18 نوفمبر، 2024 2:48 ص
Search
Close this search box.

باريس … ليلة الهول العظيم

باريس … ليلة الهول العظيم

ليلة دامية شهدتها مدينة الأنوار – باريس- بعد استهداف ستة مواقع فيها لهجمات متزامنة راح ضحيتها 129 شخصاَ وأصيب 300 آخرون بجروح هذا ماحدث ليلة الجمعة 13 تشرين الثاني/ نوفمبر2015. لقد أطفئ ظلام الإرهاب أنوار باريس البهية ، باريس عاصمة فرنسا وأكبر مدنها من حيث عدد السكان. تقع على ضفاف نهر السين في الجزء الشمالي من البلاد في قلب منطقة (إيل دو فرانس). ظلت باريس منطقة فائقة الأهمية لما يزيد عن ألفي عام، ومع مطلع القرن الثاني عشر، أصبحت باريس مركزاً أوروبياً للعلم والفنون وأكبر مدن العالم الغربي حتى أوائل القرن الثامن عشر. كانت باريس مسرحاً للعديد من الأحداث السياسية الهامة على مر التاريخ، مثل الثورة الفرنسية. أما في الوقت الحاضر، فإنها تعتبر واحدة من أكبر المراكز الاقتصادية والثقافية ذات التأثير الهام في السياسة والعلوم والترفيه والإعلام والأزياء والفنون مما جعلها واحدة من مدن العالم الرئيسية. تمتلك باريس مجموعة متنوعة من المتاحف والمسارح والمعالم الأثرية التي بنيت على مر القرون، مثل برج إيفل وقوس النصر ومتحف اللوفر وقصر فيرساي. باريس هي إحدى أكبر مراكز الفن في العالم، باحتوائها على عدد كبير من المتاحف التي تضم لوحات لأبرز الفنانين العالميين. كما أن لمطبخ المدينة سمعة عالمية، حيث تستقطب أشهر الطهاة على مستوى العالم. تضم باريس وضواحيها أرقى المدارس والجامعات الفرنسية. اسم باريس مستمد من سكانها الأوائل، وهم إحدى قبائل الغال ويعرفون بـباريسي. سميت المدينة لوتيشيا إبان العصر الروماني في الفترة ما بين القرن الأول والقرن الرابع بعد الميلاد. إلا أنها سميت باريس مرة أخرى في عهد يوليان المرتد (360-363)، يعتقد أن اسم باريسي يأتي من الكلمة السلتية الغالية باريسو التي تعني الشعب العامل أو الحرفيون. لباريس العديد من الألقاب، حيث تعرف بمدينة الحب وعاصمة الموضة، لكن اللقب الأشهر للمدينة هو مدينة النور (La Ville-Lumière) وهو اللقب الذي حصلت عليه باريس لشهرتها كمركز للعلم والفكر خلال عصر التنوير وكذلك بسبب اعتمادها في وقت مبكر على نظام إضاءة الشوارع،عرفت باريس بمدينة النور في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، عندما أزال البارون هوسمان Baron Haussmann المعين من قبل نابليون الثالثNapoleon III (شارل لويس نابليون بونابارت Louis-Napoléon Bonaparte ) الشوارع والأحياء التي تعود للعصور الوسطى وقام بتحويل باريس إلى مدينة حديثة.

مر قرن على وصول (تمثال الحرية Statue of Liberty) الفرنسي الى نيويورك. أما العلاقة الأميركية – الفرنسية فهذا شأنها من زمان: تجاذب دائم بين الإعجاب والحذر تنعكس على كل شيء قبل الجنرال (شارل ديغول )وبعد( فرانسوا ميتران). كم من الأميركيين يعلمون أن ” تمثال الحرية” الشهير المنصوب على باب نيويورك والذي هو رمز أمريكا هو هدية من الشعب الفرنسي لهم، وصانعه هو النحات الفرنسي (فريديريك اوغست بارتولدي Frederic Bartholdi ).

الخوف والرعب يمليء أفاق باريس ورائحة الموت تجوب أزقتها وملاعبها ونواديها كل شيء في شوارعها في ليلة الجمعة هذه كان يعلن أنها الجمعة الثالث عشر(الجمعة الثالث عشر تحدث عندما يقع اليوم الثالث عشر من الشهر في يوم الجمعة، وهي خرافة تقول أن هذا اليوم يحمل الحظ السيء.في التقويم الميلادي حسب مايعتقد الفرنسيون والغربيون أيضا) على أية حال عاشت باريس ليلة عصيبة وكأنها قد أصبحت ساحة معركة حربية .

