كتبت – نشوى يوسف :
ترددت مؤخراً آنباء في الداخل العراقي، خاصة البيت الشيعي، عن وجود بوادر للإنقسام، مع الدعوة للإنقلاب العسكري أو السياسي على رئيس الوزراء “حيدر العبادي” بتهمة تقاربه مع واشنطن.
مروجي تلك الآنباء عللوا وجود الإنقسام بخروج الزعيم الشيعي “مقتدى الصدر” بتصريحاته التي دعا فيها رئيس النظام السوري “بشار الأسد” إلى التنحي عن منصبه وهي المرة الأولى التي تصدر من زعيم شيعي في هذا المستوى، مطالباً جميع الميليشيات العراقية في سوريا بالانسحاب وترك زمام الأمور لشعبها.

مضيفين أن الخلاف بات واضحاً بعد زيارة رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي” الأخيرة لواشنطن حيث وصف بعض قادة الميليشيات، “ميليشيات الحشد الشعبي”، بأن الزيارة تمثل ولاء العبادي للولايات المتحدة وابتعاده عن إيران التي يقولون إنها ساهمت بدعم العراق ضد داعش.
وكان قائد ميليشيات أبو الفضل العباس أوس الخفاجي، وهي إحدى الأذرع المنضوية تحت راية الحشد، وتقاتل مع النظام في سوريا أيضاً، قد حذر العبادي من التقارب مع واشنطن على حساب إيران.
تزايد الدور الأميركي بسبب داعش..
محللون للشأن العراقي خرجوا مسبقاً بتحليلات حول تزايد الدور والانتشار الأميركي في أغلب مناطق البلاد المستعادة من تنظيم “داعش”، وأن الأحداث الأخيرة التي شهدها العراق، عقب سيطرة داعش على مدينة الموصل ومناطق أخرى، بعد الإنسحاب المفاجئ للجيش العراقي صيف 2014، حوّلت معظم مناطق العراق التي كانت عصية على القوات الأميركية إبان الإحتلال الأميركي، عقب عام 2003، إلى مناطق خصبة لإنشاء قواعد عسكرية لها، بعد قضائها على مشروع المقاومة الوطنية في تلك المناطق.
لا وجود لخلافات مع العبادي..
الناطق باسم الحشد الشعبي وعضو البرلمان العراقي “أحمد الأسدي”، في تصريحات لـ(كتابات)، نفى وجود إنشقاقات أو خلافات داخل الحشد الشعبي أو وجود دعوات لإنقلاب عسكري أو سياسي على رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي” بسبب تقاربه من واشنطن، مؤكداً على دعم العبادي الدائم للحشد، وارتباط الحشد المباشر به.
الصحافي العراقي “هاشم الشماع” يقول، لـ(كتابات): “ليس هناك خلافات بين الحشد الشعبي وإنما إختلافات.. والفرق واضح جداً فالإختلافات في وجهات النظر وتقديم الأولوية، هذا موجود ليس في مؤسسة الحشد الشعبي فقط بل في جميع مؤسسات العالم، فهناك من يرفض التقارب المفرط مع الولايات المتحدة الأميركية باعتبار أنها كانت محتلة للعراق، ودولة عدائية للشعوب المستضعفة وهذا مبدأ ثابت لديها”. مشيراً إلى أنه يوجد قسم أخر يعد هذا التقارب من جانب سياسي ودعمه للعراق في حربه ضد داعش لا بأس بهذا المقدار، ومن هنا وقع الإختلاف بين الفرقاء ولكن هل هذا الإختلاف يصل حد الخلاف والقطيعة والتنافر، “اعتقد جازماً أنه لن يحدث أبداً، وذلك لإدراك الجميع من هو العدو الذي يواجهه العراق”. مضيفاً إلى ذلك أن “السيد العبادي هو القائد العام للقوات المسلحة حسب الدستور العراقي، والحشد الشعبي قوات رسمية ولها قانون وقائدها هو العبادي الذي كان له تصريحاً سابقاً: “بأن اليد التي ستمتد إلى الحشد الشعبي ستقطع”، وهذا التصريح بحد ذاته نقطة اتفاق بين أطراف الحشد، إذاً هذه أول نقطة خلافية مع أميركا ومحورها، كما وأن العبادي يمثل السياسة الخارجية العراقية بالتعامل مع الدول والتقارب من هذا الجانب من مقتضيات العمل السياسي وبالتالي الإختلاف بالجزئيات الصغيرة”.
الإنقلاب السياسي وارد.. العسكري ضرباً من الخيال..

رداً على اطروحات تصنيف الإنقلاب المزعوم على رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، هل سيكون إنقلاباً عسكرياً أم سياسياً، يرجح “هاشم الشماع” بانه في حالة وقوعه سيكون انقلاباً سياسياً. قائلاً: “نعم وارد حزب سياسي ينسحب من كتلة كبيرة، أو كتلة تسحب ثقتها من رئيس الوزراء، أو انسحاب وزير من العمل السياسي وارد، بل أيضاً وارد جداً من يطلب سحب الثقة من رئيس الوزراء.. لا بأس بذلك، لكن انقلاباً عسكرياً لا أعتقد لأن زمن الإنقلابات العسكرية في العراق قد ولى”. مشيراً إلى أن “العراق اليوم لديه مؤسسة عسكرية لا تؤثر فيها المؤثرات السياسية، ومحكومة بدستور معترف به من الجميع، والعالم الدولي أيضاً لا يسمح لمثل هذه الإنقلابات لأن المرحلة الحالية تعمل على إعادة ترتيب الأوراق التي خلطها الديمقراطيون في المنطقة وأحدثوا الفوضى الخلاقة، فالجميع اليوم يسعى إلى التهدئة، اذاً العمل العسكري ضد النظام في العراق أصبح اليوم ضرباً من الخيال”.
وكانت المقاومة العراقية قد انطلقت شرارتها في عام 2003 عقب الغزو الأميركي على العراق، وأبرز فصائلها “الجيش الإسلامي” و”جيش المجاهدين” و”جيش الراشدين” و”أنصار السنة” و”كتائب ثورة العشرين”، وفصائل ومجموعات أخرى تتكون من ضباط سابقين في الجيش العراقي، حيث واصلت تلك الفصائل قتالها ضد القوات الأميركية حتى خروج الأخيرة مطلع عام 2011.
وتعتبر “قوات الحشد الشعبي” قوات نظامية عراقية، وجزء من القوات المسلحة العراقية، تأتمر بأمرة القائد العام للقوات المسلحة ومؤلفة من حوالي 67 فصيلاً، تشكلت بعد فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقتها المرجعية الدينية في النجف، وذلك بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على مساحات واسعة في عدد من المحافظات الواقعة شمال بغداد، وأقر قانون هيئة الحشد الشعبي بعد تصويت مجلس النواب العراقي بأغلبية الأصوات لصالح القانون في 26 تشرين ثان/نوفمبر 2016.
وتكونت نواة الحشد من المتطوعين الذين استجابوا لفتوى الجهاد الكفائي، وهم بأغلبية من الشيعة، وانضمت إليهم لاحقاً العشائر السنية من المناطق التي سيطرت عليها داعش في محافظات صلاح الدين ونينوى والأنبار، وكذلك إنخرط في صفوف الحشد آلاف أخرى من مختلف الأديان والقوميات كالمسيحيين والتركمان والأكراد، ووصل عددهم أكثر من 140 ألف مقاتل.