تقتضي مكافحة جرم غسل الأموال تعاوناً دولياً محكماً ، فقد شهد العالم إبرام عدة معاهدات وإتفاقيات دولية وسن عدد من القوانين القطرية التي تتصدى لهذه الظاهرة ، ابتداءاً من عام 1980 الذي شهد اول جهد دولي حقيقي لمكافحة غسيل الاموال وذلك في اجتماع لجنة وزراء المجلس الاوربي في 27/6/1980 ، إذ بحث الاجتماع في التدابير المطلوب اتخاذها لمكافحة تمويل وايداع الاموال الناجمة عن ارتكاب جريمة كتهريب الاموال الملوثة من بلد الى آخر لغسلها واعادة ادخالها في السوق المالية ، وتوصل الاجتماع الى اصدار توصيات اكدن على الدور الهام الذي يمكن ان يؤديه القطاع المالي والمصرفي في منع غسيل الاموال عبر تعاونه مع السلطات القضائية وسائر الاجهزة المعنية ، وصولاً الى القرار الصادر عن مجلس الامن رقم 1373 بتاريخ 28/9/2001 الذي يقضي بمكافحة غسل الأموال.
وبغية وضع استراتيجية للتحوط من تسلل هذه الأموال الى المصارف العراقية واستغلالها ، الامر الذي يتطلب اتخاذ التدابير اللازمة سواء على مستوى المؤسسات المالية أو على مستوى التشريع والتي من شأنها الحد بل وحتى امكانية القضاء على هذه الظاهرة. نجد من الضروري ان تتحمل المصارف مسؤولية كبيرة ودور أساس في الحد من ظاهرة غسل الأموال ، فلابد ان تقوم المصارف بإنتهاج اساليب تتيح اكتشاف اساليب هذه الظاهرة وإجراء التدريب الكافي لموظفيها والزامهم باتباع برنامج ” اعرف زبونك” الذي نجح كثيراً في الحد من التجاوزات ، نظراً لان موظف الكاونتر يقوم على وفق هذا البرنامج بجمع كل المعلومات الضرورية عن العميل مثل تنفيذ ما يطلبه من خدمات مصرفية ، وينبغي على هذا الموظف التبليغ ورفع الامر الى الادارة عند الشك في ان العملية ترتبط بغسيل الاموال ، وفي حالة التبليغ فان القانون يمنح هذا الموظف الحصانة القانونية ولا تتم ملاحقته. ومن الجدير بالذكر ان نؤكد هنا على اهمية التعاون فيما بين البنوك كافة ، فضلاً عن التعاون مع البنوك الخارجية في مجال مكافحة غسل الأموال وذلك عن طريق تبادل المعلومات والمستندات حول حالات غسيل الاموال التي يتم اكتشافها والمعاملات المشتبه بها على ان يكون ذلك ضمن حدود الاجراءات القانونية وسرية المعلومات الخاصة بها.
ومن اهم الوسائل او السبل التي تستخدمها المصارف في التصدي لهذه الظاهرة والحد من تناميها هو الآتي:
1- اهتمام المصارف ببعض العمليات التي تخالف نمط العمليات المعتادة في حركة الحساب مثل العمليات ذات المبالغ الكبيرة جداً او التي تتم بمبالغ صغيرة ولكن على فترات دورية منتظمة من دون ان يكون لها غرض واضح.
2- عند الاشتباه في مصداقية البيانات والمعلومات التي يقدمها العملاء يجب على الموظف المعني في المصرف التحقق من صحتها بالطرق المناسبة ، وبشكل عام ينبغي الحصول على المعلومات الكاملة عن الطبيعة التجارية لانشطة العميل.
3- تضع المصارف سياسات وإجراءات عمل وضوابط داخلية لمكافحة غسيل الأموال على ان يتم تطويرها بشكل دوري ومستمر.
4- تكليف مراقب الالتزام بتأكيد تطبيق هذه الضوابط والتنسيق مع البنك المركزي في هذا المجال.
5- تطوير المصرف لنظام رقابة داخلية لمكافحة غسيل الاموال ويتضمن هذا النظام السياسات والاجراءات المكتوبة التي تكفل عدم استخدام المصرف وفروعه من قبل غاسلي الاموال والكشف عن مثل هذه العمليات ، ويجب ان تتضمن هذه السياسات والاجراءات ولاسيما تلك التي تؤكد مبدأ “اعرف عميلك”. فضلاً عن تصميم نظام محكم للتقارير الداخلية الصادرة عن عمليات المصرف والتي تساعد لهذا الغرض وتشمل تقارير وارصدة الحسابات الجارية وتقارير الحوالات وتقارير العمليات الكبيرة.
6- تأكد إدارة المصرف من اتباع جميع موظفي المصرف وعلى كافة مستوياتهم لسياسات وإجراءات المصرف فيما يخص مكافحة عمليات غسيل الأموال.
7- وضع الضوابط اللازمة لمنع استغلال وسائل الدفع الالكترونية في عمليات غسيل الاموال.
8- تبليغ الموظف المعني في حالة الاشتباه او اكتشاف لعملية غسيل الاموال ، إذ ان الإخفاق في التبليغ او تحذيرمن له علاقة بعمليات غسيل الاموال قد يترتب عليها عقوبات مالية وادارية تطال الموظف نفسه.
9- تدريب الموظفين المعنيين باستلام النقد او مراقبة الحسابات وتقاريرها ، على جميع المسائل ذات الصلة بغسيل الاموال.
10- تطوير نظام الحفظ والسجلات والبيانات المتعلقة بالعمليات سواء المحلية او الخارجية.