كل إدارة جديدة للبيت الأبيض في أمريكا، لها رؤية واستيراتيجية خاصة تنتهجها، مغايرة للإدارة التي سبقتها ، فمثلاً: إدارة بوش الأبن قامت على سياسة”الضربة الإستباقية”، وإدارة أوباما على سياسة”الفوضى الخلاقة”.
السؤال هنا: على أيّ سياسة ستقوم إدارة الرئيس دونالد ترمب؟ وهذا ما سنتحدّث عنه.
هناك مثل عند العراقيين يقول:( حضّر العطابة قبل الفشخة)، العراقيون يضربون هذا المثل على الإنسان الذي لم يحسن التصرف، ويستعجل الأمور، فيعيبون عليه فعله، وفي الحقيقة المثل له مغزى أخر، وهو قيام الشخص بتجهيز الحلول، وتحضير العلاج المطلوب، قبل البدء بالعمل التخريبي الذي ينوي فعله، كالذي يريد هدم بيته وإعادة بنائه، فيجهّز الخريطة، ويحضّر المال الكافي للبناء، بمعنى آخر: إصلاح بعد خراب، ولكن وفق رؤية ورغبة ما يريده الإنسان المفتعل للحدث، لا ما يريده الآخرون.
حالياً، بعض وكالات الأنباء العربية والعالمية، تناقلت خبراً عن تواجد قوات( أمريكية-بريطانية-عربية)، في الأردن على الحدود السورية من الجهة الجنوبية، لتشيكل جيش بالإتفاق مع بعض فصائل المعارضة، مجهزة بأحدث المعدات والآليات، يبدأ إنطلاقه من درعا ودير الزور، للإطاحة بالنظام السوري، بحسب ما أشارت بعض الاخبار، ومن أبرز هذه الفصائل( جيش مغاوير الثورة)، بقيادة المقدّم العسكري المجرم، مهند الطلاع، الذي صرح سابقاً: بأني سأصفي وأقضي على كل من يقف بوجهي وفي طريقي.
أمريكا، غرّرت بروسيا، نتيجة تصريحات أطلقها بعض المسؤولين في إدارة الرئيس ترامب، مثل: ان امريكا تريد الحل السياسي في سوريا، وان بشار الأسد لابد ان يشرك في هذا الحل، وتركت روسيا تأخد حريتها في مفاوضات استانة، بين النظام السوري والمعارضة، وبعد تفجيرات روسيا، حرّضت روسيا النظام السوري لإستخدام السلاح الكيمياوي، رداً و إنتقاماً من الإرهابيين على خلفية التفجيرات، وهذا ما صرح به احد المسؤولين الإمريكيين، عندما قال: توصلنا الى حقيقة ان روسيا كانت لديها علم مسبق بالهجوم الكيمياوي.
بعد الهجوم على خان شيخون، تغيّر الموقف الأمريكي بشكل مفاجئ، ومعه تغيّرت نبرة الخطاب في الإدارة الامريكية، فراحت تتوعد النظام السوري والإطاحة به، وان لا حل في سوريا مع وجود الأسد، ولحد هذا اليوم أتفقت مجموعة الدول السبعة :(امريكا، وفرنسا، وإيطاليا، وبريطانيا، وكندا، واليابان، والمانيا)، وبمشاركة تركيا، والأمارات، وقطر، والسعودية، في المؤتمر السنوي للدول السبع الصناعية، فأتفقوا جميعاً على تغيير النظام في سوريا، هذا الأمر يشعرك ان أمريكا قد أعدت الأمور مسبقاً لتنفيذ السيناريو الذي صاغته، ولكن لابد من أفتعال أمر أو فوضى لتطبيقه، وقد أكدت صحيفة راصد الأخبارية، قبل ثلاثة أيام، حين نقلت خبر عن صحيفة عكاظ السعودية، ان امريكا منذ شهرين تعمل على قدم وساق، لتنفيذ مشروع القضاء على الإرهاب والإطاحة ببشار الأسد، وتقليص النفوذ الإيراني، وتحجيم الوجود الروسي.
