منذ اعلان البنك الدولي في الخامس من شهر آب الماضي عن حزمة شروط اجتماعية وبيئية جديدة تتعين على الدول الأعضاء الـ 188 المنضوية فيه تلبيتها؛ إذا ما أرادت الحصول على قروض من هذه المؤسسة المالية الكبرى في مجال التنمية الاقتصادية ، وانا اراقب مدى التزام العراق بالشروط الجديدة باعتباره احدى الدول التي كانت تسعى للاقتراض من البنك وحصلت عليه مؤخراً بتمويل يقارب المليار و٧٠٠ مليون دولار على شكل دفعات الى نهاية العام او منتصف العام المقبل.
ورغم ان القرض سيفرض على العراق شروطا قاسية في العام المقبل بموجب ما يسمى: اتفاقية المساندة الاقتصادية SPA على حد قول رئيس رئيس اللجنة المالية في البرلمان العراقي ، وبالشكل التالي:
– ايقاف البطاقة التموينية ( هذا ما بدأنا نلمسه بشكل كبير في غياب انواع كثيرة من المواد الرئيسية في البطاقة).
– رفع الدعم عن اسعار المحروقات وأجور الكهرباء ( وهذا ما لمسناه مؤخراً في رفع اجور الكهرباء بحجة الترشيد).
– تسريح كل موظفي الشركات الخاسرة من شركات التمويل الذاتي ( وهذا بدأ يظهر ايضا في دعوات الخصخصة التي تنطلق من هنا وهناك للشركات العامة بحجة
الاستثمار).
– تقليص الجهاز الاداري للدولة العراقية حسب جدول يضعه البنك الدولي ( قد يكون الترشيق الوزاري الاخير وإعفاء المستشارين والمدراء العاميين من ضمن
خطوات تلك الاتفاقية وليس من متطلبات الاصلاح او حتى التقشف).
وبين تحذير رئيس اللجنة المالية الشديد من هذه لاتفاقية التي بمقتضاها يزود البنك الدولي الحكومة بالنقد اللازم لإدارة أمورها وكأننا دولة بلا موارد ، وترحيب وزير المالية الحار باستجابة البنك الدولي السريعة وكأن مبلغ ال ٣٥٠ مليون دولار التي استلمها العراق منه مؤخراً هبة او دون مقابل او هو الذي سيحل الازمة الاقتصادية التي يعانيها البلد… نقف
متعجبين امام قواعد البنك الدولي التي نوهنا عنها بداية والتي تتضمن إحداها النص التالي:
“شرط أن تحصل الدولة التي تطلب من البنك قرضاً لتمويل مشروع ما على “موافقة” السكان المحليين على المشروع إذا ما كان يؤثر على ظروف حياتهم”. فلا اعلم أيها الساسة اين السكان من مخاطر هذا الاتفاق ، هل اخذتهم موافقتهم على هذا الاتفاق قبل ان تبرموه!! ام لم تخبروا البنك الدولي
الحقيقة.
ان هذا الاتفاق يؤثر على السكان جملة وتفصيلا: فهل إيقاف البطاقة التموينية لا يؤثر على معيشة شرائح واسعة من السكان؟ ام ان رفع الدعم عن المحروقات لا يؤثر على اجور النقل واسعار البضائع وأحوال السوق؟ الا تؤثر اجور الكهرباء على ميزانية الموظفين؟ ام هل يعقل ان نسرح الموظفين الذين افنوا زهرة شبابهم في دوائرهم لانها خاسرة بسبب حفنة من الفاسدين؟ وهل
يجوز ان اجعل الجهاز الاداري للدولة رهينة لاتفاقية قرارها بيد البنك الدولي وليس الحكومة العراقية!!؟؟
ومن اجل ماذا يحدث كل هذا!! مليار دولار او اكثر والتي تمثل حصة البصرة من تصدير النفط لعشرة ايام فقط …فاين منطق العقل في هذا الاتفاق؟ الم ينتهي؛ بعد إطفاء ديون نادي باريس قبل عشرة اعوام! فلماذا جددتموه أيها الساسة؟؟ وهو لم يحافظ على سيادة البلاد؟ ولا مسؤولية الدولة على مواطنيها! بل لم يراعي اصلا حقوق المواطن.. اذا لم يكن اكثرها ضررا به.