23 نوفمبر، 2024 6:04 ص
Search
Close this search box.

العراقيون واصحاب الفخامة

العراقيون واصحاب الفخامة

يكتمل نمط النظام المركزي لاجهزة الدولة وسلطاتها، التشريعية والتنفيذية والقضائية مع نمو المجتمع وآفاق تطوره السياسي والعلمي. ويتعاظم شأن مؤسساته، اداريا ومجتمعيا، عندما تتحمل الحكومة مسؤوليتها وتلتزم بتطبيق القوانين والسياسات الرشيدة لحماية الدستور وسيادة الدولة والحقوق العامة للناس. وفي عصر مضى، شملت صلاحيات الحكومة في معظم الدول حتى النصف الثاني من القرن الـ 19، ممارسة السلطة المطلقة، ليس فقط في شؤون الدولة انما على المجتمع كله. ومع ظهور الدول الدستورية الليبرالية، تعزز مبدأ الحد من تلك الصلاحيات واقتصر في المقام الاول على الاجراءات الرقابية والادارية وسن القوانين أو تحديثها كذلك صيانة مصالح الدولة وامن ورفاهية ابنائها، واستمر تطور الانظمة المتحضرة في العديد من البلدان حتى وصل الى ارقى المستويات وحقق ارفع درجات الامان والنمو بارادة صادقة تتواءم مع حاجة المجتمع وما يصبو اليه. لكن اين العراق من كل هذه الامور ونحن في القرن الـ 21؟. ومن هم اصحاب الفخامة الذين يحكمون العراق اليوم؟ والى اين ذاهبون بمستقبل بلادنا واجيالها؟.       
  قبل السقوط بسنوات كنت قد نشرت مقالا “حول ما يسمى المعارضة”، التي كانت منشغلة آنذاك بلقاءات مستمرة مع مسؤولين في الادارة الامريكية لوضع خطة الحرب على العراق بهدف اسقاط النظام، وكان بوش يومئذ قد قرر تخصيص سبعة وتسعون مليون دولار للمعارضة مقابل الترويج لاجندته. فاحتدم الصراع بين اطراف المعارضة حول تقاسم الملايين الامر الذي اندرج على استدعائهم لايجاد حل فيما بينهم “استثني هنا الحزب الشيوعي لعدم دخوله الصراع ومعارضته للحرب”. جاء في مقالي آنذاك ضمنا ما يلي{ان ما يعزو في الدرجة الاولى من وجهة نظر الامريكان دعوة المعارضة لواشنطن، مسألتان: أولاً طمأنتهم بأنهم جادون لتسويقهم كقادة لاستلام السلطة بعد سقوط النظام، وثانياً معرفة مدى دعمهم للخطة الامريكية وضمان مصالحها في العراق بعد التغيير ـ أما توزيع الدولارات فسيتم على قدر الولاءات وحجم الخدمات التي تسديها المعارضة للمشروع الامريكي في العراق، واهمها تجنيد المرتزقة وتيسير الاعلاميين العراقيين للقيام بالتضليل وقلب الحقائق.”وكان العرابين أحمد الجلبي واياد علاوي قد لعبا دورا هاما في هذا المضمار ساعدهم في ذلك كامران قره داغي”. ومما يؤسف هرولة المجلس الاسلامي الاعلى مع الاخرين وسقوطه في الوحل} كتب لي الصديق حامد البياتي وكان آنذاك مستشارا للعلامة الشهيد الوطني السيد محمد باقر الحكيم في لندن، معاتبا ونافيا صحة الخبر، لكن الحقيقة انكشفت على لسان من التقيتهم من المسؤولين في المجلس الاعلى وفي وسائل الاعلام والامريكية على وجه الخصوص. والجدير بالذكر انني قلت ذات مرة للبياتي، بأن السيد محسن الحكيم رحمه الله والذي كان يزور المرحوم والدي في دارنا في المنصور باستمرار، كان زاهدا ومشهود له بوطنيته ومعارضته للاستعمار وللحروب وآثارها في المنطقة والعراق بشكل خاص، وأنه لمن المؤسف السير على غير نهجه الوطني.
