هذا العدوان لن يمر مرور الكرام وما وقع في السابع من نيسان/ابريل 2017، من استهداف “قاعدة الشعيرات” الجوية بـ59 صاروخ “توما هوك” أميركي لن يتكرر ثانية.. هكذا جاء الرد الروسي بعد اجتماع عسكري مع جنرالات إيرانيين وسوريين في “قاعدة حميميم” بسوريا، إذ رسم العسكريون الذين يديرون المعارك لصالح الرئيس السوري “بشار الأسد” خطوط حمراء لن يسمح بالاقتراب منها على حسب قولهم.
اجتماعات روسية إيرانية مع الميليشيات !
فبعد اجتماعات مطولة لما يعرف بغرفة العمليات المشتركة للقوات في سوريا، خرج بيان شديد اللهجة يؤكد على أن القوات مستعدة للرد بقوة على ما وصفته بالعدوان من قبل أي كان وحتى أميركا نفسها إذا تجاوزت تلك الخطوط الحمراء، كما حمل البيان توقيع روسيا أولاً ثم إيران وثالثاً ما وصف بالقوات الرديفة “وهي قوات إيرانية وحزب الله البناني وميليشيات عراقية وأخرى أفغانية”، دون أي تلميح أو إشارة من بعيد أو قريب لنظام الأسد.
3 أيام من المداولة للرد على قصف الـ60 ثانية..
البيان الذي تأخر صدوره لثلاثة أيام متتالية، اعتبر قصف الـ60 ثانية الأميركي عدواناً واعتداء على سيادة دولة، وتوعد خلاله تحرير كامل الأرض السورية مما سماه رجز الاحتلال “وهي كلمة تحمل بصمة صيغة إيرانية”!
يقول المراقبون إن بيان التهديد بالرد يحمل نوايا تصعيد صريحة من روسيا بأنها لن تترك أميركا تهنأ بهذه الضربة، إذ تعتبر موسكو قصف “التوماهوك” الأميركي أصاب كبريائها الشخصي متعمداً لأن أميركا تدرك جيداً أن الأرض السورية ملعب روسي خالص!
الكبرياء الروسي يفقد هيبته..
ما أصاب الكبرياء الروسي هو إعلان موسكو أن الأراضي السورية ميدان جيد لاختبار قدراتها العسكرية لتفاجأ بمن يجرح هذا الكبرياء وإظهار أجهزة الدفاع الجوي الروسية عاجزة أمام التوماهوك!
72 ساعة مرت على قصف التوماهوك للأراضي السورية، وروسيا تحاول أن تستوعب أن الضربة أمر بها الرئيس الأميركي ترامب وهو الذي طالما أبدى إعجابه بروسيا، كما أن موسكو تدرك جيداً أن التهديد الصريح لواشنطن سيضعها في مواجهة مباشرة ربما تطور لما لا تستطيع موسكو مجاراته على الأقل خلال تلك الفترة!
وقف التنسيق ونشر الدفاعات الأرضية..
إن أقصى ما فعلته روسيا هو وقف التنسيق مع أميركا في أجواء سوريا حتى تستهدف ما تشاء على حد قولها، كما أعلنت نشر دفاعاتها الجوية بالقواعد العسكرية السورية.. وقبل ساعات من زيارة وزير الخارجية الأميركي لموسكو، قال رئيس الكرملين إن بلاده يستحيل أن تتخلى عن دعم النظام السوري!
فيما انتقد خبراء عسكريون وضع الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” بلاده التي تعد أحد أهم القوى العظمى في العالم إلى جانب ميليشيات وقوات “رديفة” على الأرض جنباً إلى جنب في سوريا، وأنه كان أولى به إدارة المعركة بشكل احترافي لتحقيق دعم يليق بالدب الروسي لقوات الأسد.
مفاجأة روسيا للأميركيين..
وبينما قال وزير الدفاع الأمريكي “جيم ماتيس” إن قصف التوماهوك على القاعدة الجوية السورية دمر 20 في المئة من الطائرات الحربية العاملة هناك وأن طائرات الأسد لن تتمكن من التزود بالوقود في هذا المطار، شككت موسكو في وصول الـ59 صاروخاً لأهدافها مؤكدة على أن ما عثرت عليه هو آثار 23 صاروخاً فقط وأنها تبحث عن مصير الـ36 الآخرين!
كما نشرت وسائل إعلام تابعة للاستخبارات الروسية ما قالت إنه تأكيد خبير ألماني متخصص في وسائل الدفاع الإلكتروني بمركز “فيريل” بأميركا، على استخدام القوات الروسية موجات كهرومغناطيسية تدعى Krasuha-4 وهي من أفضل أنظمة الدفاع الجوي الإلكترني بالعالم، ضد صواريخ التوماهوك الأميركية في أثناء عمليات القصف، ما أجبر كثير منها على الانحراف عن مساره إما بالسقوط في البحر المتوسط أمام السواحل السورية أو في مناطق بعيدة عن القاعدة الجوية، لقدرتها الفائقة على إعطاء الرادارات المعادية أهداف وهمية!
واشنطن: تعمدنا عدم استهداف مخازن الكيماوي..
أميركا بدورها ألمحت إلى أنها تعمدت عدم استهداف مخازن الأسلحة الكيماوية منعاً لانتشارها بين المدنيين في أنحاء متفرقة بسوريا، وليس عدم دراية بمواقع تخزينها كما ذكرت وسائل إعلام روسية.
التصعيد الأميركي بدوره تواصل في العاشرمن نيسان/ابريل 2017، إذ نقل البيت الأبيض عن الرئيس الأميركي ترامب استعداده شن مزيد من الهجمات إذا ما استخدم الكيماوي مرة أخرى وأنه لابد من رحيل الأسد!
موسكو: لن نسقط التوماهوك.. سوريا ستسقطها في المرة القادمة..
على الجانب الآخر، قال رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي، “فيكتور أوزيروف”، إن منظومات الدفاع الجوي الروسية لن تسقط التوماهوك الأميركي إذا ما شنت واشنطن هجمات جديدة على سوريا، بل ستتصدى لها منظومة الدفاع السورية القادرة على إسقاطها بما تملكه من حق قانوني كامل في ذلك!
حالة التصعيد الهادئة بين قطبي القوى العالمية والتي لم تتجاوز التصريحات والبيانات الإعلامية، ألقت بظلالها على وسائل الإعلام في كل من روسيا وأميركا وكثير من التحليلات يميل إلى أن أمراً ما سيحدث في سوريا على الطرفين أن يتفقا عليه حتى لا تقع مواجهة هي الأكبر في المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية.
اتفاق أم مواجهة ؟
كما تخرج تحذيرات بأن أميركا ترامب ستكون أشرس مما تتخيل روسيا، إذ أن عهد ترامب يأتي والقوات الأميركية تسيطر سيطرة شبه كاملة على البحار والمحيطات وكذلك تطوق الدب الروسي في مواقع كثيرة، كما أن الرجل يريد أن يثبت عكس ما قيل عنه طوال فترة التحضيرات الانتخابية من أنه لا يليق بمنصب رئاسة أهم دولة في العالم وأن روسيا هي من أوصله للرئاسة!
في حين يرى آخرون أن الأقرب هو الاتفاق بين القوتين ولو بشكل “مؤقت” بما يرضي بالأساس إسرائيل التي ترغب في الإطمئنان للأوضاع على حدودها!