كعادتنا في زمن التقشف, نلجأ لأقرب محل لبيع الفلافل, لسد جوع يوم بغدادي متعب, كان نقاشنا حول معركة داعش, وكيف يمكن أن تحسم, بعد أن مرت سنة وثلاث أشهر, على احتلال الموصل, من قبل العصابات التكفيرية, وتشعبت أرائنا حول الموضوع, صاحب المحل ويلقب بحجي عذاب, رجل قارب السبعين عاما, كان مهتما بحديثنا, ينصت باهتمام, فقال يا أولادي هل يمكن أن أضيف رأي لما تقولون؟ فقلنا تفضل يا عم, وقل ما تريد.
فقال حجي عذاب: أتذكر الطاغية صدام كيف أمكنه تحقيق مكاسب, في حرب الثمانينات, بعد امتلاك صواريخ حديثة, وحرب الخليج انتصرت بها أمريكا, بسبب الضربات الصاروخية الدقيقة, فالحروب تجارب, لذا اعتقد أن تحرير الموصل, يحتاج لقوة صاروخية عراقية, تزلزل الأرض تحت أقدام الدواعش.
كان رأي الحاج عذاب منطقي جدا, لأهمية القوة الصاروخية في المعارك, لكن الغريب أن يغيب هذا الرأي عن النخبة الحاكمة, الغارقة في العسل.
حكومتنا السابقة واللاحقة, أهملت ملف الصواريخ, مع انه يمثل لباس الاحترام الدولي, فها هو حزب الله تخشاه إسرائيل ومن معها, فقط لأنه يملك خزين صاروخي كبير, فلا تقوم إسرائيل بخطوة, خوفا من أن تنهال على رأسها, صواريخ حزب الله, كذلك نحن, يجب أن نمتلك كمية كبيرة, من الصواريخ متنوعة المدى, لنحصل على الاحترام في المنطقة, فلا يفكر احد بالتجاوز على البلد, خوفا مما نملك من قوة صاروخية, هذا الأمر يجب أن يكون أساسي, في تفكير النخبة الحاكمة ,التي طال زمن نومها.
الإحداث المتسارعة للمنطقة, تفرض علينا فتح ملف الصواريخ, والبحث الحثيث عن شراء كميات كبيرة, ومن دول متنوعة, ومتقدمة في مجال صناعتها, كي نؤمن أنفسنا أمام تحديات الحاضر والمستقبل, الحاضر المتمثل بداعش, واحتلاله لبعض مدن العراق, وتهديده لباقي المدن الآمنة, مع خطر أمكانية امتلاكه سلاح خطير, نتيجة توقع انهيار السعودية, التي تمثل خطر مستقبلي, باعتبار اشتداد الصراع الداخلي, وتراكمات حرب اليمن, الذي قد يؤدي لصعود قوى متطرفة, ترث السلاح السعودي, فردع داعش صاروخيا, هو الحل الأمثل لإنهاء احتلالها للمدن العراقية, بالإضافة لما يمثله من رادع لكل خطر إقليمي مستقبلي.
يجب ترك الاتكال على أمريكا, كما ورطتنا الحكومة السابقة, والتي أضاعت فرصة تاريخية, لبناء قوة عسكرية مهمة في المنطقة, نتيجة فشلها في أدارة ملف التسليح, اليوم علينا أن ننوع من مصادر التسليح الصاروخي, كشراء صواريخ من روسيا وفرنسا وبريطانيا والصين, مع أهمية التعاقد المحترف, الحافظ لحقوق العراق, كي لا نقع بنفس أخطاء الماضي, مثل فضيحة عقد طائرات أف 16, التي كشفت عورة الحكومة السابقة, بالإضافة لتهيئة مكان عسكري محصن, كقاعدة للصواريخ, بعيد عن أي العبث.
قال الأمام علي عليه السلام: ( المشورة تجلب لك صواب غيرك), فيا ساستنا المترفين, اسمعوا لأمثال حجي عذاب, لتدركوا ما فاتكم من الصواب.