ما يحير أن رئيس وزراء فرنسا مانويل فالس Manuel Valls قد أكد في يوم الأربعاء 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015م، أن باريس منخرطة بقوة في مواجهة التهديدات الإرهابية وتتخذ تدابير صارمة لحماية الفرنسيين، جاءت هذه التصريحات إثر اعتقال شخص كان يخطط لمهاجمة عسكريين في مدينة تولون الساحلية الفرنسية. وقال (فالس) في تصريح لقناة “فرانس2″، إن أجهزة الاستخبارات والشرطة تقوم يوميا بعمليات اعتقال لأشخاص يشكلون تهديدا أو يخططون للقيام بأعمال إرهابية. وأكد رئيس الوزراء الفرنسي أن بلاده تواجه التهديد الإرهابي في مناطق مثل سوريا والعراق ولكن أيضا على أراضيها. هذا وشدد (فالس) أن فرنسا ستواصل تصديها للإرهاب بيد حديدية، حيث قال: “نحن منخرطون في العملية ويدنا لن ترتعش”.وكان وزير الداخلية الفرنسي (برنار كازنوفBernard Casanova) قد ذكر في بيان الثلاثاء أن الإدارة العامة للأمن الداخلي في فرنسا قد اعتقلت في الـ 29 من أكتوبر/تشرين الأول، شابا كان يخطط للاعتداء على عسكريين تابعين للبحرية الوطنية في مدينة تولون الفرنسية وأوضح كازنوف أن الشاب كان يخضع للمراقبة منذ عام بسبب تطرفه ودعمه المعلن للفكر الجهادي، وأنه حاول الحصول على معدات لتنفيذ جريمته. وأشار وزير الداخلية إلى أن المشتبه به على صلة بتنظيم “داعش”، حيث ذكرت وسائل الإعلام الفرنسية أنه كان قد وجهت له تهمة الانتماء إلى عصابة إرهابية. جدير بالذكر أن الشاب المتهم حاول السفر إلى سوريا مرتين نهاية عام 2014 م ويخضع منذ ذلك الحين للرقابة ومنع من مغادرة الأراضي الفرنسية منذ مطلع 2015، هذا يعني أن الحكومة الفرنسية متيقظة وعلى علم بما يدور لكننا صدمنا بالمستوى السيء الأداء لهذه الحكومة لدرجة أن رئيس الجمهورية الفرنسي كان موجوداَ في ملعب “ستاد دو فرانس” الدولي والمفروض أن القوة الأمنية والاستخبارية تكون قد أمنت هذا الموقع لوجود الرئيس فيه انه فعلاَ فشل حقيقي لقوات الأمن الفرنسية في التعامل مع هذه الحادثة .

أولفا عليوني، وهي خبيرة اقتصادية في اللجنة الأوروبية، تقول في جريدة (ليبراسيون Liberation): (في كل مرة يقع حادث بربري باسم الله نأمل ألا يمزج بين فئة صغيرة من المجرمين المجانين وغالبية السكان الذين يعيشون بسلام ويدلون بأصواتهم ويدفعون ضرائبهم وينصرفون إلى ممارسة أعمالهم)، وفي جريدة (نيويورك تايمز) كتب نيكولاس كريستوف Nicholas Kristof(الأحداث الإرهابية الأخيرة دفعت عددا من الغربيين إلى اعتبار الإسلام هو المسؤول عن التطرف لكنني أعتقد أن هذا التفسير ساذج وسطحي، فقد يحتل عدد قليل من الإرهابيين العناوين الأولى لكنهم لا يستطيعون أن يمثلوا ديانة يبلغ عدد أتباعها 1.6 مليار.

