23 ديسمبر، 2024 11:04 م

الدفن جوار الأضرحة..الچلبي انموذجا

الدفن جوار الأضرحة..الچلبي انموذجا

ان يموت إنسان من أجل الوطن أو يموت الوطن من أجل إنسان؟. السؤال محير مثل لغز موت احمد الچلبي الطامح بزعامة الحكم في العراق.
هو الشلبي، كما اعتقد. من عائلة ثرية تمتهن طحن الحبوب مثل الشلب والحنطة والشعير. رحل من العراق اواسط القرن الماضي بعد وضع اليد على تلك المطاحن من قبل الحكومة. استقر في لندن في فيلا.

منذ ذلك الوقت والچلبي ينظر الى(خبز) العراقي ويحلم باحتكاره.

يعد عالم في الرياضيات الا ان المجتمع العراقي لم ينتفع من علمه المصرفي إذا لم يكن العكس.

أجاد اللعب على حبال المخابرات العراقية والامريكية والايرانية والاسرائيلية.

قد يكون على غرار حزب المؤتمر الهندي الذي اجتمعت فيه كل تناقضات الهند من اجل الهند، شكل الچلبي حزب المؤتمر العراقي ورغم وحدة المجتمع الا ان حزب الچلبي فرقهم وكان يطمح الى قيادة المعارضة كلها للوصول الى الحكم.

هو من جاء بامريكا ويعد عراب الاحتلال في المنطقة،

ومن اسباب وصول الشيعة الى الحكم.

هل كتب السياب قصائده عن شناشيل ابنة الچلبي وهو المريض والفقير المعدم، وهل بشر بهذه الثورة ؟.

فقد كتب عن المطر الثورة في انشودة المطر، ولو كان السياب حيا لسألناه عن ثورته هذه التي تحول فيها المطر الى دم وأشلاء وغرق.

وضع في الدستور مادة محيرة على اثرها تم تاسيس اجتثاث البعث. تعد معقدة ومطاطة وملغومة؛ يستخدمها السياسي ورقة بوجه الخصوم متى ما شاء، وقد طالت الشيعة قبل السنة وظل الأخوة الكورد فوق الجبلي والجلبي.

ان الهروب الى الاسطورة والخرافة والخيال، ملاذ تجده الذات المنجرحة في شعور بالتفوق مرجو ومأمول. ففي الشفاعة يبدو الرمز المقدس بطلا فاعلا في وجه الرب الخالق، قادرا على حماية اللائذ، مظهرا المقابل كالعدو الخسران او من رموز الخسارة.

ما تزال النظرة الاخروية ترى الانسان وحيدا استبعدت اعماله، هو بلا معين، العالم السفلي أو القبر، عالم ساقط مملوء بالسفلة والوحوش وفيه حيات كالنخال وعقارب كالجبال. الناس هنا في الحياة مزيفون، وأنبياءهم مجرد أدعياء، والقيم الروحية في تدهور، العفوية والاصالة معدومتان، الاحداث والوقائع تسحق الوجدان، لذلك، لابد من ملاذ غيبي يكون بزعمهم هو المنقذ.

اعتبرت الذات الحاضرة للغائبة نعمة من الله؛ ذلك لفك عقدة العودة وتقييم الموت والقبر. تشير الغيبيات الى ان الحياة ليست سوى انسلاخ عن أحشاء الأرض، بينما يمثل الموت عودة اليها.

الرغبة الشائعة في مجتمعاتنا في أن يدفن الإنسان في مزار ديني ليست سوى المظهر الدنيوي للعودة الصوفية الى الجذور، الى الجوهر، سوى رغبة في العودة الى المنزل الأول.

يتبين من هذا القول تماثل العودة والموت والمنزل وحضن الأم ضمن رمزية حميمية. هذا المعتقد احيانا تجيب عنه كثير من الكتابات على شواهد القبور، تؤكد هذا التلطيف للقول الذي يتكرر فيه:(أنت من التراب) أو (منها خلقناكم وإليها نعيدكم).

لكن، هذا المعتقد قد يؤكد مفهوم انقلاب معنى الموت، فالميت مطلوب لله وماينفع هذا الدفن؟.

لكنها عادة ترتبط بالاعتقاد بحياة أبدية خفية بصحبة الرمز الديني، هذا ما جعل المجتمع يضاعف حماية تلك الحياة في سكينة الجثة وهدأة المثوى وتوزيع الأطعمة ورش الماء ووضع الورد وإيقاد البخور.

هذه افكار اسطورية، تنطوي على بنية تزامنية لكونها تكرارا مستمرا لنشأة كون افتراضي، بالتالي دواء طمأنينة ضد الزمن والموت. لكونها تحوي في ذاتها مبدأ دفاع وصياغة تنقله للشعائر والطقوس والعادات. إن دور الاسطورة هنا يتمثل في التكرار، كما يتمثل في الرواية مثلما يفعل التاريخ بالسياسي العراقي.

مات الچلبي ملغوزا ودفن في الصحن الكاظمي خوفا لا شعوريا من عاقبة الموت.

اذ لا وعي الجمهور يعتبر ذلك حماية له في الآخرة من بعث الله وحسابه. الكثير من الناس لا يرغب بدفنه في الصحن و يرفضون دفنه في هذا المكان، وإذ دفن في النجف، احتمالية الناس يستخرجون جثته ويمثلون بها. لكن، الرمزية باقية في دواخل العراقيين، حيث سيدوس قبره الآلاف من الزوار تحت اقدامهم.