23 ديسمبر، 2024 8:29 م

الأطروحة الهندية….في الثقافة العراقية …..

الأطروحة الهندية….في الثقافة العراقية …..

نعود مرة اخرى الى دور المققف في التغيير وصناعة الحدث اليومي وتاثيره في السياسة والمجتمع والحياة برمتها وعندما يكون صوته اعلى واقوى من صياح وصراخ السياسيين وتبريراتهم مثلما نقرأ ونتابع في عالمنا ونسمع خلال وسائل الاتصالات الحديثة التي بين أيدينا ….

وها انا أكتب اليوم من الهند حيث أقيم فيها والتي كانت على شفا حرب أهلية طاحنة بعد مقتل أحد المسلمين لأكله لحم البقر على يد أحد المتطرفين الهندوس ولولا تدخل العقلاء من كبارالمثقفين ونخبة من الادباء لكانت هذه الحادثة بداية لفتنة تأكل الأخضر واليابس وتدمر كل مابناه عظمائها وتهشم كل أواصر التآلف والتلاحم والسلم الاجتماعي والوحدة الوطنية ولا حاجة لي بذكر تأريخ مثل هذه الفواجع في بلاد مثل الهند أوالعالم أوبلادنا التي لازالت تنزف من جرائها انهار الدماء

لقد وقف ((41)) أديبا هنديا وقعوا وثيقة الزمت فيها المثقفين والادباء واساتذة الجامعات والنخب المؤثرة في المجتمع الهندي برفض اي تكريم تقدمه الحكومة أحتجاجا ماأسموه بتنامي فكرة العنف والتعصب في البلاد منذ تولي رئيس الوزراء ((ناريندامودي)) مقاليد السلطة في الهند وتصريحات أغلبهم في وسائل الاعلام بحملتهم ضد كل هذه المسميات وما تفرز من تأثير سيء وسلبي على وحدة المجتمع وتماسكه برغم تنوعه تتلخص كلماتهم بأنهم لم يعودوا قادرين على البقاء صامتين مكتوفي الأيدي أزاء كل هذه الحوادث وحملوا الحكومة والاكا ديمية الوطنية للثقافة مسؤولية مايجري في البلاد وانتدبوا الاقلام الشريفة التي المؤمنة بالحرية والمصير المشترك و ورفض كل أشكال التعصب والتنطع ….

وما ان بدأت حملتهم حتى خرج رئيس الوزراء ((باريندا مودي )) مقدما أعتذاره من المسلمين أولا ومن الأدباء والمثقفين موضحا ان هذه الافكار بعيدة كل البعد عن مباديء حزبه ودستور الدولة وأكد على خطورتها مستشهدا بتأريخها الاسود في تمزيق المجتمع وتشرذمه وتخلفه …ولم يهدد بقوة حزبه وأكثريته وفوزه الساحق في

انتخاباتهم النزيه ولم يتوعد الاقليات ولم يتهم جهة دون أخرى أويسمح لدول الجوار بالتدخل أو يلتجأ الى اية جهة مؤثرة ….تصرف كقائد وحاكم مسؤول عن كل أنسان يعيش في شبه القارة الهندية يحاول الحفاظ عن وحدة الشعب ولم يلتجأ الى أحد فقط انحاز الى صوت المثقفين العالي المسموع وتفاصيل الحدث وتداعياته معروفة ومنشورة

وبودي التركيز في هذه القضية على دور المثقف الواعي والمسؤول والحريص على وحدة شعبه وتماسكه وموقفه الانساني والوطني الصادق في عملية تغيير المجتمع وأدارة الازمات الصعبة والخطيرة ولأنهم يعبرون عن مشاعر الصدق في النفوس البشرية والاحاسيس الحقيقية ويصبحون جزء من صناعة الحدث اليومي بكل تفاصيله وتأثيراته وأبعاده …ولذا نرى وجه المثقف أكثر مما نرى وجه السياسي ونشاهده في الاوقات الحرجة هو الذي يبادر ويحاول التغيير ويتخذ القرارات الصعبة والمواقف المهمة …ونسمع صوت الأديب والشاعروالفنان والصحفي وأستاذ الجامعة أكثر مما نسمع أصوات السياسيين ورؤساء الأحزاب والكتل وتبريراتهم وفوضاهم في وسائل الاعلام والفضائيات …أجل.فالمثقف هوصوت العقل والموضوعية والضمير الذي يؤثر في السياسي ويسحبه ويجره لجادة الصواب ويرسم له ثوابت الحياة ويخطط له خرائط الطريق في المجتمع وليس العكس مثلما يحصل عندنا مع الاسف الشديد….