26 نوفمبر، 2024 11:39 م
Search
Close this search box.

عن شرعية الحكومات وشرعية المسؤلين

عن شرعية الحكومات وشرعية المسؤلين

فى احد “بلاد الكفرة”, هؤلاء الدنيويون, الماديون, العلمانيون الذين يستخدموا النساء فى الدعاية والاعلان, فى اوربا وامريكا وبلدان اخرى, قدم احد وزراء الداخلية فى احد الولايات, فى دولة اتحادية, استقالته, وذلك لان احد السجناء استطاع الهروب من السجن. الا ان الاجهزة الامنية قد استطاعت القاء القبض علية بعد يومين من الهروب, دون ان تحصل خسائر فى الارواح اوالممتلكات. ان الوزير اكتسب شرعية مهام عملة ومنصبة من خلال الانتخابات التى فاز بها الحزب الذى ينتمى الية, وهذة الشرعية تمثل محصلة للنظام الديمقراطى الذى يقرر بواسطها الشعب على انه مصدر السلطات.

ان مثل هذه الحالات تحصل كثيرا فى الدول التى تحترم القانون وتحترم العمل وتحترم ذواتها ايضا. ان الوزير وما يتمتع بة من سلطات مكلف بعمل له اهمية كبيرة للمجتمع والمواطنين,ويكاد ان يكون ضروريا وعلى اهمية عالية فى نوعية حياة المواطنين وافاق التطور الاجتماعى والاقتصادى. لهذا يحرص الوزير او كل الاشخاص المناط بهم عملا, بالاحرى المسؤلية, ان يقوموا بوظائفهم بافضل صيغة وبنتائج مرضية جيدة. ان هروب سجين من السجن يعنى ان خللا , واجراءات ادارية, يمكن ان تنسحب على الاداريين العاملين فى السجن او انظمة الحراسة والمراقبة لم تكن بالنوعية التى لاتتيح الفرصة للهروب . وبما ان الهروب قد حصلا فعلا , فان تقصيرا معينا شجع على الهروب. ان الوزير هو المسؤل على ما يحث فى وزارته, على الرغم من انه ليس المسؤل الانى المباشر عن الهروب, هذا يقع على القائمين على السجن, ولكن الوزير, كاعلى سلطة فى الوزارة يتحمل المسؤلية القانونية والاخلاقية على فشل الاداء فى قسم من اقسام وزارته المتعددة الواجبات, ويجب ان يكون على علم ودراية بمفاصل وزارته.

ان حصول عملية الهروب تعنى ان الوزير لم يقوم بواجبة بالصيغة التى يفرضها القانون وتلزمه الشرعية. الا ان تقديم الاستقالة من قبل الوزير تمثل اعترافا بالتقصير الذى حصل واحتراما للعمل والمسؤلية التى لم يكن على قدر المستولية, ومع ذلك فان استقالته من منصبه تعنى انه يحترم القوانين والاعراف

وقبل كل شىء يحترم نفسه. ولكن, وبنفس الوقت, فقد نال احترام وتقدير المواطنين ووسائل الاتصال, لانه اعترف بالخطأ والتقصير, وكما يقال فى ثقافتنا العربية الاسلامية ” رحم الله من عرف قدر نفسه”

ان بلدنا العزيز تلاطمه الامواج من كل جانب, واذا اخذنا النظر الى احوال البلد من تاريخ الاحتلال الامريكى وتربع النخب الطائفية والقومية على السلطة, فأن احواله تسير من السىء نحو الاسؤ, وفى نهاية الامر فان الخزينة فارغة, ويكاد ربع مساحة البلد فى يد الارهاب بعيدا عن سلطة الدولة. ان الجهود المضنية لتحرير المدن العراقية من الارهاب, تكلف يوميا ملايين الدولارات التى لا تتوفر فى خزينة الدولة الخاوية, هذا يعنى ان الحكومة مضطرة على الاستدانة والقروض, وذلك وفقا لشروط صندوق النقد الدولى والبنك الدولى وهؤلاء لا يرحمون. اذا اخذنا الديون السابقة ومستحقات شركات النفط وقروض البنك الاسلامى فى السعودية, فان الامر لا مبالغة فيه, حينما يتكلم بعض المختصين بان النقط مرهون مسبقا لعشرات السنين وعلى الاجيال القادمه ان تجد وسائل جديدة للعيش. هذا يعنى “نفط ماكو, مرهون ومبيوع مسبقا”.ان السؤال يفرض نفسه: من يتحمل مسؤلية افلاس الدولة وتحولها الى جسم متضخم معطل ذاتيا عن العمل الحركة ؟؟.

