22 نوفمبر، 2024 3:42 م
Search
Close this search box.

لماذا نرفض خصخصة الكهرباء في العراق بهذه الصيغة؟

لماذا نرفض خصخصة الكهرباء في العراق بهذه الصيغة؟

قبل البدء من يريد التعرف على أسباب رفضي للخصخصة-عموماً- في العراق حالياً يمكنه مراجعة مقالي المنشور “لماذا نرفض الخصخصة في العراق حالياً؟”، ذكرت في ذلك المقال تعريف الخصخصة وايجابياتها وسلبياتها وأسباب الرفض الحالي، وكان من ضمن الامثلة باختصار خصخصة الكهرباء محل الجدل الآن، في هذا المقال لن أكرر ما ذكرته هناك من أسباب عامة-إلا بعض الاشارات عند الضرورة- ولكني سأتحدث عن الأسباب الخاصة برفض خصخصة الكهرباء بهذه الصيغة وما هي علل ذلك الرفض؟
خصخصة الكهرباء هي بحسب وزارة الكهرباء العراقية عقد استثماري لتشغيل وجباية وإدارة وصيانة وتأهيل قطاع توزيع الكهرباء.
مبررات اللجوء له: ترشيد الاستهلاك، ومعالجة-القضاء على بحسب تعبير العقد- مشكلة التجاوزات على الشبكات من العشوائيات وغيرها، وزيادة الإيرادات، وتسريع وتنظيم وتطوير آليات الصيانة والتأهيل والإدارة، وبالتالي بحسبهم حل مشكلة الكهرباء في العراق!
من منا يرفض حل مشكلة الكهرباء في العراق وهي المشكلة التي عجز عن حلها ربما اكثر من نصف درزينة من الوزراء وعشرات الخبراء وعشرات المليارات من الدولارات؟!
قطعاً لا يوجد أحد يرفض ذلك، إلا إن تصورنا إن هناك من هو مستفاد من عدم حل المشكلة ولعله لو دققنا لوجدنا ولكننا لن نجده خارج الوزارة بل داخلها!
فهل هو فعلاً كما سوقت له الوزارة؟!
الجواب يتضح من التالي:
1-إن الوزارة لم تكن شفافة في عرض صيغة الخصخصة فهي لم تقم بأي عمل إعلامي توضيحي يتناسب مع حجم الحدث بل هي حاولت ولازالت تسويق الموضوع بطريقة وهمية على إنه ليس بخصخصة، وهذا أما توهم أو كذب متعمد على المواطن فكل الكتب الاقتصادية وكل المواقع الاقتصادية بل وكل الاقتصاديين المختصين لو عرضت عليهم الأمر لقالوا لك إنه خصخصة جزئية أو خصخصة إدارية فالخصخصة لا تعني فقط بيع الأصول كما تحدث السيد وكيل وزير الكهرباء في اجتماعه مع مجلس محافظة ذي قار وكما تحدث السيد مدير عام توزيع الجنوب في لقاء عبر قناة آسيا وكذلك إن تسميته شراكة مع القطاع الخاص لا تعني إنه ليس خصخصة لأن أي شراكة مع القطاع الخاص في إدارة قطاع حكومي موجود هي خصخصة بحسب مستوى الشراكة!
2-إن الوزارة لم تكن شفافة في توضيح الاسعار والتي لازالت إلى الآن غامضة حتى على كبار المسؤولين والمختصين، ولكي تثبت شفافيتها عليها أن تعرض التكلفة المالية الكلية للمنزل بعد تطبيق الأسعار بحسب طبيعة استخدام المنزل من الأجهزة-صدرت قراءة شبيهة بما طلبناه من غرفة عمليات الكهرباء في ذي قار وهي أفضل صيغة مطروحة لحد الآن ولكنها ليس دقيقة بما يكفي لاعتمادها-وتكلفة ذلك الاستخدام، على أن لا يكون العرض مثالي غير واقعي كما تحدث السيد الوكيل في اجتماعه في مجلس محافظة ذي قار مثلاً عندما قال ما مضمونه إن تشغيل المكيف يجب أن يكون على درجة 20!!