كانت فرنسا عاصمة الثقافة في العالم، حيث تخرج من جامعاتها كثير من قادة الفكر والتنوير العرب مثل طه حسين وتوفيق الحكيم وغيرهما من المفكرين العرب، ولها خصوصية في علاقاتها السياسية مع الدول العربية بحيث تختلف عن بقية الدول الأوروبية الأخرى، وفي ثقافتها ومضات من ثقافة الشرق حتى تكاد تكون هي أقرب إلى حضارة الشرق منها من حضارة الغرب، ومما يدل على أن فرنسا هي بلد التسامح وحرية الأديان ما صدر عن قادتها عندما حدثت أعمال الإرهاب الأخيرة في فرنسا حيث لم يصدر من قادتها تهديد ووعيد، فأول ما تم الإعلان عن الحادث دعا الرئيس الفرنسي شعبه إلى التصرف بعقلانية ولم

يتصف رد فعل الرأي العام في فرنسا بالعنصرية ضد أصحاب الأديان وخاصة الدين الإسلامي إنما بالعكس، فلقد دعا المفكرون والكتاب الفرنسيون إلى عدم الخلط بين أعمال الإرهاب التي حدثت والوجود الإسلامي في فرنسا.

أنها ضربة موجعة تلقتها فرنسا والغرب ليلة الجمعة في هجمات وصفت على أنها معركة حربية ولابد لهم أن يراجعوا الأرقام الحقيقية التي رحلت من بلادهم لتعبث ببلاد العرب والمسلمين بشكل دموي سافر ماتعيشه باريس اليوم عاشته بغداد وبيروت ودمشق وطرابلس وتونس والرباط والكويت نفس الأساليب نفس المشهد أرواح تزهق دماء تسيل في الشوارع والطرقات كم من هؤلاء الشباب الذين غسلت أدمغتهم قد جاء من بلادهم لأجل ممارسة الإرهاب بهذا الشكل الفضيع في البلاد العربية أنا لست شامتا فلايوجد إنسان على وجه الأرض يشمت في أبرياء دفعوا ثمن أخطاء لم يرتكبوها لكني احذر من جديد أن الإرهاب لا دين ولا صديق له ،ولايفرق بين احد فالكل لديه مباح دمه وماله وعرضه انه صناعة مخابراتية شيطانية بامتياز ، لطالما رددنا أن الإرهاب سيرتد على أصحابه وعلى من رباه ودعمه وموله أن التخوف ليس من الإرهابيين الذين سوف يعودون الى أوروبا، فهناك مئات الخلايا النائمة الموجودة داخل أوروبا ليست بحاجة الى ان تأتي الى سوريا والعراق ثم تعود لأوروبا لتنفيذ عمليات إرهابية، ولابد للدول الغربية وأمريكا أن تستخلص العبر من العمليات الإرهابية وقطع علاقاتهم مع الجماعات الإرهابية وترك دول المنطقة وشعوبها وعدم التدخل في شؤونها أن الأمور لن تقف عند هذا الحد وان العمليات الإرهابية ستصل الى أمريكا أيضا ولذلك يجب أن يستعدوا لتلقي الهجمات الإرهابية التي دعموها في منطقتنا. ووقف سياسة دعم الإرهابيين والتنظيمات الإرهابية في المنطقة والتي تمارس من قبل بعض الدول الغربية والإقليمية و بحسب تقارير صحافية بعضها سري حتى الآن يجري تشكيل ما يسمى الصهيونية الإسلامية من اجل ترحيل المسلمين الموجودين في أوروبا الى دولتهم الدينية المزعومة وهي “الدولة الإسلامية في العراق والشام” على غرار ما حدث في القرن الماضي عندما رحل اليهود من أوروبا الى “ارض الميعاد” في فلسطين، الآن داعش تقول بأن ارض الشام هي ارض الميعاد واعتقد أن هناك تطابقا خطيرا بين الفكرتين.