اقول:ومن ضمن هذا المشروع، تجهيز جيش يتحرك من الحدود الإردنية-السورية، والذي أشرنا إليه أعلاه.
قبيل الإنتخابات الامريكية، والتي فاز بها ترامب لاحقاً، قرأت بعض التقارير المنقولة عن شخصيات سياسية أمريكية متنفذة، يقول هذا التقرير ان الإدارة الإمريكية المقبلة- إدارة ترامب حالياً- دورها إعادة النظام، وإصلاح ما تسببت به من خراب، سياسة (الفوضى الخلاقة)بإدارة أوباما، لترتيب أوراق الشرق الأوسط من جديد، على ضوء رؤية واستيراتيجية أمريكية، فالأمريكيون يقولون نحن كالمنقبين عن النفط، فنحن لا نصنع الآبار، بل نكتشفها، ومن ثم نفجرها للإستثمار لكي نستفيد من أرباحها!! أيضاً
نحن لا نوجد ولا نخلق الطائفية في المنطقة، لإنها بالإصل موجودة، وما علينا سوى إثارتها بالعداوة لإستثمارها في سياستنا لتعود علينا بالنفع.
وفقاً لهذه الرؤية الامريكية، في خلق الفوضى، ومن ثم التدخل وإصلاح الأمور، بسيناريو معدّ مسبقاً، فما حدث بمصر من تفجيرات ليس ببعيد عنها، فتحريك الإرهاب واللعب على الورقة الطائفية بين المسحيين والمسلمين، لإيجاد الفتنة أمر خطير جداً، وزاد الأمر خطورة، تحريك الجيش، واعلان حالة الطوارئ بمصر لمدة ثلاثة شهور، ومن المؤكد ان هذا التحرك والاعلان بني على معلومات استخبارية هامة، تنذر بخطر محدق وخاصة بعد تهديد داعش بأستمرار العمليات الإرهابية ضد المسيحيين.
ان ضرب إسرائيل بصاروخ من سيناء من قبل داعش، تعدّ خطوة جديدة من نوعها، تجلب معها التوتر والفوضى في المنطقة، مما حدى بإسرائيل غلق المنافذ الحدودية مع مصر، وإستدعاء رعاياها من هناك، كما قامت القوات الإسرائلية باقتحام بيت المقدس وتفتيشه، مما يزيد من حدة الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ما نخشاه حدوث الفتنة الطائفية في مصر، وتصاعد وتيرة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، فينتج حدوث فوضى كبيرة، الغاية منها قدوم قوات أمريكية الى مصر، بحجة دعمها، والقضاء على الإرهاب، وحماية إسرائيل أولاً، إضافة الى تعزيز قواتها، وتقديم الدعم للجيش الذي يتحرك من الأردن للإطاحة بنظام الأسد، وتقليص النفوذ الإيراني، وتحجيم الدور الروسي في المنطقة، لإعادة صياغتها بحلة أمريكية جديدة.
أمريكا، قامت بتحضير( العطابة قبل الفشخة) على قول المثل الشعبي العراقي، أو على ضوء سياسة الإدارة الجديدة للرئيس الأمريكي ترامب :(النظام ينبثق من الخراب)، فالمطلوب منّا كحكومة وضع برنامج سياسي، وأمني، واقتصادي، تحسباً وتحرزاً لأي أمر طارئ ومفاجئ، والمطلوب من قيادات الحشد الشعبي، الألتزام پأوامر الحكومة، والتمسك بأمر المرجعية الدينية العليا، المتمثلة بسماحة السيد السيستاني”دام ظله” ، فهذا الرجل العظيم لا يقودكم الى ردى ولا يصدنّكم عن هدى.