3-الاسعار بنيت على أساس خاطئ -لم يلتفت له أحد بحسب علمي- لأنها مبنية على أساس الوصول لترشيد الاستهلاك عبر ضغط التكلفة العالية وعلى الإمكانية المالية بغض النظر عن الحاجة!
وهذا أمر غير صحيح لأن الكهرباء خدمة عامة ومن مسؤولية الدولة توفيرها لكل محتاج لها والمتمكن مالياً عليه دفع التكلفة المعقولة وغير المتمكن فعلياً تتكفل له الدولة بالحد الأدنى من حاجته، والدعم المزعوم هو بتقليل تكلفة الحد الأدنى من الكهرباء والتي قد لا تناسب حاجة الكثيرين في بلد ترتفع فيه درجات الحرارة في الصيف لتصل إلى أعلى درجات حرارة مسجلة في العالم!
قد يُقال إن الاسعار شيء والخصخصة شيء آخر وإن الاسعار طُبقت من بداية عام 2016.
نعم ولكن الخصخصة بنيت على أساس هذه الاسعار وتخفيضها قد يجعل المستثمرين يتراجعون ولهذا يجري الربط بينهما، وكذلك رغم إن الأسعار على الورق طُبقت في بداية عام 2016 ولكنها واقعياً لم تطبق فلازالت قراءة العدادات غير واقعية وفيها مجاملة وتقدير وحذف وهذا طبعاً لن يكون مع وجود الأجهزة الذكية والمستثمر!
4-ملف الكهرباء ملف حساس ويمس حياة المواطنين كافة وكان ينبغي أن يتم استبيان آراء الناس قبل البدء بمثل هكذا مشروع فالبد به هكذا مؤشر خطر واتفاقات، وليس رأي المواطن لم يؤخذ به في الموضوع بل عملياً لم يتم الأخذ برأي الحكومات المحلية التي تمثل المواطن وهي التي ستكون على احتكاك مباشر معه فيما لو طُبق هذا الأمر في حين إن الدستور يقول بوضوح إن ملف الكهرباء من الملفات المشتركة بين السلطات الاتحادية والسلطات المحلية.
5-الهدف من المشروع ليس توفير كهرباء 24 ساعة للمواطن ولا تحسين نوعية الخدمة المقدمة لكي نصفق لهذا المشروع فالهدف-قال ذلك وكيل وزير الكهرباء في اجتماعه مع مجلس محافظة ذي قار – هو تقليل الضائعات الإدارية لإقناع البنك الدولي حتى يتم التفضل علينا بالقرض لا أكثر!
6-لا توجد تجربة خصخصة للكهرباء-بحسب تتبعي- تنحصر بقطاع التوزيع، إذ الكهرباء هي: انتاج وشبكات وتوزيع، والخصخصة إذا كانت هي الخيار الوحيد لتحسين وضع الكهرباء- بشرط تخفيض الاسعار ولسنا مع ذلك حالياً حتى مع التخفيض- فينبغي أن تكون شاملة لكامل القطاع لكي تكون الشركة مسؤول فعلاً عن الانتاج والشبكات لا أن تتعدد اطراف المسؤولية فتضيع إمكانية تحديد المقصر ومحاسبته لاحقاً.
7-لا يوجد أي ضمان في العقد لتشغيل الكهرباء 24 ساعة وإنما يوجد تخمين بأن رفع الأسعار والتجاوزات سيقلل نسبة الاستهلاك بمقدار 20% وعندها ممكن أن تكون هناك كهرباء 24 ساعة!
8-لو افترضنا إن ما في النقطة السابقة تم فعلاً فهل وزارة الكهرباء قادرة على تجهيز كهرباء 24 ساعة؟
الجواب: لا ليست قادرة فلا كمية الطاقة المنتجة في العراق كافية لتجهيز 24 ساعة ولا الشبكات في المحافظات كافة كافية لاستيعاب كهرباء 24 ساعة ولا شبكات التوزيع والمحولات في المناطق كافة قادرة على تحمل كهرباء 24 ساعة.
9-المستثمر سيستخدم شبكة الوزارة ومحولات الوزارة و80% من كادر الوزارة فلم لا تقوم الوزارة بذلك؟!