في اواخر نيسان 2003 عدت الى العراق قادما من القاهرة حيث كنت مشاركا بالندوة العالمية التي نظمها الاتحاد الدولي للصحافيين بالتعاون مع اتحاد الصحافيين العرب ونقابة الصحافيين المصريين حول “اخلاقيات العمل الصحفي” وقد جاءت متزامنة مع الحرب على العراق. حاملا معي رسالة لنقابة الصحفيين العراقيين تتعلق بزيارة وفد صحفي دولي للعراق لتقصي الحقائق ومعرفة حجم الاضرار التي تعرض لها المجتمع العراقي من بعد السقوط.. التقيت رئيس النقابة الشهيد شهاب التميمي وبعض الصحافيين المسؤولين فيها وسلمتهم ما حملني اياه لقاء القاهرة الدولي. تواصلي مع الزملاء واستمرار تجوالي ولقاءاتي مع الناس، ساعدني على رصد الحقائق بعيدا عن التضليل. كيف تم استيلاء قادة الاحزاب وميليشياتها دون تمييز، لحارات بكاملها في بغداد وغيرها، فضلا عن استيلائها على املاك الدولة والقصور والعقارات العامة والخاصة ونهب البنوك وسرقة المتاحف والآثار وبيعها. انتشار فرق الكوماندوز التابعة للاحزاب والشخصيات التي أتت مع الاحتلال واخطرها مجموعات أحمد الجلبي التي قامت بامر منه بجرائم بشعة وارهاب الناس والاستيلاء على العقارات والقصور كالقصر الصيني ونادي الصيد ونهب الوثائق والآثار التاريخية ونقلها الى الخارج. حتى وسائل النشر والاعلام لم تسلم من النهب، فقد تم استيلاء حزب جلال الطالباني “الاتحاد الوطني الكردستاني”على بناية جريدة الجمهورية مع كامل مطابعها لتكون مقرا لحزبه. فيما قام حزب البارازاني “الديمقراطي الكردستاني” والبيشمركة بالاستيلاء على العديد من المعدات والاسلحة العسكرية العراقية الثقيلة بما فيها الطائرات الحربية التي بقت في ارض المعركة وتم نقلها بالسر الى اربيل. وقام حزبي الدعوة والمجلس الاعلى وجحافل ميليشياتهم كمنظمة بدر وغيرها، بالاستيلاء على حارات في مختلف المحافظات تحولت الى محميات شاسعة لا يستطيع احد دخولها، فضلا عن نهب البنوك والممتلكات والآثار.      
ولم تتوقف جرائم مافيات السياسة منذ لحظة دخولها العراق ووصولها الى السلطة ولغاية اليوم في نهب ممتلكات البلاد أمام مرآى الحاكم بامره بريمر، انما فرهدت وثائق الدولة واسرارها. ففي اوائل أيار 2003 قادني احد اقاربي الى احد اكبر المراكز التجارية في العاصمة بغداد “مول المنصور” ليطلعني على الملفات السرية المبعثرة بالالاف في قبو المركز والتي خبأها هناك جهاز المخابرات ومديرية الامن العامة قبل السقوط بأيام. كان مشهدأ مروعا. قلبت على مدى ساعات بعض الاضبارات، وكانت تحتوي على اسماء معروفة ومعلومات خطيرة بما في ذلك الاحوال الشخصية لاصحابها. عراقيون من مختلف الملل والطوائف والقوميات والاتجاهات السياسية والثقافية والنقابية والطلابية داخل العراق وخارجه. بعضا جند للعمل مع النظام وآخرون تم تصفيتهم فيما لا يزال الكثيرون منهم على قيد الحياة. لخطورة الامر، ذهبت لمقابلة بعض المسؤولين في المكتب السياسي لاحد الاحزاب الوطنية لاضعهم امام شأن هام كهذا، حرصا مني على تأمين خزنها في مكان مأمون الى ان تستقر الاوضاع فتعاد للدولة كي لا تستغل لاساليب انتقامية. للاسف لم يستطع الحزب نقل هذه الاطنان من الدواوين والوثائق والملفات السرية الا المستطاع مما عرضها لعمليات سطو على يد الاحزاب والقوى السياسية وبشكل خاص عصابات أحمد الجلبي وميليشيات الاحزاب الدينية والكردية، فاستعملت لاغراض الابتزاز والقتل والانتقام الذي ذهب ضحيته ولحد الآن العديد من المواطنين الابرياء، مفكرين وعلماء وخبراء وصحافيين وغيرهم. وللاسف لاتزال الاضبارات المنهوبة بحوزة سراقها ولم تسعى الدولة لاستردادها والحفاظ عليها كما حدث في الدول الاشتراكية السابقة بعد التغيير لصيانة امن الدولة والمجتمع وتقديم المذنبين تحت طائلة القانون للعدالة لان ذلك من صلب مسؤولياتها.      
