كتب – محمد بناية :
أصدر الاتحاد الأوروبي بعد أيام من الاستفتاء على خروج بريطانيا، استراتيجية جديدة باعتبارها الاطار الرئيس لإعادة تعريف السياسة الخارجية والأمنية المشتركة للمستقبل الأوروبي. فما هي النقاط الرئيسية في هذه الاستراتيجية؟.. وإلى أي مدى ترتبط هذه النقاط بالدور الإيراني؟.. وفي هذا الصدد يمكن القول إن الاستراتيجية العالمية للسياسة الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد الأوروبي تقوم على خمس نقاط أساسية هي: “السلام، والأمن، والتقدم والازدهار، والديمقراطية”، وأخيراً “القانون”. وكلها ترتبط لأسباب مختلفة بالدور الإيراني سواء على مستوى منطقة غرب آسيا أو على المستوى العالمي. بحسب الكاتب الإيراني “بهزاد أحمدي لفورکي” الباحث الزائر بمركز الأبحاث العلمية والدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط.
إيران والاتحاد الأوروبي..
يقول لفوركي: “أولاً: يجب أن تكفل السياسة الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد الأوروبي أمن الدول الأعضاء إزاء التهديدات الإرهابية وغيرها. من هذا المنطلق يحوز الدور الإيراني أهمية خاصة نظراً لدورها في مكافحة داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية لاسيما المتشددة والسلفية. ثانياً: تركز هذه السياسة على ترميم قدرة الحكومات والمجتمعات في الشرق وحتى آسيا المركزية من جهة وإفريقيا الوسطى من جهة أخرى وكذا إعادة تثبيت الحكومات الضعيفة. وفي هذا الصدد يحوز الدور الإيراني في إدارة موجات الهجرة من دول أفغانستان وباكستان وبنغلاديش، ودورها في ترميم الحكومات اللبنانية والعراقية والسورية والأفغانية أهمية خاصة”.
مضيفاً الباحث الإيراني في مقالة له بعنوان “مكانة الجمهورية الإيرانية في الاستراتيجية الأوربية للشرق الأوسط” نشرها “مركز الأبحاث العلمية والدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط” المحسوب على التيار الأصولي: “الوثيقة التي نشرها برلمان الاتحاد الأوروبي قبل أشهر حول علاقات الاتحاد مع الجمهورية يشير إلى أن إيران واحدة من الدول القوية في المنطقة بما يتوفر لها من احتياطي غاز هائل ولأنها كذلك شريك مهم للاتحاد الأوروبي في المناطق المضطربة – منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا أو المعروفة اختصاراً باسم اونا -. وعليه لا يمكن تجاهل الموقع الاستراتيجي الإيراني في منطقة اونا. كذا تطرقت الوثيقة الأخيرة للسياسة الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد الأوروبي للدور الإيراني، وقد شددت الوثيقة على ضرورة تبني منهج شامل لحل النزاعات والأزمات القائمة على المشاركة الأوروبية والأطراف الدولية والإقليمية. وهنا يمكن تتبع الدور الإيراني المهم في حل الأزمات السورية والعراقية، حيث تدعم إيران هيكل الحكومة – الشعوب في المنطقة والمحافظة على الأنظمة القائمة وكذلك تلعب دوراً مهماً في تثبيت هذه الأنظمة”.
الكثير من القواسم المشتركة..
مستطرداً الباحث المتخصص في الدراسات التركية والسياسة الخارجية وقضايا الشرق الأوسط: “ثالثاً: طبقاً للوثيقة الأخيرة للسياسة الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد الأوروبي، يدعم الاتحاد النظم الإقليمية حول العالم؛ وتلعب إيران أيضاً دوراً بالغ الأهمية في هذا المجال. فالأوضاع الراهنة بلغت المرحلة التي قال عنها بوزان “الأمن من أسفل إلى أعلى” أي يشكل الأمن الإقليمي أمن الأنظمة العالمية. وعليه يمثل حل النزاعات والارتقاء بحقوق الإنسان في دول منطقة أونا وبينها دول حوض البحر الأبيض وإفريقيا والشرق الأوسط عنصراً رئيساً للاتحاد الأوروبي في مواجهة التهديدات الإرهابية والتحديات المتعلقة بنشر الديمقراطية. وفي هذا السياق يسعى الاتحاد الأوروبي ضمن المعايير التطبيقية التي تعني دعم ونشر القيم قدر المستطاع للتواجد المتوازن في منطقة الخليج ومد جسور التعاون مع دول تلك المنطقة. وتأمل الوثيقة أن يؤدي الاتفاق النووي الإيراني مع مجموعة الست إلى التعاون التدريجي في القطاعات الأخرى من مثل التجارة والبحث والبيئة والطاقة ومكافة المخدرات ومسألة الهجرة وغيرها من التحديات، وبالتالي يمكن تتبع الدور الرئيس لإيران في هذه القطاعات”.
ويختم بهزاد أحمدي لفورکي بقوله: “طبقاً لاستراتيجية الاتحاد الأوروبي، يتعين على الاتحاد تنمية منهج إصلاح النظام العالمي – القائم على المعايير الدولية – بغرض كسب الاحترام ونشر التنمية المستدامة وكذا تحقيق التجارة العالمية. وفي هذا الصدد تشدد وثيقة السياسة الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد الأوروبي على دور الاتحاد في التأسيس لنظام عالمي يلتزم بالقوانين والتعددية. وما الاتفاق النووي الشامل إلا نجاحاً كبيراً للاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بنشر المعايير الدولية والإقليمية بخلاف المحافظة على الأوضاع القائمة. وكمحصلة نهائية يجب القول إنه بعد الاتفاق النووي وتطورات أنظمة منطقة أونا، فثمة الكثير من القواسم التي تؤسس لتعاون أكثر تأثيراً بين إيران والاتحاد الأوروبي لاسيما في مجالات نشر الاستقرار والأمن في منطقة أونا، ناهيك عما توفره الكثير من بنود الاستراتيجية العالمية للسياسة الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد الأوروبي بالاضافة إلى التعاون الإيراني من فرص تحقيق هذه الأهداف”.