى بالربيع العربي وصمتها ورضاها بالذعر والهوان الاستسلامي، على غرار ما جرى في ١٩٤٨ عند إعلان الكيان الصهيوني آنذاك .
 
   نستنتج من هذا، أن دمشق هي العاصمة العربية الاولى الزاعمة بمواجهة الاحتلال الغاشم للأراضي العربية والمتصدية له دائما وعلى طول الخط الجبهوي،وهي العاصمة التي لم تهادن اسرائيل أبدا ولن تعترف بكيانها الصهيوني بالرغم من مختلف الضغوط التي مورست ضدها، وهي العاصمة التي لم توقع معها معاهدة صلح أو سلام لحد هذه الساعة.
 
   وهذا يعني كذلك أن موقف دمشق هذا لا يروق للمشروع الغربي المتبنى من قبل بريطانيا وفرنسا وإسرائيل والذي تنفذه أمريكا في الداخل الأمريكي والخارجي العولمي وفي المحافل الدولية، للسيادة المطلقة على العالم العربي ودعم اسرائيل، بلحاظ أنها دول أستكبار عالمي لاتدانى وترجمت هذا الانتهاز إلى حلف سياسي عسكري مخصوص للتدخل في دول المنطقة والتحكم بإراداتها وإذلال شعوبها.
 
  وبالمقابل فإن الإرادة الإلهية هي السائدة، التي تمد الإرادة العربية والاسلامية بالسداد والفلاح، وأن روسيا والصين وإيران قد تصاعدت إلى مستوى رسم الأولويات التي تقف بالضد في طريق دول الاستكبار العالمي دون تنفيذ خططها ليس كحجر عثرة في خارطة طريقها فحسب بل لإفشال حيلولتها الهادفة لإنجاز مشاريعها السياسية والاقتصادية والتنموية والعسكرية، ومن أجل تمكين سيادتها هي الأخرى لضمان اداء مصالحها في المنطقة وفي طول الامتدادات الآسيوية وبعض امتدادات الالسن الأوربية والإفريقية، وعليها أن تقف إلى جانب النظام السوري القائم لمكافحة هذا المشروع وافشال مخططاته الرامية للإستيلاء اللصوصي على خيرات العرب وجيرانهم، وإخصائهم تحت يافطات وعناوين وشعارات كاذبة لنشر الديموقراطية المزعومة في المنطقة، بالتنسيق مع الدول المحصونة كالسعودية وقطر.

  إن جشع الغرب المتمثل بإقتصادهم الرأسمالي والربوي في معظم مفاصله، والمبني على القرصنة المالية والاحتيالية لأغلب شركاتهم، ودهائهم السياسي ذي الخبرات المتراكمة في جل تجاربهم في دول العالم المتخلفة والفقيرة والنامية عند إستعمارها أحيانا أو التدخل المباشر وغير المباشر أحيانا أخرى، والمراهقة السياسية الاعرابية وطيشهم الاقتصادي بما حباهم الله من ثروات طبيعية هائلة قابلة للتبديد والتبذير وتسخير هذه الثروات في أغلب الأحيان في خدمة اصدقائهم الغربيين لكسر وتليين ارادة أقرانهم من العرب والمسلمين وبقية الأديان والمذاهب لإعتناق مذهبهم المنحرف، ووطأة التاريخ العربي الثقيل وتراثهم الاسلامي الخالد المبني على الايمان المطلق بالله وعلى اعتناق النواميس العرفية الشرقية الأصيلة المتوارثة المغايرة لمعتنقات الغرب المبنية على نواميس أكثر انفتاحا من أي وقت مضى، كلها أسباب ومسببات لتعقيد وتشابك المواقف والأهداف والمصالح في المنطقة للضغط الهستيري الغربي-الاعرابي لتغيير ملامح الجغرافية وتعديلها بما يتلاءم مع سيتراتيجاتهم الخبيثة والحثيثة التي لا يكتب لها النجاح مع أي وضع آخر إلا مع وضع تعديل الجغرافية العربية تحت دائرة الإستئصال والإجتزاء الكانتوني، وقد يؤدي هذا العامل وبحسب تقديراتهم أن تستجد في المنطقة وفي جميع الأحوال احتمال حدوث مماحكات سياسية سيئة اقلها نشوب حرب شاملة في المنطقة تتناسب شدة تصاعد اوارها طرديا بحسب شدة غطرسة الغرب وحقد الاعراب التاريخي للعرب والمسلمين.
 