تكاد النخب الطائفية والقومية الى جاءت مع الاحتلال او جاء بها الاحتلال فى عام 2003 مازالت مع تغيرات بسيطة هنا وهناك, واغتيالات واعتقال وتشريد للمعارضين, مازالوا بكثافة عالية فى مراكز القرار ويتقاسمون مع الاحبة والاقارب و”رفاق الطريق”جميع المراكز والوظائف المهمة وبرواتب عالية ومخصصات لا تخضع لسلم الدرجات الوظيفية فى الدولة وكذلك فى السفارات العراقية فى مختلف اللدول. ان هؤلاء جميعا مساهمون بشكل فعال فى استشراء الفساد الادارى وسرقة المال العام, وانهيار النظام القيمى للمجتمع.

ان مئات المليارات الدولارية التى دخلت العراق قد تبخرت, لم تنجز مدرسة, او مستشفى ولم تعيد كفاءة الشوارع الرئيسية التى تربط المدن العراقية, ناهيك ان تقوم بانشاء شوارع وطرق مواصلات جديدة. اما عن التعليم فأن تلاميذنا فى اوضاع سيئة جدا, ففى بناية مدرسية واحدة تشغل من قبل 3 مدارس , لكل منها ثلاثة ساعات يوميا فقط, وفى صفوف مكتظة بالتلاميذ وكوادر تدريسية قد

انهكتها متطلبات الحياة والخوف الدائم من حصول انفجار او معتوه مجرم يفجر نفسه فى اى مكان وفى اى وقت. اما عن التعليم العالى بعد ما كان محترما “الى حدما, ويعترف به “من بعض الاوساط العلمية”, فان التقييم العالمى للمستوى العلمى للجامعات العراقية لم يدرج اصلا, لم يأخذ بنظر الاعتبار للمستوى البأس الذى وصل اليه. وماذا عن “الكليات الجامعة” التى اصبحت مجالات استثمارية واعدة, عدا بعض العراقيين الجاديين, فان “دكاكين الاستثمار”كانت غالبا من نصيب رجال الدين او العاملين معهم. ان هذه الكليات, بعد هذه الفترة القصيرة من تأسيسها اصبحت مؤهلة لمنح شهادة الماجستير, اما عن الدكتوراه فهى قادمة ايضا….. ( صلوات على محمد وال محمد) امين امين اما عن الكهرباء والصحة ومشاريع اسالة الماء, وبناء المساكن والوعود بتوزيع الاراضى للمواطنين, فقد طال الكلام عنها واصبحت مقرفة مؤلمة, خاصة وان الوزراء المعنيين قد فقدوا حاسة السمع والقدرة على الرؤيا. يبدو ان عددا كبيرا من المسؤلين يجد متعة ولذة فى عذاب المحتاجين, وينطلق من انهم بالتأكيد, سوف يصابون بامرض نفسية معقدة تتحول مع الزمن الى امراض دائمة عضال تصل بهم حد الياس ويقتنعوا بما هم عليه.

للموسم الثالث تغرق مدن عراقية عديدة فى الوسط والجنوب, وتعطلت الحياة فيها بسبب مياه الامطار الغزيرة التى دخلت الى البيوت ايضا. اما بغداد فقد اغرقتها مياه الامطار للمرة الرابعة حيث ارتفع مستوى المياه فى البيوث الى حوالى خمسين سنتمترا. كان الصراع رهيبا فى انقاض الثلاجة والمجمدة والاجهزة الكهربئية من خطر المياة, بالاضافة الى المفروشات البيتية . مضت اربعة ايام وطغيان المياه يحدد من حياتنا وكانت ” صوبة علاء الدين” رفيقنا فى التدفئة وتحضير وجبات الطعام, واخير قام بعض النشامى من حى الشعب بقطع طريق بغداد- الشعب – الخالص مما ادى الى تحرك بعض النواب والمسؤلين وقاموا بزيارة حى الشعب. والحق يقال فقد جاؤا بـ ” اناقتهم المعهودة, وطلعتهم البهية وسياراتهم الحديثة والحماية المسلحة المتأهبة للطوارىء “. اخير وصلت السيارات الحوضية, وخاصة العائدة للجيش التى استمر عملها بضعة ايام. وتخلصنا من المياة الراكده,وننصرف الى البيت الذى اصبح يحتاج الى الكثير من التصليحات. لقد حصلت بعض الجهود الرامية الى

تحسين الشبكة ,ولكن كما يبدو فانها كالمعتاد “هبة مؤقتة” وترجع الامور الى حالتها الطبيعية, بمعنى لم يحصل شىء مؤثر ولم تأخذ الاجراءات للموسم القادم.

جاء موسم الامطار, وغرقت بغداد وعددا من المدن العراقية بعد بضعة ساعات هذا بالاضافة وصول سيول الامطار من الحدود الايرانية الى محافظة الكوت وديالى. ان الاضرا ر تكاد نفسها فى كل مرة, تعطل الحياه, اختلاط مياه الامطار بالمياه الثقيلة وما يترتب على ذلك من انتشار للاوبئة والامراض, ولا ننسى الاضرار التى تصيب البيوت, الجدران والارضية, هذا بالاضافة الى الشوارع التى سوف تحتاج الى ادامة سريعة. الجديد فى موسم الفيضان وفاة اكثر من 70 مواطنا نتيجة للتماس الكهربائى الناتج عن تدلى بعض الاسلاك الحاملة للتيار, او وصول الرطوبة اليها واستخدام المواطن للكهرباء حيث نقذ التيار الكهربائى الى الجسم والى الى الوفاة.

