اجتماع طارئ عقد بمجلسِ محافظة بغداد في العاشرِ من شهرِ تموز الماضي بحضورِ رئيس المجلس ومحافظها، بالإضافةِ إلى قائدِ عمليات بغداد، وكافة القيادات الأمنية، خصص لمناقشةِ الخروقات الأمنية الأخيرة على خلفيةِ أحد أبشع الأعمال الإرهابية التي استهدفت عشرات المدنيين الأبرياء من المتبضعينِ أو العاملين في سوقِ جميلة بمدينةِ الصدر، الذي يعد أكبر أسواق بغداد التجارية، وربما العراق.
من جملةِ توصيات هذا اللقاء، الذي وصف بـ ( الاجتماع الأمني الكبير ) بحسبِ اللجنة الأمنية في مجلسِ محافظة بغداد، هو ضرورة رفع الكتل الخرسانية غير الضرورية من بعضِ شوارع بغداد، فضلاً عن الإقرارِ على حمايةِ الاسواق في مدينةِ الصدر وباقي مناطق بغداد بشكلٍ مميز، ما ألزم اللجنة العمل على إبقاءِ الاجتماع مفتوحاً، إلى جانبِ توحيد الجهود ما بين قيادة عمليات بغداد ووزارة الداخلية، إلا إنَّ أبرزَ نتائجه تجسدت بالإعلانِ عن تغييرِ كافة القيادات الأمنية العاملة في مدينةِ الصدر بشكلٍ فوري بالاستنادِ إلى مطالبةِ المجتمعين قائد شرطة بغداد تغيير مدراء قواطع الشرطة ومراكزها الفاسدين، فضلاً عن تشكيلِ ورش عمل دائمة لمعاقبةِ جميع المفسدين ومحاسبتهم.
إنَّ طبيعةَ الأعمال الإرهابية التي تعرضت لها مدينة بغداد في الأعوامِ الماضية، تشير بوضوح إلى قدرةِ التنظيمات الإرهابية على التفننِ والابتكار، فضلاً عن إمكانيةِ التأقلمِ مع خططِ الأجهزة الأمنية وتدابيرها المتخذة عبر ما تقوم به من استخدامٍ واسع لتقنياتٍ وآليات مستحدثة، بالإضافةِ إلى سعيِها الحثيث في محاولةِ الوصول إلى سبلٍ مبتكرة بوسعِها المساهمة في اختراقِ أسوار المنظومة الأمنية العراقية، الأمر الذي يفرض على الأجهزةِ المعنية بمكافحةِ الإرهاب الشروع بتوظيفِ ما متاح من إمكانياتٍ إدارية وفنية وموارد علمية وأكاديمية في مهمةِ إقرار سياسة تنفيذية متكاملة تفضي إلى إنتاجِ خطة أمنية لا تقتصر مقاصدها في الارتكازِ على تحقيقِ أهداف وقائية أو دفاعية، إنما تتجاوزها بتضمينِ محاورها الرئيسة آليات هجومية لمكافحةِ التنظيمات الإرهابية، حيث أنَّ المضي بالاعتمادِ على ما تواضع فنياً وتقنياً من سبلِ المواجهة مع الإرهاب، ولاسِيَّمَا بعد إعلان الأجهزة الأمنية فشل ما يشار إليها باسمِ أجهزة كشف المتفجرات، يقود إلى القناعةِ بعدمِ فاعلية الوسائل الأمنية التقليدية في الوصولِ لنتائجٍ من شأنِها تحقيق استقرار أمني بصورةٍ واضحة المعالم. ولعل في مقدمةِ متطلبات المحور الوقائي في الخطةِ الامنية هو التركيز على أهميةِ الجهد الاستخباري في تقويضِ النشاطات الإرهابية. إذ أنَّ التعويل على تواجدِ رجال الأمن في الشوارعِ والساحات وغيرها من الأماكنِ المنتخبة بالوسائلِ البدائية التي تفتقر إلى تقنيات المراقبة، ومن دونِ تفعيل مهمة الحصول على المعلومة، لا يمكن أنْ يحقق المبتغى في المواجهةِ مع عدوٍ مدجج بأحدثِ التقنيات التي بمقدورها التسبب بمزيدٍ من الخروقاتِ الأمنية.
على وفقِ مخرجات الاجتماع الذي تقدم ذكره، ثمةَ سؤال يحضر على شفاه الجميع، مضمونه يتمحور حول عدد الذين تم إخضاعهم للتحقيقِ من القياداتِ الأمنية العاملة في مدينةِ الصدر، طالما أنَّ المجتمعينَ أقروا بوجودِ شبهات فساد.
في أمانِ الله.