10-الخصخصة في هذا التوقيت وبهذه الصيغة تحميل للمواطن أسباب فشل الوزارة في حل مشكلة الكهرباء طوال 14 عام وتضييع مليارات الدولارات على ذلك وضياع لفرصة المحاسبة.
12-ليست الديون ولا ترشيد الاستهلاك ولا التجاوزات هي مشكلة الكهرباء الحقيقية-رغم إن كل ما ذكر هي مشاكل فعلاً تتطلب معالجة- بل مشكلة الكهرباء الحقيقية هي الفساد في الوزارة نفسها الذي نتج عنه صرف مليارات الدولارات دون الوصول إلى انتاج طاقة كافي وشبكات كافية، فالديون النسبة الأكبر منها حكومية وليس ديون مواطنين وترشيد الاستهلاك غير منطقي مع عدم توفر الكهرباء 24 ساعة والتجاوزات سببها بيروقراطية الاجراءات الحكومية وغياب المحاسبة وعدم وجود الكهرباء بشكل مقنع، فالحل يجب أن يبدأ بزيادة انتاج الطاقة لنصل لمستويات تسمح بتوفير كهرباء 24 ثم نبدأ بمعالجة باقي المشاكل وليس العكس.
13-النماذج التي تحتج الوزارة بها في التطبيق في زيونة وغيرها هي نماذج مصممة للنجاح وفقاً لتقرير الوزارة والتي تقول في إحدى تقاريرها-إنه تم اختيار منطقة زيونة لكي تنجح التجربة- وكان الأولى بل الصحيح اختيار مناطق فيها تحديات فالعراق ليس كله زيونة لا خدمات ولا إمكانية اقتصادية أو أن يكون التطبيق جزئي وليس كلي، ومع ذلك فإن القول بنجاح هذه التجارب محل جدل فهي إلى الفشل أقرب منها للنجاح وتذمر المواطنين موجود فكم سيكون مستوى التذمر لو طبقت التجربة في مناطق أخرى؟!
14-العقد فيه مآخذ كثيرة كنسبة رضا المستهلك التي قدرت بـ5% فقط من معايير التقييم والحق الحصري لمشاريع التأهيل والصيانة التي تقدر بمئات المليارات-مذكورة في العقود- للشركة المتعاقد معها خلافاً للضوابط، كل هذه الأمور وغيرها تؤشر بوضوح إن العملية صممت لفائدة وانتفاع جهات معينة وليس لحل مشكلة الكهرباء فعلاً!
15-اختيار الشركات وعدم الاعلان بشفافية عن الأمر وعدم اشراك الحكومات المحلية مؤشر واضح على المحاصصة!
16-انحصار التطبيق بمناطق محددة لا معنى له فإذا كان السبب هو تقليل الضائعات ومعالجة مشكلة التجاوزات والديون فلماذا لا يتم البدء في المناطق بحسب ذلك وليس بحسب الطاعة كما هو المعمول به حالياً؟!
ثم إن تصريح الوزير يقول إن التطبيق سيكون على مرحلتين الأولى 40% يعني الجنوب فقط والثانية 30% ولم يتحدث عن مرحلة ثالثة، يعني ولأنه في الغالب في المشاريع في العراق يتم نسيان المرحلة الثانية سيكون التطبيق واقعاً في الجنوب فقط!!
17-استخدام 80% من كادر الوزارة يعني إن الكادر قادر ولكن العلة في إدارته! كما إن عدم استخدام كل الكادر مؤشر على وجود من سيتم تسريحهم بعذر أو بآخر الآن أو مستقبلاً!
لهذه الأسباب ولأسباب أخرى ذكرنا بعضها في مقالات ومنشورات كثيرة ويطول بنا المقام لو تحدثنا عنها جميعاً نرفض خصخصة الكهرباء في العراق حالياً وبهذه الصيغة ونطالب بتقليل الاسعار وبإعطاء صلاحيات للدوائر تمكنها من أداء مهامها فعلاً مع دعم الكادر العامل والتركيز على أخطاء الوزارة طوال السنوات السابقة من عدم زيادة الانتاج ومعالجة مشاكل الشبكات ومعامل القدرة وغيرها بدل الهروب من المشكلة والاكتفاء بلوم المواطن!

أحدث المقالات