17 نوفمبر، 2024 10:21 م
Search
Close this search box.

رقية: لقد شغلني الحزن لك عن الحزن عليكِ!

رقية: لقد شغلني الحزن لك عن الحزن عليكِ!

 لم تسجل يوماً لحظة إنتصار للقوة على الحق، كما سجل التأريخ هزيمة يزيد عليه اللعنة، وهذا ما شهدته ليلة الحادي عشر من محرم الحرام، فمع فراق الأجساد الطاهرة، وملحمة الرؤوس الشريفة، الشامخة على أسنة الرماح، هناك عمل بطولي قامت به أم المصائب، زينب عليها السلام، وهي تدور بين الأطفال والعيال، فروحها تتراكم حولها غيوم الأحزان، وعواطف الذكريات الأليمة، وبين ضجيج الباكين، وعويل المنتحبين، صنعت كربلاء من العائلة الكريمة، نشيد الزمان الخالد، على مر العصور والدهور!
بين سجلات الزمن الحسيني، وأوراق التأريخ الكربلائي، وكلمات الصبر الزينبي، توجهت طفلة في ليلة موحشة، من أيام الأسر في الشام، وتوجهت لعمتها قاصدة معرفة الحقيقة، محركة لقضية رأس مسجى بلا جسد، في لحظات حزينة بطشت مغطى، فكان مصير الطفولة مرهوناً بالرأس المقدس، فتوجهت رقية بنت الإمام الحسين عليهما السلام الى الحقيقة، مع أن جواب أهلها إن أباك في السفر، (يقصدون سفر الآخرة)، لكنها سابقت الليل والمنام، فروت قصة من قصص أطفال كربلاء، في رحلة الكرامة! 
إن مظلومية الطفلة رقية بنت الحسين عليهما السلام، تكمن في إظهار الحقد الأموي، تجاه البيت العلوي، والذي تميز به يزيد الطاغية، حيث أزعجه سماع بكاء الطفلة، ونحيبها لفراقها عن والدها، فالعلاقة بينها وبين أبيها، كانت لا سابقة لها في الحنو والعطف، إلا جدتها الزهراء عليها السلام، والتي كانت تعرف بأُم أبيها، حيث حملت همومه وآلامه، وحان لرقية أن تتبوأ هذا المقام، فأصبح لجسدها قبر يزار، ولم يعد هناك قبر يذكر لقاتلها، الطاغية يزيد عليه اللعنة!
لقد توجهت السيدة رقية بكرامتها ومظلوميتها، الى جميع أتباع أهل البيت في الدول الإسلامية: أن إجعلوا يوم إستشهادي، يوماً للطفولة العالمية، التي إغتالتها يد الحاكم الأموي الحاقد، حيث جعل من ترويعها بهذه الطريقة، وإحضار رأس أبيها الطاهر أمام عينيها الباكيتين، لهو أمر مهول ولطفلة بعمر الخمس من السنوات، فأية طفولة وأدت؟ وأي جرم أذنبت؟ فكل ما طلبته رؤية والدهان الذي أرهقها البعد عنه، فبات الصراخ صراعاً، لتقييم الخاسر والمنتصر، بين العلوية رقية، وبين يزيد الطاغية!
قبر يتيمة الحسين عليه السلام، ضريح حرك الضمائر والقلوب، وهز الوجدان من الأعماق، من كل المذاهب والطوائف، لأن مرقدها يحكي قصة ألم الفراق، ووداع لأب حنون، وبطريقة وحشية، ففي الشام قبرها يتجدد، وكراماتها تسمو بعليائها نحو السماء، التي إستقبلتها بكل الأسى، ما بين باكٍ وباكية، وسيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام، تنتظر قدوم الرأس مع الجسد، في لقاء أبوي كفرحة البتول بلقاء أبيها، صلواته تعالى عليهما، فسلام عليها يوم ولدت، ويوم إستشهدت، ويوم تبعث حية!
 
ينبغي أن تكون الرسالة قد وصلت، ومفادها أن كل مَنْ يسمع ببشاعة، ما أرتكبه الطاغية يزيد، بحق هذه الشفاه العطشى، وهي تلتقي بشفاه أبيها الذابلتين، المضرجتان بالدماء الزاكية، فتعلن رحيلها للحياة الأبدية، وهنا لابد لنا من إعلان، مظلومية أهل البيت، وقصة إنتصارهم وتضحياتهم لكل العالم، ولنبدأ بالطفلة التي تسلب منها طفولتها رغماً عنها، فلنتكلم في الأمم المتحدة، والمنظمات الإسلامية، وحقوق الإنسان، ومحاكم العدل، وليعلموا أن الإسلام لا يريد دولة بلا أطفال، ولا حياة بدون الحسين! 

أحدث المقالات