23 ديسمبر، 2024 5:56 م

حشد الحسين.. من طويريج الى الموصل

حشد الحسين.. من طويريج الى الموصل

” أني زاحف بتلك الأسرة على قلة العدد وخذلان الناصر”, هكذا وصف سيد الشهداء (عليه السلام) أهل بيته وأصحابه بأنهم أسرة, تلك النخبة التي جمعت صفوة العالم وخلاصة الأتقياء, أختاروا الحسين (عليه السلام), وتركوا الدنيا بما فيها من أجل الألتحاق به, سبعين فردا بمواجهة ثلاثين الفا, فكتبوا بالدم على جلد التاريخ ثورة صارت محفل أهل الملكوت.

تلك الأسرة جمع فيها سيد الشهداء (عليها السلام) مختلف الأطياف, فقد صنع أمة من تلك النخبة الصغيرة, تماماكما فعل النبي نوح (عليه السلام), عندما أختار في سفينته النخبة.

الا أن هناك فرق واضح في المواقف, فقوم نوح (عليه السلام) متجهون للخلاص من الطوفان, أما سيد الشهداء وأصحابه (عليهم السلام) متجهون للقاء الخالق, لصناعة بداية لأمة تخاذلت, و أختارت الذل على بذل النفس, فنهضت أمة الحسين الجديدة صغيرة بالعدد, كبيرة بالشأن, لتحيي دين محمد (عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام).

الوان مختلفة, وأعمار مختلفة , وجنسيات مختلفة, يجمعهم هدف واحد, نصرة دين الخالق وسيد الشهداء, تلك المجموعة تضم بين ثنياها طفل رضيع, بعمر 6 أشهر وشيخ كبير, يرفع حاجبيه بالعصابة, وتضم الأبيض والأسود, العربي والتركي والحبشي.

طبقا لقاعدة ما كان للرب ينمو, فقد أثمرت تلك الدماء الزواكي, لتنتج أنصارا أقل ما في عطائهم الأرواح والأبناء, أناس نذروا كل وجودهم للحسين (عليه السلام), وثورته فتحولت تلك الأسرة الصغيرة, الى أمم تهتف ( لبيك ياحسين), فلا يكون للنصر من موضع الا وكانوا أهله وصناعه, فهم سادة الثورات وقادتها, بعنوان كبير معلن وواضح (هيهات منا الذلة).

تلك الأرواح التي تهفوا نحو ضريح سيد الشهداء, والأجيال التى تربت على”لا اعطيكم بيدي اعطاء الذليل, ولا أقر لكم اقرار العبيد”, أكملت مشوار سيد شباب أهل الجنة نحو المجد.

هاهم اليوم يكتبون التاريخ بدماء تحاكي دماء الطف, لتصنع نصرا كسر كل الأنوف التي راهنت على أحتلال العراق, وهدم المشاهد المقدسة, فكان الجواب سريعا فعلا قبل القول, بنفس صوت الذي نفخ أوداج لعين اهل السماء والأرض, الفاسق يزيد.

نعم هو صوت بطلة كربلاء, وهي تحطم رؤوس الطغاة, وتمرغ أنوفهم بالوحل ” وهي تخاطب كبير البغاة, “والله لن تمحو ذكرنا, ولا تميت وحينا”.

الحشود الزاحفة لتلبية نداء سيد الشهداء “هل ناصر”, في ركضة طويريج المهيبة وهي تهرع الى مصرع أبي الضيم, وتتحسر على يوم الطف, هاهي اليوم تعدل الكفة وتغير المعادلة, فتسحق رؤوس بقايا أراذل أمية, وأتباعهم وأشياعهم الزاحفين نحو العراق, فبدأ حشد الحسين بصنع الأنتصارات واحدة تلو الأخرى, من آمرلي الصمود, مرورا بجرف النصر, وتكريت وبيجي, وسيكملون الطريق الى الموصل فلن يقف الحسين (عليه السلام) وحيدا في الميدان بعد اليوم.