5 نوفمبر، 2024 11:24 ص
Search
Close this search box.

ايران تدفع شيعة العرب وسنتهم الى مصير أسود

ايران تدفع شيعة العرب وسنتهم الى مصير أسود

في تأريخ نشوء الدول والمجتمعات التي تتكون من هويات واقليات متعددة تم التركيز على أحد القواسم الرئيسية المشتركة كرابط موحد لها ورمز لهويتها. وهذا الرابط قد يكون الدين او القومية او ايديولوجية. في اوربا حدث انعطاف تأريخي حيث حسم هذا الموضوع في مؤتمر وستفاليا في العام 1648 الذي أقرّ مبدأ الانتماء القومي والثقافي واللغوي لكي يكون اساسأ لتحديد الحدود بين الامبراطوريات والملكيات الكبرى في ذلك الوقت. وقد تأخر تحقيق هذا المبدا على ارض الواقع الى ان نضج الاحساس بألانتماء القومي و نشوء الدولة القومية الحديثة في القرنين الثامن عشر و والتاسع عشر الميلادي.

تركيبة الجارة أيران السكانية (75 مليون نسمة)، وهي بيت قصيدنا، في غاية التعقيد. ففيها العشرات من الاقليات العرقية واهمها الفرس والاكراد والبلوش والعرب والاذربيجان والارمن وغيرهم الكثير. 98% من هذه الشعوب تنتمي الى الاسلام و 90% من هؤلاء المسلمين ينتمون الى المذهب الشيعي. وحسب الاحصائيات الرسمية (وهي مشكوك فيها) فأن الفرس يشكلون اكثر من 50% من المجموع الكلي لعدد السكان.

من المنطق النظري لعلم السياسة فأن ايران على هذا الاساس دولة هشة. لكن ايران لم تكن وليست هي كذلك في الواقع. والسر هو فطنة ملوكها وقادتها وذلك بالتركيز، ومنذ قرون عديدة لا على العامل القومي الذي كان سيعني التشظّي وانتهاء ايران كدولة مركزية موحدة بل على العامل الديني المشترك كرابط موحد لقوميات أيران العديدة الا وهو الاسلام (انظر أعلاه) وتحديدا المذهب الاثنى عشري رسميا. وهكذا استغل الاسلام ابشع استغلال بالرغم من طغيان القومية الفارسية واقعيأ على القوميات الاخرى سياسة و لغة وثقافة. واكثر من ذلك ولعقود عديدة روجت أيران بأن حماية الشيعة في العالم العربي بل والعالم اجمع هي من مسئوليتها تقليدأ لروسيا القيصرية التي كانت ولقرون عديدة ايضا تدعي بأنها حامية الارثودوكس في العالم. ومنذ تأسيس الدولة الصفوية في بداية العام 1500 دأبت أيران (عدا فترات تأريخية قصيرة) على تعزيز هذا المفهوم لاضفاء صبغة شرعية ودينية على سياساتها القومية التوسعية والتدخل في شوؤن الدول الاخرى. وتاريخ الصراع الصفوي والعثماني شاهد على ذلك. واصبح هذا الامر جليأ بعد عودة خميني الى ايران في اواخر سبعينيات القرن الماضي وبداية ما سمي بالثورة الاسلامية والدعوة الى تصدير شعارات هذه الثورة ودعم ما درج على تسميته “المستضعفين في الارض ” (وهو تعبير يرمز الى الشيعة في الدول الاخرى) في العالم.

الاشكالية التأريخية الخطيرة التي وقع فيها العرب بسنتهم وشيعتهم على حد سواء هو الانزلاق و التسليم بهذا الادعاء الايراني باعتبار ايران المدافع الاول والاخير عن مذهب الاثنى عشري وحاميته بلا منازع. وهو أمر ليس له اي سند او اساس. لكن الشيعة العرب من جانبهم وقعوا في هذا المطب الطائفي الذي اعدته لهم ايران بأنها سندهم و مجيرتهم وبأن الاخرين أي السنة اعداءا طائفييين لها ولهم ولاأهل البيت. والعرب السنة هم ايضا وقعوا في نفس المطب الطائفي هذا الذي اعدته ايران وذلك بأعتبارهم،اي السنة، بأن عرب العراق الشيعة ماهم الا امتدادا لشيعة ايران ومطية تابعة لهم. بنفس الوقت وبشكل متواز لهذه الشعوذة الفكرية والدينية الكيدية والتي غذتها المرجعيات الدينية تأريخيأ، عملت ايران الخمينية في العقود الاخيرة بالاستخفاف والاستهانة بالانتماء العربي والقومية العربية وهو امر روج له ايضا قادة شيعة عرب كثيرون في عراق ما بعد الاحتلال.

معضلة اغراق العرب في العراق وغيره بهذا المستنقع السياسي والفكري الايراني المعادي لهم بكل اطيافهم ممكن ان يجد طريقه الى شاطئ الامان اذا أعتمد (بضم الالف) تفكيرا عربيا مستقلا وحرأ من اي تأثيرات خارجية، بما في ذلك اعادة الاعتبار للانتماء العربي والهوية العراقية ولاغير، اقول ولا غير. فهل هذا ممكن؟ البديل وفي اكثر حالاته تفائلا هو مصير اسود ونيران مستعرة ستلتهم الجميع.

أحدث المقالات

أحدث المقالات