19 ديسمبر، 2024 6:04 م

حالة الطوارئ ضرورة أمنية وقانونية لاقليم كوردستان

حالة الطوارئ ضرورة أمنية وقانونية لاقليم كوردستان

بسبب الهجمات الارهابية التي طالت عددا من الدول الاوربية وخااصة فرنسا والتي ذهبت ضحيتها مئات من الابرياء أعلنت هذه الدول عن حالة الطوارئ وذلك لبسط السيطرة على الاوضاع الامنية واعادة الحياة الى سابق عهدها وينعم شعوبهم بامن واستقرار وعليه فان حالة الطوارئ تعد من الحالات الاستثنائية فى الدول المعاصرة، ولكنها فى الدول النامية (الشرق أوسطية) تحولت إلى عرف متواتر، يتيح لرئيس الجمهورية أو الملك فرض حالة الطوارئ.

وحينما تلجأ الدول إلى إعلان قانون الطوارئ والأحكام العرفية فإنها تعرف جيداً أنها تخاطر بالحريات العامة وحقوق الإنسان في بلدها إلا أنها تبرر لجوئها إلى هذا الخيار بحجج كثيرة على رأسها المصلحة الوطنية العليا وسلامة واستقرار البلد إلا أننا لو تفحصنا الأمر جيداً لوجدنا أن هذه الحجج لا تعدو في كونها تختزل في مصلحة النظام الحاكم وبالأخص مصلحة الرئيس أو الملك.

وتعبر حالة الطوارئ عن التطبيق المباشر لحالة الظروف الاستثنائية من حيث التكييف القانونى لها

قانون الطوارئ هو قانون يأخذ في تشريعه مسار أي قانون آخر ولكنه قانون معلق ولا يصبح نافذاً إلا بمرسوم يعلن إطلاق الأحكام العرفية أو ما يسمى حالة الطوارئ. يمكن فرض حالة الطوارئ على البلاد كافة أو على جزء منها كما تحدد بعض الدساتير فترة زمنية محددة لفرض حالة الطوارئ لا ينبغي تجاوزها.

يتضمن قانون الطوارئ سحب بعض الصلاحيات من السلطات التشريعية والقضائية وإسنادها إلى السلطة التنفيذية مما يمنهحا صلاحيات واسعة جداً. كما يتضمن قانون الطوارئ عادة تحديد لحقوق وحريات المواطنين مثل إلقاء القبض على المشتبهين لفترات قد تكون غير محدودة دون توجيه اتهام لهم أو منع حق التجمع أو منع التجول في أوقات أو أماكن محددة.

يحدد الدستور عادة الجهة المسؤولة عن إعلان حالة الطوارئ والحالات التي يسمح بها إعلان حالة الطوارئ وهي بشكل عام تعرض سلامة وأمن البلد لمخاطر ناتجة عن كوارث طبيعية أو بشرية, حالات الشغب والتمرد المدني ، حالات النزاع المسلح سواءً كانت داخلية مثل الحرب الأهلية أو خارجية كالاعتداء على حدود الدولة.

يعد العراق من بين أكثر الدول العربية التي شهدت تحولات وأحداث سياسية عنيفة منذ نشوء الدولة العراقية الحديثة في العشرينيات من القرن الماضي وحتى وقتنا الحاضر وقد كان لهذه التحولات والإحداث بقدر ارتباطها باعتبارات المصالح والسياسات والتحالفات الدولية والإقليمية من جهة وتضارب أو تلاقي أفكار وأهداف الإطراف والقوى السياسية العراقية المختلفة من جهة أخرى في كيفية إدارة شؤون الدولة أثاراً شملت مجمل نواحي الحياة في العراق ومن بينها النواحي السياسية التي يمكن أن تعبر عنها بدلالة الفاعلية السياسية والاستقرار السياسي.

وفي الدولة العراقية ومنذ نشؤها في عام 1921 بعد أنهيار الدولة العثمانية وبسبب ولادة هذه الدولة بشكل غير طبيعي ودمج عدد من القوميات رغماً عن أرادتها في هذه الدولة ، شهدت اضطرابات وحروب كانت تزعزع أمنها وأستقرارها ، مما دفعت الحكومات العراقية المتعافبة الى تشريع قوانين الطوارئ في فترات متتالية أو النص عليها في الدساتير لمنحها صلاحيات واسعة في سبيل السيطرة على الوضع الأمني والحفاظ على الاستقرار، وبأعتبار أقليم كوردستان جزءاً من العراق وفق الدستور فأن شعب كوردستان عانى الكثير من الاضطهاد والتدمير على أيدي الحكومات العراقية التي جعلت من قوانين الطوارئ أداة في يدها من أجل القمع عند قيامهم بالثورات من أجل نيل حقوقهم القومية المشروعة ، ومن جانب أخر وبعد الانتفاضة المباركة التي قام بها الشعب الكوردستاني في ربيع عام 1991 نتيجة الظروف والمغيرات الدولية وأحتلال دولة الكويت من قبل الحكومة العراقية ، دخل أقليم كوردستان مرحلة جديدة من النضال وتم أنتخاب برلمان كوردستان وتشكيل أول حكومة كوردستانية

وبالرغم من التطورات والاحداث التي شهدتها الاقليم من مأسى الحصارين الاقتصاديين والاقتتال الداخلي الا ان حكومة الاقليم لم تستعن بحالة الطوارئَ الا عند حرب تحرير العراق من قبل الولايات المتحدة عام 2003 حيث اعلن لحوالي شهر دون وجود قانون ينظم حالة الطوارئ وهذا يعد نقصاً تشريعياً .

