أشبعوهم وطالبوهم بالفضيلة :لا تحقق الفضيلة ومعدة الإنسان خاوية فارغة يتلاعب بها الجوع بما يشاء ويكويها نار ألم العوز ,وقول سيد الألم الإمام علي (ع) { لو كان الفقر رجلاً لقتلته } ما قيمة حديثنا عن القيم والمبادئ والثوابت ورماح وسهام الفقر متشابكة مع بعضها في بطون لم تذق طعم الطعام لعدة أيام تصرخ بصوت ٍ عال ٍ تريد رغيف خبز فأن لم تجده بحثت عنه بين قمامة فضلات ما يرمى من الأكل ,سيقود الجوع صاحبه بلا شك إذا طال لمنزلق التهاوي في سلوكه ومنهجه ويضطر لأن يصبح أسيراً لمن يعطيه ويسد رمقه ,ولن يسأله ما هو الثمن ؟حتى يأتي مسرعاً بالطعام له ولأسرته ,فعندما يسمع أصوات أطفاله يبكون لشدة اللظى ووجوههم مسودة من الفقر فأنه لن يـتأخر في فعل أي شيء يطلب منه فأصواتهم سهام سكنت في قلبه مستقرة ,حكمة بناء مساجد بيوت الله ليست في بنائها وإنما في بناء وصناعة الإنسان وإشباعه لحفظ كرامته من الهدر والضياع وحفظ ماء وجهه باكتفاء ذاتي ولو بقدر بسيط من التواضع يؤمن حاجاته الأساسية في العيش ,عندئذ ننظر لسلوكه وأفعاله ومن ثم نحاسبه إذا بدرة منه الإساءة .
لقد ثارت الشعوب في انتفاضات وثورات ضد المستبدين تعبيراً عن حقهم في العيش بكرامة دون المساومة والمقايضة على إنسانيتهم والتنازل عنها , لأجل أن لا يكونوا صاغرين خاضعين أمام نزوات الطغاة الذين سعوا بكل قوة لفرض هيمنتهم وسطوتهم على المجتمعات التي تسلطوا عليها ومارسوا بحقهم العنف والقهر القسري لأجل الرضوخ لهم فكرياً والقبول بمنهجهم,ومن ثم تكون الأمة عجينة طيعة بيدهم يفعلوا بها ما يشاؤون وفق مخططاتهم وأهمها انتزاع الإرادة والعزيمة وحالة المقاومة من نفوسهم ,ليطمأنوا أن الناس ستكون على دين ملوكهم ,فهناك من يعض على جرحه النازف وأن قطعه الجوع ,فالتفاوت في تركيبة الناس للتحمل والصبر للمحن والأزمات ,وهناك من سقط من أول وهلة في الامتحان ثم يعلن الاستسلام للطاغية ,وعلينا قول الحقيقة فليس كلهم كصبر علي وتحمله لألم الفقر,قد تأخذ الفضيلة لتتجسد بعناوين عديدة في إشباع المرء,وإنما هنالك العديد من الأشخاص نائمون متعبون جراء تخمة الأكل لكنهم جائعون لفضيلة ألأخلاق والتربية والتضحية والصدق والنزاهة والعدل والاستقامة لم يعرفوا معنى الوفاء بالعهد لأنهم
لصوص على مختلف الصعد ,نلتمس عذراً لمن يأتي لبيته وقدر طعامه فارغ على النار ليس فيه سوى ماءٍ يدور كدوار الرحى ليسكت صراخ أطفال يتأملون أن يجدوا لهم طعاماً شهياً ,لكن لن نغفر ونلتمس العذر لمن بيديه الطعام ويحارب الفقراء والضعفاء على أرزاقهم ,أنهم جائعون أخلاق وتربية وأدب في التعامل من المجتمع ولن تحقق في فكرهم الفضيلة لأن الرذيلة هي من تشبعهم .