  كما أن افتعال الأزمات المؤدية لتلك المماحكات ليس بالشيء العسير مادام أن رعاتها متغلغلون في الوسط العربي والمناطقي بسبب التموضع الغربي السياسي والاقتصادي والثقافي والتنموي في تلك الاوساط، وبسبب السمسرة والروايات المفتعلة التي تحاك على وضد الدول المارقة، كاستعمال الأسلحة الكيمياوية والمفاعل النووي، وفرية حقوق الإنسان المصادرة من قبل تلك الدول، يعاضدها في ذلك قوة تأثير المثلث المحوري بأذرعه الثلاث “الدين والمال والإعلام” الذي كثيرا ما يجيد استعماله الغرب في حروبهم الصليبية والكونية، والاعراب في تمرير افكارهم على اعقاب عصر صدر الإسلام الأول ومن عهد “خالهم معاوية بن أبي سفيان” إلى يومنا هذا.

  إن الإسلام السلفي الوهابي سيتزعم ويحرك تلك المماحكات والتداعيات والحروب والفتن والدعوة لها ونشر المبادئ التي إعتنقوها في جميع ارجاء العالم والمنطقة خاصة، بحسب ما تعلموها في المدارس والجامعات الرسمية السعودية في سبعينات القرن الماضي، فإنبثقت على ضوء ذلك منظمات إرهابية كالقاعدة والنصرة وهيئات علماء المسلمين في كل مكان، وصار خريجوها دعاة ومفتين ومبشرين لهذا الفكر المنحرف ومن لم يرقى لهذه المراتب ينخرط في ما يسمى بعمليات الجهاد والقتال، وممارسة الإرهاب والقتل والذبح على الهوية والتصفيات الجسدية والجماعية، وأغلب هؤلاء ممن صودرت عقولهم ويباعون ويشترون في أسواق النخاسة بدراهم معدودات كإمعات تحت شعار فرية الحفاظ على بيضة الإسلام وغدائهم مع الرسول (ص) بعد إستشهادهم المزعوم ودخولهم الجنة.
 
  هكذا تنشر المباديء الغربية وفق مبدأ الاستعمار الجديد من خلال شرعنة الفكر التيمي الوهابي الذي إبتليت به الأمة، إذ تحول معتنقوه إلى مرضى شذاذ يعانون من أزمات نفسية متعددة لاتعالج ولا يشفى صاحبها الا بالانتحار وقتل النفوس البريئة، ومما يدفع الاعراب لارتكاب هذه الافعال التهور والجشع المادي ونقص في العقل والدين والحقد الاعمى الكامن في صدورهم على أغلب المسلمين والعرب، فيتحولوا بعد أن يتورطوا بعدة ممارسات اجرامية إلى مطية ذلول بوضع اليد عليهم من ناحيتي الغرب وأدواتهم من الاعراب، حتى يرقى الموضوع إلى تدجينهم كمرتزقة مع من هب ودب من أقرانهم في الدول الاخرى، وذاك يعني فيما يعنيه عملهم هذا انهم يضربوا عصفورين بحجر واحد وهما: مسخ الرسالة المحمدية والقضاء على مصداقية النبي محمد(ص) ومن حملوا رسالته من الائمة المعصومين وأهل بيته الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم اجمعين، واصحابه الميامين المنتجين المخلصين رضوان الله عليهم اجمعين، وانهم -أي الاعراب- هم الجديرون بحمل هذه الرسالة والعارفون بمقاصدها وتبليغها بعد تكفير وقتل اتباع أهل البيت (ع) وبقية المسلمين على انهم خارجون عن الملة وكفار، والأمر الآخر تفكيك وحدة الإسلام ونشر الفتن وحالات الاقتتال والحروب الأهلية والتصفيات الجماعية، وعدم استقرار المنطقة وتفكيكها إلى كانتونات متناحرة والى الأبد لصالح المصالح الغربية والاعرابية والصهيونية وتمكينهم من التبشير لصالح دينهم ومعتقداتهم السياسية، مادامت بعض العقول الكهوفية والصحراوية تتقبل هذا الوضع لتغليب مصالحها الخاصة على مصالح شعوب المنطقة باجمعها.

أحدث المقالات