23 ديسمبر، 2024 9:52 م

عندما تفقد الحقائق روحها, يتعفن الواقع في الغموض ونندم عندما لا نكرم لحظات الصدق مع الوطن, الغموض خراب في الصميم, القاتل والسارق مثلاً, لا يمكن لهما ان يكونا الا غامضين, في العراق عملية سياسية غامضة, اطرافها دون استثاء تعاني خلل في الذات الشخصية والحزبية, من اجل التستر على الأنهيارات الأخلاقية والأجتماعية والسياسيية تلجأ الى التضليل وقلب الحقائق عبر افتعال تقديس الموروثات المسروق بعضها من نقاط ضعف النص, رجال الدين وفي كل الأزمنة اكثر غموضاً من غيرهم يتعاملون بوجهين ويظهرون عكس ما يضمرون واغلبهم اكثر استجابة لجاذبية الفساد, هناك خلف ظاهرهم الغامض ثمة جريمة لقتل الحياة بعد اغتصابها, وهذا ما يحدث الآن في عراق الأسلام السياسي .
عراق الطوائف والمذاهب والأعراق والعشائر, لا يمكن تحديد تقاسيمه او تشخيص ملامحه وتقدير المتراكم من مصائبه, تناسلت على جغرافيته كيانات للتحاصص والقسمة محشوة بالغموض الشامل, عراق لا شيء فيه لأهله, واسوأ ما يمكن ان يكون عليه الحال عندما تتصدر مصيره قوى ليست من صلبه, العراقيون لا ارض لهم ولا سماء ولا سيادة, لديهم فقط خارطة وطن على جريدة قديمة لا يملكون عليها سوى محميات للصبر على العوز والذل ونقص الكرامة وجهالة مغموسة بالأستغباء والأستغفال .
بعد ان اكملت انظمة الأنحطاط العروبي دورة خرابها, صدرت فائض طائفيتها الى العراق, مراحل ما اثقلها على صدر العراقيين, اضافة لما سبق, اطول حرب في التاريخ الحديث مع الجارة ايران وهزائم دامية على جبهات امهات المعارك, حصار انهك القيم المادية والمعنوية والأخلاقية والأجتماعية للعراقيين وكان الأحتلال في 2003 بداية خبيثة اكتملت فيها عبثية الخراب الشامل للدولة والمجتمع .
(الله اكبر) للدولة الأسلامية في المحافظات الغربية تقاتل (الله اكبر) لمحافظات الجنوب والوسط, كلاهما تستمدا عافيتهما من مراضع الأرادات الدولية الأقليمية, تحاقدت وتكارهت وتقاتلت بسيوف الموروثات والنزيف عراقي بأمتياز, كلاهما حللا قتل الآخر وهم يجمعهم رب واحد ودين واحد وقبلة واحدة, اذن من فبرك وصدر واستورد عبثية تلك العداوات التاريخية ؟؟؟, علينا الآن ان نبحث في عتمة الغموض العقائدي عن اجوبتها .
الأنقلاب الأمريكي الدموي في 08 / شباط / 1963, خلع الوجه الوطني لثورة 14 / تموز 1958 وركب بديله وجهاً بعثياً بمواصفات قومية, بعد الأحتلال في 2003 تم فصال وجوهاً ذات مقاسات ومواصفات والوان اسلاموية, على امتداد ثلاثة عشر عاماً وما رافقها من مجازر فتن واقتتال طائفي رسمت حدود التقسيم واقعاً مفجعاً اكتمل فيه سقوط ثلث جغرافية العراق بيد دواعش الدولة الأسلامية, فساد وارهاب وخيانات وضعت عنق العراق في القبضة الأمريكية, المصالح الأيرانية ماسكة ذيله وخناجر الخليج الطائفي تعبث في خاصرته .
لا يمكن لعراق الحضارات ان ينهض ثانية على قدمي القومية والدين, هناك حقيقة مغيبة وعلى العراقيين ان يتعرفوا عليها والأصح ان يتعلموا قراءة تاريخهم ليكتبوه, ارث حضاري لأجدادهم وتاريخ معرفي وينابيع وعي ينبغي ان يفتحوا سواقيها, من جففها فيهم ومن سلخهم عن ذاتهم ثم عوقوها ؟؟, وحتى يكونوا اهلاً للأجابة, عليهم ان يستقرأوا حقيقتهم ثم يعيدوا احيائها نقد ومراجعة واكتشاف حتى يصرخ التاريخ فيهم, هنا انتم فأنهضوا من سبات غموضكم واخلعوا اسمال موروثات ما كانت يوماً من صميمكم . 
لعنهم الله وكرمهم الشيطان, بهائم تسير على قدمين, لا تصلح لغير افتراس العقل واجترار الوعي, ارثهم الزيف واكاذيب قدستها العادة لعنة في الصميم العراقي, تعفن قيحهم  مستنقعات للردة على امتداد تاريخ ما بعد التاريخ العراقي, قطعت سواقي الوطن عن منابعها الحضارية ولوثتها بكل ما للبداوة والجاهلية من جلف وقسوة وشيم التدمير .
اهلنا في الداخل وبجميع مكوناتكم, الجهل نقطة ضعفنا وغموض رؤيانا, انه الثغرة التي سينفذ منها الى داخلنا من ليس منا, فقرنا وجهلنا وامراضنا ليست فضيلة, انه الكفر والمعصية والطريق الى جهنم الدنيا قبل الآخرة, من جاع في الدنيا غفلة لن يشبع يوم القيامة, ومن ينتحر بصوته الأنتخابي ليس شهيداً, الشهادة نسيجها وضوح الرؤيا وسمو الروح ودليلها قضية وطنية, من داخل خيام الجوار للأرتزاق يذوب الشرف وينكسر الضمير .
16 / 11 / 2015