لم يعد هناك أدنى شك بان جميع الأحزاب السياسية الحاكمة و المسيطرة على المشهد السياسي في العراق منذ ثلاثة عشر عاما” سواءا في حكومة المركز بشقيها البرلمان و مجلس الوزراء أو في المحافظات بشقيها مجالس المحافظات و المحافظين في جميع محافظات وسط وجنوب العراق و بغداد وديالى وصلاح الدين و كركوك إنما هي أحزاب مرتبطة بإيران بل خاضعة لهيمنتها و توجيهاتها و قد امتدت تلك الهيمنة ومن خلال البوابة السياسية إلى أهم مؤسستين و هما القضاء و المؤسسة الأمنية و العسكرية اللتين أصبحتا أيضا حالهما حال المؤسسة السياسية تسير وفق التوجيه الإيراني و لم يكن لتلك الهيمنة أن تكون بهذا المستوى على المؤسسات السياسية والأمنية و القضائية لولا هيمنة إيران على المؤسسة الدينية في النجف و التي كانت ومازالت غطاءا لتمرير فشل جميع المؤسسات و أداة تخدير للشارع و إن المستفيد الوحيد من السياسة الفاسدة لتلك الأحزاب و التي أفسدت معها جميع مؤسسات الدولة إنما هي إيران و إن أي خروج على تلك الأحزاب و فسادها إنما يعني بحقيقته خروج على إيران و مشروعها الإمبراطوري الفارسي القومي و هو ما عبر عنه المرجع الصرخي في إحدى فقرات بيانه ((من الحكم الديني(اللا ديني)..إلى..الحكم المَدَني)) الذي خاطب به المتظاهرين الأحرار بتاريخ 12/8/2015 قائلا” ((…بعد أن انقلب السحر على إيران الساحر بفضل وعيكم وشجاعتكم وإصراركم فادعوكم ونفسي إلى الصمود في الشارع وإدامة زَخْمِ التظاهرات والحفاظ على سلميّتها وتوجّهها الإصلاحي الجذري حتى كنسِ وإزاحة كلِّ الفسادِ والفاسدين وتخليصِ العراق من كل التكفيريين والتحرر الكلي من قبضة عمائم السوء والجهل والفساد حتى تحقيق الحكم المدني العادل المنصف الذي يحفظ فيه كرامة العراقي وإنسانيته وتمتُّعِه بخيراته بسلامٍ واَمْنٍ وأمان …)) و هي حقيقة أدركتها إيران فحاولت القضاء على التظاهرات أو تجييرها لصالحها من خلال حملات التصفية و الاعتقالات و الخطف لعشرات الناشطين المدنيين على يد المليشيات المرتبطة بالأحزاب التابعة لها لكن المتظاهرين الأحرار كانوا اكبر من تلك المحاولات من خلال المواصلة و الاستمرار بتلك التظاهرات بعد أن أدركوا أن التراجع يعني الخسران و الضياع الأبدي و كما عبر المرجع الصرخي عنه في نفس البيان بقوله ((أعزائي منكم نتعلم وبكم نقتدي أيها المتظاهرون المصلحون هذه نصيحتي لكم فاعْقُلوها ولا تضيّعوا جهودكم وجهودَ مَن سمِع لكم وخرج معكم وأيدكم ودعا لكم واهتم لخروجكم وآزركم فلا تخذلوهم ولا تخيبوا آمالهم لا تتخلوا عن العراق الجريح وشعبه المظلوم ،إياكم إياكم لان التراجع يعني الخسران والضياع وان القادم أسوأ وأسوأ فالحذر الحذر الحذر)). وهذا يعني أن هناك مسؤولية تاريخية وإنسانية و شرعية و وطنية على عاتق المتظاهرين تجاه بلدهم و شعبهم تلزمهم بالاستمرار بالتظاهر لأنه لا خيار في المعركة إلا الانتصار من خلال الاستمرار أو الخضوع الأبدي من خلال التراجع عن التظاهر و إحكام إيران و أحزابها السيطرة إلى وقت لا يعلمه إلا الله.