لقد ابتلى العراق بهذه الزمرة منذ مجيئها، فقد شوهت ارثه المجتمعي الثقافي والحضاري، وعملت على خرابه وتزييف هويته، واصبحت خلال فترة قياسية وبطرق غير شرعية، ثرية، تملك ملايين الدولارات والعقارات والقصور، فضلا عن المناصب والخدم والحمايات. وما يثير الدهشة والاستغراب ادعاء هؤلاء النزاهة والاثراء ابا عن جد، في الوقت الذي كانوا قبل السقوط لا في العير ولا في النفير “حفاي”. فعلى سبيل المثال رئيس العراق السابق جلال الطالباني كان خلال زياراته لبرلين بين الستينات والثمانينات يسكن في شقة صديق كردي عراقي يقوم بتحمل تكاليف معيشته طيلة مدة اقامته، فيما يملك الآن وزوجته هيرو ابراهيم عقارات وشركات ورساميل لا تعد ولا تحصى. وعندما يأتي باقر جبر صولاغ الى برلين كان يقضي مدة اقامته “طعام وسكن” لدى أحد العراقيين، الآن ملياردير يدعي بانه كان رجل اعمال ثري؟. أما ابراهيم الجعفري وموفق الربيعي وحيدر العبادي وعباس البياتي وسامي العسكري وعلي شلاه وهمام حمودي وحسين الشهرستاني وعلي الاديب ومحمد عبد الجبار الشبوط وعلي العلاق ومحمود المشهداني وعبد الحليم الرهيمي ومحمود عثمان وحسن السنيد وعلي الدباغ وخالد العطية وهوشيار زيباري وكثيرون غيرهم، كانوا وعوائلهم قبل السقوط يعيشون على المساعدات الاجتماعية في الدول الاوروبية، اليوم وفي غضون سنوات اصبحوا عن طريق النهب والفساد المالي اثرياء يتباهون باستباحة اموال الدولة والشعب. ويتداركوا ملاحقة الدول الاوروبية للكثير منهم بتهمة الاحتيال على الدولة. ولعل من المفيد تذكيرهم بأن يرجعوا الى أرشيف العديد من الفضائيات ومنها قناة الـ أي آن آن التابعة لرفعت الأسد والمستقلة التي يديرها محمد الهاشمي او الجزيرة القطرية ليروا على مدى مشاركتهم برامجها الحوارية، رثة ملابسهم التي تشهد على حالهم وحقيقة اوضاعهم المادية بالجملة والمفرد.           