هناك رابط واضح بين هجمات باريس والدور الفرنسي في سوريا، الرئيس الفرنسي (فرانسوا هولاند Hollande Francois) أعلن الأسبوع الماضي أنه أعطى تعليماته بقصف مخيم لتدريب الإرهابيين في سوريا، وهو مخيم يعسكر فيه إرهابيون فرنسيون. الرئيس (هولاند) أراد بهذا القصف تفادي تكرار هجمات أخرى في فرنسا على غرار هجمات “شارلي إيبدو”. هذا ما يفسر العلاقة الوثيقة بين هجمات باريس وسوريا. لكن السؤال المطروح الآن هو إن كانت هذه العملية مدبرة ومنفذة من قيادة تنظيم داعش أو لا؟ أستبعد ذلك (بالرغم من تنظيم داعش الإرهابي أعلن مسؤوليته)، حسب تحليلي، تم التخطيط لهذه العملية من طرف إرهابيين محليين، أي هم شباب فرنسيون ينتمون إلى خلية إرهابية متطرفة طبعا دون شك تدعي الإسلام، لذا فإن خيوط هذه العملية شبيهة بهجمات “شارلي إيبدوCharlie Hebdo”. قبل عام، تم التحذير من أن السجون الفرنسية قد تحولت إلى شبكات تكوين خلايا إرهابية، هذا ما يفسر تنامي خطر الجماعات الإرهابية في فرنسا. وبالتالي، فرضية وجود تهديد إرهابي كبير في فرنسا هي واقعية. فالسجون تجعل الشباب يتطرف أكثر، وإطلاق سراحهم يعني بالضرورة إطلاق إرهابيين مستعدين للقيام بعمليات إرهابية ضد مجتمعهم. قبل أسبوعين فتح نقاش عام في فرنسا حول أعمال عنف ضواحي باريس في الذكرى العاشرة لاندلاعها في خريف 2005م الصحافة الفرنسية قامت بتقييم نقدي وموضوعي للأحداث، واعترفت أن هناك مشاكل في الاندماج. يجب الاعتراف أولا أن سكان ضواحي باريس يعانون أوضاعا

اجتماعية صعبة. يعيش هناك أغلبية من المسلمين والمهاجرين ولهم أحوال اقتصادية مزرية. البطالة منتشرة بكثافة والشباب ليس لهم آفاق كبيرة، وهذا هو المناخ المثالي لنمو الإرهاب. يجب الاعتراف أولا أن سكان ضواحي باريس يعانون أوضاعا اجتماعية صعبة. يعيش هناك أغلبية من المسلمين والمهاجرين ولهم أحوال اقتصادية مزرية. البطالة منتشرة بكثافة والشباب ليس لهم آفاق كبيرة، وهذا هو المناخ المثالي لنمو الإرهاب وتزايد الإسلاميين. هناك عوامل عديدة ساهمت في هذا الانقسام، الأحزاب اليمينية مثلا دوما ما ألقت اللوم والاتهامات على المهاجرين المسلمين، تصريحات الكراهية والتعبوية لسياسيين يمينيين أدت أيضا إلى تطرف هؤلاء الشباب. بالإضافة إلى انتقادات الحكومة الفرنسية في الماضي للإسلام غذت بشكل جزئي تطرف الشباب، هذا ما أدى إلى تنامي شعور بالعزلة والاضطهاد لدى مسلمي فرنسا. غونتر ماير Günter Mayer هو مدير مركز بحوث العالم العربي في (جامعة ماينزUniversity of Mainz المانيا ) يقول: الثقافة الفرنسية هي ثقافة مسيحية غربية، وبالتالي فإن الإسلام والمسلمين يعتبران أقلية مختلفة داخل هذا المجتمع المسيحي الغربي. وبناءا عليه يرى الفرنسيون المسلمين غرباء عنهم ومختلفون عن ثقافتهم، ومن المعلوم أن الأقلية الغريبة والمختلفة دوما ما تكون ضحية سيطرة الأغلبية.