والسؤال الذي يفرض نفسه لماذا لم تستعن سلطات اقليم كوردستان العراق بالاعلان عن حالة الطوارئ خاصة بعد سيطرت داعش على محافظة نينوى و محاولة الهجوم على الاقليم وكذلك الازمة المالية التي يمر به الاقليم بعد استقطاع حصتها من الموازنة الاتحادية وللاسباب التالية اجد من الضرورة بمكان ان تبحث سلطات الاقليم في الاعلان عنها

1. لا يعلن حالة الطوارئ في حالة اندلاع الحروب (الاهلية الداخلية أو الخارجية كالاعتداء على حدود الدولة) وتدهور الاوضاع الامنية وقيام اعمال الشغب والتمرد المدني فقط وانما هناك أسباب أخرى تستدعي الاعلان عنها مثل الكوارث الطبيعية (الزلازل والبراكين والعواصف والفيضانات …. الخ ) التي لا دخل لأرادة الانسان فيها مما يستوجب الاستعداد المسبق لها .

2. تعرض أقليم كوردستان يوماً بعد الاخر أو سنة بعد اخرى الى الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات نتيجة هطول أمطار وثلوج كثيرة تؤدي الى تدمير البيوت والاراضي الزراعية والتي تحدث بصورة مفاجئة ودون سابق أنذار.

3. أن برلمان الاقليم (كما سبق ذكره) أعلن عن حالة الطوارئ لحوالي شهر عند حرب تحرير العراق 3/2003 وهذا يعني تطبيق حالة الطوارئ على أرض الواقع ومن الناحية العملية .

4. وجود قانون ينظم حالة الطوارئ في العراق (امر الدفاع عن السلامة الوطنية 200) وبموجب الدستور والقوانين فأن الاقليم جزء من العراق الفدرالي ،كما جاء في المادة 116 من الدستور العراقي لعام 2005 على أن النظام الاتحادي في جمهورية العراق يتكون من عاصمة وأقاليم ومحافظات لامركزية وإدارات محلية وأقر الدستور في

المادة (117/ أولاً) , اعتبار إقليم كوردستان وسلطاته القائمة إقليما اتحادياً. ، وبموجب المادة الثالثة الفقرة تاسعاً من أمر الدفاع عن السلامة الوطنية نص على ( في العمليات الواسعة التي تنفذ في مناطق كبيرة لمواجهة اخطار مسلحة واسعة فيمكن الاستعانة بالقوات متعددة الجنسيات وفقا لقرار الامم المتحدة ذي الرقم 1546 لعام 2004 وتكليف القوات العسكرية العراقية بواجبات واضحة ومحددة تتناسب مع وضعها وامكانياتها بعد موافقة الرئاسة بالاجماع . وفي اقليم كردستان يتم تنفيذ الاجراءات الاستثنائية بالتنسيق مع حكومتها

ويلاحظ ان اعلان حالة الطوارئ في العراق لا يعني بالضرورة أعلانها في الاقليم وانما يتوجب التنسيق مع حكومة الاقليم عند وجود ظروف تستوجب اعلانها ، بالاضافة الى ان حكومة العراق قد استعان في العديد من المرات بحالة الطوارئ دون اعلانه في الاقليم لعدم وجود مايبرر ذلك لما يتمتع الاقليم من استقرار امني .

1. الاوضاع السياسية والامنية والحروب الدامية التي تشهدها المنطقة برمتها وخاصة دول الجوار العراقي والوضع الامني الداخلي المتردي نتيجة العمليات الارهابية والتفجيرات الشبه اليومية وسيطرت المجاميع الارهابية على مساحات واسعة ومصادر الطاقة مما ينذر بخطر داهم وتدفق طوابير من اللاجئين الى الاقليم بحيث اصبح الاقليم بلد النازحين واللاجئين ومأوىً لهم .

1- أن جميع الدول وعلى أختلاف نظمها السياسية ومستوياتها الاقتصادية ودرجة ثقافة شعوبها و مواقعها الجغرافية فأنها غالباً ما تلجأ الى الاستعانة بالاعلان عن حالة الطوارئ بسبب تعرضها الى أسباب وظروف تستوجب ذلك ، فتم تشريع قوانين خاصة .

2- كل المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الانسان قد منحت الدول في المواد والبنود المختلفة بحق تلك الدول بالاعلان عن حالة الطوارئ عند تعرضها لأي خطر محدق تهدد كيانها وأمنها .

3- أن المادة (65/8 ) من مشروع دستور اقليم كوردستان لسنة 2009 قد نص على الألية التي بموجبها يتم الاعلان عن حالة الطوارئ في الاقليم (إعلان حالة الطوارئ بعد التشاور والاتفاق مع رئيس البرلمان ورئيس مجلس الوزراء في حالات الحرب أو الاحتلال أو العصيان أو الفوضى أو الكوارث الطبيعية أو انتشار الأوبئة أو أية حالات طارئة أخرى، على أن لا تزيد المدة الأولى عن شهر واحد، وتكون التمديدات اللاحقة بموافقة الأغلبية المطلقة لأعضاء البرلمان ولمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر لكل تمديد، وتنظم الأحكام الخاصة بحالة الطوارئ بقانون. ومن هذا يتبين بأن المادة أعلاه نص على ان حالة الطوارئ ينظم بقانون .

المقال مقتطفات من كتاب (التنظيم القانوني لحالة الطوارئ في اقليم كوردستان / لكاتب المقال نفسه)

أحدث المقالات

أحدث المقالات