23 ديسمبر، 2024 11:23 م

التطوير القضائي/ الحلقة الاولى

التطوير القضائي/ الحلقة الاولى

انتابني شعور بالافتخار عندما قال رئيس مجلس القضاء الاعلى في ندوة عقدت مؤخرا في مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية ، قال : نسعى للتطوير في جهازنا القضائي من غير أن ننسلخ عن ماضينا الذي يمتد الى الاف السنين حيث مسلة حمورابي ، شعرت أن مهمة التطوير لمن يملك هذا العمق التأريخي ليست عملية صعبة ، حتى وإن جارت الايام على ابناء هذا التأريخ الكبير ، وفي دردشات تلك الندوة جاء ذكر ما يعرف ب : ( ورقة عمل اصلاح النظام القانوني في العراق ) ، هكذا طرحت وقتها وأقرت بإسم : ( قانون اصلاح النظام القانوني ) رقم (35) لسنة 1977 ، وهذا القانون هو في واقع الحال مثل ( بعثنت القضاء ) اذا جازت هذه الكلمة ، فقد أُتخِمت القوانين القانونية بروح حزب البعث العربي الاشتراكي ، و تموضعت فلسفة القضاء بموجب هذه القوانين بالاهداف التي يسعى هذا الحزب لتحقيقها … وبهذا تمت السيطرة على القضاء العراقي عن طريق إلغاء مجلس القضاء الاعلى  ، وتشكيل  مجلس العدل  الذي أخذ يترأسه وزير العدل ، ومن يومها لم يَعد القضاء يُدير نفسهُ بنفسهِ ، وفتح بعد ذلك الباب لفتح المحاكم الاستثائية التي عملت على ان تحل محل المحاكم العادية ، وصارت بكل بساطة تلغى كل القرارات و الاحكام التي لم تكن تروق للسلطة الحاكمة ، بل و أكثر من ذلك فقد اصبح المعيار في اختيار الاشخاص للقبول في المعهد القضائي هو ارتباطهم بحزب البعث ، هكذا عاش القضاء العراقي لثلاث عقود يعبث ويبعثن قانونه و وظيفته ، ويفرغ من أصوله واهدافه القانونية العادلة ، حتى آل إلى ما آلت إليه كل مؤسسة الدولة العراقية ، وبعد العام الفين و ثلاثة تمت إعادة تشكيل مجلس القضاء الاعلى ، وصار يعمل بشكل مستقل عن وزارة العدل ، ليقوم بتأدية واجباته بما يتماهى مع فلسفة النظام الديمقراطي والدولة الحديثة من غير اي تأثير لسلطة عليه ولاحراز الاستقلال القضائي بشكل بنيوي وليس شعاراتي ، وبالفعل تم لمجلس القضاء الاعلى ان يمارس السلطات التي كان مجلس العدل يمارسها على القضاة .