فرنسا تعرضت لما تعرضت له هو نتيجة أكيدة للسياسات الخاطئة نحن هنا لا نتحدث عن الشعب الفرنسي فهو كبقية شعوب العالم لا يتحمل وزر سياسات حكوماته لكننا نتحدث عن سياسات هذه الحكومات الاستعمارية التي طالما أرهبت شعوب العالم العربي ومدى وحشية هذه السياسات الخارجية وارهابها ،الإرهاب الاستعماري الفرنسي في بلادنا بالأمس القريب دفعت الجزائر أكثر من مليون شهيد واحتلت أراضيها في 5 يوليو 1830م وانتهى هذا الاستعمار في 5 يوليو 1962م جرائم إبادة جماعية يندى لها الجبين وتزكم الأنوف حتى يومنا هذا والتي اسماها المؤرخون بالرزايا Razzias، في مصر شنت بريطانيا وإسرائيل ومعها فرنسا عدواناَ ثلاثياَ عليها في العام 1956م اثر قيام الزعيم جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس هذا السبب المعلن والظاهري لكن كانت مشاركة فرنسا بهذه الحرب كون مصر دعمت وساعدت الثوار الجزائريين من اجل الحصول على استقلالهم وهي بهذا تشارك في معاقبة مصر كم من الأبرياء في مصر قد روعوا وسالت دمائهم وارهبوا نتيجة هذا العدوان الغير مبرر ،قائمة الجرائم الوحشية والإرهابية الفرنسية طويلة في تونس والمغرب وسوريا ولبنان ،فرنسا هي احد قطبي من صاغ معاهدة سايكس – بيكوSykes-Picot Agreement سيئة الصين في العام 1916 وهو تفاهم سري بين فرنسا وبريطانيا على اقتسام الهلال الخصيب لتحديد مناطق النفوذ والتي وقعها الفرنسي فرانسوا جورج بيكو Francois Marie Denis Georges-Picot والبريطاني مارك سايكس Mark Sykes التي قسمت بلادنا العربية الى دويلات من اجل إضعافنا وتشرذمنا ،من أعطاهم الحق للتلاعب بمصير الشعوب وإملاء سياساتهم عليها سوى الوحشية والإرهاب والاستعمار، واليوم تتشدق فرنسا بشماعة حقوق الإنسان وهل تعرف هذه السياسات حقوق للإنسان إذا كانت فرنسا و رئيسها يؤمنان حقاَ بحقوق الإنسان لماذا يرفعان عالياَ شعار الهوية الفرنسية الذي يهدف لنزع ثقافات و عادات و عقائد الآخرين و فرض النمط الفرنسي عليهم بالقوة، أليس من أبسط حقوق الإنسان احترام هوية الآخرين، و عدم التسلط عليهم و ابتزازهم بهدف تغييرها ، هي نفسها فرنسا التي جاء وزير داخليتها لتونس ليضغط على الحكومة السابقة لإغلاق المجال الجوي التونسي أمام الطائرات الليبية المحملة بالمرضى و جرحى الحرب، في ابتزاز رخيص ومقزز و لا إنساني هم يتحدثون عن حقوق المصالح ولا يعرفون شيئاَ اسمه حقوق الإنسان .

كتب وزير خارجية رومانيا (بوجدان أوريسكو Bogdan Aurescu) ووزير خارجية اسبانيا ( خوسيه غارسيا- ميرجالو ذ مارفيل José García-Margallo y Marfil ) مقالة مشتركة نشرت في مشروع

ساندكيت بتاريخ 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 م تحت عنوان (الحرب على الإرهاب تبدأ من جديد The War on Terror Begins Anew ) جاء فيها : أن الهجمات الإرهابية في باريس ليلة 13 تشرين الثاني /نوفمبر هي تذكير مأساوي بانتشار الإرهاب الحديث فالإرهاب هذا بات يستهدف العصر الحديث بحيث أصبح القضاء عليه أمراَ ملحاَ على نطاق العالم.

أن المجتمع الحديث يشعر بالقلق من التهديد الذي يشكله الإرهاب منذ زمن بعيد والدول التي قامت بإقرار تشريعات تتعلق بالأمن وخلق وحدات أمنية واستخبارات متخصصة من اجل وقف مرتكبي الهجمات وإحباط أو منع الهجمات كما قامت تلك الدول باستكمال تلك الجهود بإبرام معاهدات دولية وإقليمية واتفاقات ثنائية.لكن بالرغم من محاولات متعددة لإنشاء هيئة قانونية دولية لمحاربة الإرهاب إلا أن تلك الهيئة ما تزال غير موجودة ولقد حان وقت تغيير ذلك الآن .أن جهود محاربة الإرهاب على المستوى الدولي.

