في تمام الساعة السابعة والنصف صباحا كنت في شارع المتنبي لتغطية ما توعد به ناشطون للخروج في تظاهرة حاشدة ، مع ان التظاهرات اصبحت – مودة لاتهش ولاتنش- ولن ينفذ وعد واحد يقطع لتنسيقياتها اطلاقا ولو ضرب المتظاهرون رؤوسهم بدشليار جدار كونكريتي ، وعادة ما أبدأ رحلة المتنبي بـ” كبة السراي ” التي تحتاج بعد تناولها الى – كوسرة – لآزالة الدهون والجلافيط التي ستعلق لامحالة في سقف الفم وجوانبه، واذا بأحدهم يصدح خارج المطعم بأعلى صوته بأبيات للرصافي :
كان لي وطن ابكي لنكبته واليوم لا وطن لي ولا سكن
ولا ارى في بلادٍ كنت اسكنها إلا حثالة ناسٍ قاءها الزمن
تصفيق وزغاريد وهتافات ..قلت حيوووا الناشطين ممن خرجوا للتعبير عن معاناتهم باكرا برغم المطر و طفح المجاري وووالطين !!
فأجابني احدهم وبالمحيي ، جنابك صحفي ؟ اي نعم ولافخر وهذه كاميرتي لتصويركم وآلة تسجيلي لتوثيق اهازيجكم وهذا قلمي لتدوين مطالبكم وووو من الآخر – أكص ايدي قبل وبعد تناول الكبة إذا نفذت لكم المخلوقات الفضائية التي تتظاهرون ضد فسادها ما تطالبون به على مدى 100 عام من العزلة وليس 100 يوم من الإصلاح – !!.
فبهتوا وطالبوني بالدليل على ما أدعي فقلت ” أخلص الكبة بالسوب الأحمر اولا ومن ثم أزيل ترسباتها الجلافيطية ثانيا، لأنها وبصراحة عندي حاليا اهم من السلطة الرابعة وصاحبة الجلالة ومؤسساتها – شلع قلع – حاليا فقط حتى لا – يتريع بعضهم بوجهي استياءا – !!
قلت لهم وبعد تناول – زبيب الحاج زبالة – او عصير الملوك والرؤساء ، أعمل حاليا على إعداد برنامج تلفزيوني بعنوان ” المكتشفون ” ليس لإكتشاف النظريات العلمية بطبيعة الحال ولا العقاقير اللازمة لعلاج الأوبئة والأمراض التي تفتك بالعراقيين فتكا بلا هوادة فهذا محال في بلادي وانما اكتشاف عجائب هذا البلد التي لاتصدق .
فلقد اكتشفت وبعد ان صدمنا وزير الأعمار والأسكان بأنه يعتقد جازما بأن الكوليرا حشرة فيما أعاد وفي لقاء متلفز مع قناة ” الحرة عراق” وصف الكوليرا بالحشرة اكثر من 10 مرات ” اقول تبين لي ان الصرصور في هذه الحالة عبارة عن ديناصور ” بالتناسب ولاشك ان الأكتشافين العظيمين سيرشحاننا سوية انا والوزير لجائزة – حامض حلو – للسلام !!
وإكتشفت ايضا اسباب سعال واختناق ووفاة مرضى الربو الحاد في العراق مع انهم يستعلمون البخاخ ، لأن 30000 الف عبوة مخصصة لعلاج الربو لاتعمل – اكسباير – عثر عليها في حي سكني في حي القاهرة شمال شرقي بغداد وما خفي أعظم !!
واكتشفت أن من أسباب إنقطاع التيار الوطني الحقيقية والتي كنت اظنها تنقطع لإنجماد الغاز في أنابيب التجهيز وسقوط أبراج الطاقة بسبب الرياح الشديدة وتوقفها جراء الرطوبة والأمطار شتاء كما زعم أصحاب الشأن ، أوبسبب شح المياه ونقص الوقود اللازم لتشغيلها صيفا برغم الـ 400 مليار دولار التي انفقت هباء منثورا لتأهيلها من دون جدوى ، حيث اكتشفت أن 58 عراقياً قتلوا بـ”صعقات كهربائية” خلال الفيضانات الأخيرة مايعزز نظرية سابقة لوزارة الكهرباء زعمت فيها بأن المواطن هو السبب في انقطاع التيار ولكن بجسده هذه المرة وليس بسبب تشغيل السخانات في آب اللهاب كما تفضل وزير الكهرباء في لقاء متلفز .. أدهش آينشتاين شخصيا !!
و اكتشفت انكم قد غيرتم الكثير من شعاراتكم التي كانت لكل الناس بداية ورفعتم سقفها سريعا وهذا لاشك خطأ قاتل وقعتم فيه عاجلا غير آجل يعادل رفعكم شعارات ذات بعد طائفي واخرى ذات منحى سياسي وهذا خطأ قاتل ثان اما الأكتشاف الثالث فيكمن في تسلل بعضكم ومن خلف الكواليس للغداء عند هذا المسؤول الفاسد وللعشاء عند الآخر ما شكك في مصداقية بعض قياداتكم واما الأكتشاف الرابع فهو دخول بعضكم ايضا في تحالفات مع كتل سياسية من المفروض انكم تتظاهرون ضدهم وضد الفاسدين في صفوفهم وليس معهم لأن لديهم من النواب والوزارء ومجالس المحافظات ما يكفي لكي لاتتحالفون معهم ان كنتم صادقين …اما الأكتشاف الأغرب على الإطلاق فهو ماصرح به احدهم بالتزامن مع غرق الاف المنازل وطفح المجاري وهلاك الزروع والثمار بأن المطر الغزير ” يكافح التلوث ويقضي على الأوبئة ” وبالتالي لاداعي للتذمر من غزارته وكم تمنيت لو انه أضاف ظهور ” الكمأ ” الى قائمة الفوائد ولكنه لم يفعلها ..ونسي صاحبنا ان المطر يكافح التلوث العلوي نعم فيما طفح المجاري بسبب الأمطار يعيده الى الواجهة ثانية بل وينقل التلوث بكل طفيلياته وحشراته ومخلوقاته الى المنازل ثانية وصدق القائل :
يا خبيراً على الإســـــــــــــــــــــــــرار مطلعاً… أصــــــمـتْ ففي الصــمــــت منجاةٌ من الزلل
قد رشـــــحــــــوك لأمــــــــرٍ إن فطـٍــــــنتَ له … فاربأ بنفســــــــــــــــــــك أن ترعى مع الهملِ
اودعناكم اغاتي