ونحن نقف بين يدي ذكرى استشهاد سبط رسول الله (ص) الامام ابي عبد الله الحسين (ع) نحاول ان نستقرئ في سيرة الامام الشهيد العطرة التي تفجرت في كربلاء موقفا سيظل التاريخ ذاكرا له والاجيال متطلعة اليه ، موقف يذكر الامة بموقف جده رسول الله (ص) يوم عرضت عليه الدنيا مقابل التخلي عن رسالته فقال قوله الشريف الشهير : والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه ، وهو قول احتفظت به الامة ذكرى تعيدها الى جادة الصواب كلما تقاذفتها الاهواء واستوطنت في ربوعها المحن ، وعلى الطريق نفسه مترسما خطى جده المصطفى (ص) قال الامام الحسين يوم عاشوراء : يزيد شارب الخمور , وقاتل النفس المحرّمة , مُعلن الفسوق , ومثلي لا يبايعُ مثلهُ , وقال سلام الله عليه : أني لم أخرج آشراً ولا بطراً ، ولا مُفسداً ولا ظالماً ، وأنما خَرجتُ لطلبِ الأصلاحِ في أمةِ جدّي محمد صلى الله عليه وآله وسلم”
فرسول الله (ص) يقف في وجه اهل الشرك موقفا تتحرك الجبال وهو ثابت ، وسبطه يقف الموقف نفسه في وجه اهل الضلالة ، فالحسين امام سبط شهيد ، لا اظن ان مسلما موحدا يؤمن بالله تعالى ويصدق برسوله محمد (ص) يشك في ان الامام الحسين شهيدا ، وقد اثلج صدري الداعية السلفي الشيخ عائض القرني في تغريدة له قرأتها على صفحة ال CNN الالكترونية ، قال فيها : نحن أهل السنة نعتقد أن الحسين رضي الله عنه قُتل شهيداً مظلوماً ونلعن من قتله ونبرأ إلى الله ممن قتله ، نحن أهل السنة نحب آل البيت ونتولاهم ونرى لهم حق التقدير والحب والإجلال بلا غلوٍ فوق منزلتهم وهذا ما دل عليه الكتاب والسنة ، نحن أهل السنة نرى أن الحق مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأنه إمام عادل من الخلفاء
الراشدين وأنه أحق بالخلافة بعد الثلاثة من غيره ، ويتابع قائلا : الذين يقولون أن أهل السنة ناصبوه فهذا ظلم عظيم وجور وبُهت وإفك، فنحن نبرأ إلى الله ممن يناصب آل البيت العداء ونتولى آل البيت ونترضى عنهم ، نحن أهل السنة وسط بين من غلا في آل البيت وبين من ناصبهم العداء فنحن نتولى آل البيت ونحبهم ولكننا لا ندّعي عصمتهم ولا نغلو فيهم ولا نعاديهم ، انتهى الاقتباس .