بدأت منذ مايقرب من 90 عاماَ ففي العام 1926م طلبت رومانيا وهي أول دولة أدخلت جريمة الإرهاب للقانون الجنائي – وطلبت من عصبة الأمم النظر في صياغة معاهدة تجعل الإرهاب عمل يعاقب عليه على المستوى الدولي ولكن لم يحصل شيء حتى العام 1934م عندما قتل الملك الكسندر الأول King Alexander I ملك يوغسلافيا في 9 تشرين الأول /أكتوبر 1934ومعه وزير الخارجية الفرنسي جان لويس بارثو Jean Louis Barthou مما دفع عصبة الأمم لأن تبدأ المحاولة الأولى لإنشاء آليات قضائية دولية لمواجهة الإرهاب، لقد صاغت مجموعة من الخبراء معاهدة منع الإرهاب والمعاقبة عليه المبرمة في جنيف من قبل عصبة الأمم في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 1937 م ومعاهدة أنشاء المحكمة الجنائية الدولية وقد وقع على كلا الاتفاقيتان 24 دولة ولم تصادق عليه غير الهند وهي أول محاولة لإنشاء الآليات القضائية الدولية لمواجهة الإرهاب ولكن اندلاع الحرب العالمية الثانية حال دون أن تدخل تلك المعاهدات حيز التنفيذ والحقيقة حتى يومنا هذا لاتوجد آلية قانونية عالمية لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله وقد انهارت كل المحاولات لإيجاد الآليات بسبب خلافات كبيرة بين دول العالم وبالأخص حول كيفية تعريف الإرهاب وما أذا كان يتضمن أفعال ترتكبها القوات المسلحة او المقاتلون من اجل الحرية ،وفي الآونة الأخيرة أسقطت محاولة لوضع الإرهاب تحت اختصاص المحكمة الجنائية الدولية The International Criminal Court (ICC) نظراَ لعدم وجود تعريف مقبول للإرهاب عالمياَ وعبء العمل الذي تنطوي عليه مثل تلك القضايا. وفي شباط/فبراير 2015م بعد تزايد الهجمات الإرهابية في العالم فقد اقترحت رومانيا جنباَ الى جنب مع اسبانيا أنشاء المحكمة الدولية المناهضة للإرهاب International Court Against Terrorism (ICT) وقد أطلقت عملية تشاور مشتركة من المؤمل أن تؤدي الى إنشائها في نهاية المطاف، حيث كلنا يعلم أن الجرائم الإرهابية التي ترتكب اليوم هي خارج الولاية القانونية للمحكمة الجنائية الدولية كما يمكن أنشاء (شرطة متعددة الجنسياتMultinational Police ) أو (قوة أمنية Security Force) قادرة على العمل من اجل تأمين الأدلة ضد المتهمين بجرائم الإرهاب من الأشخاص والدول ومما لاشك فيه أن أنشاء مثل هذه المحكمة تواجه صعوبات أهمها عدم وجود توافق دولي حول ما يشكل جريمة الإرهاب لكن يقترحون هنا (نهج القواسم المشتركة common-denominator approach) ، أن المحكمة الدولية ضد الإرهاب سوف تتمتع بسلطة قضائية تكميليه للمحاكم الوطنية والمحكمة الجنائية الدولية بحيث تتدخل فقط عندما تكون الهيئات المحلية غير قادرة أو غير راغبة بمحاكمة قضية ارهابية أو عندما تكون الجرائم التي تم ارتكابها خارج السلطة القضائية للمحكمة الجنائية الدولية. سوف يكون في تلك المحكمة مدعي عام وعدد معقول من القضاة مع وجود توجه لأن يكون هناك تمثيل متوازن للأنظمة القانونية الرئيسية على مستوى العالم والمناطق الجغرافية بالإضافة الى وجود مساواة بين الجنسين. أن هذه المحكمة سوف تستفيد كذلك من أنشاء جهاز شرطة او قوة أمنيه متعددة الجنسيات قادرة على العمل عندما تكون الحكومة غير قادرة أو غير راغبة بالتعاون في تأمين الأدلة ضد المتهم. أن أنشاء المحكمة سوف يتطلب معاهدة دولية أو عمل ملزم من قبل الأمم المتحدة من اجل التحقق من جود سلطة قضائية عالميه. أن الأكثر ترجيحا هو انه سوف يتم تبنيها من خلال قرار ملزم

لمجلس الأمن الدولي مع وجود سوابق قضائية تتمثل في تأسيس المحاكم الجنائية الدولية ليوغسلافيا ورواندا والمحكمة الخاصة المتعلقة بلبنان.

