18 نوفمبر، 2024 5:37 ص
Search
Close this search box.

الاغتيال السياسي ليس حلا

الاغتيال السياسي ليس حلا

الناس جميعا من كل المذاهب والأديان تؤمن ان الموت حق ويخطف الجميع وان عزرائيل لن يستأذن أحدا عندما يقبض أرواح الكبير والصغير ..الغني والفقير ..وسواء كان مشهورا او مغمورا ..فالموت واحد ..

بالأمس خطف الموت روح الدكتور احمد الجلبي واهمية هذا الرجل كما يعلم الجميع انه يعتبر أبو رغال العراق في القرن العشرين ..والذي عمل جاهدا على تحريض غزو العراق ..وليس خافيا نتائج هذه الجريمة النكراء على العراقيين ..ولهذا يذكروها له كألعن الذكريات والمواقف..

المهم الان وحسب العقيدة الإسلامية ..اكرام الميت هي في سرعة دفنه كما يقال ..وكلنا شاهدنا من على شاشات التلفزيون في تشييع الدكتور ..ان الجميع من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والنواب وكل القادة والساسة شاركوا في تشييع المرحوم وبمراسيم تشييع رسمي كعراب للاحتلال تتقدمهم جوقة موسيقية ومسيرة جنائزية غير حزينة وسيئة الاعداد ..والمفاجأة التي صعقتني شخصيا وحيرتني وكما نشر في الاعلام …ان رئيس جمهوريتنا وقائد عام قواتنا المسلحة يمشون وراء تابوت فارغ وبلا جنازة .. والميت بعده في البيت ..

وهنا أتساءل شخصيا  ( علويش هالعجلة والسرعة في التشييع ؟؟؟ شنو تريدون تلفلفون الملفات الفاسدة بحجة دفن المرحوم بسرعة ؟؟ انتو ورب الكعبة غلطانين ..اردتم مداواتها ففقستم عينيها واعميتموها … وتستاهلون ..هواية ناس جثثهم تبقى بالثلاجة اشهروسنين وبعدين تدفن مثل جثة المرحوم ياسر عرفات …ولكن كما يظهر لي ان الزلم فرسان العملية السياسية مستعجلين على طي صفحة الدكتوراحمد الجلبي وملفاته التي كان يهددهم  بها من على شاشات الفضائيات ) …فبدلا من هذه التمثلية الهزلية التي أصبحت مثار سخرية وغمز ولمز المواطنين بالنظام الفاسد والعملية السياسية الديمقراطية الفدرالية الاتحادية  …ونظام المحاصصة الطائفية ..وأسألكم ..بربكم مو عيب وخزي عليهم ؟؟

من يصدق ويعقل ان علية القوم وقادتهم يشيعون تابوت فارغ وجثة المرحوم موجودة في البيت ؟؟ وهذه مفارقة أجتماعية غريبة لايهضمها العقل العراقي ويستهجنها ..فهل كل ما يجري بالعراق اصبح مزيف ؟؟

لنعد الى السبب وراء هذه المهزلة ان صح الوصف ..يقال ان الرجل اغتيل سياسيا لتهديداته بملاحقة الفاسدين الكبار وهم علية القوم ..وكشف ملفاتهم …وانا اعتقد شخصيا ان الاغتيال السياسي لايلغي ملف قضية فساد او غير فساد ومهما طال الزمن ولاسيما المتعلقة بحياة الشعوب المنكوبة كالعراق ..قد تلغي حياة انسان ويصفى جسديا ولكن الملف سيبقى مفتوحا وسياتي يوم والشعب سيحاسب الفاسد على فساده مهما طال الزمن ..

احد أصدقاء الميت وهو من المشككين بسبب الوفاة وكما اظن هو السيد عزة الشابندر..قال ان الكثير من المشاركين بالتشيع كان يضحكون وغير مهتمين بطقوس التشيع الحزينة ..وان دل هذا على شيء فانه يدل على الفرحة الصامتة والداخلية المكبوتة عند رموز الفساد بغياب من كان خطرا داهما يهدد مناصبهم بفضح ملفات فسادهم..

وهذه الظاهرة تعتبر نشاز في الحياة السياسية العراقية فنادرا ما نجد سياسي نزية ونظيف وغير فاسد في عراق اليوم ..فليس غريبا عليهم الفرحة بالتخلص من الدكتور احمد الجلبي ..

وكما نشر ..ان عائلة المرحوم رفضت دفن الجثة الا بعد التشريح ومعرفة السبب الحقيقي للوفاة ..ويقال انهم استعانوا بطبيبين امريكي وبريطاني وبانتظار أطباء ايرانيين لتشريح الجثة التي لا زالت محفوظة بثلاجة خاصة ..

عملية الاغتيالات السياسة ليست غريبة وليست جديدة في العالم الثالث…وكان الاجدى والاجدر بالحكومة العراقية ان تتبنى مسؤولية كشف الحقيقة لوفاة احد رموزها ..والمستغرب اكثر صمت الحكومتين الامريكية والبريطانية على الوفاة المريبة لاحد مواطنيهم ومن حاملي جنسية بلدهما ومن عملاءهم البارزين ..مما قد يوجه اليهما أصابع الاتهام ..وانهما ربما وراء التخلص منه

انني اعتقد ان نتائج الاغتيال السياسي قد تكون عكسية وليس بصالح القاتل كما يظن ويهدف من وراء عملية الاغتيال لانها ستسلط وتركز الضوء اكثر على المجرمين وملفات الفساد ..

واعتقد ان الكثير من المسؤوليين الموجودين حاليا في قمة الهرم السياسي ستوجه لهم أصابع الاتهام ولاسيما المقصرين في القضاء العراقي والأحزاب الدينية الحاكمة ..

ان ما جرى في عملية التشييع وما واكبها من تعليقات ساخرة لم تسيء الى الميت بقدر اساءتها لزملاءه ورفاقه من السياسيين الاحياء وستبقى صورها عالقة في اذهان العراقيين ووصمة عار في جبين تجار السياسة ومرتزقتها ..وستظهر الحقيقة حتما …لان الأكاذيب تكشفها حقائق ..وكما يقول العراقيون …( الخبر اليوم بفلوس وباجر ببلاش )

ويبقى الاغتيال السياسي والتصفية الجسدية والعنف عموما وكمبدأ ومهما كانت دوافعه ..وسيلة فاشلة ومستهجنة أخلاقيا واجتماعيا ودينيا وليس هو الحل للمشاكل السياسية عموما

اللهم احفظ العراق وأهله أينما حلوا او ارتحلوا

أحدث المقالات