23 ديسمبر، 2024 5:38 م

نقد ( نقد الخطاب الاسلامي)

نقد ( نقد الخطاب الاسلامي)

للنقد اصول يجب مراعاتها ومن بين اهم اصولها عندما تنتقد ظاهرة يجب البحث عن من يؤيدها ومن يخالفها ودراسة الاسباب ومن ثم تبدي رايك فاما يكون ناقد للجميع او مؤيد لاحدهم، اما ان يلتفت الناقد لظاهرة معينة دون الالتفات الى من لايؤيد هذه الظاهرة فيعتبر هذا النقد احادي النظرة وبالتالي لايتصف بالعدالة ، وهذا الاسلوب اعتمده الدكتور نصر حامد ابو زيد في كتابه نقد الخطاب الاسلامي ، ولان الكثير من الهفوات في هذا الكتاب فانني سانتقد البعض منها لانها متداخلة فيما بينها .
تاييدا ومثالا لما ذكرت اعلاه ذكر ابو زيد هذا النص”” حين استجاب معاوية لنصيحة ابن العاص وامر رجاله برفع المصاحف على اسنة السيوف داعين الى الاحتكام الى كتاب الله،وهذه مسالة سنعود اليها تفصيلا في مجال تحليل مفهوم الحاكمية لكنها هنا تكشف عن بداية عملية تزييف الوعي، وهي عملية ظل النظام الاموي يمارسها بحكم افتقاده الى الشرعية التي ينبغي ان يقوم عليها أي نظام سياسي وقد ظل الالتجاء الى الاسلوب الاموي مسلكا سائدا في كل انماط الخطاب الديني المساند لانظمة الحكم غير الشرعية في تاريخ المجتمعات الاسلامية.
احتاج النظام الاموي الى تثبيت شرعيته على اساس ديني يتلائم مع مبدا الحاكمية الذي غرسه فكانت مقولة “الجبر” التي تستند كل ما يحدث في العالم ـ بما في ذلك افعال الانسان ـ الى قدرة الله الشاملة وارادته النافذة “” ( نقد الخطاب الديني /د. حامد نصر ابو زيد ص/ 80 ).
هذا الانتقاد للخطاب الاسلامي كله مآخذ لانه اعتمد النظرة الاحادية ونرد عليه بالقول :
اولا: ذكر الكاتب ان النظام الاموي فاقد للشرعية لان استخدم الخطاب الاسلامي لتثبيت حكمه من خلال رفع المصاحف على اسنة السيوف في المعركة ، فيا ايها الكاتب هل ذكرت من هو الذي كان يقاتل معاوية في الطرف الاخر؟ وطالما ان النظام الاموي غير شرعي ، فهذا يعني ان الذي على الجانب الاخر هو الشرعي.
ثانيا: ذكر الكاتب ان معاوية يمارس مفهوم الحاكمية وانه سيعقب عليها في فصول لاحقة منتقدا هذه الحاكمية من خلال رؤية النظام الاموي، ولكنه لم يلتفت الى الذي حارب معاوية وكان يتمتع بمفهوم ( الحاكمية) حتى يرى مفهوم الحاكمية وفق نظرة الامام علي عليه السلام وعندها سنرى هل سيكون له نقد او رد او سكوت؟
ثالثا: يقول الكاتب ” وقد ظل الالتجاء الى الاسلوب الاموي مسلكا سائدا في كل انماط الخطاب الديني المساند لانظمة الحكم غير الشرعية في تاريخ المجتمعات الاسلامية” كيف حدد نمط الخطاب الديني ؟ وكيف  اعتبر الانظمة كلها غير شرعية من غير الامثلة على ذلك ؟ وعلى ما يبدو ان ابا زيد اعتمد اسلوب الحكم الاموي كترجمة للخطاب الديني وهذا بالتالي اتاح له مساحة واسعة لنقد الخطاب الاسلامي وفق رؤيته هو لماهية الخطاب الاسلامي ، ولم يكلف نفسه لقراءة بقية المدارس في رؤيتها الى ماهية الخطاب الاسلامي ومن هو الممثل الشرعي للخطاب الاسلامي ؟
رابعا: اشار الكاتب ابو زيد الى مسالة خلافية الا وهي الجبر ويقابلها التفويض ، ولانه لم يطلع على راي بقية المدارس بخصوص الجبر فانه ساق حديثه وانطلقت شريحته للتهجم على الخطاب الاسلامي من خلال الخطاب الاموي الذي جعله الوجه الاخر للخطاب الاسلامي.
نعم يقال ان الخلافة الاموية تعتبر خلافة اسلامية ولكن هذا لا تعتبر خطابها خطاب اسلامي فالاجتهادات تعبر عن وجهة نظر مجتهديها واذا اراد الكاتب استنتاج مدرسة فكرية يعتبر نفسه هو من اوجدها عليه الاطلاع على بقية المدارس لكي يرى هل هنالك من له خطاب متكامل من اجل الانسان ام لا ؟