انني لا اشك في ان الشيخ القرني صادق فيما يقول ، لان اهل السنة ليسوا نواصب ، بل انهم يذهبون الى ان بغض اهل البيت كفر باجماع المسلمين ، واعتقد ان هذه جادة وسط ، تصل بسالكها الى الهدى ، ولكن المشكلة ، وهي ليس مع اهل السنة ولكن مع السلفيين ، تكمن في تفصيلات عندها تلتبس الامور ، التفصيل الاول يبدا من خلاف امير المؤمنين على (ع) مع معاوية ، فالشيخ القرني يقول : أن الحق مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأنه إمام عادل من الخلفاء الراشدين وأنه أحق بالخلافة بعد الثلاثة من غيره ، وهذا منطوق يفهم ان معاوية على باطل لانه نازع عليا (ع) الامام العادل ، فهل يقول الشيخ القرني هذا ، ام انه يلجا الى تاويل قوله تعالى { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ، الحجرات /9} الذي استُدل به على ان القتال بين المؤمنين لا يخرج احدا عن الايمان ، ولكنه استدلال ليس في محله ، فالاية تتكلم عن طائفتين ، جماعة مسلمة تقاتل جماعة مسلمة اخرى ، لا مرجح لان يكون الحق في جانب اي من الطائفتين ، مسلمون التبست عليهم الامور فاقتتلوا ، من دون شك ان على المعتدي منهم الاثم ، الا ان القتال لا يخرج ايا منهما من الاسلام ، كاي مشاجرة بين مسلمين او مجمعتين مسلمين ، القاتل مسلم والمقتول مسلم ، ولا احد يقول بغير ذلك ، ولكن قتال الامام المبايع الذي اجمعت الامة على بيعته مختلف ، لانه ليس قتالا بين طائفتين ، انما هو قتال
بين امة تقف وراء امامها وبين خارجين عليها ، فمعاوية خارج على امام عادل تقف وراءه امة بايعته ليحكم بكتاب الله وسنة رسول(ص) ، هل يرى الشيخ القرني هذا ام انه يبقى عند التاويل الذي يرى الحق مع علي (ع) ولكنه لا يرى الباطل في صف معاوية ، اما التفصيل الثاني ففي كربلاء ، الداعية السلفي القرني يقول : نحن أهل السنة نعتقد أن الحسين رضي الله عنه قُتل شهيداً مظلوماً ونلعن من قتله ونبرأ إلى الله ممن قتله ، ويقول : أهل السنة يرون أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأنهما ريحانة الرسول صل الله عليه وسلم ويتولونهم ويحبونهم ويبرؤون إلى الله ممن عاداهم أو سبهم ، وانني لا اشك ايضا في انه صادق فيما يقول ، فالحسين (ع) ريحانة رسول الله (ص) وسيد شباب اهل الجنة ولا يوجد مسلم لم يتحرك في عمقه الامل والرجاء من الله تعالى ان يكون من شباب اهل الجنة سيده الحسين (ع) واني اسال الله تعالى ان اكون انا والشيخ القرني وجميع امة محمد (ص) في الجنة من اؤلئك الشبان الذين سيدهم الامام الحسين (ع) ، ولكن هل يعتقد القرني ان يزيد هو قاتل الحسين ام انه يتشبث بما اراد الامويين تثبيته من ان عبيد الله بن زياد بن ابيه هو الذي باشر قتل الحسين من دون امر من يزيد ، فيترضى على يزيد ويلعن ابن زياد ، في حين ان الحسين لم يخرج على ابن زياد ، فما هذا سوى ادة قذرة ينفذ بها يزيد ارادته ، في الحقيقة ان داعية كالشيخ القرني لا يتهم بدينه ولا بصدقه ، ولكن يؤخذ عليه وعلى غيره من شيوخ السلفية انهم وقعوا في شبهة ان الدولة الاموية اسلامية ، في حين انها دولة قامت على تهديم اسس الدولة الاسلامية ، التي قامت على البيعة الحرة المنجزة بلا اكراه من قبل امة حرة صاحبة سيادة في تنصيب الحاكم وخلعه ، فاغتصب الاموييون ارادة الامة وتركوا البيعة وراء ظهورهم ، مبتدعين توارث الحكم ببيعة صورية تقوم على مقوله : الخليفة هذا ، اشارة الى معاوية ، فان هلك فهذا ، اشارة الى يزيد ، فمن ابى فهذا ، اشارة الى السيف الذي استُل ، فكان جواب معاوية لهذا الخطيب المنافق : انت اخطبهم
من دون شك ان اهل السنة ليسوا نواصب ، وان الشيخ القرني ليس ناصبيا بل هو محب لمحمد (ص) واهل بيته (ع) ولكن هذه نصف الحقيقة ، اما النص الثاني ، فهو بغض اعداء محمد (ص) واهل بيته (ع) وهذا ما اتمنى صادقا ان يكون عليه الشيخ القرني .