23 نوفمبر، 2024 1:57 ص
Search
Close this search box.

إلى أين نحن سائرون!!؟

إلى أين نحن سائرون!!؟

قبل شهرين تقريبا خرج علينا أحد المسؤولين الحكوميين وأطلق تصريحات عن احتمال عدم تمكن الحكومة العراقية من تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين بسبب نفاد السيولة النقدية لديها أو شحتها جراء انخفاض أسعار النفط العالمي، مما سببت تلك التصريحات بقلق شديد للشارع العراقي، فخرج علينا بعدها مسؤول حكومي فنـّد هذه التصريحات ونفاها جملة وتفصيلا، وبشرنا أننا بخير، وأن اقتصادنا متعاف، وإذا بخبر كارثي نشر في موقع “كتابات” بعنوان ” صندوق النقد الدولي يشترط رفع الدعم عن الوقود والكهرباء والتموينية لإقراض العراق”، وأهم ما فيه ما ذكر عن قرض للعراق من صندوق النقد الدولي تمكينا له لسد النقص والعجز المتوقع في موازنة 2016، في وقت أبدى صندوق النقد الدولي تحفظه الشديد على حجم الرواتب التي تدفعها الحكومة العراقية للموظفين حيث دعاها للتقليل منها!!.

هكذا الأمر إذن، وظهرت الحقيقة عارية حتى من ورق التوت، وما كان قد حذرنا رئيس اللجنة المالية البرلمانية السابق الدكتور احمد الجلبي قبل وفاته المفاجئة من مغبة أمرين اثنين كان صحيحا ولا غبار عليه:

أولاً : تفاقم الوضع المالي والاقتصادي في العراق ما لم تجري اصلاحات سريعة وجدية خلال الاسابيع المقبلة، حيث قال الجلبي في لقاء متلفز له ان “الوضع الاقتصادي يتفاقم ويتعقد وهناك نتائج وخيمة إذا لم يجري اصلاح الامور بشكل سريع وجدي خلال اسابيع باتخاذ قرارات جريئة وتغيير اشخاص من مواقعهم ومعالجة الفساد واتخاذ اجراءات بحق من هدر المال العام”. واضاف الجلبي: “من دون اجراءات اصلاحية عاجلة سيلجأ العراق الى صندوق النقد الدولي والذي سيطاب بدوره بتنفيذ اجراءات تضر بمصالح الشعب العراق كإلغاء البطاقة التموينية ورفع اسعار الوقود فضلا عن فصل موظفي الشركات الحكومية ذات التمويل الذاتي عن ميزانية الدولة”.

ثانيا: مسألة هدر العملة الصعبة اليومي من خلال قيام البنك المركزي العراقي ببيع مئات ملايين الدولارات أو عشراتها كأقل تقدير، حيث أكد أن البنك المركزي العراقي قد باع للبنوك الأهلية العراقية للفترة بين 2006 و2014 ما قيمته 312 مليار دولار أمريكي ، في وقت كان بالإمكان تعزيز بناء الإحتياطي النقدي العراقي بذلك المبلغ المهدور، في وقت تناهى لأسماعنا قبل يومين عن فقدان 10 مليارات دولار من رصيد البنك المركزي العراقي أساسا!!.

لست بعالم اقتصاد أفهم خبايا علم الاقتصاد وأبحر في دهاليزه وأقدح زناد تفكيري بحثا عن حلول أزماته، لكنني وعلى قدر مفهوميتي المتواضعة لشؤون الحياة، ومتابعتي لما ينشر من أنباء تتطرق لمستقبل العراق الاقتصادي، فإنني أطرح جملة من التساؤلات البريئة مجبولة بالتخوف عن تداعيات ذاك الخبر الذي أوجعني وأقض لي مهجعي، مع حقيقة مؤكدة بأننا بلد نفطي غني يُحْسَد كثيرا:

– ما الذي أوصلنا لهذه الكوارث والفواجع!؟، ومن المسبب في كل هذا!؟.

– وهل يعقل أن يصل الحال بنا إلى حد رهن اقتصادنا لصندوق النقد الدولي مقابل بضع مئات من ملايين الدولارات الأمريكية، وقبلها أن نقدم على رهن نفطنا إلى شركات النفط العالمية من خلال جولات التراخيص الشهيرة!؟.

– وهل يعقل أن يُلاحَق صغار الموظفين والمتقاعدين من خلال تقليل رواتبهم نزولا لرغبة صندوق النقد الدولي كشرط للقرض الممنوح للعراق!؟، وهل أن تقليل الرواتب سيشمل كبار موظفي الدولة أيضا أم أنهم محصنون من ذلك!؟.

– ثم هل يعقل أن يُمنع دعم الحكومة لأبناء شعبها من الطبقة الفقيرة والمعوزة – وما أكثرهم!!- لنفس السبب أعلاه!؟.

– لِمَ لم تـُصب هذه الكوارث والأزمات الاقتصادية الدول العربية النفطية المجاورة لنا والتي تضررت عوائدها النفطية أسوة بنا!؟.

– وماذا بعد 2016 إن استمر انخفاض أسعار البترول، واستمر مسلسل الهدر المالي البرلماني والحكومي، واستمر مسلسل الفساد والسرقات وضياع الأموال العامة!!؟.

يقال أن الهدف من شروط صندوق النقد الدولي تلك التي وضعها أمام عيني حكومتنا الرشيدة هو تحسين قدرة العراق المالية من خلال تقليل حجم الانفاق غير الضروري، فهل أن صندوق النقد الدولي أكثر حرصا من ساستنا وقادتنا وحكومتنا يا ترى، أم ماذا!؟، ثم أين دور الرقابة المالية وهيئات النزاهة البرلمانية والحكومية ورجال الاقتصاد وخبرائنا في استقراء وتوقع ما كان سيجري لنا من ضيق واختناق اقتصادي وبالتالي مسؤوليتهم الوطنية والأخلاقية في وضع الحلول الناجعة لمنع حدوث ذلك الانهيار أولاً، والحد من تداعيات ما جرى حتى الآن ثانيا!؟.

أكرر بأنني لست بخبير مالي أو اقتصادي، لكنني كمواطن عراقي بسيط بت أشعر بالخطر قاب قوسين أو أدنى من حولنا ، وأن مستقبلنا ومستقبل أبنائنا وأحفادنا بات في خطر كبير، ولا أرى نتيجة منطقية لقرض صندوق النقد الدولي إلا كونه مقدمة طبيعية لوقوع العراق في مصيدة الغرب من خلال ديون ستثقل ظهرنا وتكبل اقتصادنا، والتي سيترتب عنه احتلال اقتصادي ناعم للعراق وشعبه !!!.

ختاما أقول…

كلي أمل ويقين أن حكومة الدكتور حيدر العبادي قادرة بمشيئة الله تعالى – إن عقدت العزم وخلصت النيات – على تجاوز سلبيات المرحلة السابقة، وتحقيق أمل طال انتظاره يتمثل بإصلاح المسار المختل في إدارة الموارد الاقتصادية، وبالتالي استقرار العراق اقتصاديا وأمنيا وسياسيا مما سينعكس إيجابا على حياة المواطن العراقي الكريم.
وقديما قيل: بأن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، بشرط أن نخطوها بشكل سليم!!.

أحدث المقالات

أحدث المقالات