27 نوفمبر، 2024 1:27 ص
Search
Close this search box.

جمعــة بعــد جمعــة.. والفاســد نقلعــــة..

جمعــة بعــد جمعــة.. والفاســد نقلعــــة..

ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا، فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما….. هذا ما قاله الامام الحسين (عيه السلام) معلنا (التحدي) و (الاصرار) في مواجهة حكومة فاسدة وفاشلة.. لا يمكن السكوت عليها، والموت في معارضتها (أفضل) من العيش ساكتا..

كانت مواقف الامام الحسين معلنة وواضحة.. وكانت ثورته متكاملة وشاملة، تستوعب حاضرها وتنطلق الى المستقبل لتؤسس (وعي) عند الامة ضد الحاكم الاسلامي الفاسق..

كان دولة معاوية تعلن الاسلام دينا وشعارا ودثارا لها، وهي تعمل مع الدولة البيزنطية، للقضاء على الاسلام والمجتمع وحضارته.. لذلك عبر الامام عن بطلان الدولة بصراحة ووضوح.. فقال:

….ألا ترون أن الحق لا يعمل به وأن الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا، فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما….. أنتهى قول الامام (ع).

والباطل هو العبث والضياع (1).. فما هو الحق..؟

ورد في المعاجم، الحَقّ : اسمٌ من أسمائه تعالى، الحَقّ : الثابت بلا شَكٍّ، الحَقُّ يُقَالُ إِنَّهُ عَادِلٌ فِي أَحْكَامِهِ : فِي الحَقِيقَةِ ، فِي الوَاقِعِ. اما الفعل، حقَّ الأمرُ : صحّ وثبت وصدق، حَقَّهُ بِالقَانُونِ وَالعَدْلِ : غَلَبَهُ عَلَى الحَقِّ وَأَثْبَتَهُ عَلَيْهِ ، حَقَّ عَلَيْهِ العَذَابُ : وَجَبَ يس آية 7 لقَدْ حَقَّ القَوْلُ عَلَى أكْثَرِهِمْ ( قرآن )

ومن هذا، يتوضح (الحق) المطلوب، وهو حكومة وحاكم يفيد ولا يضر، عادل في احكامه، خلاف الحكم الباطل، الذي يضر ولا يفيد.

ويمكن ان نفهم من النص الحسيني (اعلاه) ما يلي:

اولا: ان قائد الثورة (الامام الحسين) يحشد ضد الدولة والحكومة الفاسدة، الحالية، لانها لا تعمل بالحق وبالمنطق وبالعدالة. ولانها لا تتناهي ولا تترك الافعال الظالمة والفاسدة.

ثانيا: ان الثوار يجب ان يكونوامصرين على الاصلاح، ولو كلفهم ذلك الاصلاح حياتهم، لانهم لا يرون الموت إلا سعادة، أما الحياة والبقاء مع الحكام الظالمين والفاسدين، فهي ليست حياة، بل برما وعبثا…

ان الامام الحسين، وضع المباني والثوابت للثورة الاصلاحية، للماضي والحاضر والمستقبل، ترتكز على الاصرار والتضحية لاجل تغيير واقع الدولة والحكم، فضلا عن تغيير مواصفات الحاكم وطبيعته، فقال الامام:

ويزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحترمة معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله..

وكان الامام الحسين، حينها، يؤسس لمنظومة قيم ثورية واصلاحية، ضد السلطة والجكومة الفاسدة في اي زمان ومكان، وخاصة في ارض ثورته، العراق..!

وقد ثقف الامام الحسين، القواعد الشعبية، في الامة عامة، والعراق خاصة، على الاصرار.. ونحو التضحية في سبيل الاصلاح.

يضاف الى قضية حسينية، ثانية، وهي اساسية، في المشروع الالهي، وتلك القضية هي: التحشيد نحو بديل صالح، له مواصفات لا تقل عن مواصفات النبي، او قريبة من المستوى النبوي في الادارة والحكم. فقال الامام الحسين، ما نصه:

…..الأمير إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة، ومحل الرحمة، بنا فتح الله وبنا يختم، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحترمة معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله…

ان الثورة الحسينية، تمثل الضمير البشري، المرتكز في فطرة الوجود البشري وعقله الجمعي، الساعي الى حياة سعيدة في ظل دولة عادلة، يقودها الاانسان المثالي، النزيه، الكفوء، المنتج للتكامل والتطور الروحي والقيمي. ذلك الحكم العادل والحاكم الناجح، بشر به الامام بقوله: نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أينا أحق بالخلافة والبيعة..

ويتضح المعنى الشامل في رفض الحكم الظالم والمطالبة بالبديل الصالح بقول الامام الحسين، ونصه:

….. إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة، ومحل الرحمة، بنا فتح الله وبنا يختم، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحترمة معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله، ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أينا أحق بالخلافة والبيعة..

واليوم، في العراق، حكمت سلطة ظالمة غاشمة، مارست الفساد والباطل وسرقة المليارات من اموال المسلمين، بابشع صورة، وبوقاحة اموية. وقد استخدمت احزاب السلطة (الحالية) الدين، لتضليل المجتمع، وتشويه صورة الثورة الحسينية وقائدها.

مما يجعل مهمة (التصدي) لحكومة الاحزاب الباطلة .. واستبدالها بالحكومة (الصالحة) هي مهمة الحسينين الحقيقين. وهم المتظاهرون، الذين يرفعون شعارات (الاصلاح) في ساحات التظاهر المباركة: ويطالبون بارجاع الاموال المسروقة.

تجدهم مصرون على التظاهر..تتعالى هتافاتهم:

جمعــة بعــد جمعــة.. والفاســد نقلعــــة..

وللحديث بقية..

الهوامش:

(1) تم تفصيل معنى الباطل في مقالة سابقة، منشورة في هذا الموقع.

(2) مصدر النصوص الحسينية: راجع الكامل في التاريخ 3 / 246

أحدث المقالات

أحدث المقالات