باستثناء العراق ليس هناك بلدا في العالم تكون فيه المنسوبية والمحسوبية وسيلة للتوظيف في دوائر الدولة ومؤسساتها، وان تكون سبيلا لتوزيع الامتيازات والمكافآت وفرص العقود والاستثمار بعيدا عن القانون وبالاحتيال. اشير على سبيل المثال لا الحصر لبعض الممارسات التي تتنافى مع الاعراف والقوانين لاي دولة، لنفهم مدى الفساد الذي ينخر الدولة العراقية بسبب سوء ادارة هؤلاء وفسادهم: حق محمد رضا الحكيم بدأ سائقا في فرع شركة “نحاس السورية للسياحة والسفر” في برلين، بعد تركه العمل فتح مطعما للفلافل وفرن خبز باسم “حبيبي” باموال الزكاة التي قدمتها عائلة النحاس لتأسيس مدرسة لتعليم اللغة العربية ببرلين. لان ابنته متزوجة من ابن الجعفري أصبح رئيسا للمجلس الاعلى للأعمار ومستشار لرئيس الوزراء ابراهيم الاشيقر “الجعفري” لشؤون الاعمار. الآن واحدا من اصحاب الملايين والعقارات داخل العراق وخارجه. احمد كاظم الياسري معاون مدير عام الدائرة الاعلامية في مجلس النواب وغير المعروف على المستوى السياسي والاعلامي طيلة حياته، حصل على هذا المنصب لان ابنته متزوجة من احد أقارب جلال الطالباني، يملك الآن ما لم يحلم به من مال وشقق في المنطقة الخضراء وغيرها. لقرابتهما من بعض مسؤولي الاحزاب الكردية تبوأ هوشيار زيباري وفوزي الاتروشي مناصب هامة في الدولة العراقية وحصلا على امتيازات متنوعة يحلمون بها بعد ان كانوا يتسكعون شوارع المهجر، حيث يصرف الاول في ليلة واحدة في ملاهي الروليت في اوروبا اكثر من مليون دولار، فيما يملك الثاني العديد من الشقق التي اشتراها من ايراد ايفادات السفر للخارج والتي كان يفتعلها كما نقل احد اصدقائه. وهناك آلاف من يتمتعون بمثل هذه المناصب والامتيازات التي ما كانوا يحصلون لولا المنسوبية والمحسوبية فيما العامة من الشعب ينخر الجوع امعائهم ولا حقوق لهم.    
في زيارته الاولى لالمانيا في كانون أول عام 2003 قابلت المغفور له السيد عبد العزيز الحكيم وكان آنذاك رئيسا لدورة مجلس الحكم، وسألته باعتباره أيضا رئيسا للمجلس الاسلامي الاعلى: ما هو رأي الشرع “وهنا بيت القصيد” في مسألة استيلاء الاحزاب وقادتها سيما الدينية على عقارات الدولة واملاكها؟، وهل ينسجم هكذا عمل مع تصوراتكم كقادة جدد في بناء دولة المؤسسات؟ وقلت، حكومة الاحتلال ومجلس الحكم قد أقرا الغاء الدستور والقوانين الصادرة في زمن النظام السابق ـ فلماذا تمارسون ان كان الامر يتعلق بحقوق المواطنين العراقيين اجراءات تعسفية غير انسانية، ومطالبتكم عندما يتقدمون للحصول على العمل والتوظيف والسكن والامتلاك او التقاعد، وثائق ترهن انتمائهم لاحزابكم على نفس طريقة النظام السابق؟.هل يدرك جنابكم بأن العراقي غير الكردي يعامل من قبل الاقليم حينما يريد السفر او الاقامة او الاستثمار في شمال العراق “كردستان” معاملة غير لائقة تحيطها اجراءات معقدة. فيما يتمتع المواطن الكردي بحقوق وامتيازات لا نظير لها؟. فهو يستطيع ان يقيم ويتجول ويمتلك ويستثمر اين ومتى شاء في كافة انحاء العراق. اجابات السيد الحكيم رحمه الله كانت لا ترقى الى مستوى مسؤول دولة ينبغي ان يكون ضليعا بالسياسة وامور الحكم. لا بل راودني الشك بأنه لا يعلم الكثير ولا يقرأ او يتابع، حتى انه لا يعرف كيف على المسؤول ان يعالج امور الدولة والمجتمع. الامر الذي جعلني اغض النظر عن نشر المقابلة واكتفي بحفظ الكاسيت الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا!!      
خلال زيارته الى المانيا في ايلول 2004 عندما كان رئيسا مؤقتا لجمهورية العراق توجهت بسؤال الى غازي عجيل الياور الذي لم يقيم في حياته بالعراق اكثر من عشر سنوات: هل لنا ان نعرف ما هي المعايير التي اعتمدتها الحكومة بوضع سلم رواتب مسؤولي الدولة؟ ومن شرع قانون الرواتب هذا وكيف؟. الياور الذي تزوج من نسرين برواري لمصالح متبادلة ثم طلقا بعد اشهر ولا زال كل منهما يتقاضى 636 مليون دينار سنوياً ولا نعرف لماذا؟، لم يجيب على السؤال مكتفيا بالقول ان رواتب المسؤولين تتماشى مع رواتب من امثالهم في الدول الاوروبية والمحيطة بالعراق، لكنه فهم ابتسامتي!!