من المؤكد أن أنشاء مثل هذه المحكمة سوف يواجه المصاعب وأهمها عدم وجود أجماع على ما تشكله جريمة الإرهاب .نحن نقترح تبني ” مقاربة القاسم المشترك” فبا لإضافة الى تضمين الأفعال المتفق عليها في المعاهدات القطاعية فإن السلطة القضائية للمحكمة الدولية ضد الإرهاب سوف تكون مبنية على القانون الدولي المعتاد على أن تأخذ بعين الاعتبار النية (هل كانت نية العمل تتجه الى نشر الخوف أو الضغط على السلطات)بالإضافة الى فداحة الجريمة والطابع الدولي. أن تأسيس المحكمة الدولية ضد الإرهاب ومنحها الشرعية سوف يتطلب دعم المجتمع المدني والمجتمع الأكاديمي والناس بشكل عام . ان الحصول على مثل هذا الدعم لن يكون سهلا وخاصة في وقت يواجه فيه صناع السياسات العديد من التحديات الاقتصادية والإستراتيجية الأخرى ولكننا نعقد انه سوف يثبت بسرعة أن وجود أداه قانونية قوية في الصراع الدولي ضد الإرهاب هو أمر لا غنى عنه . كل مايجري اليوم وعلى مستوى العالم هو نتاج موضوع صراع الحضارات أو صدام الحضارات The Clash of Civilizations الذي أشعل فتيل نقاشه صاموئيل هونتجتون في العام 1997 م في كتابه صراع الحضارات وإعادة صياغة النظام العالمي The Clash of Civilization and the Remaking of word بالأضافه الى معاداة الإسلام ول كان تلاحظ حدثت أحداث باريس وعلى الفور ألصقت التهمة بالإسلام فهي جاهزة لم تغادر الأذهان هناك وتتصاعد الصيحات هنا وهناك (اطردوا المسلمين) كأنما هؤلاء الحفنة من الشباب الضال يمثلون الإسلام بشيء ،هؤلاء لا يمثلون إلا الفكر ألظلامي المظلم الذي نمى وترعرع في مدارس المخابرات الغربية والأمريكية .

الإسلام أيها السادة دين سلام ومحبة ولا يبيح هذه الإعمال فهو دين لكل الإنسانية وليس حصرا بالعرب ،أن الهجمات الإرهابية في قلب باريس ما هي إلا عمليات ارتدادية لما يحدث في الشرق الأوسط ،فرنسا كانت قبل عقدين مضت من ضمن الدول التي نظمت وساعدت تنظيمات إرهابية سواءاَ بالدعم اللوجستي أو احتضانهم وتدريبهم والسماح لهم بالذهاب الى العراق وسوريا وهذا حصاد السياسة التي تنتهجها فرنسا وبالرغم من آلمنا وحزننا لسقوط ضحايا أبرياء لا دخل لهم في السياسة وبما يحاك في دوائر صناع القرار هناك لكن اسمحوا لنا نسأل سؤال كبير هناك أكثر من ألف فرنسي اليوم يقاتل ضمن دهاليز وإنفاق وتجمعات داعش الإرهابية في سوريا كيف وصلوا ومن دعمهم للوصول الى هناك أذا كان الجواب أن هناك شبكات متخصصة بهذا الموضوع دون علم المخابرات الفرنسية فتلك اكبر كارثة ومن غير المعقول لكن أذا كان بعلم الحكومة الفرنسية فالظاهر لم يطلعوا على قانون نيوتن في الحركة لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار ومعاكس له بالاتجاه ، نشرت صحيفة الصاندي تلغرافThe Sunday Telegraph مقالاَ تحليلياَ يرى فيه (آين بلير) انه لم يحدث لأي تنظيم مسلح أن جمع بين كل هذه الأساليب في القتال .السؤال المهم من اين لهذا التنظيم كل هذه الخبرات والمهارات التي لا تملكها إلا الدول إلا يستحق هذا الأمر وقفة تأمل ،أن هذه القدرات لا يمكن توفرها إلا من قوى عالمية كبرى انه لاشك مصنع الإرهاب الكبير الذي لا تخفى على احد أنها الصهيونية والدعم الأمريكي الذي صنع هذا الفكر المختل والغير سوي بدأ من صراع الحضارات وحتمية إيجاد عدو بديل عن الشيوعية فاختير الإسلام عدواَ وهاهي بواعث هذا العداء الذي خلق كل هذه الفوضى والوحشية ولابد أن لا ننسى انه لا يكون هناك حل دون الرجوع الى الرؤية القديمة التي مفادها أن الحل في منطقتنا لا يمكن أن يستكمل إلا عبر تفاهمات دولية فإقليمية فعربية فمحلية وهو ما عرف (بنظرية الطبقات الأربع The four-layer theory) التي تشكل عمارة الأمن والاستقرار في العالم.

أحدث المقالات