هناك حكمة عالمية قديمة تقول : (من الطبيعي أن ترى السفينة في الماء، ولكن من الخطر أن تشاهد الماء في السفينة!) وما قيل عن هذه الحكمة كثيراً جداً، واليوم عند محاولتي ربطها بواقع العراق الواقعي، وما يمر عليه أجده أكثر منطقية، والأسباب مؤلمة حقاً، فبعض الطبقة السياسية تعاملت مع أوضاع البلد مثل أرجوحة النار، وقد جعلتنا نرى سواد الليل في عز النهار، وهي تدفع بالبلد صوب كل أنواع العنف، والفوضى، والفساد، والطائفية.
سادتي وأحبتي: هناك لصوص وسراق نعم، وبكل تأكيد، ولكن أيضاً هناك ايجابيات، وإعمال واضحة للعيان، وأبنية كبيرة، وملاعب، ومستشفيات، وجسور قد تم إنشائها في جميع المحافظات، لذا علينا أن نكون صادقين مع الله وأنفسنا، سرقات يقابلها نسب انجاز رغم أنها لا تساوي بنسبة الأموال المصروفة فكثير منها قد هدرت ولكنها حققت نسبة نجاح يحسب الى ما بعد (2003) لا يستطع احد إنكاره.
لم يقلق معظم ساسة (الحظ واليانصيب) في خرق السفينة من الوسط، لتمتلئ بالماء، فما أخطر المشهد وهي تغرق، بدلاً من أن ننظر للسفينة وهي تطفو فوق الماء، وإذا أردناها أن تنجو، فكل له واجبه ليقود عمله بدقة، لتمضي قدماً بأمان، أما ما يلاحظه العراقيون، فهو واقع مأساوي، لهذا لم تعد الايجابيات ظاهرة، أو أنها أصبحت غير مرئية، بسبب ما تعرضنا له من قتل وتهجير بالجملة، من مناكفاتهم ومهاتراتهم المقيتة.
ستندحر موجة الشر، والفساد، والعمالة، وسيهزم الباطل لأنه كان زهوقاً، كما أن القيم والمعايير والمبادئ الدينية، والوطنية، والإجتماعية تحتم علينا نشر روح الوحدة والأخوة والتسامح، لبناء دولة واحدة يجتمع فيها كافة العراقيين تحت خيمة واحدة، ويفترض أن تكون هذه رسالتنا وثوابتنا، خاصة بعد مرحلة داعش الإرهابي.
الصورة الضبابية التشاؤمية، التي رسمت في عيون المواطن، لأسباب كثيرة قد بدأت تنجلي شيئاً فشيئاً، وانكشفت أوراق أغلب الفاسدين والطائفيين، وستكون هناك ثورة بنفسجية مدروسة لاختيار الأنسب، لقيادة دفة البلد.
لن ولم تتوقف القافلة، رغم أن ثمنها غالٍ جداً، فقد أوردت علينا تجربتنا الديمقراطية التي أصابها العطب، والفساد في اغلب الأحيان، سراق لبسوا العمامة، وقتلة محترفون لبسوا (القاط والرباط) وجميعهم أوردوا إبلهم في غير موردها، ومشوا على جراحات الأبرياء، فلم يستثني منهم زقاق، أو شارع، أو سوق، أو بيت إلا وقد طاله الدم والدمع.
ختاماً: طوبى للشهداء الذين منحوا أرواحهم لنحيا بعز وكرامة، ومرحى للسواعد الفتية، والقلوب النقية، والضمائر التقية، التي تحاول مراراً وتكراراً قيادة العراق الى شاطئ الأمان، وتباً للمأزومين والمضغوطين والفاسدين، الذين لا مكان لهم بيننا، لان العراق يستحق كثير من التضحيات، لكونه ارض المقدسات والأبطال.