يمكن القول أن جذور داعش الاولى كانت عام 1999 عندما أُطلق سراح الاب الروحي للتنظيم أحمد فاضل نزال الخلايلة الملقب “ابي مصعب الزرقاوي” من سجن في الاردن ، بعد ان قضى 5 سنوات من حكم السجن لمدة 15 عام بتهمة حيازة أسلحة والانتماء الى تنظيم ” بيعة الامام ” وهو التنظيم الذي تأسس عام 1992 على يد منظر السلفية الاردني عاصم محمد ظاهر البرقاوي ” ابو محمد المقدسي” وأستمر تواصل الزرقاوي بعد وصوله الى قندهار مع قيادات القاعدة آنذاك ، وحصل على قرض بقيمة 200 مليون دولار أمريكي لإقامة أول معسكر تدريبي لتجنيد المتطوعين ، حيث أستخدم القاعدة لبناء مجموعته والتي سميت فيما بعد باسم “جند الشام” وتغير الاسم بعدها ليصبح جماعة التوحيد والجهاد .
دولة داعش تطورت كثيراً منذ ذلك الحين إذ تحولت من مجموعة صغيرة وغير منظمة الى منظمة ذات طموحات دولية تركز على الحكم لدولة اسلامية عابرة للحدود ، فخارطة داعش الافتراضية والتي تبين المدن الرئيسية سواءً في العراق او الشام ، وسيطرتهم على شبكات الطرق الرئيسية والانهار حيث تمتد عمليات داعش من منطقة الباب الواقعة في شمال غرب سوريا الى حدود ديالى وبغداد في وسط العراق .
تنظيم داعش الذي يضم بين صفوفه أكثر من 31 الف مقاتل من بينهم (20-25) الف يمثلون نواة التنظيم ، وهم اعضاء متنفذون في التنظيم وأصحاب ولاء عقائدي وفكري مطلق له ، الامر الذي جعلهم قادرون على الحفاظ على زخم الهجوم ، ناهيك عن الدعم المادي واللوجستي المقدم من المؤسسات الاستخبارية في تركيا والسعودية وقطر ودعماً دولي مباشر من الولايات المتحدة ، اصبح تنظيم داعش منظمة مسلحة بشكل مذهل ، وتعمل في الوقت ذاته كمنظمة ارهابية تهدد استقرار الدول والمنطقة ، كما أن على المستوى الداخلي للتنظيم تطوّر ليصبح منظمة بيروقراطية تعمل على كسب المال لتمويل تمددها على نطاق واسع .
كما ان القدرة الهائلة والمسيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الاخرى ، واستخدام الاساليب التكنولوجية الحديثة مكنها من أن تكون لاعباً جاداً في العمل العسكري ، وان تكون ذات تأثير مباشر على البسطاء والسذج لكسبهم في الانتماء لصفوفهم ، ناهيك عن الاغراء بالمال او الابتزاز او التهديد بالقتل ، كما أن التنقل السريع والقدرة على اعادة نشر العناصر والموارد البشرية واللوجستية مكنها من تغيير بعض واقع المعركة ، أذ خير مثال على ذلك سقوط الرمادي المفاجأ والذي لم يكن متوقعاً خصوصاً مع وجود الزخم البشري للقوى الامنية العراقية والمتطوعين من الحشد الشعبي .
أن عملية تقييد داعش يعتمد بالدرجة الاساس على معالجة الاخفاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، وإيجاد التقارب بين جميع المكونات السياسية ، وحل المشاكل العالقة ، ومد جسور الثقة بين هذه المكونات بما يضمن أمن واستقرار العملية السياسية والمشروع الوطني ، والتي تعتبر المفتاح الاول لتقويض عمل وتحرك التنظيم الوحشي ، والذي يأتي بالاتساق مع التحرك الجاد والسريع على تجفيف منابع الارهاب وتمويل التنظيمات الداعشية ، وتعطيل حراكها العسكري وقطع مصادر التمويل من دول الخليج وتركيا ، واستهداف قياداتها وتقييد وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي لهذه التنظيمات في عملية نشر المعلومات وجمعها او من خلال تجنيد المتطوعين .
كما أن أهم الخطوات لكسر شوكة داعش هو تقريب وجهات النظر بين الحكومة ومعارضيها ، وإيجاد ارضية مشتركة ، والتأكيد على وحدة الاراضي العراقية والمجتمع العراقي ، وضمان وحدة الدولة العراقية من الشمال الى الجنوب ، وإيجاد للحمة الوطنية وتعزيز الانتماء الوطني للشعب العراقي بما يحقق الامن والرفاه للعراق وشعبه .