في منتصف عام 2013 ذهبت في زيارة خاصة للعراق بهدف تقديم خدمة مجانية في مجال انتاج الطاقة الكهربائية وفق احدث المواصفات حاملا معي وثائق زودتني بها احدى اهم المؤسسات الالمانية المعروفة والمتخصصة بصناعة مولدات انتاج الطاقة الكهربائية العملاقة باستعمال النفايات. التقيت السيد نائب محافظ النجف عبد الحسين هادي جاسم الشبلي وقدمت له المشروع قائلا: أتيت لغرض تقديم خدمة لبلدي ومهمتي هي ربطكم بهذه المؤسسة دون اي مصلحة خاصة، ان كان لديكم اهتمام فساسعى الى تنظيم زيارة لكم لالمانيا للقاء مدراء الشركة والاتفاق معهم بشكل مباشر. السيد معاون المحافظ ابدى اعجابه بالمشروع، لكن الاعجاب هذا لم يبلغ درجة الاهتمام بقدر ما كان يسألني لمعرفة بعض المعلومات عن شركات متخصصة بصناعة الالعاب، لان حضرته يخطط لبناء مدينة العاب في النجف ” اسأل من اين له الاموال؟”. ثم التقيت مدير بلدية الكوفة السيد احمد كريم البرشاوي وقدمت له ملف المشروع بالكامل والنتيجة صفر. بعد ذلك بايام وعن طريق المركز الوطني للتخطيط استلم مكتب رئاسة الوزراء في عهد المالكي نسخة من الوثائق الهامة للمشروع. وتفاجئت عندما اخبرني احد المسؤولين بان الملف قد اختفى ولا يعرف اي من “اللجان الاقتصادية التابعة للاحزاب” اخفته. وسألت احد المسؤولين في ديوان مجلس الوزراء عن هذه اللجان ـ وشرح لي الآتي بالمختصر: هي لجان مافيويه حزبية داخل السلطة، من تقرر مصير العقود وكيفية توزيعها وتوزيع الرشوات التي تصل الى نسبة 40 % من قيمة العقد اي كان نوعه بين احزاب السلطة. بمعنى تم تحويل الحكومة الى مجموعة مقاولين تقوم هذه اللجان بادارة اعمالها وأخذ حصة كل شركة “الحزب” ومن يحيط به وفقا لمبدأ المحاصصة ومن جميع الصفقات الصناعية والاعمارية والتجارية غير نظيفة مع العراق.
في شباط 2015 زار رئيس الوزراء حيدر العبادي برلين، وفي لقاء له مع الجالية العراقية طرحت عليه سؤالا: في الوقت الذي اصدرتم فيه قرار التقشف الذي لا يمس الا الطبقات المعدومة والفقيرة، تتحدثون عن تغيرات ايجابية هامة ستطرأ على الساحة السياسية العراقية، هل سنشهد على المدى المنظور قرارات جريئة لمحاربة الفساد المالي والاداري وتقديم الفاسدين وسراق المال العام من وزراء ونواب وقادة احزاب ومسؤولين كبار للقضاء؟. جواب العبادي كان مقتضبا مراوغا لا يتفق مع المنطق والعقل قائلا: انا لا استطيع ان اقدم اي كان للقضاء دون دليل!!. وكنت اريد ان انهض للرد عليه امام الجمهور بالقول: تبحث عن الدليل يا حضرة رئيس الوزراء؟ سأعطيك اياه: ببساطة عليك ان تقارن بين حال من كانوا خارج السلطة قبل السقوط وانت واحد منهم، وبين أوضاعكم الآن وما تنعمون به من أموال وقصور وترف وتسلط  لتجد الدليل امامك شاهدا، وستكتشف الحقيقة كل الحقيقة ومن ذا الذي اوصل العراق والعراقيين لهذا الحال. لكن يا سيادة الرئيس حتى ان كان الدليل بين يديك حاضرا بالوقائع فانت غير قادر على ملاحقة الفاسدين لانك جزء من المنظومة الفاسدة برمتها. والا لماذا كل هذا الصمت تجاه الفساد والمفسدين ومنهم القضاء؟.

أحدث المقالات

أحدث المقالات