ترى من المسؤل, او من يتحمل مسؤلية الاضرار الناتجة عن فيضان مياه الامطار ووفاة حوالى 70 مواطنا عراقيا. هل هى امانة العاصمة, وزارة البلديات والتخطيط, وزير الكهرباء وترك الاسلاك الكهربائية يلعب بها القدم, والاحوال الجوية, وكذلك المواطن, ان منظر الاسلاك فى جميع المناطق السكنية فى بغداد مخيف مرعب, مئات الاسلاك فوق بعض ومتدلية واحيانا فى متناول اليد. ماذا يمكن اصلاحه اصلا ما كان عطله نتيجة تراكم اخطاء واهمال وقصور ولامبالاة وفساد ادارى ومالى منذ سنين عديدة, وهل سيكون موسم الفيضان القادم افضل من السابقات, وهل سيفرح العراقيون بخيرات السماء وتنبعث الحياة فى ارضنا العطشى واهوارنا الفريدة, ودجلتنا الذى تحول الى ساقية كبيرة.

لم يقدم احد المسلين لحد الان, خاصة من الذين شاركوا بالمسيرة الحكومية منذ بدايتها, اسفه ومسؤليته عن هذه الاوضاع, ويقدم استقالته, ويشير الى عجزه وعجز الاخرين عن تحمل المسؤلية وعدم توفر القدرة والكفاءة التخصصية فى اداء العمل. فى الحقيقة ان الطبقة الحاكمة مسؤلة بشكل فردى وجماعى عن ما يعانيه العراق وسكانه من مستقبل مجهول ولكنه مظلم بكل بكل تاكيد.

منذ مجىء الطبقة الحاكمة الى السلطة فى عام 2003 ولحد الان, لم يقدم احد المسؤلين, على مختلف درجات سلم المسؤلية استقالته من منصبة واعترافة بالقصوراوالفشل فى اداء عمله, حتى لم يخطر بباله ان يعتذر عن قبول هذا

المنصب لانه لايملك التخصص والخبرة العملية , او ان المنصب اكبر منه حجما. ان مثل هذه الثقافة الاساسية لم تتطور فى ثقافتنا بشكل عام, ومثل هذه الثقافة تحتاج الى وعى عالى وتعليم رصين واوساط اجتماعية وعائلية يسود فيها روح التسامح والاعتراف بالاخر, اجواء علمية واجتماعية تعمل على خلق الثقة بالنفس وحب العمل وتحمل المسؤلية. ان النخبة الحاكمة بعيدة مئات الاجيال عن مثل هذه الثقافة, وكل واحد من النخبة يرى انها الفرصة الذهبية السانحة للتعويض عن سوابق الايام, وهو يعلم انه هنا لظروف خارج المالوف ويعتقد ذاتيا بانه غير جدير بما هو علية, ولذلك, وباقصى سرعة يحاول ان يستولى على كل شىء ما يوفره له منصبه الجديد, وهو مؤهل لكل انواع الشرور والاحتيال . هذه تمثل الحالة السائدة فى سلوك ونظرة النخبة العراقية, لذلك فان الفساد الادارى وسرقة المال العام وفشل الدولة والحكومة فى اداء اهم واجباتها يمثل منهجا للعمل لا يتعلق بشخص ما وانمابالجميع لانهم جميعاالمستفيدين, انها الطريقة العامة المعهودة التى تؤدى الى استمرار الاحوال على ما هى عليه.

اننا لانطلق احكاما اعتباطية, وانما نراقب صيغة الفكر الذى يقود الدولة والبلاد, والذى ثبت على عقمة وعدم قدرته على التفاعل عالميا ومحليا:

يصرح نورى المالكى بانه مازال نأئبا لرئيس الجمهورية ويصرح باعلى صوته بان الاصلاحات التى يقوم بها رئيس الوزراء الدكتور العبادى غير دستورية وليست من صلاحياته. الم يكن جديرا منذ البداية ان يرفض الدكتو العبادى القبول برئاسة الوزارة من دون ان يكون رئيسا لحزب الدعوة بنفس الوقت, كما يحصل ذلك فى الكثير من دول العالم, وذلك لكى يضمن قدرته على العمل وينظم صفوف الحزب بالمنهج الذى قرره لسنين حكمه. اذا ينوى الدكتور العبادى تحجيم دور وسلطة العبادى فعلية التالف مع جبهات اخرى تضيف الى قوتة طاقة جديدة, وعلمى بان الشعب العراقى سوف يكون القوة التى تحميه على ان يقوم باصلاحات حقيقة.

أحدث المقالات