15 نوفمبر، 2024 5:32 م
Search
Close this search box.

نعم لدولة مدنية يسودها القانون المدني والعدالة الاجتماعية للجميع دون منافاة للشرع والأخلاق

نعم لدولة مدنية يسودها القانون المدني والعدالة الاجتماعية للجميع دون منافاة للشرع والأخلاق

إن أسوأ فترات التاريخ التي عاشتها أوربا كانت فترة الحكم الديني و الذي في حقيقته هو حكما لا دينيا على يد الكنيسة ,فترة كانت مظلمة على المستوى الفكري و السياسي و الأمني و الاقتصادي للفرد و المجتمع و الدولة في عموم أوربا بل كانت بحق هي فترة الدكتاتورية الدينية حين نصب القساوسة و الرهبان أنفسهم ممثلين عن الله حتى وصلوا مرحلة منح صكوك الغفران ودخول الجنة ,فترة تم فيها تغييب الفطرة الإنسانية و العقل و تحويل الفرد و المجتمع و الدولة لآلة تختزل كل تحركاتها بيد فرد أو مجموعة من الإفراد المتلبسين بلباس الله و الكهنوتية و القداسة و لم يكتب لأوربا و مجتمعاتها التحرر و سيادة العدالة الإنسانية والاجتماعية و النهضة الصناعية و العمرانية التي نشهدها ألان إلا بعد الثورة على الكنيسة و رجالاتها المزيفين و التحرر من قبضتهم و إقصائهم عن قيادة الدولة . تلك الفترة المظلمة تعاد اليوم في العراق بكل تفاصيلها و في مشهد هو أبشع بكثير مما عاشته أوربا تلك الفترة المظلمة على العراق و التي دخلت عامها الثالث عشر و التي سادت فيها السيطرة المطلقة و بلا منازع للمؤسسة الدينية النجفية الكهنوتية على كل مفاصل حياة الفرد و المجتمع و الدولة فلا انتخابات إلا بفتوى و لا تصويت على الدستور إلا بفتوى ولا انتخاب شخص أو قائمة إلا بفتوى و لا دفاع عن وطن إلا بفتوى و لا خروج على الفاسدين إلا بفتوى حتى وصل الحال إلى ما وصل إليه من تدهور امني و اقتصادي وسياسي واجتماعي , ذلك المشهد المأساوي الذي استشعرت الطبقات الواعية و المثقفة خطورته بل وخطورة السكوت عنه فاندفعت نحو تبني طرح خيار مشروع الدولة المدنية في تظاهراتها الأسبوعية و المطالبة بعزل المؤسسة الدينية الفاسدة و رجالاتها عن التدخل في شؤون الدولة و كان للمرجع العراقي الصرخي الحسني قصب السبق في تشخيص المشكلة و طرح مشروع الدولة المدنية قبل أن تنطلق التظاهرات بعدة أشهر و قبل أن يتبنى المتظاهرون هذا المطلب و ذلك من خلال تصريحه لصحيفة الشرق الأوسط الالكترونية بتاريخ 17/3/2015 ردا على احد أسئلتها قائلا”((…قبل تسليح أي شخص وقبل الاضطرار للرجوع لعصور القبلية والصراعات العشائرية الجاهلية فإننا ندعو إلى دولة مدنية يسودها القانون المدني والعدالة الاجتماعية للجميع دون منافاة للشرع والأخلاق وندعو إلى إخلاء العراق من كل أجنبي وعميل يعمل لتنفيذ مخططات أجنبية مدمرة للعراق ولمصالح خاصة ومكاسب نفعية دنيوية فيسبب الفساد والتفرقة والطائفية والاقتتال والتقسيم والضياع.)) و قد كان المرجع الصرخي ذكيا” و موضوعيا” في نفس الوقت في طرحه حين أكد على حالة التوازن بين مفهوم الدولة المدنية كنظام سياسي وأداري لتنظيم شؤون الدولة و المجتمع و بين احترام خصوصيات المجتمع العراقي الذي هو شعب عربي تشترك جميع مكوناته الدينية بقيم و أعراف و تقاليد مجتمعية عربية و كذلك ثوابت دينية وشرعية تختلف عما يمتاز به المجتمع الأوربي من تقاليد دينية و اجتماعية و هو بذلك يكون قد قطع الطريق على مؤسسة النجف الدينية و أتباعها من رجال دين و سياسة و أحزاب و مليشيات و من خلفهم إيران و التي حاولت جميعها تصوير مشروع الدولة المدنية على انه مشروع انحلال أخلاقي و مجون و خمور و محاربة للدين و المذهب و الشعائر الدينية و الحسينية بعد أن استشعرت و تيقنت أن هذا المشروع أصبح مطلبا جماهيريا يردده المتظاهرون في شعاراتهم و هتافاتهم الأسبوعية المستمرة و انه سيؤدي إلى عزلهم و إقصائهم عن المشهد السياسي .

أحدث المقالات

أحدث المقالات